المبحث الثاني

المفهوم الإسلامي لتعظيم الشعائر

 

اختلف في تقديس الأماكن ذات الطابع الديني، والتي حملت أو تركت أثراً مكانياً خالداً في نفوس المسلمين حول ولادة الرسول (ص)، أو أماكن تعبّده كغار حراء وبيته، أو أماكن وقوع المعارك والغزوات كأحد والأحزاب، أو الأماكن ذات الحدث التاريخي كموقع صلح الحديبية أو غدير خم... فضلاً عن الأماكن التي تشرفت بوجود آية أو نزول وحي أو معجزة للنبي (ص) وأقيم على أثره مسجد أو مصلى من جهة أن النبي (ص) لم يعظمها وان الركون إليها يقلل من الاهتمام بالتوجه والتعبد في المساجد الثلاثة للحديث المروي عنها بشد الرحال «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد الرسول (ص) والمسجد الأقصى»(94).

وتذرعاً بقطع عمر بن الخطاب للشجرة التي بويع النبي (ص) تحتها بيعة الرضوان في عمرة الحديبية «لان المسلمين بعد وفاة الرسول (ص) كانوا يأتونها فيقيلون تحتها فلما تكرر ذلك أوعدهم عمر فيها ثم أمر بها فقطعت»(95).

وبدلالة ما روى المغيرة بن سويد قال: «خرجنا مع عمر في حجة حجها، فقرأ بنا الفجر (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) و (لإيلافِ قُرَيش) فلما فرغ رأى الناس يبادرون إلى مسجد هناك فقال: ما بالهم ؟ قالوا: مسجد صلى فيه النبي (ص) والناس يبادرون إليه، فناداهم فقال: هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعاً، من عرضت له صلاة في هذا المسجد فليصل، ومن لم تعرض له صلاة فليمض»(96).

وقد أثيرت الشبهات حول زيارة تلك الأماكن الدينية واعمارها، وخاصة تقديس قبور الأنبياء صلوات الله عليهم والأئمة المعصومين (ع) والصالحين وعدّوها من قبيل البدع، وجاءت الشبهات ضمن عدة مطالب :

 

■ المطلب الأول: في زيارة القبور :

أدلة القائلين بعدم المشروعية:

إن من أهم الأدلة التي استدلوا بها على عدم مشروعية زيارة القبور هي الحديث النبوي: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول (ص)، والمسجد الأقصى»(97).

الرحال ـ بالحاء المهملة ـ جمع رحل وهو للبعير كالسرج والفرس، وهو اصغر من القتب، وشد الرحل كناية عن السفر لأنه لازم للسفر .

والحديث قد ورد بطريقين الأول: عن أبي سعيد الخدري، والثاني: عن أبي هريرة ذكرهما البخاري في جامعه، في باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة .

واختلف الفقهاء في جهة شد الرحال على أي وجه :

1 ـ إن الفضيلة لهذه المساجد دون غيرها .

2 ـ لمن نذر صلاة في مسجد لا يصل إليه إلا براحلة، فلا يجب الوفاء به إلا في المساجد الثلاثة.

3 ـ النذر لمطلق العبادة ـ الصلاة وغيرها ـ ولا يجب الوفاء إلا لما تقدم، بل عن الحنابلة يلزمه كفارة يمين ولا ينعقد نذره(98).

إن الحديث لم يرد فيه لفظ الصلاة، وشد الرحال لأجلها في المساجد الثلاث بنذر أو غيره ومع ذلك استفيد منه دلالة على المنع من السفر للزيارة إلا لهن .

«النفي ابلغ من صريح النهي، كأنه قال: لا يستقيم أن يقصد بالزيارة إلا لهذه البقاع لاختصاصها بما اختصت به» (99).

مناقشة الأدلة :

إن الاستدلال بالحديث المذكور على عدم مشروعية الزيارة إلا إلى تلك البقاع مردود من عدة جهات :

الجهة الأولى: بغض النظر عن صحة سند الحديث وضعفه، يمكن المناقشة في دلالة الحديث، وذلك من خلال ما استظهره إمام الحرمين في معرض رده على شيخه عندما أفتى بالمنع والحرمة لشد الرحال، كما حكاه النووي عنهما :

«كان شيخي يفتي بالمنع من شد الرحال إلى غير هذه المساجد، وربما كان يقول: يحرم. قال: والظاهر أنه ليس فيه تحريم ولا كراهة» (100).

الجهة الثانية: ليس في هذه الرواية منع شد الرحال لغيرها، إلا على القول بحجية مفهوم العدد، والجمهور على انه ليس بحجة(101).

الجهة الثالثة: إن ابن تيمية لم يمنع زيارة القبور، بل منع شد الرحال إليها كما حكاه ابن الآلوسي «إن شيخ الإسلام لم يمنع الزيارة قط، بل منع السفر للزيارة بحديث لا تشدوا» (102) أي لا يكون هو الدافع للسفر .

الجهة الرابعة: إن عدم مشروعية الزيارة عند العامة، مُعارض بأحاديث كثيرة دالة على زيارة القبور، بل إنها في صحاحهم مسنونة، وإنها تُذكّر الآخرة وتزهّد بالدنيا، وقد زار رسول الله (ص) قبور شهداء أحد، وأهل البقيع مراراً، وكان يُعلّم أصحابه ما يقولونه، وكما جاء في رواية ابن بريدة عن أبيه، عن النبي محمد (ص) قال: قال (ص): «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» (103).

وعنه قال: قال رسول الله (ص): «قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فقد اذن لمحمد في زيارة قبر أمه، فزوروها فإنها تُذكّر الآخرة» (104).

وفي رواية أخرى عن بريدة عن النبي(ص): «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فان في زيارتها تذكرة» (105).

وعن مدى صحة حديث بريدة قال الترمذي :

«حديث بريدة ، حديث حسن صحيح ، والعمل على هذا عند أهل العلم لا يرون بزيارة القبور بأساً، وهو قول ابن المبارك والشافعي واحمد وإسحاق» (106).

وعن غرض التذكرة يصرّح الرازي في تفسيره: «لأغراض كثيرة وأهمها وأولاها الرعاية ، ترقيق القلب ، وإزالة حب الدنيا ، فـان مشاهـدة القبور تورث ذلك على ما قال (ص): كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فان في زيارتها تذكرة»(107).

الجهة الخامسة: إن عدم مشروعية الزيارة عند العامة معارض بأحاديث كثيرة في الوصول إلى التواصل مع الأموات .

الجهة السادسة: في صيغة (لا تفعل) اختلف الأصوليون في حقيقة ظهورها هل تحمل على الكراهة أو التحريم وعلى فرض أنها ظاهرة في التحريم فالعموم غير صالح للحجية وذلك لكثرة التخصيصات بالأسفار المباحة والمستحبة التي لا عدد لها(108). مضافاً لذلك انه يمكن أن يكون النفي هو نفي الكمال والفضيلة التامة لا نفي الحقيقة كما في قوله (ع): «لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده» (109).

