المبحث الثاني

الإنفاق الشرعي لأموال العتبات

 

ـ المطلب الأول: الإنفاق المالي مع وجود المقتضي:

ما صح نذره ووقفه والايصاء به من أموال إلى المشاهد المشرفة أو إلى المعصومين (ع) يصبح مالاً متراكماً، لابد من صرفه وإنفاقه ولغرض إيجاد السبل المشروعة في طريقة صرفه على عناوين عامة أو خاصة ذكر الفقهاء طرقاً ينبغي للناذر أو الواقف أو الوصي أو لمتولي العتبة تحديد مواضع الصرف .

ومن المعلوم أن تلك العطايا تختلف باختلاف المتعلق من أموال نقدية أو عينية وتشترك مالية الجميع في مصرف واحد بعد تحويل المواد العينية إلى أموال نقدية عند عدم وجود الحاجة إليها، ويكون تحويلها عن طريق البيع.

وهنا لابد من بيان الأمرين الآتيين :

الأمر الأول: حكم التصرف بالأعيان المهداة وغيرها.

اتفق الفقهاء على جواز بيع المواد العينية عند عدم وجود المقتضى لها كما يظهر ذلك من أقوال الفقهاء كالمفيد(87) والطوسي(88) والمحقق(89) والعلامة(90) وابن إدريس(91) (رحمهم الله) أو غيرهم(92) قال الشيخ المفيد :

«من جعل جاريته أو عبده أو دابته هدياً لبيت الله الحرام أو لمشهد من مشاهد الائمة (ع) فليبع العبد والجارية والدابة ... » (93). واستدلوا لذلك بالروايات المتقدمة منها :

(1) رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) ، قال: سألته عن الرجل يقول وهو يهدي إلى الكعبة كذا وكذا ما عليه إذا كان لا يقدر على ما يهديه، قال: «إن كان جعله نذراً ولا يملك فلا شيء عليه، وان كان مما يملك غلاماً أو جارية أو شبههما باعه ... » (94).

(2) رواية سعيد بن عمر الجعفي المتقدمة.

فالروايتان صريحتان بالبيع خصوصاً بعد تعليل الإمام (ع) في الرواية الثانية (بان الكعبة لا تأكل ولا تشرب) وجعل طريق الانتفاع بثمنها عن طريق البيع، وبموجب هاتين الروايتين: يجوز بيع الأعيان المهداة وصرف ثمنها للعتبة، مضافاً إلى ذلك أن بيعه أولى من بقائه على حالة توجب له التلف .

الأمر الثاني: مصرف تلك الأموال :

من الواضح المعلوم، أن الواقف أو الناذر أو الموصي للعتبات المقدسة: تارة يعيّن مهمة الصرف، وأخرى يطلق هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فتارة: يكون متعلق الصرف للعتبة المقدسة، وأخرى: لشخص الإمام (ع) .

فهل أن الطريق لصرف تلك الأموال واحد أم متعدد بتعدد الجهة، فهنا مسألتان: المسألة الأولى: في مصارف الأموال الموجودة للعتبات المقدسة، المسألة الثانية: في مصارف الأموال الموجودة للمعصومين (ع) .

المسألة الأولى: مصارف الأموال الموجودة للعتبات المقدسة .

ويمكننا أدراج بحثين تحت عنوان هذه المسألة: البحث الأول: في الأموال المنذورة والمهداة والموصى بها، البحث الثاني: في الأموال الموقوفة.

أما البحث الأول: فللفقهاء قولان في مصرف تلك الأموال للمشاهد المشرفة :

القول الأول: يصرف على المصالح العامة للعتبة المقدسة .

وقد تبنى الشهيد الأول في غاية المراد أن مصرف تلك الأموال المنذورة يقتصر في صرفها على المصالح قال (ره): «والثاني ـ هو هدي الثوب والدراهم والطعام ـ يباع قطعاً ويصرف في مصالح البيت» (95).

القول الثاني: يصرف على المصالح العامة للعتبة وعلى توفير الخدمات للزائرين وذلك من خلال :

أولاً: تصرف في مصلحة العتبة، قد اجمع الفقهاء على صحة صرف الأموال لمصلحة العتبة وقد صرح بهذا القول الشيخ المفيد في المقنعة والمحقق في الشرائع والشيخ في النهاية والعلامة في التحرير والقاضي في المهذب والشهيد الثاني في الذكرى(96) (رحمهم الله) .

فقد جاء في المقنعة: «من جعل جاريته أو عبده أو دابته هدياً لبيت الله الحرام، أو المشهد من مشاهد الأئمة (ع) فليبع العبد أو الجارية أو الدابة، ويصرف ثمنه في مصالح البيت أو المشهد أو في معونة الحاج أو الزائرين» (97).

وقد استدل على مشروعية صرف تلك الأموال على مصلحة المشاهد بالروايات الدالة على صرف ما ينذر أو يهدى إلى البيت الحرام أو الكعبة المشرفة. ومنها: رواية علي بن جعفر المتقدمة: «باعه واشترى بثمنه طيباً فيّطيب به الكعبة»(98). حيث جعل صاحب المسالك هذه الرواية مؤيد للصرف في مصالح البيت، بجعل الطيب من المصالح(99). وان الصرف على تلك المصلحة ينبغي تشخيصها حتى يصرف عليها، ويمكن التشخيص إما :

اولاً: بالتعين :

ويرجع تعيين ذلك إلى ما قصده الناذر أو المهُدي أو غيرهم فينبغي الصرف على حسب ما قصد. وصرف ذلك في المعين يدل عليه عمومات الإيفاء بالعقود، ووجوب الإيفاء بالنذر، وقاعدة المؤمنون عند شروطهم .

ثانياً: بالإطلاق :

وهو أن المهُدي لم يعيّن مصرفاً خاصاً فيكون لمتعلقه فردان :

الفرد الأول: وجود الفرد المعهود، وينبغي الصرف فيما هو المتبادر فينبغي حمل اللفظ على ظاهره ولو كان من جهة الدلالة الالتزامية فعلى هذا ينبغي صرف ألآت التبريد إلى أماكن احتياج المشهد لأنه يعد من المصالح والفرش والإنارة وغيرها كل بحسبه .

قال الطباطبائي في المناهل :

«لا يبعد الحكم في نذر الشمع بصرفه في ذلك المشهد بطريق الإسراج وفي نذر الفرش والبسط في ذلك المشهد» (100).

الفرد الثاني: عدم وجود فرد شائع: ففي هذه الحالة جوز الفقهاء الصرف في مصلحة ذلك المشهد ومعونة الزائرين، لان الاطلاق يقتضي ذلك .

قال الشهيد الثاني (ره): «صرف ما يهدى إلى المشهد وينذر له إلى مصالحة ومعونة الزائرين حسن، وعليه عمل الاصحاب. ويبدأ بمصالح المشهد اولاً وعمارته...»(101).

واستدل على الإطلاق بالأدلة الآتية :

1. الإجماع: وذلك من خلال احتمالية مدلول اللفظ عرفاً .

2. براءة ذمة الصارف لتلك الأموال خارجة عن الضمان وذلك لصرفها على ما تقتضيه مصلحة العتبة، وعدم وجود فرد معين من قبل الناذر أو غيره في تشخيص صرفها وقد خالفه الصارف .

