تنبيه:

لقد اشتهر عند الناس شهرة عظيمة، وذكره بعض المؤلّفين كحقيقة ثابتة: هو أنّ للشيخ البهائي(رحمه الله) آثاراً في هندسة بناء الحرم العلوي والصحن الشريف، وأغرب بعضهم حتّى ادّعى انّ حجرات الصحن الشريف كلّ واحدة قد بنيت مقابل كوكب يظهر تأثيره على طالب العلم، مضافاً إلى أنّ في كلّ فصل من الفصول الأربعة في السنة يكون الزوال عندما تصل الشمس إلى نهاية الحائط القبلي، وأنّ سور النجف قد وضع فيه بعض الطلاسم لصد عادية الحيات والعقارب إلى غير ذلك ممّا لاشكّ في كذبه.

فانّ تعمير الصحن الشريف والحرم العلوي، وما ذكر كلّه لم يكن للشيخ البهائي فيه أي نظر، بل لم يكن في عهده، وإنّما أصلح بناء الحرم والصحن الشريف في عهد الشاه عباس الأوّل في سنة 1032 عندما فتح العراق وجاء زائراً إلى النجف، وذلك بعد موت البهائي بسنة أو أكثر على الخلاف في سنة وفاته، وأمّا التعمير الشامل للصحن الشريف والمرقد المطهر، فانّما كان على عهد الشاه صفي حفيد الشاه عباس وذلك في سنة 1042 أي بعد وفاة البهائي بأكثر من عشر سنين.

فما حاوله بعض مؤرّخي النجف من اثبات ذلك للشيخ البهائي بدليل معاصرته للشاه عباس الأوّل غير تام، لأ نّه غفل عن أنّ المعاصرة وحدها لا تكفي في اثبات الأمر بعد العلم بوفاة الشيخ البهائي قبل زيارة الشاه للنجف الأشرف فلاحظ ماضي النجف وحاضرها(1).

 

عودة ونشاط:

وهذا هو الدور الخامس من أدوار حياته، ويبدأ من عودته إلى ايران ومباشرته لمشيخة الإسلام ثانية وتلك العودة هي الّتي أشار إليها المدني بقوله:

«ثمّ عاد وقطن أرض العجم، وهناك همي غيث فضله وانسجم، فألّف وصنّف وقرط المسامع وشنّف، وقصدته علماء الأمصار، واتفقت على فضله الأسماع والأبصار، وغالت تلك الدولة في قيمته، واستمطرت غيث الفضل من ديمته فوضعته في مفرقها تاجاً، وأطلعته في مشرقها سراجاً وهاجاً، وتبسمت به دولة سلطانها الشاه عباس، واستنارت بشموس آرائه عند اعتكار حنادس الباس، فكان لا يفارقه سفراً وحضراً، ولا يعدل عنه سماعاً ونظراً»(2).

وقال المحبي: ولمّا وصلها حط رحل الاختيار، فصنّف وألّف، وأبدع حد الإبداع وما تكلف، وابتسمت به دولة الشاه عباس، وأماطت أقواله فيها حنادس الشبه والالتباس، مع عزم ينفلق دونه الصخر الأصم، وحلم يقصر عنه الطود الأشم، ورأي عليه المعول، وفكر هو المعقول الأوّل(3).

وأوّل تاريخ نعثر عليه يجمع بين الشيخ البهائي والشاه عباس هو سنة 1005 وهي السنة الّتي صمم الشاه فيها على استبدال عاصمة الملك (قزوين) بأصفهان، فأمر بانشاء عمارات مهمّة فيها، وفي أواخر تلك السنة توجه الشاه عباس إلى المشهد الرضوي في طريقه إلى هرات لقمع فتن (الأزبكية)(4) وأمر بوقف نسخة من القرآن الكريم بخط كوفي على المكتبة الرضوية، وتوجد النسخة فيها برقم 49، وقد كتب صورة الوقف بخطه الشيخ البهائي(رحمه الله).

وفي صبح يوم الجمعة 18 شوال من سنة 1007 أتم القسم الأوّل من كتابه الحبل المتين في داخل العتبة الرضوية فقد جاء في آخره:

«وكان الفراغ من تأليفه في مشهد سيّدي ومولاي وكهفي ورجائي إمام الأبرار، وثامن الأئمّة الأطهار أبي الحسن عليّ ابن ـ كذا ـ موسى الرضا(عليه السلام).