الجهة السابعة: لا يخفى أن زيارتنا تعظيماً لهم، لأنهم أولياء الله وحرمتهم وهم أموات نفسها وهم أحياء لما ورد عن الإمام الباقر (ع): «حرمة الميت كحرمة الحي»(110) وبالتالي إن تعظيم مراقدهم ومشاهدهم وبيوتهم هو تعظيم لشعائر الله كما أن الصفا والمروة من شعائر الله فالتعظيم من هذه الجهة.

فالحديث على فرض صحته، لا يمنع من السفر إلى غيرها، وإلا لوجب أن لا يسافر الناس، ولا يشدوا رحالاً أبدا، إذا بنيناها على الحصر على المساجد الثلاثة .

فدلالة أحاديث النهي عن زيارة القبور، كان لقرب عهد الناس بالشرك وتعظيمهم لآبائهم وأجدادهم وارتباط ذلك بالوثنية، وقد جاء النهي حتى يترسخ الإيمان بالله الواحد الأحد، لذلك فهذه الأحاديث ليست من (المطلقة) التي لا يكون للزمان مدخلية فيها، وبعد فهم هذه الحقيقة جاء التصريح في الأذن والإباحة، وهو أمر ورد بعد حظر، كما يقول الأصوليون، فيفيد على مشهور الأصوليين الإباحة، أو عموم المشروعية، لا سيما ان الحديث معلل فتنحل المشروعية إلى اخص منها وهي الندب .

 

■ المطلب الثاني: في البناء على القبور:

نصوص التحريم :

وتعد هذه من مرتكزات الفكر السلفي المعاصر، وعمدة دليلهم الحديث المنسوب للإمام علي بن أبي طالب (ع) برواية أبي الهياج الاسدي قال: قال علي بن أبي طالب: «ألا بعثتك على ما بعثني عليه رسول الله أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته»(111).

والحديث المروي ضعيف سنداً ودلالة بتصريح أئمة الحديث من علمائهم.

أما من جهة السند: فهو مروي عن وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن أبي الهياج الاسدي. وقد قال ابن حجر عن وكيع بن الجراح عند مقارنته بعبد الرحمن بن مهدي «ابن المهدي أكثر تصحيفاً من وكيع، ووكيع اكثر خطأ منه، وقال محمد بن نصر المروزي كان يحدث بآخره من حفظه فيغير ألفاظ الحديث، فانه يحدث بالمعنى ولم يكن من اهل اللسان»(112). وأما سفيان بن سعيد الثوري: فقد مدحوه، ولكن الذهبي عبر عنه «كان يُدَلس(113) عن الضعفاء، ولكن له نقد وذوق، ولا عبرة لقول من قال: يدلس ويكتب عن الكذابين»(114).

وقال عنه ابن حجر: قال ابن المبارك «حدث سفيان بحديث فجئته وهو يُدلس، فلما رآني استحيا وقال: نرويه عليك» (115).

وأما حبيب بن أبي ثابت، وثّقه بعض ولكن وصفه ابن حبان بأنه كان مُدلسا وكذلك ابن خزيمة وصفه بهذه الصفة .

وأما ضعف دلالة الرواية فان إجمال لفظ (سويته) لا يوجب هدم القبر وجعله مساوياً للأرض على اعتبار إن هذا ليس هو معناه فقط، بل اشتمل على عدة معانٍ منها التسطيح كما هو مذهب الإمام الشافعي(116) أو هو الاعتدال كما أشار إليه الفيومي في مصباحه: «استوى المكان اعتدل وسويته عدلته» (117) وهو عكس الهدم تماماً .

وعلى فرض صحة الرواية فغاية ما تدل عليه هو جعل حفر القبر بمساواة الأرض ولا تدل على هدم البناء الواقع عليه(118).

مضافاً لذلك ما هو ثابت للعيان اليوم، من إجماع المسلمين وسيرتهم، بل عند جميع الملل والأديان بأنهم يُشيّدون المعابد والمساجد والمراقد والمزارات والمقامات، ويرون أن هذا الفعل من أعظم وجوه القربة والبر إلى الخير وهذه سيرة العقلاء من الناس جميعاً ـ بلا استثناء ـ .

ثم أين كان الإمام (ع) عن تسوية القبور، يوم كان هو الحاكم المطلق، فلم يذكر لنا التاريخ انه هدم قبراً أو سواه، وعلى فرض صحة الرواية فان المقصود المتعقل من تلك القبور هي التي كانت تتخذ قبلة عند بعض أهل الملل الباطلة فيعبدونها من دون الله سبحانه(119).

 

■ المطلب الثالث: قاعدة الشعائر الدينية بين العموم والخصوص :

إن قاعدة الشعائر المتمثلة بعدد من الآيات ومنها قوله تعالى :

((ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ))(120) ويستفاد من الآية إن جعل تلك الأماكن الحاملة لرمزية المعتقدات الدينية كالمراقد والمزارات والمقامات لا تدخل تحت هذه القاعدة.

وذلك لأننا لو استعرضنا آيات الشعائر مثل قوله تعالى: ((إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ الله))(121)، ((وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ الله))(122)، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لا تُحِلُّواْ شَعَائِرَ الله وَلا الشَّهْرَ الحرَامَ وَلا الهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحرَامَ ...))(123) لرأيناها تحكي تعظيم مناسك الحج خاصة دون غيرها فلا يمكن التسرية إلى غيرها لأنه يكون من البدع أو البدعية.

ولكن يندفع هذا الإشكال بعد الوقوف على المراد من هذه اللفظة عند اللغويين والمفسرين والفقهاء :

○ آراء اللغويين:

إن أهل اللغة عندما يستعرضون معنى الشعار والشعيرة ويطبقونه على شعار الحج فيقولون: «شعار الحج بالكسر: مناسكه وعلاماته وآثاره وكل ما جعل علماً لطاعة الله عزوجل كالوقوف والطواف والسعي والرمي والذبح وغير ذلك»(124) وهي العلامة ايضاً قال ابن منظور: «وإنما قيل شعائر لكل علم مما تعبد به، لان قولهم شعرت به علمته، فلهذا سميت الأعلام التي هي متعبدات الله شعائر»(125). ومثله الفيروز آبادي والجوهري وقريباً منه ابن الاثير(126) فهي تعني عندهم العلامة التي تقام للدلالة على شيء .

○ آراء المفسرين :

(أ) مفسرو المذاهب والجمهور: ذهب القرطبي والرازي وغيرهما في معرض تفسير قوله تعالى: ((ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)) إن حقيقة الشعائر، بعد بيان أن الشعائر جمع شعيرة «هو كل شيء لله تعالى منه أمرا شعر به وأعلم، ومنه شعار القوم في الحرب، أي علاماتهم التي يتعارفون بها، وهي أعلام طاعته وكل شيء جعل علماً من أعلام طاعة الله فهو من شعائر الله .. وهو مأخوذ من الإشعار، والذي هو الإعلام»(127).