3. انه من تعظيم الشعائر فيندرج تحت عموم قوله تعالى: ((ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ))(102).

وقد ذكر الفقهاء شروطاً في تعيين المصلحة وتقديم الأهم على المهم. وهل يشترط العلم بالمصلحة أو يكفي الظن، وهل يشترط مشاركة الحاكم الشرعي أو لا؟

وقد أصبحت اليوم وفي عصرنا الحاضر هذه الحالات مشخصة حيث خصصت لجان عاملة وفاعله في كل منشآت المشاهد وهي بدورها ترفع التوصيات بالحاجة إلى شؤونها. وصار السادن ممثلاً عن الحاكم الشرعي في تنفيذ ما يراه ذو مصلحة يفرضهُ الواقع عليه في إصلاحه .

ثانياً: تصرف في معونة الزائرين .

يستفاد من كلمات الفقهاء جواز الصرف في معونة الزائرين في صورة استغنائه، وعدم حاجة المشهد إلى المال. قال السيد العاملي (ره): «ولو نذر شيء لأحد المشاهد المشرفة، صرف فيه على حسب ما قصده الناذر، ومع الإطلاق يصرف في مصالح المشهد، ولو استغنى المشهد عنه في الحال والمال فالظاهر جواز صرفه في معونة الزوار، وذلك أولى من بقائه على حاله معرضاً للتلف فيكون صرفه على هذا الوجه احساناً محضاً، وما على المحسنين من سبيل» (103).

واستدل له بـ:

(1) الروايات منها رواية ياسين الضرير بقول الإمام (ع): «إن الكعبة غنية عن هذا» (104).

وقوله (ع) في رواية: «الكعبة لا تأكل ولا تشرب» (105) فانه كناية عن عدم الحاجة إلى ذلك.

وقوله (ع) كما في رواية البرقي في قيمة الغزل: «أن يشتري به عسلاً وزعفراناً ويضيفه إلى طين قبر الحسين (ع) وماء السماء ويدفعه إلى الشيعة يتداوون به» (106).

وان كانت هذه الرواية تحمل معارضة برواية «ما اهدي للكعبة فهو لزوارها»(107) ، ولكن يمكن معالجة التعارض الوارد بما استظهره المحقق البحراني (ره) حيث قال:

«ولا يبعد حمل الخبرين المذكورين على اتفاق ذلك في غير أيام الحج لعدم تيسر المصرف المذكور في تلك الأخبار، سيما رواية الغزل فإنها صريحة في أن السؤال عن ذلك إنما هو بالمدينة بعد منصرفه من الحج، ويحتمل فيه ايضاً أن لقلة ثمن الغزل لايبلغ ذلك المصرف المذكور» (108).

(2) من الأدلة على جواز الصرف على الزائرين كونه من باب الإحسان فيندرج حينئذٍ تحت عموم قوله تعالى: ((مَا عَلَى الْـمُحسِنِينَ مِن سَبِيلٍ))(109).أي بإسقاط الضمان على الآمر بالصرف، إن لم يكن فيه تعدٍ أو تفريط .

وقد اختلف الفقهاء في تحقيق من هو الذي ينطبق عليه الزائر فقالوا :

أولاً: الذين عزموا على السفر، وذهب إليه ابن إدريس (ره) كما في الظاهر من قوله: «ولا يجوز لأحد أن يعطي شيئاً من ذلك قبل خروجهم إلى السفر» (110).

ومال إليه الشهيد الثاني (ره) فقال: «لينفقوا في سفر الزيارة لا غير مع حاجتهم إليه» (111).

ثانياً: الزوار المتوقف رجوعهم إلى أوطانهم، ودلت عليه روايات بيع الجارية والوقف على من انقطع به الحاجة .

قال المحقق البحراني (ره): «فمقتضى الأخبار المتقدمة أن مصرف الوجه المذكور إنما هو الحاج أو الزائرين المتوقف رجوعهم إلى أوطانهم على ذلك، لا مطلق من أراد السفر وابتدأ به» (112).

والمحصلة: لابد من الصرف في مصالح العتبات المقدسة المقتضية له. ومع الاستغناء صرف في معونة الزائرين لتلك الأماكن وهذه المسألة اتفق عليها الفقهاء قال السيد السيستاني (دام ظله) :

«لو نذر مبلغاً من النقود لمشهد من المشاهد المشرفة، صرفه في مصالحه كعمارته وفراشه، وتهيئة وسائل تبريده وتدفئته، وإنارته، وأجور خدمه، والقائمين على حفظه وصيانته، وما إلى ذلك من شؤونه، وإذا لم يتيسر صرفه فيما ذكر وأشباهه أو كان المشهد مستغنياً من جميع الوجوه صرفه في معونة زواره ممن قصرت نفقتهم، أو قطع بهم الطريق، أو تعرضوا لطارئ آخر وهكذا الحال، ولو نذر متاعاً للمشهد فكانا مستغنياً عن عينه، أو لم يمكن الاستفادة منه فيه، فانه يبيعه ويصرف ثمنه في مصالحه إن أمكن، وإلا ففي معونة زواره على النحو الآنف الذكر» (113).

وأما البحث الثاني: التصرف في الأموال الموقوفة :

إذا كانت الأموال المهداة أو المنذورة أو الموصى بها يجوز التصرف بها على مصلحة المشاهد من تعميره وصرفه في معونة الزائرين فهل الحكم نفسه يسري على الأموال الموقوفة ؟ فهل يجوز التصرف في الأموال الموقوفة والموضوعة داخل المشاهد المشرفة أو الأضرحة من نفائس وتحفيات ومجوهرات أو غيرها .

والجواب: إن للفقهاء قولين :

القول الأول: المنع من التصرف، ذهب السيد صاحب المناهل(114) (ره) إلى عدم جواز التصرف بالأموال الموضوعة في الكعبة والمشاهد المشرفة من القناديل والأعلام وغير ذلك وذكر (ره) عدم الجواز في جميع وجوه البر من جهاد أو دفاع أو على الفقراء.

واستدل على ذلك بـ :

(1) ما رواه الشريف الرضي في نهج البلاغة، قال: «روي أنه ذكر عند عمر في أيامه حلي الكعبة وكسوته، فقال قوم: لو أخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم الأجر، وما تصنع الكعبة بالحلي فهم عمر بذلك فسأل عن أمير المؤمنين (ع) فقال: إن القرآن نزل على رسول الله (ص) والأموال أربعة: أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض، والفيء فقسمه على مستحقيه، والخمس فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها، وكان حلي الكعبة فيها يؤمئذ فتركه على حاله ولم يتركه نسياناً، ولم يخف عليه مكانه فأقره حيث أقره الله ورسوله (ص) فقال عمر: لولاك لافتضحنا فترك الحلي»(115).

وهذه الرواية وان اختصت بحلي الكعبة ولكن ألحقها الفقهاء بالمشاهد المشرفة شأن الأموال الموصى بها والمنذورة للكعبة المشرفة أو البيت المعمور .

وقد نبه على هذا الإلحاق بشأن حلي الكعبة المحقق البحراني (ره) فقال: «ويمكن أن يستفاد من الخبر المروي في كتاب نهج البلاغة الدال على عدم جواز التعرض لحلي الكعبة إن صح جواز تحلية المشاهد الشريفة وعدم جواز التعرض له»(116).