سلام من الرحمن نحو جنابه *** فانّ سلامي لا يليق ببابه

واتفق اختتام هذه النسخة المباركة الّتي هي نسخة الأصل داخل القبّة المقدّسة المنورّة الرضوية وأنا متوجه إلى الضريح المقدّس جاعلا بيني وبينه القبلة... وكتب مؤلّف الكتاب محمّد... بعد الفراغ من تعقيب صلاة الصبح الجمعة الثامن عشر...»(5).

وبقى في المشهد حتّى ذي القعدة من تلك السنة حيث قال ما ترجمته:

كلّ من دلّه الحقّ على التوفيق، اختار العزلة ونجا من القال والقيل فقد جاءت العزة في العزلة يا هذا، فما تريد من الاختلاط بهذا وذاك فلا تتخطى حريم العزلة إلى خارجه، وتجول كالفقراء على الأبواب فإذا كنت تطلب أماناً من غول النفس، فاذهب واختف كالملك عن الناس فانّه لا يفتح لك باب من الحقيقة، إذا لم تتجاوز هؤلاء الناس المجازيون إذا أنت تروم عزة الدنيا والدين، فاختر العزلة عن أهل الدنيا فانّ ليلة القدر سترت عن الجميع، وهي قد ملأت نوراً من الأوّل إلى الآخر، وإنّ الإسم الأعظم لم يعرفه أحد فكانت له مرتبة الصدارة بين الأسماء الحسنى وأنت أيضاً إذا ما استترت، تكن ليلة القدر والإسم الأعظم.

توجه نحو العزلة أيها الفرد المهذّب، ومن جميع ما سوى الله فكن أنت الفرد، فالعزلة هي الكنز المطلوب يا حزين، لكن إذا اقترنت بعلم وزهد فالعزلة بلا زاي الزهد علة، وبلا عين العلم زلة، فالزهد والعلم إذا لم يجتمعا لا يمكن أن تضع قدماً في طريق العزلة، ولا يكون العلم علماً إذا لم يدلك الطريق، ويجلو عن قلبك درن الضلال، ولا يكون الزهد إلاّ بقطع الناس جملة، فأعرض عنهم جملة في أوّل صفقة، ولا يتم ذلك إلاّ بأن تخرج من رأسك الوساوس، وتحل في قلبك الخشية والحزن، فإنّ خشية الله تكشف عن العلم، فاقرأ ] إنّما يخشى [(6) في القرآن واعمر قلبك بعلم الحقّ، وتذكر حديث ] لو علمتم [(7).

قال(رحمه الله): هذه الأبيات الخمسة قلتها في المشهد المقدّس الرضوي على ساكنه السلام، في ذي القعدة سنة ألف وسبع، ورأيت في المنام في الليلة المتأخّرة عن يوم قلتها فيه: انّ والدي(رحمه الله) أعطاني رقعة مكتوب فيها هذه الآية: (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلا فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلْمُـتَّقِينَ)(8).

وقد أجاز في هذه السنة لتلميذه صدر الدين محمّد التبريزي، وكان ذلك في ذي الحجة(9).

وفي سنة 1008 كان في المشهد الرضوي، وكان الشاه عباس الصفوي في تلك السنة أقام الشتاء كلّه في المشهد، وكان يقوم بنفسه بخدمة العتبة المقدّسة ويشارك الخدمة والقوّام في ذلك.

ومن النوادر الّتي تنقل عنه أ نّه دخل الحرم في ليلة وأخذ المقراض لإصلاح فتائل الشمع، وكان الشيخ البهائي معه.

وفي تلك السنة أوقف الشيخ البهائي عن أمر الشاه عباس نسخة من القرآن الكريم ينسب خطها إلى الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) وإلى القارئ صورة ما كتبه:

«هو الحقّ، هذا الجزء من القرآن المجيد الّذي هو بشريف خط سيّد الأوصياء، وحجة الله على أهل الأرض والسماء، نفس الرسول، وزوج البتول، وأبي السبطين، وإمام الثقلين، المخصوص باختصاص (إنّما وليكم الله)، المعزز باعزاز من كنت مولاه فعليّ مولاه:

سلام من الرحمن نحو جنابه *** فانّ سلامي لا يليق ببابه

وقف على الروضة المنورّة المقدّسة المطهرة الرضية الرضوية، على ساكنها ألف صلاة وسلام وتحية، والواقف هو تراب أعتابها، والمفتخر بخدمة بابها أعني سيّد سلاطين الزمان، وأشرف خواقين الدوران، صاحب النسب الطاهر النبوي، والحسب الظاهر العلوي، أبو المظفّر شاه عباس الحسيني الموسوي الصفوي خلّد الله تعالى ملكه، وأجرى في بحار النصر والتأييد فلكه، بمحمّد وآله الطاهرين، وكان ذلك في شهر جميدي الأوّل سنة ألف وثمان من الهجرة.