هذه الكلية من العلامات والأشياء، يستفاد منها عموم الشعائر وعدم الدلالة على علامة معينة .

(ب) مفسرو الأمامية: الشيخ الطوسي (ره): «الشعائر المعالم للأعمال، فشعائر الله: معالم الله التي جعلها مواطن للعبادة ... فشعائر الله: أعلام متعبداته»(128) ووافقه على ذلك صاحب الميزان(129) والفيض الكاشاني(130) والزمخشري(131).

○ آراء الفقهاء:

1 ـ فقهاء المذاهب: فقد صرحوا بتوقيفيّة الشعائر على البدنةأو شعائر الحج خاصة، وان عمم البعض منهم كما أشار إلى ذلك القرطبي في معرض نقله إلى أقوالهم، فقد نسب قولاً إلى بعض لم يسمه «ما اشعر من الحيوانات لتهدى إلى بيت الله» فقط كما ذكر قولاً لابن عباس أنها «جميع مناسك الحج» بينما اعتبر عطاء بن أبي رباح «شعائر الله جميع ما أمر الله به ونهى عنه» وقال الحسن البصري: «دين الله كله»(132).

2 ـ فقهاء الأمامية: اعتمدوا على أن الشعيرة والشعائر حقيقة لغوية تنطبق على كل ما يمكن أن يكون علامة على الدين، أي إنهم اعتبروا الموارد الواردة في الآيات القرآنية مجرد مصاديق قال السيد البجنوردي (ره): «إن المراد من حرمات الله، وشعائر الله مطلق ما هو محترم في الدين وتطبيقها على مناسك الحج ومشاعره من باب تطبيق الكلي على بعض مصاديقه»(133).

وقد أشار الفقهاء إلى ذلك العموم في بحوثهم التفصيلية، حيث صرح العلامة (ره) في اعتبار الأذان من الشعائر(134) واعتبر المحقق الاردبيلي (ره) (135) استثناء قبور المعصومين (ع) من تجديد بنائها عند الاندراس في معرض حديثه عن حرمة ذلك الفعل أو كراهيته من الشعائر ايضاً .

وذكر المحقق البحراني (ره)(136) في جملة موارد على توسيع هذا العنوان منها حرمة الاستنجاء بما كتب عليه شيء من علوم الدين، لدخوله في الشعائر المأمور بتعظيمها، وهكذا بنى الطباطبائي (ره)(137) على استحباب تعظيم شعائر الله في جملة أمور منها: كراهة الاستنجاء باليد إذا كان فيها خاتم منقوش عليه اسم الأنبياء والأئمة (ع) واعتبر الإمام محمد حسين كاشف الغطاء (ره)(138) العديد من مظاهر الحزن التي تقام على الإمام الحسين (ع) من الشعائر، وعدّ السيد الحكيم (ره)(139) عند ترجيحه القول باستحباب الشهادة الثالثة بأنها معدودة في هذه الأمصار من شعائر الإيمان.

وعلى هذا فان «الشعائر عنوان عام يمكن انطباقه على كل ما يمكن أن يكون علامة على الدين وبالتالي فهي لا تعني الدين نفسه كما ذهب إليه الحسن البصري وعطاء، وإنما تعني أعلام دين الله سبحانه وتعالى، وفي الوقت نفسه فهي ليست النسك بما هي نسك كما يبدو من قول ابن عباس وغيره وإنما لأنها (النسك) بطبيعتها إعلام»(140).

وعليه تبقى هذه القاعدة على حقيقتها اللغوية العامة، وهو المعنى العام الكلي للشعائر الذي فسر بالعلامة، وان انطباقه على مفهوم شعائر الحج من باب انطباق العام على أفراده .

والآية: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ الله وَلاَ الشَّهْرَ الحرَامَ وَلاَ الهدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الحرَامَ ))(141) يمكننا أن نستعين بالتحليل اللغوي الذي نستفيده من أن (الواو) حرف عطف يقتضي المغايرة، فيكون تقديم حرمة إحلال شعائر الله (القاعدة العامة) التي عطف عليها بعض مصاديقها، فتكون شعائر الله (عموما مطلقا) وما عطف عليه مصاديق لهذا العموم .

إشكالات على القاعدة :

وأورد على تعميم هذه القاعدة (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) بأنها تطلق على كل علامة تدل على أمور الدين، بإشكالات عديدة منها يتعلق بالموضوع (الشعائر) ومنها بالمتعلق (حدود التعظيم) ومنها بالمحمول (الحكم) :

ما يتعلق بالموضوع: إن القول بالتعميم يستلزم انتقال الحقيقة اللغوية إلى شرعية وحيث لا قائل بالانتقال فعليه يبقى موضوع الشعائر مختصا بأعمال الحج .

وجوابه مدفوع من جهتين:

الجهة الأُولى: اعتبارية: وهي أن التفريق بين الحقيقة اللغوية والشرعية يمكن معرفته من خلال ما ذكره علماء الأصول في مقام حقيقة الوضع إن الموجود على قسمين: «احدهما: ما له وجود تكويني عيني في نظام التكوين والعين، كالمقولات الواقعية من الجواهر والأعراض، والثاني: ما له وجود اعتباري فهو موجود في عالم الاعتبار وان لم يكن موجوداً في الخارج وذلك كالأمور الاعتبارية الشرعية أو العرفية من الأحكام التكليفية أو الوضعية»(142) مثل ألفاظ البيع والطلاق والعقد والملكية والعتق، ونفس هذه الألفاظ للعقود والإيقاعات مرة يتدخل الشارع في إيجادها وصيغتها وأخرى لا يتدخل فعندما يتدخل بإيجادها كما في وقوع لفظ (الطلاق) بلفظ معين يكون اللفظ حينئذ حقيقته حقيقة شرعية وإلا فالاعتبار العرفي له الحاكمية على إيجاد اللفظ المعين ـ كما سيتضح في الجهة الثانية ـ والشعائر من النوع الثاني .

وعليه فان الشعائر من الأمور الاعتبارية قد ساقها الشارع المقدس سوقاً عاماً أراد به العام، وإذا طبقها في موضع لم يكن ذلك الموضع إلا احد مصاديقه. ويساعد على هذا الفهم (الاعتبار العرفي) .

الجهة الثانية: تحقيقية: وهي أن الشارع لما ينشئ حكماً لموضوع معين، فمناطهُ أي تحقيق ذلك الموضوع في الخارج موكول إلى العرف لا إلى الشارع فان حكم إقامة الصلاة في قوله تعالى: ((أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)) موكول إلى الشارع صحيح، ولكن كموضوع لا يتدخل فيه الشارع بل تحقيقه متروك إلى العرف أو التكوين ومثله (احل الله البيع) و الأمر نفسه في الشعائر (فالبدن) في حد نفس وجودها تكويني إلا أن دلالتها اعتبارية، ومن هنا ذكرت الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) افتراق الشعائر عن وجوب أصل الفعل، فقد حث الإمام الصادق (ع) في اتخاذ البدنة أن تكون سمينة لأنها من تعظيم الشعائر والى تعدد مواضيع تلك الشعائر بالنسبة إلى الهدي.