(2) من الأدلة على حرمة التصرف إن تلك الأموال من الموقوفات وحرمة التصرف بالموقوفات على خلاف ما أوقفه الواقف لما ورد بالتوقيع عن الإمام العسكري (ع) «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها»(117).

(3) اجتناب المسلمين قديماً وحديثاً عن التصرف بها مما يدل على أن ذلك سيرة متبناة أو ممضاة .

القول الثاني: جواز التصرف . واختاره صاحب الحدائق (ره) وهو ما يشعر به كلامه عند التعبير عن إلحاق حلي المشاهد بحلي الكعبة بقوله (ويمكن) و (إن صح) وقد نبّه على جواز التصرف بتلك الأموال لما ذكره من تعليل فرق به بين الاثنين:

«يمكن ان يستفاد من الخبر المروي في كتاب نهج البلاغة الدال على عدم جواز التعرض لحلي الكعبة ان صح جواز تحلية المشاهد الشريفة ايضاً وعدم جواز التعرض له الا انه يمكن الفرق بينهما ايضاً ـ أي بين حلي الكعبة وحلي المشاهد ـ بالنظر إلى أنهم صلوات الله عليهم أيام الحياة لا يرون تحلية بيوتهم، بل يكرهونه كما هو معلوم في أحوالهم صلوات الله عليهم» (118). لذلك فانه يستصحب سلوكهم في مراقدهم على سلوكهم في حياتهم .

لذلك جعل لتلك الأموال مصرفاً شأنه شأن ما تبناه في الأموال المنذورة إلى أشخاص الأئمة (ع). وأفتى بجواز صرفه في الذرية وفقراء الشيعة قائلاً: «هذا مصرف أموالهم زمان الغيبة واستغنائهم عن ذلك» (119).

ولكن يمكن التأمل فيه لما ذكر من أدلة القول الأول .

المسألة الثانية: مصارف الأموال الموجودة للمعصومين (ع) .

ما تقدم من البحث كان في صورة ما إذا كان متعلق النذر أو الهدية هو المشهد الشريف، فالحكم فيه على ما ذكر من التخصيص والإطلاق ومعونة الزائرين .

أما لو كان متعلق النذر أو الهدية هو شخص الإمام (ع) المدفون في ذلك المشهد مثل أن ينذر للإمام الحسين (ع) أو يهدي له فهنا قولان :

القول الأول: ما ذكره صاحب الحدائق(ره) (120)، من وجوب صرف ذلك المال إلى أولادهم من ذوي الحاجة اولاً. ثم لشيعتهم المضطرين ثانياً. وصرف ذلك لأنه :

«يصير من قبيل أموالهم التي قد علم أن حكمها في حال الغيبة الحل لشيعتهم إلا أن الاحوط تقديم أولادهم الواجبي النفقة عليهم لو كانوا أحياء، وقد ورد في الوقف عليهم حال حياتهم (ع) والإهداء لهم، والوصية لهم (ع) والنذر لهم وقبولهم ذلك روايات عديدة، والظاهر انه لا فرق في ذلك بين حال حياتهم وموتهم في صحة كل من الأمرين» (121).

القول الثاني: ما عليه المشهور من الصرف في وجوه الخير :

قال السيد الخميني (ره): «لو نذر شيئاً للإمام أو بعض أولاد الإمام، كما لو نذر شيئاً إلى الحسين أو العباس H فالظاهر أن المراد صرفه في سبيل الخير بقصد رجوع ثوابه إليه من غير فرق بين الصدقة على المساكين وإعانة الزائرين وغيرهما من وجوه الخير كبناء مسجد أو قنطرة أو نحو ذلك» (122).

وعلى هذا صرح الفقهاء في فتاواهم كما لو نذر شخص شيئاً لولي أو نبي، فهل يجوز للناذر أن يتصدق بالمال المنذور عن الولي، بمعنى أن يقصد به جعل ثواب الصدقة للمنذور له، ام لا يجوز ذلك ؟

فكان جواب السيد الخوئي (ره): «إذا كان نذره بصيغة شرعية، وحصل العمل على طبق نذره، فان كان قصده ما فرض في السؤال أجزأه ذلك، وإلا لم يجز» (123).

نعم يبقى صرف بعض الأمتعة المهداة أو النقود التي ترمى داخل أقفاص الأضرحة المطهرة محل إشكال .

وذلك لو قصد خصوصية النذر للقفص فان النذر يكون باطلاً وذلك لعدم مرجوحية مثل هذا العنوان، أما مع الإطلاق فالمرجوحية موجودة ويكون حالها حال النذور أو الهدايا الأخرى.

أما النذورات المخصصة للسيدة زينب(ع) أو العباس(ع) أو احد الأئمة(ع) والمقيدة بوضعها في القفص أو المطلقة، كيف تصرف، ولمن تعطى ؟ فقد ورد عن السيد الخوئي (ره) :

«ربما لا يكون للوضع في القفص رجحان فلا ينعقد النذر، وأما النذر المطلق لمن ذكر (ع) فمعرفة الإنفاق على حرمه أو على زوّاره الفقراء أو نحو ذلك والله العالم»(124).

وقد جعل الفقهاء القول بالصرف رجوع الثواب إليهم من المسلمات الفقهية المستمدة من الأخبار المتقدمة، وإجماع على ذلك بلا مخالف وجعلوه اصلاً وقننوا له قاعدة كلية. قال السيد السبزواري (ره) :

«كل ما اختص بشخص بحسب أصل الشرع، أو بجعل المالك، ولم يمكن صرفه في نفس ذلك الشخص يصرف فيما يصل ثوابه إليه، لأنه بعد أن لم يمكنه إيصال أصل المال إليه لابد وان يوصل بدله إليه وهو الثواب» (125).

 

ـ المطلب الثاني: الإنفاق المالي مع وجود المانع :

ويتلخص هذا البحث: فيما لو لم يمكن صرف المال في المشهد المشرّف لأسباب متعددة منها: عدم الحاجة إلى ذلك، ومنها عدم القدرة على الصرف لذلك المشهد، ومنها الخوف أو الضرر من الصرف، فما الحكم في المال الموجود ؟

فهل الحكم جواز نقله إلى مشهد آخر مع حاجة الثاني إليه، أو عدم جواز النقل؟ أو جواز استثماره لصالح المشهد المقرر له ؟

وقد تعرض الفقهاء إلى هذا البحث في مسألة نقل الفاضل من الآلة أو الأموال من مشهد إلى آخر ، وقبل التعرض لتلك الأموال ينبغي بيان اختلاف الفقهاء في ماهية الآلة التي يجوز نقلها أم لا يجوز !

القول الأول: ما أشار إليه المحقق الثاني (ره) في حاشية الإرشاد فقال: «إن المراد بها نحو الفرش والسرج لا آلات البناء، فانه لا يجوز نقضها على حال وان خرب ما حولها ويئس من عوده، ولو انهدمت لم يجز بناء مسجداً آخر بها إلا مع اليأس من عود الأول» (126).