حرره تراب اقدا ]خرق[ العتبة المقدّسة الرضوية بهاء الدين محمّد العاملي عفي عنه»(10).

كما انّه أوقف جزء قرآن بخط الإمام الحسن(عليه السلام) وكتب عليه:

«اين جزء قرآن مجيد را كه بخط شريف حضرت إمام همام سبط الرسول وقرة عين الوصي والبتول، أبي محمّد الحسن عليه الصلاة والسلام است، وقف نمود بر روضه مقدسه منوره مطهره سدره مرتبه رضيه رضويه، على صاحبها ألف ألف سلام وتحيه، پادشاه إسلام بناء ظل الله، خاك آستانه خير البشر، مروج المذهب حق أئمه اثنى عشر، غلام با اخلاص أمير المؤمنين حيدر، أبو المظفّر شاه عباس الحسيني الموسوي الصفوي بهادرخان، خلّد الله تعالى ملكه وسلطانه، وأفاض على العالمين بره وعدله وإحسانه بحقّ محمّد وآله الطاهرين آمين ربّ العالمين. حرره الداعي بهاء الدين محمّد العاملي»(11).

وكتب على قرآن ينسب خطه إلى الإمام الصادق(عليه السلام) مايلي:

«هو هذا المصحف المجيد الّذي تنسب كتابته إلى سيّدنا وإمامنا حجة الله على الخلائق، جعفر بن محمّد الصادق، سلام الله عليه وعلى آبائه وأولاده الطاهرين، وقف على الروضة المقدّسة المنورّة المطهرة الرضية الرضوية.

سلام من الرحمن نحو جنابها *** فانّ سلامي لا يليق ببابها

والواقف هو تراب عتبة الرضا سلام الله عليه، أعني سيّد سلاطين الزمان وأعظم خواقين الدوران، صاحب النسب الطاهر النبوي، والحسب الظاهر العلوي، أبو المظفّر شاه عباس الحسيني الموسوي الصفوي خلّد الله تعالى ملكه وأجرى في بحار النصر والتأبيد والتأييد فلكه، بمحمّد وآله الطاهرين.

حرره تراب أقدام خدمة العتبة المقدّسة الرضوية بهاء الدين محمّد العاملي عفي عنه سنة 1008»(12).

وأوقف قرآناً بخط كوفي في تلك السنة(13).

وفي شهر محرم سنة 1008؟ قال أبياتاً عند عودته من زيارة المشهد الرضوي على مشرّفه السلام.

وفي سنة 1009 توجه الشاه عباس ماشياً على قدميه من أصفهان إلى المشهد الرضوي وفاءً بنذره، وقطع المسافة في 28 يوماً، وقد ذرعوا الطريق فكان (199) فرسخاً، فورمت قدماه من المشي وخرج بهما الطفح(14).

وكان معه في سفره جماعة، قيل انّ الشيخ البهائي(رحمه الله) كان منهم، والثابت انّ البهائي في تلك السنة كان في المشهد الرضوي وقد أوقف عن الشاه عباس قرآنين بخط كوفي، وكتب عليهما صورة الوقف(15).

قال تلميذه السيّد حسين بن حيدر العاملي:

«وكنت في خدمته في زيارة الرضا(عليه السلام) في السفر الّذي توجه النواب الأعلى خلّد الله ملكه أبداً ماشياً حافياً من أصفهان إلى زيارته(عليه السلام) فقرأت عليه تفسير الفاتحة من تفسيره المسمّى بالعروة الوثقى، وشرحيه على دعاء الصباح والهلال من الصحيفة السجادية، ثمّ توجهنا إلى بلدة هرات الّتي كانت سابقاً هو ووالده فيها شيخ الإسلام، ثمّ رجعنا إلى المشهد المقدّس، ومن هناك توجهنا إلى أصفهان»(16).

وفي يوم الخميس أواخر شهر ربيع الثاني سنة 1010 كان في قرية حوالي سمنان(17) فحدّث بها تلميذه السيّد حسين بن حيدر العاملي بحديث الجبن والجوز المسلسل وألقمه منهما لقمة.