ورد عن معاوية عن أبي عبد الله (ع) قال: «ثم اشتر هديك إن كان من البدن أو من البقر وإلا فاجعل كبشاً سميناً فحلاً، فان لم تجد كبشاً فحلاً فموجأ من الضأن، فان لم تجد فتيساً، فان لم تجد فيما تيسر عليك وعظم شعائر الله» (143) .

فان المراد بتسمين البدن والاهتمام بأمرها والمغالاة بها فيه إشارة لطيفة أشار إليها القرطبي: «إن أصل شراء البدن ربما يحمل على فعل ما لابد منه، فلا يدل على الإخلاص، فإذا عظمها مع حصول الاجزاء بما دونه فلا يظهر له عمل إلا تعظيم الشرع وهو من تقوى القلوب» (144) .

فإنّ الأمر بالتعظيم للشعائر وان كان ظاهراً في الاستحباب، لكنه يدل في نفسه على أن المعاملة اللائقة بالهدي الموصوف بهذه الصفات من تعظيم الشعائر .

ما يتعلق بحدود التعظيم: لما كانت قاعدة الشعائر قاعدة فقهية اكتسبت تسلطها من جهة أنها لغوية واستفاد المشرع أنها قاعدة كلية فما هي حدود ذلك التعظيم وهل هو الواجب أم حرمة الابتذال والإحلال، أم أن احدهما واجب والآخر مستحب باعتبار أنهما وردا كأصلين أو مكملين في الآيات المباركة ؟

وينبغي قبل الإجابة التمهيد بمقدمتين :

المقدمة الأولى: علاقة العلامة ـ الشعيرة ـ بذيها (المعنى الديني).

المقدمة الثانية: علاقة العلامة ـ الشعيرة ـ بمصاديقها .

أما المقدمة الأولى: الشعائر ومدى ارتباطها بمعانيها الدينية تختلف من مكان إلى مكان آخر فالكعبة ترتبط بمعنى ديني عند عامة الناس، من جهة القدسية أكثر من المسجد الحرام، وقداسة المسجد الحرام أكثر من مكة المكرمة، حتى أن الأحكام وردت شدة وضعفاً بشأن من تسوّل له نفسه بالهتك فمن هتك حرمة الكعبة حكم عليه بالقتل، بينما من هتك حرمة المسجد لا يحكم الحكم نفسه بل يحكم عليه بالتعزير، والحال أن الموقع والمكان متقارب، وما هذا الاختلاف إلا باختلاف قدسية المكان .

عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله الصادق (ع) «ما تقول فيمن أحدث في المسجد الحرام متعمداً ؟ قال: قلت يضرب ضرباً شديداً، قال: أصبت، فما تقول فيمن احدث في الكعبة متعمداً ؟ قلت: يقتل. قال: أصبت، ألا ترى أن الكعبة أفضل من المسجد ...» (145). ونجد هذه المقارنة في التعدي على الرموز الدينية وغيرها من حيث السب والشتم فان ساب النبي (ص) والأئمة (ع) يقتل، بينما ساب المؤمن يعزر عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن شتم رسول الله (ص) فقال (ع): «يقتله الأدنى فالأدنى قبل أن يرفع إلى الإمام»(146).

وروي بالمقابل بشأن سب المؤمن، عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله (ع) قال: «سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل سب رجلاً بغير قذف يعرض به، هل يجلد؟ قال: عليه تعزير»(147) وغيرها من الروايات التي تؤيد اختلاف التعظيم باختلاف العلقة بين العلامة وذيها.

وأما المقدمة الثانية: فان الكلي بالقياس إلى أفراده ينقسم إلى المتواطئ والمشكك فلا تفاوت بين أفراد الإنسان والحيوان والذهب والفضة من جهة الإنسانية أو الحيوانية أو الذهبية أو الفضية في نفس صدق المفهوم عليها بعكس مفهوم البياض والعدد والوجود وتطبيقاته على أفراده فان الأفراد تتفاوت في نفس صدق المفهوم عليها شدة وضعفاً(148). فإذا أمر الشارع بطبيعة تشكيكية وكان الحكم إلزاميا وليس ترخيصياً كالأمر ببر الوالدين أو صلة الرحم أو العشرة بالمعروف ـ وهي على درجات كما هو واضح ـ فهل يعني ذلك أن جميع مراتبها إلزامي، أم أن الإلزام يختص بالقدر المتيقن والبقية من الرخصة لا العزيمة ؟

وعن ذلك القدر المتيقن أشار الشيخ السند: «لقد بنى الفقهاء على أن الملزم هو القدر المتيقن فقط ـ وهذا جار حتى في القوانين الوضعية ـ فبالنسبة لبر الوالدين يكون خصوص العقوق هو المحرم لا كل المراتب المتعلقة بالتعامل مع الوالدين، وبالنسبة لصلة الأرحام تكون القطيعة هي المحرمة فقط»(149).

وتعظيم الحرمات ومنها عتبات النبي وأهل بيته (ع) لابد أن يكون لها قدر متيقن «فالدرجة اللازمة من التعظيم هي التي يلزم من عدمها الابتذال والهتك فتكون هي واجبة، أما بقية درجات التعظيم فتكون راجحة. فلو قيل أن الحكم هو حرمة الهتك وحرمة الاهانة فيكون صواباً، أو قيل أن الحكم هو وجوب التعظيم بدرجة لا يلزم منها الابتذال والهتك فهو صواب ايضاً»(150).

ما يتعلق بالمحمول (الحكم):

إن الأحكام المتعلقة بقاعدة الشعائر هي أحكام ثانوية تابعه لموضوعاتها، وإذا كانت كذلك فتكون أحكاما لشعائر توقيفية لا تسري الى مصاديق أخرى، وعلى فرض أنها أحكام أوليه فهي بالأخير لها حكم التبعية.

ويمكن المناقشة :

1 ـ إن الحكم في قاعدة الشعائر ـ التعظيم ـ هو حكمٌ اوليٌ، وليس ثانوياً ولكن قد يتصادف حكمان في متعلق واحد، كما في مثال وجوب البدنة من جهة، وجعل ذلك الفعل فيه جنبة إعلام بأن تكون سمينة أو ذات نوعية فضلى من جهة اخرى. فيكون حكم الوجوب متكفلاً لملاك ومتعلق غير حكم الشعائر المتكفل لملاك ومتعلق آخر .

وكذا الحال في تصادق بر الوالدين مع طاعة الله سبحانه، أو تحقق الصدقة على ذي رحم وفقير في الحال نفسه أو غير ذلك .