القول الثاني: إن الآلة التي يجوز نقلها، الأعم من الفرش والسرج، كما ذهب إليه صاحب الجواهر (ره) وغيره من الفقهاء: و«صريح بعضهم وظاهر آخر ما يشمل أجزاء بنائه من أحجار وأخشاب وجذوع وفرش وغيرهما، بل كان ذلك من المقطوع به عند التأمل لكلماتهم خصوصاً وبملاحظة ذكرهم ذلك بعد مسألة نقض المستهدم»(127).

وجاءت أقوالهم من حيث النقل بالنسبة إلى الفائض ومقارنته بالمسجد على ثلاثة أقوال :

القول الأول: التفريق بين المسجد والمشهد، ذلك التفريق من حيث جواز نقل الفائض في الأول دون الثاني .

وقد صرح بذلك في التذكرة والقواعد وجامع المقاصد. ولكن العلامة (ره) جوز النقل بشرط الاستغناء: «إذا فضل من حصر المسجد وبواريه شيء واستغنى المسجد عنه، جاز أن يجعل في مسجد آخر وكذا إن فضل شيء من قطعته أو نقضه»(128).

بل في القواعد صرح بالفرق: «والفاضل من حصر المسجد والآلة يصرف في مسجد آخر، بخلاف المشاهد» (129).

ومثله في جامع المقاصد(130) والمسالك: «وليس كذلك المشهد، فلا يجوز صرف ماله إلى مشهد آخر، ولا مسجد، ولا صرف مال المسجد إليه مطلقاً»(131).

ولبيان الفرق بين المسجد والمشهد، احتج عليه بالأول: باشتراك المساجد كلها بالانتساب إلى الله تعالى ولا فرق بين أن يكون بقاؤها موجباً لضياعها دون الثاني، قال المحقق الكركي (ره) :

«ربما فرق بين المساجد والمشاهد بان الغرض من المساجد ما يجعل فيها إقامة شعائر الدين وفعل العبادات فيها، وهذا الفرض لا تختلف فيه المساجد. وأما المشاهد المقدسة فان الغرض من كل واحد منها غير الغرض عما سواه، فان المقصود تعظيم القبر الشريف ببناء مشهده ومعونة سدنته وزواره، فيكون الوقف على كل واحد منها وقفاً على قبيل خاص، فلا يتجاوز به شرط الواقف»(132).

وللنظر في هذا الفرق مجال، إلا أن الفقهاء ذكروا جواز صرف الفاضل من الآت مسجد في مسجد آخر، ولا وجه لإلحاق المشاهد بها في ذلك .

القول الثاني: تساوي المسجد والمشهد بعدم الصرف في غيرها، وذلك لوجود وحدة الملاك في كلا الموضعين وهو تعليقهما بوقفية الواقف أو نذر الناذر أو وصية الموصي فيكون استخدامها على وفق ما عينه، لهذا توقف صاحب المدارك (ره) بعد نقل قول الفرق بين جواز استعمال الة المسجد في مسجد آخر دون المشهد: «إن المتجه عدم جواز صرف مال المسجد إلى غيره مطلقاً كالمشهد، لتعلق النذر أو الوقف بذلك المحل المعين فيجب الاقتصار عليه»(133). حيث أن ذلك التعلق يكون موجباً على الاقتصار على ما عين له.

القول الثالث: تساوي المسجد مع المشهد في الفاضل من جواز النقل بشروط، وقد تبنى صاحب المدارك وصاحب الذخيرة (ره) وجعلوا لذلك الجواز شروطاً:

«لو تعذر صرفه أو علم استغناؤه عنه في الحال والمال، أمكن القول في غيره من المساجد والمشاهد، بل لا يبعد جواز صرفه في مطلق القرب» (134).

واستدل على ذلك الجواز بـ :

(1) الأولوية: وهي الصرف في مطلق القرب أولى من بقائه إلى عروض التلف إليه .

(2) الإحسان: صرفه في هذا الوجه إحسان محض، وما على المحسنين من سبيل(135).

وقد استحسن هذه الالتفاتة صاحب الرياض من هذا القول، وان كان قد توقف من فتواه بـ (لا يبعد) وتوقف فيما احتملاه من جواز صرفه في مطلق القرب، حيث أن ذلك الاستبعاد يوجب صرفه في القدر المتيقن هو المسجد دون غيره .

«جواز صرفه في سائر القرب حينما يتعذر استعماله في المسجد أو المشهد المعين محل نظر، بل الاقتصار على المتيقن يقتضي صرفه في مثله، مع انه اقرب إلى مقصود الواقف ونظره» (136).

ويكمن وجه الجمع بين القولين بأنه بعد الاستغناء يجعل ما للمسجد للمسجد وما للمشهد للمشهد، ومع استغناء المماثل في مطلق القرب كالمصالح العامة خصوصاً في الوقف، فعلى هذا يتحقق غرض الواقف اولاً ويتحقق ايضاً بنقله مع الاستغناء عدم التلف والضياع .

وأكد على هذا الوجه من الجمع السيد السيستاني «ولو فرض استغناء المحل عنه بالمرة بحيث لا يترتب على إمساكه وإبقائه فيه إلا الضياع والتلف يجعل في محل آخر، فان لم يكن المماثل، أو استغنى عنه بالمرة جعل في المصالح العامة» (137).

فيكون هذا الترتيب اقرب إلى نظر الواقف عند فوات استعماله، والفقهاء يرجحون مراعاة هذه الأقربية عند الإمكان.

 

ـ المطلب الثالث: حكم استثمار أموال العتبات المقدسة:

الكلام عن استثمار الأموال الموقوفة هو في إمكان تبديلها من حال لآخر كتبديل المدرسة بمستشفى والدور السكنية بمحلات تجارية أو البستان بشقق سكنية أو مصنعٍ أو غير ذلك. او استثمار الأموال غير الموقوفة، فأما الأموال الموقوفة :

ذكر الفقهاء موارد فإذا تحققت أجازوا الاستثمار بعد ملاحظة النفع للموقوف عليهم .

المورد الأول: إذا علم من الواقف الإطلاق في إنشاء الوقف لا على إيراده بقاء العنوان(138).

المورد الثاني: مع عدم الانتفاع بالوقف على الوجه الأول الذي وقف عليه كالبستان ينقطع عنها الماء، أو إعراض الناس عن سكنى الدار، أو لمنع سلطان .

المورد الثالث: إذا كان مورد الاستثمار أنفع للموقوف عليهم أو أصلح للوقف.

الفرع الأول: أقوال الفقهاء في بيع أو استثمار الوقف وغيره .

اتفق الفقهاء على عدم جواز بيع ما ثبت له الوقف التحريري كالمسجد واختلفوا فيما كان ملكاً غير طلق، والاختلاف فيما أوقف على الوقف أو فيما كان غلة أو فائدة من الوقف .

وهذا ما نحن فيه، والذي ينبغي قوله أن ما يوقف على المشاهد المشرفة ويسمى بالوقف على الوقف إنما يكون بنوعين:

(1) وقف يتقوم المشهد أو العتبة به: كوقف العقار والدكان والحمام والمزرعة والأثاث والغلة وما شابهه .

(2) وقف لإدامة العتبة: وهي المنافع الحاصلة من الوقف على الوقف أو من غير الوقف من أموال أو غلة وغيرها . وقد وقف الفقهاء موقف المتشدد من حيث بيع الوقف أو هبته وحكموا بالبطلان إلا في حالات خاصة(139) والغاية المقصودة من ذلك:

(1) تحقيق قصد الواقف (الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها)(140) .

