وقف الكتب والمكتبات:

لا يمكن لأيّ مكتبة أن تنمو وتزدهر في فترة وجيزة ـ سيما في بداية التأسيس ـ إلّا بأن توقف عليها مكتبات متعددة، ليتضاعف عدد كتبها وتتنوع موضوعاتها، وكذلك كانت مكتبة الروضة الحيدرية حيث تم – بالاضافة إلى الشراء ـ وقف عدّة مكتبات عليها، سيما في التأسيس الثاني حيث اهتم بهذا الشأن السيّد صدر الدين الآوي(رحمه الله) فأوقف كتباً كثيرة عن نفسه وعن عمّه، وكذلك أوصى بثلثه بعد موته ليشترى به الكتب وتوقف على الخزانة.

وفيما يلي أسماء بعض من عثرنا عليهم ممّن أوقف الكتب والمصاحف على المكتبة وعلى الخزانة بصورة عامة:

1 ـ متروكات سعد بن منصور بن كمونة (ق 7).

2 ـ متروكات ابن العتائقي الحلّي (ق 8).

3 ـ متروكات السيّد صدر الدين الآوي (ق 8).

4 ـ متروكات السيّد جلال الدين عبدالله بن شرفشاه الحسيني (ق 9).

5 ـ عزالدين عليّ بن حيدر العلوي الحسيني الآوي، أوقف عن عمّه كتاب الجواهر للفخر الرازي سنة 778 هـ.

6 ـ أحمد بن السعيد الحاجي أوقف نسخة من المستنصريات سنة 802 هـ ، عن يد محمّد بن الحسن الأسترآبادي وعلي بن الحسن الاسترآبادي.

7 ـ درويش عبدالله بن عرفة الجامي، أوقف كتاباً في الإمامة سنة 824 هـ .

8 ـ ابنة الشيخ عليّ بن الشواء، أوقفت كتاب خلاصة الأقوال للعلاّمة الحلي سنة 842 هـ .

9 ـ خديجة خانم بنت الميرزا أحمد، أوقفت كتاب خلاصة منهج الصادقين للمولى فتح الله الكاشاني سنة 1085 هـ .

10 ـ الشاه سلطان حسين الصفوي، أوقف مصحفاً نفيساً سنة 1112 هـ .

11 ـ صفي قلي بيك، أوقف مصحفاً نفيساً سنة 1127 هـ .

12 – بانو كسرائيل القاجارية، أوقفت نسخة ثمينة من كتاب زاد المعاد للعلاّمة المجلسي سنة 1225 هـ ، وكذلك أوقفت كتاب المواهب العلية لكمال الدين السبزواري سنة 1245 هـ .

13 ـ الشاه عباس الصفوي، أوقف مصحفاً سنة 1228 هـ .

14 ـ محمّد ميرزا القاجاري، أوقف كتاب درة الخاقان في تفسير القرآن سنة 1250 هـ .

15 ـ اباأقاي فروغ الدولة، أوقف مصحفاً سنة 1251 هـ .

16 ـ محمّد حسن بن محمّد حسين الشيرازي، أوقف مجموعة في الأدعية سنة 1322 هـ .

17 ـ الميرزا عبد الغني مدرس زاده الخاتون آبادي، أوقف نسخة ثمينة من كتاب زاد المعاد للعلاّمة المجلسي سنة 1349 هـ .

ونحن بدورنا ـ بعد التأسيس الثالث للمكتبةـ اهتممنا بهذا الشأن، وتكلّمنا مع أصحاب المكتبات الخاصة أو مع ورثتهم، وتم بحمد الله لحد الآن وقف وإهداء (15) مكتبة، والعمل مستمر، وإليك فيما يلي أسماء أصحاب هذه المكتبات:

1 ـ مكتبة الشيخ عبدالله شرف من الكويت (وصلت قبل افتتاح المكتبة عام 1425 هـ) وهو مؤسس لجنة اُم البنين الخيرية التي لها مساعٍ ثقافية واجتماعية واسعة في مختلف البلدان.