2 ـ إن الحكم في القاعدة بالإضافة إلى أوليته هو حكم مستقل وليس تبعياً، ونفس العلة المذكورة (إن الحكم في الشعائر هو غير الأحكام الأولية .. نعم هو ينطبق على الأحكام الأولية إذا كانت تلك الأحكام الأولية في الفعل أو المتعلق المرتبط بها تتضمن جنبة إعلام وتبليغ، وتتضمن جنبة إنذار وإفشاء لحكم من الأحكام الإسلامية أو العبادية دينية معينة ...نعم ينطبق عليها أنها شعيرة مثل صلاة الجماعة ومثل صلاة الجمعة لا مثل صلاة فرادى»(151).

وبالإضافة إلى ذلك تختلف الشعائر عن الأحكام الأولية من جهة وجود الإعلام والإعلاء في الشعائر وهذا لا يوجد في الأحكام الأولية .

ومن هذه القاعدة يمكن أن نستنتج :

أولاً: إن تعظيم الشعائر وحرمة اهانة المحترمات في الدين كالمساجد والمراقد والبيوت والجبال والأمكنة ذات الأثر الديني مما حث عليها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة صراحة أو ضمناً .

ثانياً: إن تعظيم وتقديس ما نبتغيه في هذه الدراسة ـ العتبات المقدسة للنبي (ص) وأهل بيته (ع) ـ هو داخل ضمن نطاق الآية الكريمة ((وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)) بل هي من أولويات مصاديق الدخول.

ثالثاً: إن ما أشكل على أصل هذه القاعدة واتهامها بالبدعة نجد مصاديقها المذكورة بالقرآن، والاستشهاد بأحاديث هدم القبور لا تصلح، لما للبدعة من ضوابط وشروط، وهي بحد ذاتها قاعدة، مضافا إلى ضعف الأحاديث سنداً ودلالة .

ورابعاً: أعطت قاعدة تعظيم الشعائر هويتها الكاملة وذلك من خلال الدفوع عن الإشكالات المتعلقة بها موضوعاً، وبه اثبت أنها حقيقة لغوية وليس شرعية ـ أو متعلقاً ـ وبه اثبت حرمة الابتذال كقدر متيقن ـ أو حكماً ـ وبه أثبت أنها أحكام أولية وتبعيتها لا تعني أنها أولية تابعة أو ثانوية، وقد جعلت من هذه القاعدة منطلقاً أمهد به للأحكام المتعلقة بالعتبات حتى لا يستشكل ضمن موارد البحث على خدمتها أو زيارتها أو التبرع لها من نذر أو هبة أو وصية وجعل أحكام المساجد لها وغير ذلك من فعل أو صيغة في غير موضعه لأنه لم يثبت لتلك الأماكن شيء من القداسة إلا بحدود ضيقة لا تستوجب هذا التعظيم . هذا وقد دلت الأخبار على تعظيم قبورهم وعمارتها وأفضلية الصلاة عندها كثيرة منها :

ما رواه الطوسي عن أبي عامر واعظ أهل الحجاز قال: أتيت أبا عبد الله جعفر ابن محمد (ع) فقلت له: يا بن رسول الله ما لمن زار قبره ـ يعني أمير المؤمنين (ع) ـ وعمر تربته ؟ فقال: يا أبا عامر حدثني أبي عن أبيه عن جده الحسين بن علي (ع) أن النبي (ص) قال له: لتقتلن بأرض العراق وتدفن بها. قلت: يا رسول الله، ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها ؟ فقال: يا أبا الحسن إن الله جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها، وان الله جعل قلوب نجباء من خلقه أو صفوة من عباده تحن إليكم وتحتمل المذلة والأذى فيكم، فيعمرون قبوركم، ويكثرون زيارتها، تقرباً منهم إلى الله، ومودة منهم لرسوله، أولئك يا علي المخصصون بشفاعتي، والواردون حوضي وهم زواري غداً في الجنة، يا علي من عمر قبوركم أو تعاهدها فكأنما أعان سليمان على بناء بيت المقدس ومن زار قبوركم عدل ثواب سبعين حجة بعد حجة الإسلام، وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه، فأبشر وبشر أولياءك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ، ولكن حثالة من الناس يُعيَّرون زوار قبوركم بزيارتكم كما تُعيّر الزانية بزناها أولئك شرار أمتي لا تنالهم شفاعتي ولا يردون حوضي(152).

ولا يخفى أن جعل معمر قبورهم كالمعين على بناء بيت المقدس، دال على تعظيم مراقدهم ومعظما لشعائر الله سبحانه، وتعمير القبور له طرق وأساليب عديدة على غراره تتعدد الشعائر.

 

■ المطلب الرابع: الأسس الدينية لقداسة العتبات :

امتدح القرآن الكريم أهل البيت (ع) وأبان فضلهم، وحد حقوقهم وما يمت إليهم بصلة، لا سيما آية التطهير في قوله تعالى: ((إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً))(153).

يرى جمهور العلماء أن هذه الآية منبع فضائل أهل البيت (ع) لاشتمالها على غرر مآثرهم، واهتمام الباري سبحانه بهم، حيث أنزلها في حقهم، وبهذا اعترف القاصي والداني ومنهم ابن عربي قال: «لما كان رسول الله (ص) عبداً محضاً قد طهره الله وأهل بيته تطهيرا، واذهب عنهم الرجس فلا يضاف إليهم إلا مطهّر، فأهل البيت الشريف هم المطهّرون بل هم عين الطّاهرة، وهكذا يدخل أبناء فاطمة، رضي الله عنها كلهم إلى يوم القيامة، فهم المطهرون من الله اختصاصاً من الله وعناية بهم»(154).

وقد جعل الحق سبحانه تلك الحقوق لهم والتي ينبغي للمسلم أن يتمسك ويعمل بها ويعلّمها لغيره ويمكن استفادة الأسس الدينية من خلال:

ـ الأساس الأول: حق الطاعة والولاية:

قال تعالى: ((أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ))(155)، وقوله سبحانه: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ))(156).

ففي الكافي(157) عن الإمام الصادق (ع) أنه سئل عن الأوصياء طاعتهم مفترضة؟ قال: «نعم، هم الذين قال الله: ((أَطِيْعُوا الله... )) الآية، وقال الله: ((إنَّما وَلِيُّكُم الله ... )) الآية .

ورد عن الإمام الصادق (ع) إن آية إطاعة أولي الأمر نزلت في علي بن أبي طالب (ع) والحسن والحسين H ، فقيل أن الناس يقولون: فما له لم يسمِ علياً وأهل بيته في كتابه ؟ قال: «فقولوا لهم: نزلت الصلاة ولم يسمِ الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً حتى كان رسول الله (ص) فسر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول الله (ص) هو الذي فسر ذلك، ونزلت أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم، ونزلت في علي والحسن والحسين (ع) فقال رسول الله (ص) في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه» (158).