كما انّ تلميذه السيّد المذكور حدّث عن سماعه بقراءة بعض اخوانه لدى الشيخ في سمنان فصل الزيارات من آخر أحكام الموتى من كتاب تهذيب الحديث في التاريخ المذكور(18).

وفي سنة 1011 لم أجد ما يتعلق بالشيخ البهائي سوى ان تلميذه السيّد حسين بن حيدر العاملي قال في حديث له عن أسانيد روايته:

«وأخبرني شيخنا الجليل أحمد؟ بن الشيخ الجليل المرحوم الشيخ عبدالصمد سلّمه الله تعالى بجميع مرويات ومجازات ومؤلّفات والده الشيخ حسين(رحمه الله)اجازة في عصر نهار الأربعاء سادس عشر شهر محرم الحرام سنة ألف وأحد عشر في بلدة هرات المحروسة، وكتب الفقير إلى رحمة ربّه الغني الحسين بن حيدر الحسني العاملي»(19).

وهذا النص وإن كان لا يخلو من نظر لما جاء في أوّله من اسم ] أحمد  [ الّذي هو ابن عبدالصمد أخ البهائي، ومن البعيد رواية السيّد حسين المذكور عنه لتقدم طبقة السيّد عليه، ولكن المظنون قوياً انه من سهو النسّاخ، وانّ الصواب هو عبدالصمد ـ أخ البهائي ـ كما انّ المظنون أيضاً ان المجيز عبدالصمد والمجاز السيّد العاملي كانا مع الشيخ البهائي، فانّ السيّد كان من ملازمي الشيخ في حضره وسفره طيلة أربعين سنة(20).

وفي أواسط صفر سنة 1012 كان بأصفهان وأجاز لتلميذه عليّ بن أحمد النباطي وكتب الاجازة في آخر رسالته معرفة القبلة(21).

وفي 17 ربيع الأوّل سنة 1012 فرغ من تأليفه الاثنى عشرية الصلاتية، وفي ربيع الثاني أجاز لتلميذه السيّد أحمد العاملي(22) وفي تلك السنة أتم حاشيته على الاثنى عشرية للشيخ حسن صاحب المعالم، وسمّى تلك الأيّام أيّام العزلة المباركة البهية(23) وفيها أجاز لتلميذه النباطي المذكور آنفاً على ظهر حاشيته على الاثنى عشرية المذكورة.

وفي سنة 1013 أجاب عن مسائل السيّد زين الدين الشدقمي وهو عليّ بن الحسن وهي ست مسائل، في كلّ منها جهات من البحث، ويقال لها ] المسائل المدنيات [ أرسلها السيّد إلى الشيخ، وتاريخ المسائل عاشر محرم سنة 1013 فأجابه الشيخ عنها في تلك السنة(24)، وتوجد رسالة ضمن مجموعة في المكتبة الرضوية بمدرسة الصدر بأصفهان بعنوان جواب الشيخ البهائي بثلاثة مسائل سألها عليّ بن حسين بن شدقم الحسيني المدني ] كلام الله، العصمة، خروج المهدي [ تأليف سنة 1013(25).

وفيها في 7 رمضان أجاز للسيّد بهاء الدين عليّ الحسيني التفريشي(26).

وفي سنة 1014 قرأ عليه تلميذه محمّد أمين القارئ رسالته الاثنى عشرية، فأجازه بخطه على ظهر نسخة كتبها المجاز، توجد نسختها في مكتبة جامعة طهران برقم ] 918 [(27) .

وتوجد عدّة رسائل من مؤلّفات الشيخ ووالده انتسخها تلميذه القارئ المذكور عن خط المصنّف في هذه السنة، وهي حاشية القواعد لوالد البهائي، وحاشية البهائي على تفسير البيضاوي، والرسالة الحريرية له، ورسالة في حصر الصلاة في الأماكن الأربعة، وهذه الأخيرة جاء في آخرها:

«أتم مصنّفها تحريرها بقلم الاستعجال، على سبيل الارتجال، أيّام الارتحال إلى زيارة المزار الفائض بالنور، الموسوم بشاه طور عليه وعلى آبائه السلام إلى يوم النشور»(28) .

وفي صفر سنة 1015 كان في بلدة كنجة، وكان مع الشاه عباس الصفوي حيث كان الشاه في سنة 1014 قد توجه إلى نواحي تفليس وكنجة لاخضاع الأروام، وتم له الفتح في سنة 1015(29) وقد أتم الشيخ في بلدة كنجة كتابه مفتاح الفلاح وذكر في آخره:

«فرغت بعون الله من تأليفه مع تراكم أفواج العلائق، وتلاطم أمواج العلائق، وتوزع البال بالحل والترحال في أوائل العشر الثالث من الشهر الثاني ـ صفر ـ من السنة الخامسة من العشر الثاني بعد الألف ببلدة كنجة».