(2) إبقاء الوقف والانتفاع منه للجهة الموقوف عليها .

وكانت أحكام الفقهاء تبعاً لعناوين الوقف فتنقسم من حيث الأوقاف على الجهات العامة على قسمين :

القسم الأول: وقف الأعيان: وهي الأراضي المشيد عليها المسجد أو المشهد ضمن مساحة العتبة المقدسة أو غيرها من الوقف العام .

القسم الثاني: الوقف على الوقف ويشمل :

1. الأعيان مثل الدور والفنادق والأراضي الزراعية والدكاكين .

2. الالآت: مثل الفرش وأدوات البناء وغيرها .

وللكلام عن عروض مستثنيات الوقف على هذه الأقسام ذكر الفقهاء :

أحكام القسم الأول :

(أ) من حيث البيع: فان الأوقاف العامة كالمساجد والمشاهد والمدارس والمقابر والقناطر وغيرها لا يجوز بيعها بلا إشكال وان آل ما آل حتى عند خرابها واندراسها بحيث لا يرجى الانتفاع لها في الجهة المقصود اصلاً بل تبقى على حالها(141).

واستدلوا على ذلك بـ :

1. عدم الملكية لأي أحد، وقد دلت عليه الروايات الحاكية عن مطلق الوقف: «لا تُباع ولاُ توهب ولا تورّث» (142) .

2. للضرورة الدينية في الأوليين ـ المسجد والمشهد ـ وللإجماع وسيرة المتشرعة في البقية واستنكار ذلك خلفاً عن سلف(143).

(ب) أما من حيث الاستثمار، مثلما منع الفقهاء من البيع منعوا من استثمارها، عند الخراب ـ لا سمح الله ـ أو عدم وجود مصرفٍ يغطي نفقاتها بالإجارة. ولهذا تكون هذه الأعيان عند غصبها من ظالم لا يكون ذلك ملزماً بالضمان .

قال السيد الكلبايكاني (ره): «كما لايجوز بيع تلك الأوقاف، الظاهر انه لايجوز إجارته، ولو غصب غاصب واستوفى منها تلك المنافع المقصودة ـ كما إذا جعل المسجد أو المدرسة بيت مسكن أو مخزناً ـ لم يكن عليه أجرة المثل» (144).

واستدلوا له بما تقدم من عمومات أدلة الوقف وشرطيه الواقف .

نعم للشيخ كاشف الغطاء (ره) رأي في ذلك حيث وافق الفقهاء في عدم صحة البيع للأوقاف العامة عند اليأس من الانتفاع بها في الجهة المقصودة، ولكن صحح إجارة تلك الأراضي للزراعة، ونحوها في أرضية المسجد الذي لا يمكن الانتفاع به مع المحافظة على الآداب العامة من حرمة دخول الجنب وحرمة التنجيس وتثبيت الوقفية بكتابتها بورقة ـ السجل ـ للمحافظة عليها من الأيادي الآثمة فقال :

«مع اليأس عن الانتفاع به في الجهة المقصودة تؤجر للزراعة ونحوها، مع المحافظة على الآداب اللازمة لها إن كانت مسجداً مثلاً وإحكام السجلات لئلا يغلب اليد فيقضى بالملك، وتصرف فائدتها فيما يماثلها من الأوقاف مقدماً للأقرب والاحوج والأفضل احتياطاً» (145).

وأما أحكام القسم الثاني: الآلات والأعيان :

1 ـ فيما يتعلق بالا لآت: فقد اتفق الفقهاء ايضاً بان ما دام هناك منفعة معتد بها لا يجوز بيعها ولا نقلها تحقيقاً لشرط الواقف ومع الاستغناء تقدم الخلاف في جواز نقلها إلى ما يماثل المكان ام لا ؟ وقد جوزوا مع فرض الاستغناء البيع بحيث لو تركت لتلفت قال صاحب تحرير الوسيلة :

«وأما ما يتعلق بها من الالآت والفرش والحيوانات وثياب الضرايح وأشباه ذلك فما دام يمكن الانتفاع بها باقية على حالها ولا يجوز بيعها ... وأما لو فرض أنه لايمكن الانتفاع بها إلا ببيعها، وكانت بحيث لو بقيت على حالها ضاعت وتلفت بيعت» (146).

2 ـ فيما يتعلق بالأعيان الموقوفة على الوقف: لم يستشكل الفقهاء في جواز إجارة الدور والدكاكين والمزارع والخانات الموقوفة لأنها ما وضعت إلا من اجل تقويم المسجد أو المشهد.

قال صاحب العروة (ره): «لا إشكال في جواز إجارة ما وقف منفعةً سواء كان وقفاً خاصاً أو عاماً كالدكاكين والمزارع والخانات الموقوفة على... الجهات والمصالح العامة»(147).

وقد فرّق الفقهاء بين هذين القسمين من الوقف على الوقف بوجه من الفرق: «الفرق بين الدكاكين الموقوفة على المسجد وبين قناديل المسجد وأثاثه هو أن المنافع الآتية من الدكاكين وأمثالها الموقوفة على المسجد تكون مملوكة ملكاً طلقاً للمسجد أو المشهد أو للمدرسة، فيجوز للمتولي بيع تلك المنافع وتبديلها بشيء آخر من غير عروض مجوز لها من المجوزات التي تجوّز بيع الوقف .. كما يجوز بيع المشتري بالمنافع هذه ايضاً وتبديله بشيء آخر، بخلاف الأصل وهو الدكان والحمام فانه لا يجوز بيعه إلا عن عروض مجوز له» (148).

وان الذي عليه أكثر الفقهاء وهو أن آلات المشهد من إنارة وتكييف وفرش وشبهها مع وجود الفائض تنقل عند الاستغناء التام إلى مشهد آخر .

قال السيد السيستاني (دام ظله): «ولو فرض إستغناء المحل عنه بالمرة بحيث لايترتب على إمساكه إلا الضياع والتلف يجعل في محل آخر مماثل له» (149).

وأما مع عدم الانتفاع جوزوا البيع: «وأما لو فرض أنه لا يمكن الانتفاع به إلا ببيعه وكان بحيث لو بقي على حاله ضاع وتلف بيع وصرف ثمنه في ذلك المحل إن احتاج إليه، وإلا ففي المماثل ثم المصالح العامة حسبما مر» (150).

وأما غير الوقف من أموال الهبة والهدية فيقف الفقهاء فيها موقف المستشكل في جواز استثمارها فيكون شأن هذه الأموال شأن حق الإمام (ع) والسادة وأموال الصدقات وأموال التي تجمع للمآتم كمأتم الإمام الحسين (ع)، نعم يمكن إعلان برنامج مسموع إعلاميا ومعروف للناس عن جمع تلك الأموال لغرض الاستثمار، وهذا ما يمكن إفادته من خلال ما أجاب عنه السيد السيستاني (دام ظله) بهذا الخصوص:

«أما سهم الإمام (ع) والسادة فأمرهما موكول إلى المرجع، ونحن لا نأذن في استثمارها، وهكذا الصدقات، والمبالغ المتبرع بها لمأتم الحسين (ع)، نعم إذا كان هناك صندوق لجمع الصدقات المستحبة أو ما يخصص للمأتم الحسيني وكان برنامجه المعلن مسبقاً للمساهمين هو استثمار الأموال المودعة فيه فلا مانع منه عندئذٍ»(151).