ولهذا ورد أن هذه الولاية مسؤولون عنها يوم القيامة، ويعضده ما أخرجه الديلمي عن أبي سعيد الخدري: إن النبي (ص) قال في قوله تعالى: ((وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ))(159) قال مسؤولون عن ولاية علي وأهل البيت(160).

ـ الأساس الثاني: وجوب المودة :

قال تعالى: ((قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى))(161).

لما نزلت هذه الآية قال أصحاب النبي (ص): يا رسول الله: من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال: «علي وفاطمة وابناهما» (162).

ـ الأساس الثالث: الصلاة عليهم :

قال تعالى: ((إِنَّ الله وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً))(163).

روى البخاري في جامعه، عن كعب بن عجره قال: قيل يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة ؟ قال: «قولوا: اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت آل إبراهيم إنك حميد مجيد» (164).

وفي هذا دليل على أن الأمر بالصلاة على آل محمد، مراد من الآية وإلا لما سألوا عن الصلاة على أهل البيت عقب نزولها، ولم يجابوا بما ذكر .

ـ الأساس الرابع: الخمس :

قال تعالى: ((وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لله خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ))(165).

روى الديلمي: قال علي بن الحسين (ع) لرجل من أهل الشام: «أما قرأت في الأنفال: ((وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ... )) الآية قال: نَعَم، قال فإنكم لأنتم هم ؟ قال: نعم» (166).

ومنه يتبين انه لما جعل لهم الخمس فقد أعطاهم ولاية الأمر فمن خلاله وجب تعظيم قدرهم .

ـ الأساس الخامس: رفعة بيوتهم :

قال تعالى: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ))(167).

وللوقوف على تفسير هذه الآية ينبغي معرفة ماهية تلك البيوت اولاً ؟ وما المراد من الرفع ثانياً ؟

ماهية البيوت: ذكر المفسرون(168) إن ماهية البيوت تدور حول :

1 ـ المساجد الأربعة: والحكمة فيها لان هذه المساجد لم يبنهن إلا نبي: الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل (ع) وبيت أريحا بيت المقدس بناه داود وسليمان (ع)، ومسجد المدينة ومسجد قباء اللذين أسسا على التقوى بناهما رسول الله (ص).

2 ـ المساجد عامة : هذا القول يعضده قول ابن عباس: «المساجد بيوت الله في الأرض وهي تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض» (169). وانه حق على العباد أن يعظموها .

3 ـ البيوت كلها.

4 ـ بيوت النبي (ص) وأهله، لأنها نفس البيوت التي أمر الحق سبحانه عباده بالاعتناء بها وبأهلها ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ))(170) وكذلك الاعتناء بأهلها ((اِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً))(171).

وقد رجّح أغلب المفسرين العامة على أن تلك البيوت المأمور برفعها هي المساجد، وهذا الترجيح سببه أن متعلق (في بيوت) يتعلق بما قبله مثل نوره كمشكاة أي المشكاة في بيوت، فتكون بيوت الله هي المساجد(172).

ولكن لا يمكن الأخذ بهذا القول من عدّة جهات :

الجهة الأولى: إن الآية مطلقة، وتخصيصها بالمساجد تخصيص من دون دليل بل حتى الدليل اللغوي لا يساعد على ذلك. قال ابن منظور: «البيت معروف، وبيت الرجل داره، وبيته قصره ومنه قول جبرائيل (ع) «بشر خديجة ببيت من قصب» أراد: بشرها بقصر من لؤلؤة مجوفة أو بقصر من زمردة» (173).

الجهة الثانية: إن البيت لا ينفك عن السقف. قال تعالى: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِلِيَّةِ الأولَى))(174).

وقال سبحانه: ((وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ))(175).

فإطلاق لفظ البيت فيه شمولية من حيث الإطلاق الذي لا يساعد على أن يكون المراد به المساجد وقد أشار القرطبي إلى هذا المعنى بان «حقيقة البيت أن يكون ذا حيطان وسقف» (176).

الجهة الثالثة: إن سورة النور نفسها الوارد فيها آية ترفيع البيوت، تضمنت عدداً من الآيات الحاكية عن البيت قبال المسجد قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ))(177).

وقوله تعالى: ((لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ الله مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون))(178).

وان آية الترفيع المبحوث عنها وقعت بين هاتين الطائفتين من الآيات، فمن المستغرب تفسير قوله (في بيوت) بالمساجد(179) لمخالفتها لقرينة السياق .

الجهة الرابعة: وردت روايات من العامة والخاصة تشير إلى أن تلك البيوت هي بيوت الأنبياء وأهل البيت (ع) :

1 ـ روى الحافظ السيوطي عن انس بن مالك، وبريدة، ان رسول الله (ص) قرأ قوله تعالى: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ ... )) فقام رجل وقال: أي بيوت هذه يا رسول الله ؟ فقال (ص): «بيوت الأنبياء»، فقام إليه أبو بكر وقال: يا رسول الله، وهذا البيت منها ؟ وأشار إلى بيت علي وفاطمة، فقال النبي (ص): «نعم من أفضلها»(180).

2 ـ روي في مسند احمد بن حنبل عن زيد بن أرقم انه قال: «كان لنفر من أصحاب رسول الله (ص) أبواب شارعة في المسجد قال: فقالوا يوما: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، قال: فتكلم في ذلك الناس، قال: فقام رسول الله (ص) فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فاني أمرت بسد هذه الأبواب إلا باب علي، وقال فيكم قائلكم واني والله ما سددت شيئاً ولا فتحته، ولكني أمرت بشيء فاتبعته»(181).

وعبر ابن حجر عن صحة هذا الحديث بقوله: «أخرجه احمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات» (182).

وليست الغاية من الغلق لأمور ذكرها المفسرون من الجنابة أو غيرها، وان كان هذا شيءٌ له اثر، ولكن الأهم من ذلك هو الإشارة إلى رفعة ذلك البيت معنوياً وجعل بابه متصلاً بمدينة العلم رسول الله (ص) لأنه ورد عنه (ص): «أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه» (183) .

كما ورد في تفسير قوله تعالى: ((وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا)) إنها ليس المراد منها ظاهرها، بل هي من الكنايات، المتعارف في المحاورات(184)، فلهذا حثت الروايات على التماس تلك البيوت المرفوعة الشأن بسبب رجالاتها الذين هم فيها .

3 ـ حضر قتادة في مجلس الإمام أبي جعفر الباقر (ع) فقال له الإمام: من أنت ؟ قال: أنا قتادة بن دعامة البصري. فقال أبو جعفر: أنت فقيه أهل البصرة ؟ فقال: نعم. قال قتادة: أصلحك الله والله جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم، ما اضطرب قدامك ! فقال أبو جعفر (ع): ما تدري أين أنت ؟ أنت بين يدي ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ولا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله وَإِقَامِ الصَّلاة وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ)) فقال له قتادة: صدقت والله جعلني فداك، والله ما هي بيوت حجارة ولا طين»(185).