2 ـ مكتبة السيّد عباس آل بو شگة من الكويت (وصلت قبل افتتاح المكتبة عام 1425 هـ) كان من أعضاء لجنة أُم البنين الخيرية.

وهاتان المكتبتان وصلتا قبل افتتاح المكتبة بأشهر على أن تكونا البذرة الاُولى لتأسيس المكتبة من جديد.

3 ـ مكتبة حجة الإسلام والمسلمين السيّد محمّد تقي الخلخالي من النجف (وصلت بتاريخ 1426 هـ).

4 ـ مكتبة المرحوم الوجيه الحاج محمّد عليّ الأعسم من بغداد (وصلت في شهر محرم عام 1427 هـ ).

5 ـ مكتبة الشهيد السعيد حجة الإسلام والمسلمين السيّد عليّ الشيرازي من النجف (وصلت في شهر صفر عام 1427 هـ).

6 ـ مكتبة المرحوم آية الله السيّد محمّد حسن الرضوي من كربلاء (وصلت في شهر ربيع الأوّل عام 1427 هـ ).

7 ـ مكتبة الشهيد السعيد حجة الإسلام والمسلمين السيّد محمّد تقي المرعشي من النجف (وصلت في شهر ربيع الأوّل عام 1427 هـ ).

8 – مكتبة الشهيد السعيد حجة الإسلام والمسلمين السيّد كمال الدين الحكيم من النجف (وصلت في شهر ربيع الثاني عام 1427 هـ ).

9 ـ مكتبة المرحوم حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّد رضا آل صادق من النجف (وصلت في شهر جمادى الأُولى عام 1427 هـ).

10 ـ مكتبة الشهيد السعيد العلاّمة السيّد عز الدين بحر العلوم من النجف (وصلت في شهر جمادى الاُولى عام 1427 هـ).

11 ـ مكتبة الشهيد السعيد العلاّمة الشيخ مهدي العطار من النجف (وصلت في 22 من شهر شعبان عام 1427 هـ ).

12 ـ مكتبة حجة الإسلام والمسلمين السيّد راضي الحسيني من النجف (وصلت في 23 شعبان عام 1427 هـ).

13 ـ مكتبة العلاّمة السيّد عبد الكريم القزويني من النجف (وصلت في 15 ربيع الأوّل عام 1428 هـ).

14 – مكتبة الحاج كمال رضا علوان من النجف (وصلت في 19 ربيع الأوّل عام 1428 هـ).

15 ـ مكتبة السيّد عدنان السيّد تقي الواعظ من النجف (وصلت بتاريخ 19 جمادى الاُولى عام 1428 هـ).

وهذه الكتب مختومة كلّها باسم الواقف ومجرودة، وسيخصص لهم صفحة مستقلة في موقع المكتبة على الانترنت مع نبذة من حياتهم، والمكتبة تفتح أبوابها لسائر المتبرعين من أصحاب المكتبات الشخصية.

الإهمال والضياع:

يبدو انّ مكتبة الروضة الحيدرية أو مكتبة الصحن الشريف، كانت عامرة إلى حدود القرن الثالث عشر الهجري، تحتوي على كتب ونفائس كثيرة في مختلف العلوم والفنون، وكانت الكتب الموجودة فيها تقدّر بعشرات الآلاف ـ كما مرّ بيانه ـ ولكن للأسف تسرّب إليها الإهمال وضاعت تلك الثروة العظيمة ولم يبق منها إلّا القليل، حتى انّ كاظم الدجيلي لمّا زارها عام 1332 هـ ق لم يصفها بالكثرة ولم يفهرس من كتبها إلّا القليل، وكانت آنذاك مغلقة لا يتاح الاستفادة منها.