الفرع الثاني: في التكييف الفقهي للاستثمار .

إن الأموال النقدية والعينية التي توهب وتنذر وتوقف لمشاهد المعصومين (ع) بمختلف مالها من مصاديق: بيوت، أراضي زراعية خانات، دكاكين وغيرها بعد معرفة طرق صرفها في مصالح المشهد وزواره، يمكن استثمارها وإدخالها في أعمال الإجارة والمضاربة والمزارعة والمساقاة والاستصناع والبورصات العالمية ؟ خصوصاً إذا حصلت تلك الموقوفات على مسوغات:

(1) خراب تلك العين وتعطيلها عند الانتفاع .

(2) عدم كفاية الأموال التي يجب أن تصرف لمصالح المشاهد المشرفة .

(3) عدم وجود القروض الكافية لإدامة تلك المصالح من تعمير المشاهد المشرفة أو ترميمها .

بعد الجواز للمتولي الاقتراض بما هو متولٍ عليه فعليه كيفية استثمار الأموال النقدية والأموال العينية .

 

في الأموال النقدية خاصة :

تناول الفقهاء مدى مشروعية استثمار هذه الأموال وعدمها، وخاصة في وقفيتها على هذه الصورة وقد كان الحكم فيها على أقوال، وللاستثمار طرق :

أولاً: الأقوال في الحكم :

القول الأول: المنع من الوقف. حيث نقل شيخ الطائفة (ره) الإجماع على المنع: «وأما الدراهم والدنانير فلا يصح وقفها بلا خلاف، وفيهم من قال يصح وقفها وهو شاذ» (152).

واستدل الشيخ (ره) على عدم الخلاف بـ: «وإنما قلنا لا يجوز لأنه لا منفعة لها مقصودة غير التصرف فيهما. وما عدا ذلك من الأواني والفرش والدواب والبهايم فانه يجوز وقفها لما ذكرناه» (153).

والوجه في هذا المنع، الإجماع عليه، بان هذه الأموال لا يمكن الانتفاع بها إلا بالإتلاف والحال في الوقف هو تحبيس الأصل والانتفاع بالمنفعة .

القول الثاني: التردد بين المنع والجواز .

وإليه أشار العلامة (ره): «وفي الدراهم والدنانير إشكال» (154) ، وسبب هذا الإشكال ناشئ مما ذكر من وجه المنع، أما من جهة جواز إيجاد منفعة له وهو التحلي بها فيصح. قال المحقق الكركي (ره) :

«إن المنفعة المطلوبة منهما عرفاً تكون بإنفاقها وذلك إتلاف، ومن إمكان منفعة التحلي بها والضرب على سكتها فالإشكال ناشئ من التردد في أن لهما منفعة مقصودة مع بقائهما وعدمه» (155) .

وعلى هذا القول يصح الوقف عن طريق التصرف بها لتلك الجهة الموقوف عليها، لأنه لا طريق لصرف تلك الأموال إلا إتلافها على تلك العين .

القول الثالث: التفصيل بين التزين والاعتبار .

حيث جوزوا في الأول دون الثاني والى ذلك أشار السيد السيستاني (حفظه الله): «ويجوز وقف الدراهم والدنانير إذا كان ينتفع بها في التزين ونحوه، وأما وقفها لحفظ الاعتبار، ففيه إشكال» (156).

حيث أن المنفعة العقلائية والعرفية حاصلة إما بالإتلاف والصرف على مصالح المشهد أو بالتزين بها .

هذا مع العلم بأنه لم ترد بوقفية الأموال إلا رواية مهران التي يستفاد من ظاهرها صحة الوقف بالمال حتى وان لم يحبّس .

روى محمد بن مهران قال: «سمعت الإمام الصادق (ع) أوصى أن يناح عليه سبعة مواسم فأوقف لكل موسم مالاً ينفق»(157).

إلا أن الرواية ضعيفة السند بمهران(158) مضافاً إلى ذلك أن الفقهاء لم يعملوا بها، والملاحظ أن الفقهاء بأقوالهم الثلاثة لحظوا جانب مورد إنفاقها أو التحلي بها ولم يشيروا إلى إمكانية استثمارها والتصرف بها، فهل هناك مجوز أو طريق شرعي يبيح استثمار تلك الأموال بحد ذاتها بعد توفر شروط الاستغناء عنها وغيرها كما تقدم ؟

 

ثانياً: في طرق استثمار هذا القسم من المال:

الطريقة الأولى: الإقراض والمضاربة:

إن منع التصرف بتلك الأموال الموقوفة بغير مورديها الإنفاق والتزين يمكن القول باستثمارها ولكن بعد ملاحظة أمرين(159):

الأول: إن الروايات المتعددة على جريان الصدقة وتحبيسها كما تقدمت في الفصل الثالث يمكن أن يكون لذلك الجريان مصاديق متعددة وليس مصداقه الوحيد ما ذكر في عصر النص من التحبيس وعدم البيع حيث انه لم يكن غيره فجاءت الروايات متوافقة مع ذلك العصر .

الثاني: إن روايات الوقف مثلما جوزت البيع بشرط الواقف كما في صحيحة عبد الرحمن(160) عندما جوز الإمام علي (ع) للإمام الحسن (ع) بيع ما أوقفه من نصيب من المال ليقضي به الدين أو يقسمه يجعله في مواطن ذكرها له (ع) .

هذا الحق في البيع مع شرطية الواقف يمكن أن تكون لمالية العين الموقوفة وليس للمال نفسه القابلية في انتزاع الفقهاء مصاديق متعددة يمكن استغلالها في موارد الاستثمار من مضاربة أو اقراض .

ولكن كلا الأمرين لا يمكن المساعدة عليه .

أما الأول: فبطلانه واضح بعد ملاحظة دليل الانحصار الذي يكون قرينة على أن المرتكز في ذهن المتشرعة من عدم جواز بيع الوقف أو هبته أو تبديله بل عنوانه هو وقف العين .

وأما الثاني: فان الرواية أجنبية عما نحن فيه فجواز البيع بشرط الواقف وتوزيعها وتقسيمها يخرج العين الموقوفة عن الوقف، والكلام في بقاء المالية للوقف ويكون النفع منها بموارد الاستثمار .

ولكن مع هذا يمكن إيجاد طريق لهذه الأموال وهو :

«إننا نتمكن أن نصل إلى نتيجة وقف المال لأجل القرض أو المضاربة مع صرف الربح في جماعة الفقراء من المسلمين بالوصية الذي تنفذ بعد الموت في خصوص الثلث، إن لم يرض الورثة بالزائد عليه، فيوصي الإنسان بصرف مقدار معين من أمواله في إقراض المحتاجين أو المضاربة به على أن يكون الربح للمحتاجين من أهل بلده مثلاً، فبهذه العملية نصل إلى نتيجة وقف المال على القرض أو المضاربة به على أن يكون الربح لجماعة معينة» (161).

ومثلما يجعل له طريق في الصرف يمكن جعله على طرق معينة منها الصرف على المشاهد أو زوارها .

الطريقة الثانية: الاستصناع.