المراد من الرفع:

ذكر المفسرون أن الرفع يراد به معنيان: الأول: المادي: وهو البناء . الثاني: المعنوي: وهو التعظيم والرفع من قدرها .

قال الزمخشري: «ترفعها: إما بناؤها لقوله تعالى: ((رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا))(186)، و((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ))(187) أمر الله أن تبنى، وإما تعظيمها والرفع من قدرها» (188).

وقد أشار المفسرون(189) إلى المراد المعنوي من معنى الرفع. الآية الكريمة تتحدث عن بيوت مبنية ومعدة مسبقاً . ولا مانع من الجمع بين الرفعة المادية والرفعة المعنوية أليست الرفعة المادية من مستلزماتها ؟

فتعظيم تلك البيوت هو تعظيم لحرمات الله ((وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ))(190). والحرمة والحرمات والحرام ما لا يحل انتهاكه، وقيل: ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه وقد عظمت وقدست مساجد ومشاعر وبلداناً و مشاهداً وبيوتاً .

قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ الله وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ))(191).

وتقدم أن تعظيم تلك الأماكن من جهة الشعائر أو الحرمات غير مخصص بدليل إلا السياق، وهو معارض بإرادة العموم من نص عام، وهو أقوى من إرادة العموم من نص خاص، والإطلاق كاف لشمول جميع المصاديق، خصوصاً بعد ما ورد عن أهل بيت النبوة (ع) أنهم من المشمولين بتعظيم حرمات الله.

وعن الإمام الصادق (ع): «إن لله حرمات ثلاثاً ليس مثلهن: كتابه هو حكمته ونوره، وبيته الذي جعله قبلة للناس، وعترة نبيكم»(192).

وفي المرفوعة عن النبي (ص) قال: «ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمتسلط بالجبروت، ليذل من اعزه الله ويعز من أذله الله، والمستحل لحرم الله، والمستحل لعترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي»(193).

بل ورد عن الإمام الباقر (ع) أنهم: «نحن حرم الله الأكبر»(194).

فقد اوجب الحق سبحانه على خلقه تعظيماً لما أمر به أن تكون حرمة اتجاه ملائكته ورسله وكتبه وبيت طاعته ودينه وغير ذلك، وقد اوجب لأوليائه على الخلق تعظيمهم لأنهم حرمه. وان اكبر واشرف وأعظم حرمات الله من جميع مخلوقاته هم الأئمة المعصومون (ع)القائمون مقام النبي (ص)(195).

وإذا كان الأمر كذلك لا تكون حدود بيوتهم أو قبورهم المكانية هي محل التقديس أو التعظيم بل تكون كذلك حدود مدن دفنهم تحظى بهذا المعنى من الرفعة والجلالة والعظمة ومن هنا سميت المدينة المنورة أو النجف الاشرف أو كربلاء أو خراسان أو الكاظمية أو سامراء بالمقدسة.

فحرمة هذه الأمكنة كلها بسبب إضافتها التشريفية وانتسابها إلى مشرفها (ع)، وهي اليوم رمز للمسلمين من حيث القداسة، فإذا ما ذكرت هذه الأماكن في محفل أو مجلس هام رخيم الخيال إلى تلك البقاع ألقاً وفخراً يشدوا به ولاؤه إلى محط رحال أناس استنطق القرآن فضلهم وأبانت السنة خصالهم فكانت حدود تعظيم ليس إلى قبورهم أو مدن دفنهم فحسب، بل في قلوب محبيهم المؤمنة أينما كانوا التي حملت عرش الله وكان محمد (ص) وأهل بيته بذلك العرش محدقين حتى من الله علينا بهم فجعلهم ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ))(196).

***

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(94) جامع البخاري: البخاري، محمد بن إسماعيل دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت: 1981م، ج2: 56 .

(95) شرح نهج البلاغة: المعتزلي ابن أبي الحديد، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم مطبعة عيسى الجلبي، الطبعة الثانية 1967م ج12: 101 .

(96) فتح الباري: ابن حجر العسقلاني، دار المعرفة. بيروت ط2 ج1: 469 .

(97) جامع البخاري: البخاري، ج2: 56 .

(98) ظ: عمدة القارئ: العيني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج7: 252 .

(99) م. ن، ج7: 252 .

(100) روضة الطالبين: النووي، محي الدين، ج2: 588 .

(101) عمدة القاري: العيني، ج7: 252 .

(102) جلاء العينين: ابن الآلوسي البغدادي، نعمان 507 ـ 508 .

(103) صحيح مسلم: مسلم بن الحجاج القشيري، دار الفكر: بيروت، الطبعة الأولى: ج3: 65 .

(104) سنن الترمذي: الترمذي، دار الفكر: بيروت، الطبعة الثانية: 1983م، ج2: 259 .

(105) سنن ابن داود: السجستاني، ابن الأشعث، دار الفكر، بيروت الطبعة الأولى: 1990م، ج2: 87 .

(106) سنن الترمذي: الترمذي، ج2: 259 .

(107) تفسير الفخر الرازي: الرازي، محمد، دار الفكر: بيروت، ط3: 1985م، ج32: 76-77 .

(108) ظ: الأجوبة النجفية في الرد على الفتاوى الوهابية: هادي كاشف الغطاء، الغدير: بيروت، الطبعة الأولى 2004م: 71 .

(109) تهذيب الأحكام: الطوسي، ج1، باب صفة الوضوء حديث: 93 .

(110) الوسائل: الحر العاملي، ج18، باب الزنى بميتة، باب 2، حديث: 1 .

(111) صحيح مسلم: مسلم بن الحجاج، ج3: 61 كتاب الجنائز وسنن الترمذي، للترمذي، دار الكتب العلمية بيروت، ط1، 2000م ج2: 256.

(112) تهذيب التهذيب: ابن حجر شهاب الدين العسقلاني. دار الفكر بيروت ط1 1995 ج9: 144.

(113) التدليس: هو أن يروي عن رجل لم يلقه وبينهما واسطة فلا يذكر الواسطة .

(114) ميزان الاعتدال في نقد الرجال: الذهبي، محمد بن احمد بن عثمان، دار الفكر، بيروت ط1، 1999م، ج2: 169 برقم 3322 .

(115) تهذيب التهذيب، ابن حجر، ج3 :400.

(116) مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج: الخطيب الشربيني، ج1: 353.

(117) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، احمد بن محمد الفيومي، منشورات دار الهجرة، إيران ط1: 1405هـ، الفيومي ج1: 454.

(118) ظ: الوهابية بين المباني الفكرية والنتائج العملية: جعفر السبحاني: مؤسسة الإمام الصادق (ع)، قم المقدسة ط1: 1426هـ 123 .

(119) ظ: الرد على الوهابية: محمد جواد البلاغي، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، قم: 71.

(120) سورة الحج: 32.