وفي نفس الشهر والسنة نقل تلميذه محمّد أمين القارئ رسالة الوجيزة لاُستاذه وعلى النسخة حاشية البهائي بخطه ] والنسخة بمكتبة جامعة طهران برقم 918 (30)[.

وفي ذي القعدة من 1015 كان بقم وأكمل بها كتاب الطهارة من مشرق الشمسين في جوار الحضرة المقدّسة في 14 ذي القعدة(31).

وفي أوائل العشر الثاني من ذي الحجة أجاز لصفي الدين محمّد القمي(32).

وفي سنة 1016 زار الشاه عباس الصفوي مشهد الإمام الرضا(عليه السلام) وفي سفره هذا أوقف آثاراً نفيسة وأملاكاً كثيرة على المشهد المقدّس وكتب صورة الوقف الشيخ البهائي وتوجد نسخة كتاب الوقف بخط الشيخ(رحمه الله).

وفي تلك السنة في شهر رجب كان الشيخ البهائي في أصفهان، فوفد عليه أبو البحر الخطي وجماعة من أهل البحرين فأنزلهم بداره وأكرم قادتهم، وعرض أبو البحر على الشيخ كماله وأدبه، فاقترح عليه الشيخ معارضة قصيدته الرائية ] وسيلة الفوز والأمان [ وقال: قد أمهلتك شهراً على معارضتها، وكان أبو البحر بديهي النظم فقال: بل يوماً، بل في مجلسي هذا، ثمّ اعتزل ناحية، وأنشأ قصيدة في 55 بيتاً وأعطاها لراوية شعره الغنوي فقام وأنشدها ومطلعها:

هي الدار تستسقيك مدمعك الجاري *** فسقياً فأجدى الدمع ما كان للدار

إلى أن قال فيها مادحاً للشيخ:

إلى ماجد يعزى إذا انتسب الورى *** إلى معشر بيض أماجد أخيار

ومضطلع بالفضل زرّ قميصه *** على كنز آثار وعيبة أسرار

سمي النبيّ المصطفى وأمينه *** على الدين في ايراد حكم واصدار

به قام بعد الميل وانتصبت به *** دعائم قد كانت على جرف هار

واستمر بمدحه إلى قوله:

جهلت على معروف فضلي فلم يكن *** سواه من الأقوام يعرف مقداري

فقال الشيخ وهو يشير إلى جماعة من سادات البحرين وأعيانهم: وهؤلاء يعرفون قدرك إن شاء الله، واستمر الغنوي في انشاد بقية القصيدة، وقد عرج فيها على مدح صاحب الزمان(عليه السلام) حتّى أتى على آخرها.

قال الغنوي انّه لمّا فرغ من الانشاد كتب الشيخ ] (رحمه الله) [ تقريضاً عليها:

أحسنت أيها الأخ الفاضل الأعز الألمعي، بدر سماء اُدباء الأعصار، وغرة سيما بلغاء الأمصار، أيم الله انّي كلّما سرحت بريد نظري في رياض قصيدتك الغراء وروّيت رائد فكري من حياض خريدتك العذراء، زاد بها ولوعي وغرامي، واشتد إليها ولهي وأوامي، فكأ نّما عناها من قال:

قصيدتك الغراء يا فرد دهره *** تنوب عن الماء الزلال لمن يظمى

فنروى متى يروي بدائع نظمها *** ونُظما متى لم نرو يوماً لها نظما

فلعمري لا أراك إلاّ آخذاً بأزمة أوابد اللسن تقودها حيث أردت، وتوردها أنى شئت وارتدت، حتّى كأن الألفاظ تتحاسد إلى التسابق على لسانك والمعاني تتغاير في الانثيال على جنانك، وكتب المحب الاخلاصي بهاء الدين العاملي»(33).