الاستصناع «هو اتفاق مع أرباب الصنائع على عمل شيء للمستصنع كالثوب والسرير والباب ونحوها، ويكون العين والعمل كلاهما على الصانع» (162).

وصحح الفقهاء هذا الاتفاق بطريقين :

الطريق الأول: تطبيق لشروط بيع السلم على هذا الاتفاق واحكامه.

الطريق الثاني: التجميع بين عقدين: شراء المادة للمستصنع من قبل الصانع، ثم استئجاره لصنعه من قبل المستصنع(163).

وبهذا الاتفاق يمكن لمتولي الوقف الإفادة من بناء مشروعات ضخمة تنفع الوقف بعد تحقيق طريقه الشرعي .

وذلك عن طريق البنوك الإسلامية أو المستثمرين بتمويل ما يريده المتولي من مشاريع عقارية أو صناعية على ارض الوقف وجواز ذلك موكول إلى وقفية الأموال على طريقة الوصية كما تقدم في الطريقة الأولى .

ولكن هذه الطريقة وغيرها من الاستثمار عن طريق البنوك أو البورصات تحقق غايتها ابتداءً لا بعد ثبوت الوقف !

في الأموال العينية عامة وله عدة طرق:

الطريقة الأولى: الإجارة .

اجارة الموقوف والانتفاع بإجارته محل اتفاق بين الفقهاء، بل أوجبوا عدم بيعه عند خرابه وبقائه على منفعة ولو قليلة، قال الشيخ الفياض (حفظه الله): «إذا خرب الوقف ولم تبطل منفعته، بل بقيت له منفعةٌ معتد بها قليلة أو كثيرة، فان أمكن تجديده، وان كان بإجارته مدةً، وصرف الإجارة في العمارة وجب ذلك» (164).

وتجري الأحكام نفسها على الأرض: «إذا وقف بستاناً لصرف نمائها في جهة خاصة، فانقطع عنها الماء حتى يبس شجرها وأنقطع شجرها وبقيت عرصة، فان أمكن إيجارها وجب ذلك» (165).

فالملاحظ أن وجوب الإجارة مورد من موارد استثمار ذلك الوقف على تلك الجهة، نعم وقع الاختلاف في مدة الإجارة المطلقة: وهي الإجارة التي تكون غير محددة بمدة معينة ما لم يقدَّر الواقف مدّتها فتكون طَلقِة من هذه الجهة .

وقد كان للفقهاء قولان :

القول الأول: منع صاحب العروة مثل هذه الاجارات بطول الزمن وذلك خشية أمرين يكون بهما ضياع الوقفية :

الأول: ادّعاء الملكية .

الثاني: الإجارة من القاهر مع الظن بغصبه وقهره ضياع الوقف(166).

القول الثاني: جوز الفقهاء مثل هذه الاجارات قال العلامة (ره): «وحكم الوقف في انه يجوز أن يؤجّر مهما شاء المؤجّر حكم الطلق، ما لم يخالف تقدير الواقف، فان كان قد قدر أن يؤجّر مدّة معيّنة لم يجز التخطي، وان لم يكن قد قدّر مدّة معينة كان حكمه حكم الطلق» (167).

كما جوز السيد الحكيم (حفظه الله) طريقة حديثة في استصلاح الوقف واستثماره بما يسمى بالمساطحة، ولكن ضمن شرطية عود الانتفاع إلى الجهة الموقوف عليها لا إلى الوقف نفسه.

قال السيد الحكيم (دام ظله) :

«ان يفهم من الوقف إن ذكر الانتفاع الخاص بالوقف ليس لخصوصيته، بل للاهتمام بانتفاع الجهة الموقوف عليها، كما هو الظاهر في الأوقاف التي يصرف ريعها وواردها في الجهات الخاصة أو العامة، كالأولاد والعشيرة والمساجد والمدارس وطلبة العلم والفقراء وغيرهم، والظاهر حينئذ لزوم عمارة الوقف من وارده لتوقف انتفاع الجهة الموقوف عليها بالوقف على العمارة المذكورة، وذلك بإجارته مدة طويلة وإنفاق الأجرة على عمارته، أو الاتفاق مع المستأجر على أن يقوم بعمارته في مقابل انتفاعه به مدة طويلة، ثم يعود للجهة الموقوف عليها المعروفة في عصورنا بالمساطحة أو نحو ذلك» (168).

الطريقة الثانية: المزارعة :

المزارعة: هي «الاتفاق بين مالك التصرف في الأرض والزارع على زرع الأرض بحصة من حاصلها» (169).

فعلى هذا تتفق إدارة الوقف مع طرف آخر ليقوم بغرس الأرض الموقوفة أو زرعها على ان يكون الناتج بينهما بالاتفاق ضمن شروط معينة، قال السيد السيستاني (دام ظله) :

«لا يعتبر في عقد المزارعة على الأرض أن تكون قابلة للزرع من حيث العقد، وفي السنة الأولى، بل يصح العقد على ارض بائرة وخربة لا تصلح للزراعة إلا بعد إصلاحها وتعميرها سنة أو أكثر، وعليه فيجوز للمتولي أن يزارع الأراضي الموقوفة عاماً أو خاصاً التي أصبحت بائرة إلى عشر سنين أو أقل أو أكثر حسب ما يراه صالحاً»(170).

وذلك لعدم الدليل على التقييد، ويكفي لإثبات الصحة دليل المزارعة .

وفي معرض كلام الفقهاء عن الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموات والخراب حيث جوزوا إحياؤها إذا كانت موقوفة على جهة معينة معلومة وتكون على المحيي أجرة المثل مع صرف موارد الأرض على تلك الجهة .

قال الشيخ الفياض (دام ظله): «ما علم أنها وقف على جهة معينة أو أشخاص معلومين بأعيانهم، فيجب على من أحياه وعمّره أجرة مثله، ويصرفها في الجهة المعين إذا كان الوقف عليها .. ويجب أن يكون التصرف بإجازة المتولي» (171).

الطريقة الثالثة: المساقاة :

المساقاة: هي «اتفاق شخص مع آخر على رعاية أشجار ونحوها وإصلاح شؤونها إلى مدة معينة بحصة من حاصلها» (172) .

ومن ضمن الشروط التي ذكرها الفقهاء في صحة المساقاة: «أن تكون أصول الأشجار مملوكة عيناً ومنفعةً، أو منفعة فقط، أو يكون تصرفه فيها نافذاً بولاية أو وكالة أو تولية» (173).

هذا الاتفاق بين متولي الوقف والطرف الآخر ضمن تلك الشروط من المحاصصة يجعل للعين الموقوفة ما يمكنها زيادة وارداتها .

ويتحصل من هذا: إن الأموال الموقوفة محل نظر الفقهاء وإشكالهم إلا انه يمكن استثمار تلك الأموال بالقرض أو المضاربة عن طريق الوصية وأما غير الأموال الموقوفة فيمكن استثمار الفائض منها بما يعود بالفائدة على العتبات بعد موافقة الحاكم الشرعي أو الإعلان عن صندوق للاستثمار .

والحال نفسه في الأموال العينية، فجريان الإجارة والمزارعة والمساقاة مورد اتفاق الفقهاء على الجواز في استثمار ذلك بما يعود من مصلحة على الجهة الموقوف عليها .

***

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(87) ظ: المقنعة: المفيد: 566 .

