آثار الامام علي (عليه السلام) في مسجد الحمراء

مسجد الحمراء بالكوفة مسجد هذه الجماعة الشهير، وهو الذي يعرف بمسجد يونس بن متي (عليه السلام) نسبة إلى مرقد النبي يونس المتاخم للمسجد، قال المشهدي: (مسجد يونس بن متي في ظهر السبخة وما حوله(1).

وورد في الأخبار أن الإمام علي (عليه السلام) صلى فيه وأنه (عليه السلام) عده ضمن أربع بقاع قدس مقدسة في الكوفة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): مسجد الحمراء وهو موضع في بستان لا تذهب الليالي والأيام حتّى تنبع عنه عين تنطف ماء حواليه وفيه قبر أخي يونس بن متي(2).

والمسجد الحالي قائم على أنقاض بنائه القديم وكان مندثراً إلى عهد قريب إلّا أنه كان واضح المعالم والحدود ومحرابه الأصلي ما يزال تحت محرابه الحالي المشيد سنة 1312 هـ إذ جدد بناء المسجد في هذه السنة وممن أرخ بناء المسجد، السيد الشاعر جعفر الحلي بقوله:

    الحمد لله الذي من فضله      أحيى جميل مآثر القدماء

قد جددت آثار مسجد يونس      بأجل تأسيس وخير بناء

       يا طالب الأعمال قد أرخته       (أعمل فهذا مسجد الحمراء)

 

ونقش هذا التاريخ على القاشاني المثبت في أعلى باب المسجد الشمالية الوحيدة وعند تجديد المسجد أدخل المسجد الاصلي بحدوده البناء الجديد وجعل لبابه القديمة رسماً تحت درج سطح المسجد الذي يتاخم سور المسجد المشرف على الفرات ثم أضيف إليه مما يلي الشرق مقداراً واسعاً وكان بركة في الماء والقي في التراب وطم من الأرض الجديدة وصار مأوى للزائرين والمسافرين في السفن أبان هذا القرن حيث شهدت الكوفة الحديثة نشاطاً تجارياً منقطع النظير جعلها من أهم مراكز التجارة في الفرات الأوسط وفي سنة 1342 هـ شيدت للمسجد منارة اسطوانية يرقى إليها بسلمين حلزونيين الأول من قاعدتها إلى سلتها والثاني من السلة إلى مقدمها والسلة محاطة بمقرنصات جميلة الهيئة وزينت القاعدة والوسط بنقوش على القاشاني الملون.

وقد بناها المعمار جواد البغدادي الكرادي (نزيل الكوفة آنذاك) مع جمع من العمال المحليين من أهل الكوفة والمتبرع بنفقات بنائها الحاج عبد الكريم الديوان (1874 هـ - 1929 م) أحد تجار البصرة.

حدثني بعض من اشتغل ببنائها (الديوان هذا بات ذات ليلة ببيت في جوار الفرات ولم يسمع آذان الفجر حيث لا توجد منارة في مسجد النبي يونس وعند الصباح أمر ببناء المنارة وأنفق على عمارتها من ماله).

وأرخ الانتهاء منها الشاعر الحاج مجيد الحلي العطار بابيات كتبت على القاشاني المثبت على الطرف الغربي والأبيات هي:

رفعوا للأذان في مسجد الحمرا      مناراً على السهى يستطيل

ذاك (عبد الكريم) منه بناه      فتسامى له مقام جليل

          حبذا للصلاة داع فمنه      لأداء الفروع قامت أصول

      وعليه النداء أن أرخوه:      (فالنداء التكبير والتهليل)

وفي زماننا هذا تم إعمار المسجد ولا زال الإعمار مستمراً.


(1) فضل الكوفة ومساجدها/ 17.

(2) مختصر كتاب البلدان ص173.