وأكرم الشيخ أبا البحر وأنعم عليه، ومن ذلك ملابس خضر، فقال أبو البحر يمدحه ويشكر أنعامه:

يا فتح من أغلقت أبواب مطلبه *** في وجهه وغنى القوم المفاليس

لو سمتني حصر ما أوليت من نعم *** كتباً لضاق بها باع القراطيس

أوليتني منك آلاء خرجت لها *** أجر ذيلي في خضر الملابيس

فلو رآني أدرى الناس بي لقضى *** عليَّ أ نّي من بعض الطواويس(34)

وفي سنة 1017 ذهب الشاه عباس مصطافاً إلى بلدة سلطانية ومراغة وأردبيل، ولمّا وصل مراغة ورأى آثار الرصد الايلخاني الّذي بناه هولاكو، صمم اعادة بنائه والانتفاع به، وانتخب الشيخ البهائي وملا جلال المنجم وعليّ رضا الخطاط لتهيئة الرصد واعادة العمل به، وقد وضعوا مخططاً للعمل وعرضوه على الشاه، ولكن لم يعلم لماذا لم يتم ذلك عملياً(35).

وفي 20 شوال من السنة نفسها، أتم تلميذه محمّد أمين القارئ في يزد نسخ «نان وحلوا» لاُستاذه، وهذا التلميذ ممّن كان ملازماً لاُستاذه حضراً وسفراً، فيا هل ترى انّ الشيخ كان في ذلك الوقت في يزد؟

وفي سنة 1018 في 12 محرم أتم الشيخ زبدة الاُصول، كما في آخرها.

وفيها أجاز للسيّد أحمد بن زين العابدين العاملي.

وفي سنة 1019 في أواخر العشر الاُول من المحرم كان في قراباغ.

وقد كتب اجازة لتلميذه الحاج حسيناً على ظهر نسخة من الزبدة كتبها المجاز بخطه(36).

وفي أواخر شعبان من تلك السنة فرغ من الأثنى عشرية الصومية ونقلها إلى البياض في سنة 1020 وقد كتبها بعد الصلاتية والحجية(37).

وفي صفر سنة 1020 أتم رسالته في القبلة وكان بأصفهان والنسخة في مكتبة سبهسالار(38).

وفي شهر شوال من تلك السنة أجاز تلميذه الشيخ لطف الله بن عبدالكريم الميسي العاملي، كما انّه أجاز ولده معه(39).

وفي ذي الحجة من تلك السنة أجاز تلميذه المولى محمّد رضا البسطامي، وكتب له الاجازة على نسخة من الحبل المتين(40).

وفي تلك السنة أيضاً كتب اجازة لتلميذه المقرّب السيّد حسين بن حيدر العاملي على نسخة من إرشاد العلاّمة الحلي(41).

وفي سنة 1021 كان الشاه عباس قد ذهب من مازندران وجيلان لزيارة المشهد الرضوي(42) وفيها كان الشيخ البهائي بالمشهد وقد أتم فيه «لغز الزبدة» وأرّخه بقوله «رضويه 1021»(43) وفيها أجاز لمعين الدين محمّد أشرف الحسيني كتبها له على ظهر مفتاح الفلاح(44).

وفيها كتب بلاغاً بالسماع على نسخة من كتاب التحصيل لبهمنيار(45) وأوقف بعض الكتب على الرضوية.

وفي سنة 1022 أجاز لشريف الدين محمّد الرويدشتي المعروف بشريفا الأصفهاني(46).

وفي شوال من تلك السنة كتب تقريظاً على ترجمة كتابه الأربعين لتلميذه محمّد بن عليّ بن خاتون العاملي الّذي سكن حيدرآباد، وكان قد جاءه إلى أصفهان، وقد أطراه وأثنى عليه(47).

وثمة فترة سنتين لم أعثر على شيء عن المؤلّف فيهما، وهما سنة 1023، وسنة 1024.

وفي سنة 1025 أجاز السيّد إبراهيم بن قوام الدين الحسني الحسيني(48)، كما أجاز الشيخ يحيى اللاهيجي في تلك السنة(49).

وفيها أرّخ بناء الحمّام الّذي كان من العجائب في أصفهان، والّذي اشتهر انّه من تصميم البهائي في هندسة بنائه، وانّه أوقد تحت خزانته شمعة لم تنطفئ طيلة ثلاث قرون أو أكثر، وكان ماء الحمّام حاراً طيلة تلك المدة(50).

چون (يكي) از درون برون آمد *** (صحت وعافيت) بود تاريخ

وفي التاريخ نكتة تاريخية وهي انّ [ يكي ] بحساب الجمل تساوي [40] تنقص من حساب جملة ] صحت وعافيت [ الّتي تساوي 1065، فيكون الباقي 1025(51).

وتمر بنا فترة اُخرى أطول زمناً من سابقتها حيث شملت 1026 و1027 و1028 ولا نعرف فيها عن الشيخ أي شيء.