فلا ندري ماحدث في خلال مائة عام تقريباً، فأدّى إلى تلف وضياع هذه المكتبة العظيمة، وقد نتمكن من الإشارة إلى بعض هذه العوامل المؤدّية إلى ضياع المكتبة، ونوجزها كما يلي:

1 ـ الحوادث السياسية والإجتماعية:

انّ الأزمات السياسية التي تحدث في أيّ مكان، تسبب إرباك جميع مفاصل الحياة وتغيير الأولويات، فإنّ البلد الآمن الوادع قد يكون فيه أولويات متعدّدة في نفس الوقت، لكن عند حدوث أزمة سياسية تتبدّل الأولويات وتصبح أولوية واحدة وهي التخلّص من الواقع المرير الموجود وحفظ النفس مهما أمكن وبأيّ ثمن كان.

فعندما يصبح أغلى الأشياء في العالم ـ وهو دم الإنسان وكرامته ـ من أبخس الأشياء، فأيّ قيمة تبقى حينئذٍ للعلم والثقافة والحفاظ على التراث وما شاكل، بل ربما كانت هي كبش الفداء للتخلّص من الواقع المرير الحاكم أو كان نصيبها الغرق أو الحرق، وعلى سبيل المثال كما ورد انّ أحد شروط معاهدة الصلح بين المأمون وبين ميخائيل الثالث قيصر الروم أن يتنزل الثاني للأوّل عن احدى المكتبات الشهيرة في القسطنطينة(1).

وكذلك لمّا صالح المأمون صاحب جزيرة قبرس، أرسل إليه يطلب خزانة كتب اليونان، وكانت مجموعة عندهم في بيت لا يظهر عليها أحد، فأرسلها إليه واغتبط بها المأمون، وجعل سهل بن هارون خازناً لها(2).

والمطالع في تاريخ النجف الأشرف وتاريخ العراق عموماً، يرى الأزمات السياسية والإجتماعية التي كانت تسود العراق عموماً، ومدينة النجف الأشرف بالخصوص خلال القرن الثالث عشر والرابع عشر الهجري، من اختلاف بين دول الجوار، ومن غزو أجنبي، ومن غارات تكفيرية واقتتال داخلي وغير ذلك، وهذه الأُمور كلّها أدّت إلى تغيير الأولويات ـ كما قلنا ـ فسببت الإهمال الكبير بشأن المكتبة ممّا أدّى إلى استفعال سائر العوامل التي سنذكرها.

2 ـ الأرضة والعوامل الطبيعية:

كان للأرضة دور كبير في تلف كثير من كتب الخزانة، وعند مراجعة فهرس مخطوطات الخزانة ـ والذي سيأتيك لاحقاً ـ ترى ما فعلت الأرضة بالكتب من خرم وإتلاف، يقول الأُستاذ كاظم الدجيلي عندما زار المكتبة: «انّ الكتب الموجودة في خزانة الأمير تقسّم ثلاثة أقسام: قسم لُصقت أوراقه بعضها ببعض من الرطوبة، وقسم أكلته الأرضة وتمزّقت أوراقه، وقسم بين ناقص وتام» (3).

وكذلك سائر العوامل المؤثرة على الكتاب، من قبيل الحرارة أو البرودة الشديدة، الرطوبة، الغبار، ذرق الطيور والحمام، التمزّق، سيّما في الصفحات الأُولى والأخيرة، وما شاكل.

وبهذا الشأن حدّثني العلاّمة المحقق السيّد مهدي الخرسان حفظه الله قائلاً: «ذكر لي السيّد علوان السيّد مرتضى نائب الكليدار انّ هناك أوراقاً ممزقة كثيرة موجودة في الغرف التي بجنب الساباط، وعليها الغبار وذرق الطيور، ثمّ بعد مدّة رأيت سيارة كبيرة (شاحنة) واقفة مقابل مدرسة دار العلم، وكانوا يرمون فيها أكياس كبيرة مليئة بالأوراق الممزقة والمبعثرة، ومن ضمنها أوراق مخطوطة لمصاحف وكتب أدعية وغيرها، ثمّ ذهبوا بها إلى شط الكوفة.