(121) سورة البقرة: 158.

(122) سورة الحج: 36.

(123) سورة المائدة: 2.

(124) تاج العروس، الزبيدي، ج3: 304.

(125) لسان العرب: ابن منظور: ج4: مادة (شَعَرَ) .

(126) ظ: القاموس المحيط، الفيروز آبادي، دار الفكر، بيروت ج2: 6 والصحاح، للجوهري، دار العلم للملايين. بيروت ط1 ج2: 698، النهاية في غريب الحديث، ابن الاثير، مؤسسة اسماعيليان قم ط4 1364هـ ج2: 478.

(127) تفسير الفخر الرازي: الرازي، محمد، دار الفكر، بيروت ط3 1985م ج4: 174 .

(128) التبيان، الطوسي، ج2: 42.

(129) ظ: الميزان في تفسير القرآن، محمد حسين الطباطبائي.

(130) ظ، تفسير الصافي: الكاشاني، ج1: 205.

(131) ظ: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل: الزمخشري، مطبعة مصطفى ألبابي الحلبي، مصر: 1966م، ج3: 11 .

(132) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي، ج12: 53 .

(133) القواعد الفقهية: محمد حسن البجنوردي، مطبعة الهادي، قم ط1، 1409هـ ج2: 297 .

(134) ظ: منتهى المطلب: العلامة الحلي، مؤسسة الطبع في الأستانة، مشهد، ط1، 1415هـ، ج4: 380 .

(135) ظ: مجمع الفائدة والبرهان: المحقق الاردبيلي، ج2: 501.

(136) ظ: الحدائق الناظرة: المحقق البحراني، دار الأضواء، بيروت، ط3، 1993م، ج2: 46 .

(137) ظ: رياض المسائل: علي الطباطبائي، دار الهادي، بيروت ط1، 1992م ج1: 217 .

(138) ظ: فتاوى علماء الدين حول الشعائر الحسينية، إعداد مؤسسة المنبر الحسيني العدد 68 .

(139) مستمسك العروة الوثقى: الحكيم محسن، مطبعة الآداب، النجف الاشرف، ط1، 1391هـ، ج5: 545.

(140) قاعدة الشعائر الدينية: تقريرات محمد السند، بقلم فيصل العوامي، مؤسسة ام القرى، بيروت، ط1 2003م: 22 .

(141) سورة المائدة: 2 .

(142) محاضرات في أصول الفقه: بقلم الشيخ محمد إسحاق الفياض، تقريرات السيد الخوئي، مؤسسة النشر الإصلاحي، قم. ط1 1419هـ ج1: 245 .

(143) تهذيب الأحكام: الطوسي، ج5: أبواب الذبح: باب 16: حديث 17 .

(144) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي، ج12: 38 .

(145) الكافي، الكليني ج2 باب أن الإيمان يشرك الإسلام، حديث: 4. الوسائل، الحر العاملي، ج13: باب وجوب تعزير من احدث في المسجد الحرام متعمداً حديث: 1 .

(146) الكافي، الكليني ج7: 259. الوسائل، الحر العاملي ج18: 554 .

(147) الكافي، الكليني ج7: باب ما يجب فيه التعزير: حديث: 3. الوسائل، الحر العاملي ج18 : باب 19 من أبواب حد القذف حديث: 1 .

(148) المنطق، محمد رضا المظفر، اسماعيليان، قم ط3، 1420هـ ج1: 35 .

(149) قاعدة الشعائر الدينية: فيصل العوامي: 96 .

(150) الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد، رياض الموسوي، الشيخ محمد السند، مطبعة الغدير، قم المقدسة، الطبعة الأولى: 1424هـ: 145 .

(151) الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد: رياض الموسوي: 150 .

(152) التهذيب: الطوسي ج6: باب فضل زيارة أمير المؤمنين (ع) حديث 7. والوسائل: الحر العاملي ج14 باب 26 من أبواب المزار حديث: 1 .

(153) سورة الأحزاب: 33.

(154) الفتوحات المكية: ابن عربي، محي الدين، باب 29 .

(155) سورة النساء: 59 .

(156) سورة المائدة: 55 .

(157) الكافي: الكليني: ج1: باب فرض طاعة الأئمة، حديث: 16 .

(158) الكافي: الكليني، ج1: باب ما نص الله عز وجل ورسوله على الأئمة واحداً فواحد، حديث: 1 .

(159) سورة الصافات: 24 .

(160) ظ: الصواعق المحرقة: ابن حجر: 89 .

(161) سورة الشورى: 23 .

(162) الكشاف: الزمخشري، ج3: 467 .

(163) سورة الأحزاب: 56 .

(164) جامع البخاري: البخاري، ج6: 22 .

(165) سورة الأنفال: 41 .

(166) تفسير الطبري: الطبري، ج10: 8.

(167) سورة النور: 36 ـ 37 .

(168) ظ: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي، ج8: 260، وتفسير الثعالبي، ج7: 107، والدر المنثور: السيوطي: ج6: 203 .

(169) الدر المنثور: السيوطي، ج3: 217 .

(170) سورة الأحزاب: 53 .

(171) سورة الأحزاب: 33 .

(172) ظ: الكشاف: الزمخشري، ج2: 389 .

(173) لسان العرب: ابن منظور: مادة (بيت) .

(174) سورة الأحزاب: 33 .

(175) سورة الزخرف: 33 .

(176) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي، ج18: 113 .

(177) سورة النور: 27 .

(178) سورة النور: 61 .

(179) ظ: في ظلال التوحيد: السبحاني: جعفر: 334 .

(180) تفسير الدر المنثور: السيوطي، ج5: 91 وشواهد التنزيل: الحاكم الحسكاني، ج1: 533 .

(181) مسند احمد: ابن حنبل، احمد، ج4: 369 .

(182) فتح الباري: ابن حجر، دار المعرفة للطباعة: بيروت ج17: 13 .

(183) مجمع الزوائد: الهيثمي، دار الكتب العلمية: بيروت، 1988م، ج9: باب في علمه رضي الله عنه: 114 .

(184) ظ: الوهابية والبيوت المرفوعة: السنقري، 66 .

(185) الكافي: الكليني، ج6 باب ما ينتفع به من الميتة حديث: 1.

(186) سورة النازعات: 28.

(187) سورة البقرة: 128.

(188) الكشاف: الزمخشري، ج3: 242.

(189) ظ: جامع الأحكام: القرطبي ج2: 226.

(190) سورة الحج: 30.

(191) المائدة: 2.

(192) الخصال: الصدوق: 146.

(193) مستدرك الحاكم، الحاكم النيسابوري، دار المعرفة، بيروت، ج1: 36.

(194) أصول الكافي: الكليني، ج1 باب أن الأئمة معدن العلم حديث 3: 221.

(195) ظ: شرح أصول الكافي، محمد صالح المازندراني، ج1: 218 .

(196) سورة النور: 36 .