أمّا في سنة 1029 فقد أجاز لمحمّد بن عليّ بن خاتون العاملي في يوم 16 ج 2 وكتبها له بخطه على ظهر نسخة كتاب الرجال للنجاشي، والنسخة في مكتبة الايرواني بتبريز.

وفي سنة 1030 في أوائل العشر الثاني من ربيع الثاني أجاز للمولى حسين ابن عبدالله التستري(52).

وفي شهر رجب من تلك السنة أجاز لمحمّد هاشم بن أحمد بن عصام الدين الأنكاني، وكتبها له على ظهر الأثنى عشريات الخمس الّتي هي بخط المجاز(53).

وفي السنة نفسها أجاز للمولى محمّد رضا البسطامي، وكتبها له على نسخة من الحبل المتين له(54).

كما أجاز فيها أيضاً للأمير شرف الدين حسين، وكتبها له على اجازة الشهيد الثاني لوالده، واجازة والده له ولأخيه عبدالصمد(55).

 

نزعة التصوّف عند البهائي:

ليس من شك أنّ التصوّف الإسلامي علم له اُصوله وقواعده منذ يومه الأوّل، وإن لم تتبلور تلك الاُصول والقواعد إلاّ متأخراً.

وليس من شكّ انّه قد اُبتلي كسائر العلوم الإسلامية كافة بدخلاء أدعياء قولا وعملا فحدثت الخصومات، وكان الانقسام في السلوك، وتعددت الطوائف والفرق، وجر ذلك إلى التهاتر وظهور كثير من الشذوذ والبدع.

وفي القرن العاشر الهجري وما بعده طغت ظاهرة التصوّف على السلوك الديني في البلاد الإسلامية، حتّى تطرفت بعض العناصر في الدعوة إليه وشجّعتهم السلطات الحاكمة على نشر الدعوة بين الأفراد.

وفي أوج التطاحن بين الدولتين الإسلاميتين العثمانية والايرانية، كانت الإتجاهات الصوفية تزداد نمواً وظهوراً، وتتسع شقة الخلاف بين فرقها تبعاً لحكّام البلاد الّتي كانوا فيها.

وقد استفاد الصفويون من تلك الظاهرة أكثر من خصومهم العثمانيين، لأنّ بعض الصوفية يرون فيهم سدنة ومرشدين، وقد ورثوا ذلك من جدّهم الأعلى الشيخ صفي الدين الأردبيلي الّذي كان صاحب طريقة وزعيماً من زعماء المتصوّفة، وكانوا هم أيضاً يؤيّدون الصوفية تأييداً لعقيدتهم وسلطانهم، ويمدونها سراً أو علانية حسب الظروف.

ولمّا كانت نزعة التصوّف قد اتخذت صرحها على أنقاض الفلسفة الاشراقية الإسلامية مع المغالاة في أفكارها، فقد حدثت حركة مضادّة في اتجاهها لنزعات الصوفية وفلسفتها الاشراقية، كنتيجة محتومة لذلك الغلو المتطرّف، وهذا ما يحدثه ردّ الفعل في الافراط والتفريط.

وأرست تلك الحركة قواعد دعوتها على انكار مدخلية العقل في الأحكام، وأنكرت الركون إلى معطياته في الوجود والروح وما وراء الطبيعة، بل تطرفت جماعة من أصحاب تلك الحركة فالتزموا في تفسير التعبد بما جاء به الشرع عن طريق الأخبار والجمود على ظواهرها.

وغلا منهم نفر فقالوا بقطعيّة صدور جميع الأخبار، واشتد بهم الغلو إلى انكار الأخذ بظواهر الكتاب وحده من دون الرجوع إلى الأخبار الواردة.

وأخذ التطرّف والغلو في كلّ من الجانبين خطاً تصاعدياً نامياً، حتّى حكم كلّ فريق على الآخر بالخروج من الجادة، فنعى اُولئك على هؤلاء جمودهم وانكماشهم وقلة فهمهم، كما نعى هؤلاء على اُولئك طريقتهم واعتبروها مروقاً من الدين.

وفي جو التطاحن المحموم ضعفت الروح العامة المعنوية في الأفراد، وخارت قوى المؤمنين وكادت تنطفي شعلة الإيمان من نفوسهم بين إفراط الأولين وتفريط الآخرين، لفقدانهم الطريقة المثلى والاعتدال في السلوك الديني على نحو نظرية الوسط، فانّ الفضيلة بين رذيلتين، وهي نظرية تحظر التطرف والغلو في كلّ من الجانبين.