وكذلك قال العلاّمة الشيخ باقر شريف القرشي: رأيت أوراقاً كثيرة لمصاحف وغيرها مخطوطة من أجود الخطوط في قرب التكية البكتاشية (المضيف حالياً) فسألت العمّال عنها، فقالوا: عند التعمير والحفريات رأينا لحوداً مليئة بالكتب والأوراق المخطوطة، فعمد إليها محمود شعبان مدير الوقف آنذاك فرمى بها في شط الكوفة.

3 ـ السرقة:

كان للسرقات الكثيرة الدور الفاعل في ضياع هذه المكتبة، وقد تكون هي السبب الرئيسي في ذلك، يقول كاظم الدجيلي: «ولكثرة السراق ظهر النقص فيها ظهوراً لا يمكن إخفاؤه على ذي عينين، إذ لم يبق منها إلّا ما يناهز المائة، وحينئذٍ أُغلقت أبواب الخزانة، ومنع الطلاب والمطالعون» (4).

قال عليّ الشرقي: «وقد وقفت بنفسي على كتاب في علم المنطق كان في بيت أحد الفضلاء من النجفيين كتب على ظهره ما نصه: هذا كتاب من كتب الخزانة العلوية» (5).

قال الشيخ محمّد هادي الأميني: «وحدّثني أحد أولاد المرحوم الحاج مجيد الشكري العبايجي في النجف، وكان ضابطاً عسكرياً قال: في سنة 1958 وفي صبيحة 14 تموز كنت مع الفريق الذي داهم قصر عبد الإله ونور السعيد، فحين سيطرنا على قصر عبد الإله وأخذ الجيش ما أخذ من الغنائم شاهدت كتاباً على الأرض فرفعته ووضعته في جيبي، وبعد أن عدت إلى البيت تصفحته فوجدته الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين(عليه السلام)، وقد كتب على رق الغزال والسطور والخطوط مزدانة بماء الذهب، والنسخة نفيسة وقيمة وعليها عبارة: «وقف خزانة الروضة الحيدرية» وتاريخها قديم جداً، أُهديت للروضة من قبل أحد سلاطين ايران» (6).

وقال الأُستاذ جعفر الخليلي: «ولقد سمعنا من الإمام السيّد محسن الأمين، ونحن في حديث عن المكتبة العلوية قال: انّ تأليف موسوعة أعيان الشيعة كان يتطلّب منّي أن أزور الكثير من المكتبات العامة والخاصة سواء في لبنان أو سوريا أو العراق أو ايران وأُقلّب المخطوطات خاصة بحثاً عن تراجم الرجال، وقد وجدت في عدد كبير من هذه المكتبات ولا سيّما مكتبات النجف نسخة أو أكثر من الكتب الموقوفة على خزانة الصحن. وسمعنا هذا القول من الشيخ محمّد السماوي عن كتب هذه المكتبة، وكيفية امتداد الأيدي إليها حتى صار كثير من كتبها الموقوفة من ممتلكات الكثير من المكتبات الخاصة» (7).

وحدّثني العلاّمة الشيخ باقر القرشي حفظه الله تعالى انّه رأى قبل أكثر من خمسين عاماً عند أحد باعة الكتب، مجموعة كتب مخطوطة تتجاوز العشرة واقترح عليه شراءها بدينار ونصف، فيقول الشيخ القرشي: جئت إلى المرحوم والدي وأخبرته بذلك، فذهبنا سويّة لنرى الكتب، ولمّا فتحنا النسخ ورأينا الصفحات الأُولى شاهدنا عليها الوقفية بأنّها وقف أميرالمؤمنين(عليه السلام) [وذلك قبل تأسيس مكتبة أميرالمؤمنين العامة على يد المرحوم الشيخ الأميني] جاء بها بعض خدّام الحضرة للبيع.

4 ـ الهبات والصلات من قبل القائمين على الروضة:

وهذا ما سمعنا منه الكثير، وذكر الشيخ محمّد هادي الأميني شيئاً منه في مقال نشر في موسوعة النجف الأشرف(8).