(88) ظ: النهاية: الطوسي: 566 .

(89) ظ: شرائع الإسلام: المحقق الحلي، ج3: 729 .

(90) ظ: تحرير الأحكام: العلامة، ج4: 36 .

(91) ظ: السرائر: ابن إدريس، ج3: 62 .

(92) ظ: المهذب: ابن البراج، ج2: 41 .

(93) ظ: المقنعة: المفيد: 566 .

(94) من لا يحضره الفقيه: الصدوق، ج3: حكم استخلاف الكفار: حديث: 4315 .

(95) غاية المراد في شرح نكت الإرشاد: الشهيد الأول، مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي: قم، الطبعة الأولى: 1420هـ، ج3: 453 .

(96) ظ: شرائع الإسلام: المحقق الحلي، ج3: 729، والنهاية: الطوسي، 566، وتحرير الأحكام: العلامة الحلي، ج2: 114، والمهذب: ابن البراج، ج2: 411، ، والذكرى: الشهيد الثاني، ج3

(97) المقنعة: المفيد: 566 .

(98) من لا يحضره الفقيه: الصدوق، ج3: حديث: 112 .

(99) ظ: مسالك الإفهام: الشهيد الثاني، ج11: 375 .

(100) المناهل: الطباطبائي، محمد، كتاب النذر: 605 .

(101) مسالك الإفهام: الشهيد الثاني، ج11: 374 .

(102) سورة الحج: 32 .

(103) نهاية المرام: العاملي، محمد: 1413هـ، ج2: 365 .

(104) ظ: الكافي: الكليني، ج4: باب ما يهدى إلى الكعبة، حديث: 1 .

(105) م. ن: حديث: 4.

(106) م. ن: حديث: 5 .

(107) ظ: الكافي: الكليني، ج4: باب ما يهدى إلى الكعبة، حديث: 4 .

(108) الحدائق الناضرة: البحراني، ج17: 370 .

(109) سورة التوبة: 91 .

(110) السرائر: ابن إدريس: ج3: 62 .

(111) ظ: مسالك الإفهام: الشهيد الثاني، ج11: 373 .

(112) الحدائق الناضرة: البحراني، ج17: 370 .

(113) منهاج الصالحين: السيستاني، ج3: 237 .

(114) ظ: المناهل: الطباطبائي، كتاب النذر، 605 .

(115) نهج البلاغة، جمع الشريف الرضي، تحقيق وشرح محمد عبده، ج4: 65 .

(116) الحدائق الناضرة: البحراني، ج17: 371 .

(117) تهذيب الأحكام: الطوسي، ج9: باب الوقوف والصدقات، حديث: 2 .

(118) الحدائق الناضرة: البحراني، ج17: 371 .

(119) الحدائق الناضرة: البحراني، ج17: 371 .

(120) ظ: الحدائق الناضرة: البحراني، ج17: 369 .

(121) م. ن .

(122) تحرير الوسيلة: الخميني، ج2: 122 .

(123) صراط النجاة في أجوبة الاستفتاءات: المعاملات: السيد الخوئي (قده)، مطبعة: باقري، إيران، الطبعة الأولى: 2004م، ج2: مسائل في النذر: 328 .

(124) صراط النجاة: الخوئي، ج2: 336 .

(125) مهذب الأحكام: السبزواري، ج22: 365 .

(126) حاشية الإرشاد: المحقق الكركي: 158 .

(127) جواهر الكلام، النجفي، ج14: 85 .

(128) تذكرة الفقهاء: العلامة الحلي، ج2 الطبعة القديمة: 443 .

(129) قواعد الأحكام: العلامة الحلي، ج2: 401 .

(130) ظ: جامع المقاصد: المحقق الكركي، ج9: 112 .

(131) المسالك: الشهيد الثاني، ج1: 324 .

(132) جامع المقاصد: المحقق الكركي، ج9: 113 .

(133) مدارك الأحكام: العاملي، ج4: 396.

(134) م. ن، ج4: 396 وظ: ذخيرة المعاد: السبزواري، ج1: ق2 الطبعة القديمة.

(135) ظ. م. ن .

(136) رياض المسائل: الطباطبائي، ج4: 310 .

(137) منهاج الصالحين: السيستاني، ج2: 415 .

(138) ظ: منهاج الصالحين: الخوئي، ج2 .

(139) تقدمت الإشارة إليه في الفصل الثاني: 125 .

(140) الكافي: الكليني، ج7: باب ما يجوز من الوقف، حديث: 34 .

(141) ظ: تحرير الوسيلة: الخميني، ج2: 78 .

(142) الكافي: الكليني، ج7، باب ما يجوز من الوقف وما لا يجوز، حديث: 40 .

(143) ظ: مهذب الأحكام: السبزواري، ج 22: 91 .

(144) هداية العباد: الكلبايكاني، ج2: 155.

(145) شرح القواعد: كاشف الغطاء، الورقة: 84، السطر: 15. منقولاً من كتاب المكاسب: الأنصاري، ج4: 55 .

(146) تحرير الوسيلة: الخميني، ج2: 79.

(147) العروة الوثقى: اليزدي، ج6: 256 .

(148) بحوث في الفقه المعاصر: الجواهري، حسن، مطبعة: معراج: قم الطبعة الأولى: 1422هـ، ج4: 146 .

(149) منهاج الصالحين: السيد السيستاني، ج2: 415 .

(150) منهاج الصالحين: السيد السيستاني، ج2 : 416 .

(151) استفتاءات: السيستاني، 694 .

(152) المبسوط: الطوسي، ج3: 288 .

(153) م. ن: 416 .

(154) قواعد الأحكام: العلامة: ج2: 393.

(155) جامع المقاصد: المحقق الكركي، ج9: 58 .

(156) منهاج الصالحين: السيد السيستاني، ج2: 403 .

(157) الوسائل: الحر العاملي: ج13، باب 10 من أبواب الوقوف والصدقات، حديث: 9 .

(158) حيث انه مجهول ولم يوثق في كتب الرجال. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج18: 305 .

(159) ظ: بحوث في الفقه المعاصر: الجواهري، حسن، ج4: 159 .

(160) الوسائل: الحر العاملي، ج13، باب 10 من أبواب الوقوف والصدقات، حديث: 4 .

(161) بحوث في الفقه المعاصر: الجواهري، ج4: 160 .

(162) قراءات فقهية معاصرة: الهاشمي، محمود، مطبعة: محمد قم المقدسة، الطبعة الاولى: 1423هـ ج2: 249 بحث الاستصناع .

(163) ظ: م. ن .

(164) منهاج الصالحين: الفياض، ج2: 465 .

(165) م. ن، ج2: 465 .

(166) ظ: العروة الوثقى: اليزدي، ج6: 396 .

(167) تذكرة الفقهاء: العلامة الحلي، ج2: 316 الطبعة القديمة .

(168) منهاج الصالحين: الحكيم، محمد سعيد، ج2: 292 .

(169) منهاج الصالحين: الخوئي، ج2: 104 .

(170) منهاج الصالحين: السيستاني، ج2: 146 .

(171) منهاج الصالحين: الفياض، ج2: 328 .

(172) منهاج الصالحين: الخوئي، ج2: 111 .

(173) منهاج الصالحين: السيستاني، ج2: 147 .