5 ـ الإستعارة:

رأينا في تاريخ المكتبة سيّما في القرون المتأخّرة، فتح باب الإستعارة والاستفادة من كتب الخزانة خارج العتبة، وعلى سبيل المثال فإنّ الشيخ محمّد بن يونس الشويهي صاحب براهين العقول، استعار كتاب «شرح تهذيب الوصول» من الخزانة وكتب ذلك على ظهر النسخة(9).

وقال السيّد محسن الأمين; : «وكان بعض أصدقاء نقباء الحضرة الشريفة يستعيرون منهم بعضها، ويأخذونه إلى دورهم، فقد يرجعونه وقد ينسون إرجاعه أو يتعمّدون فيموتون وهو عندهم.

وقد أراني بعض ذراري أهل العلم كتاباً عنده بخطّ العلاّمة الحلّي ومن تأليفه، جزء من المختلف أو المنتهى لم يبق في ذاكرتي مفتخراً بذلك، وقد علمت بعد ذلك انّ هذا الجزء كان استعارة السيّد محمّد سعيد الحبوبي النجفي العالم الشاعر المشهور من قيّم الحضرة الشريفة، ومات وهو عنده ثمّ وقع في يد هذا الرجل» (10).

وقال الشيخ محمّد هادي الأميني; : «وخلال سنة 1382 / 1962 حين كنت أضع دراسة عن بعض «من نوادر مخطوطات مكتبة آية الله السيّد الحكيم» وقد صدر الجزء الأوّل منه في السنة نفسها، وقفت في المكتبة على مخطوطات قيّمة من تآليف الفقيه المتكلّم العلاّمة الحلّي جمال الدين الحسن بن يوسف المتوفى 726 هـ ، وكلّها بخطه الكريم، وقد جاء في عدّة مواضع من المخطوطات عبارة «وقف خزانة حضرت علوي» أو جملة «وقف كتابخانه خزانه علوى» وكانت إدارة المكتبة قد ابتاعتها في المزاد العلني المقام يومذاك بالنسبة لمكتبة المرحوم الشيخ محمّد السماوي، والمخطوطات كانت ضمن مكتبته واشترتها مكتبة السيّد الحكيم» (11).

وقال أيضاً الشيخ أغا بزرك; في وصف كتاب «المطالب المهمّة من علم الحكمة» تأليف سعد بن منصور بن الحسن بن هبة الله بن كمونة (ت 683 هـ): «والنسخة بخط المؤلّف ضمن مجموعة كلّها بخطه عند الشيخ محمّد السماوي، والمظنون انّه استعاره من كتب الخزانة الغروية» (12).

ولمّا فتحت الخزانة عام 1390 هـ وجردها السيّد أحمد الحسيني، أورد هذا الكتاب ضمن مخطوطات الخزانة، ولكن قال: «المجموعة كتبت في حياة ابن كمونة، وجاء بعد اسمه: أدام الله أيّامه» (13) وقد تكون هي نفس نسخة الشيخ السماوي أرجعها بعدما أصلحها أو استنسخها، والله العالم.

6 ـ بيع الكتب في الصحن الشريف:

كانت بعض حجر الصحن الشريف سوقاً ومكاتب لبيع الكتب، كما ذكره الأُستاذ كاظم الدجيلي حيث قال: «كان باعة الكتب قبل نحو عشر سنين في حجر الصحن» (14). ورآه أيضاً السيّد محسن الأمين وقال عنه: «كان يقام في الصحن الشريف يومي الخميس والجمعة اللذين تعطل فيهما الدروس سوق لبيع الكتب» (15).

ولا ندري كم كتاب تسرّب من الخزانة ـ سهواً أو عمداًـ فبيع في ذلك السوق.

7 ـ عدم وجود مسؤول وقيّم للمكتبة:

لو راجعنا تاريخ مكتبتنا هذه ـ وسائر المكتبات ـ لرأينا ازدهارها ونموّها عند وجود من يقوم بشأنها، سيّما لو كان من أهل العلم، وهذا ما حدث في فترات مختلفة، قال الشيخ جعفر محبوبه; : «والسبب القوي لجمع هذه الكتب وخزنها، وجعلها في مكان عام ينتفع به كلّ أحد، هو انّ الخازن في ذلك العصر ومن التف حوله من الخدمة، كانوا من أهل العلم، وكان الغالب في تلك العصور على الخازن أن يكون عالماً.

ولتطاول الأيّام، وإهمال القائمين بهذا المخزن، وخلوّهم عن العلم تلف بعضها، وأكلت الأرضة الباقي منها بعدما عاثت بها أيدي السراق والمستعيرين الذين يأخذون هذه الكتب ولا يرجعونها» (16).

نعم كانت هناك محاولات متعددة في الآونة الأخيرة للاهتمام بشأن هذه المكتبة وافتتاحها من جديد، ولكن باءت بالفشل ، قال السيّد محسن الأمين; : «وممّا أخبرني به الشيخ محمّد رضا الشبيبي وزير المعارف العراقية سابقاً، انّه تكلّم مع مدير الأوقاف في بغداد في أن يجعل منه عناية لهذه المكتبة، ويشتري لها قسماً من الكتب، ويجعل لها قيّماً بمعاش، وتجعل مكتبة عامة يستفيد منها كلّ أحد، فأجاب طلبه.

فلمّا خابر من لهم الكلمة في النجف لم يقبلوا، مخافة تدخل الغير في شؤونهم، وظنّي انّهم غير مصيبين في ذلك، فوجود مكتبة يشرف عليها مسؤولون ضامن لبقائها أكثر من وجودها بدون اشراف مسؤول» (17).

ثمّ بعد ذلك وفي عام 1390 هـ ، يحدّثنا السيّد أحمد الحسيني بوجود مساعي أُخرى لافتتاح المكتبة، فيقول: «انّ من الجميل الذي يجب أن يقدّر، اهتمام الجهات الرسمية بشأن هذه المكتبة، واختصاص غرف في الطابق الثاني من الصحن الشريف بها، وتهيئتها لتكون مكتبة خاصة بالروضة المقدّسة، ولكن نحتاج إلى المزيد من الاهتمام والاسراع في الإنجاز ... » (18).

أمّا اليوم وبعد سقوط طاغية العراق، وبعد إعادة تأسيس هذه المكتبة المباركة من قبل المرجعية العليا في النجف الأشرف، نتمنّى الإسراع في فتح الخزانة القديمة لحفظ ما بقي من ذلك التراث العظيم، إن شاء الله تعالى.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ الهوامش ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ خزائن الكتب العربية في الخافقين 1: 48.

2 ـ نفس المصدر 1: 102.

3 ـ مجلة لغة العرب، السنة الرابعة: 40 عام 1914 م.

4 ـ مجلة لغة العرب، السنة الثالثة: 595.

5 ـ الأحلام: 59.

6 ـ موسوعة النجف الأشرف 3: 161.

7 ـ موسوعة العتبات المقدسة 7: 238 ـ 239.

8 ـ موسوعة النجف الأشرف 3: 158.

9 ـ الذريعة 13: 166.

10 ـ رحلات السيّد محسن الأمين: 105 ـ 106.

11 ـ موسوعة النجف الأشرف 3: 160 ـ 161.

12 ـ الذريعة 21: 141.

13 ـ فهرست مخطوطات خزانة الروضة الحيدرية: 64 ـ 65.

14 ـ مجلة لغة العرب، السنة الثالثة: 594.

15 ـ أعيان الشيعة 3: 536.

16 ـ ماضي النجف وحاضرها 1: 151.

17 ـ رحلات السيّد محسن الأمين : 106 ـ 107.

18 ـ فهرس مخطوطات خزانة الروضة الحيدرية: 16 ـ 17.