وفي ذلك الظرف ظهرت شخصيات على المسرح تبنت النظرية المشار إليها بأسلوبها الهادئ الرصين، وبذلت جهداً كبيراً في اصلاح الاتجاه العقائدي المتطرف الّذي أصبح مرتبطاً ارتباطاً كبيراً بالحياة الواقعية.

وربّما كان الشيخ البهائي ووالده قبله، من أهم رجال الإصلاح الّذين دعوا إلى الاعتدال في السلوك في ضوء التعاليم الإسلامية، فانّ الحسين بن عبدالصمد ـ وقد تولّى مناصب دينية رفيعة في ايران وتولّى مشيخة الإسلام في كلّ من قزوين وخراسان وهرات، وكان له منصبه ما يحميه من عادية المتطرّفين ـ اتخذ من مماشاة الحكّام ووزرائهم وأهل دعوتهم والّذين كانوا صوفية لا يعرفون إلاّ الحقيقة والطريقة، سبيلا إلى اصلاح ما دخل عليهم من شوائب التطرّف في التصوّف فصار يلقي في أذهانهم حسن الشريعة وأحكامها وانّها تعين على الطريقة والحقيقة، وهو مع ذلك لا يذكر أحداً من الصوفية بسوء، بل ربّما اقتضى الحال الثناء على بعضهم، فكانوا يأنسون بآرائه ويستمعون نصائحه، حتّى (جدد قراءة كتب الأحاديث ببلاد العجم)(56).

وهذا الفتح هو الّذي شجّع البهائي من بعده أن يترسّم خطوات أبيه الإصلاحية إذ أدرك الحاجة إلى لَمِّ الشعث ورأب الصدع بين الفرقاء المتناحرين فحاول أن يقف من الجميع موقفاً وسطاً، يعمل جهده في الجمع بين أنصار الشريعة وأنصار الطريقة، وبالأحرى بين متزمتي الفقهاء ومتطرفي العرفاء، وان في أوّل فصل مثنوياته ] نان وپنير [ الّذي عنوانه:

(في ذمّ المعتقدين بالحكمة وينكرون لطائفها وسرائرها من الغفلة والظلمة، وفي تفسير من تفقه ولم يتصوّف فقد تفيهق، ومن تصوّف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق).

ما يشير إلى ما قلناه من محاولاته في تطبيق نظرية الوسط المثلى.

وكان في جهاده موفقاً إذ لم يتنمر لأي فريق، ولم يتنكر لأي مبدء، بل كان له من رحابة صدره وسعة مداركه، ما يؤهّله لأن يعايش جميع الطرائق والمذاهب، ويسلك معهم سلوك أبيه من قبل حتّى يظن انّه منهم، ومتى أحس منهم الثقة به تدرج فيهم بأساليب الاصلاح بما يضمن له النجاح، وهذا شأن نوادر المصلحين.

وهذا هو الّذي حدا بكلّ فريق أن يعتبروه منهم، وقد أشار هو إلى ذلك بقوله:

وإنّي أُمرؤ لا يدرك الدهر غايتي *** ولا تصل الأيدي إلى سبر أغواري

أُخالط أبناء الزمان بمقتضى *** عقولهم كي لا يفوهوا بانكاري

وأظهر أ نّي مثلهم تستفزني *** صروف الليالي باحلال وإمرار(57)

وعلى هذه السيرة وذلك السلوك فقد ظن فيه أ نّه من الشافعية، وعدّه رجال النعمت اللهية ـ من فرق الصوفية ـ من أقطابهم، واعتبروه في سلسلة مشايخهم، وهكذا غيرهم.

وخفي ذلك على بعض الباحثين فنعى على الشيخ سلوكه العرفاني، وذكر أ نّه من الصوفية، واستدلّ على رأيه بما انعكس من آثار ذلك الاتجاه في كشكوله وأشعاره ودوّت النغمة، وصرت الأقلام على وقعها، ورددها كتاب معاصرون.

واعتبر أنا شخصياً انّ في جعل البهائي على الخط العام للصوفية المقيتة لا يخلو من التجني عليه والتشنيع به، وإذا كان السلوك العرفاني هو الذنب فثمة جمهرة كبيرة من المتقدّمين عليه والمتأخّرين عنه يشاركونه في ذلك الاتجاه، كالسيّد ابن طاووس، والمحقق الطوسي، وابن فهد الحلي، والشيخ رجب البرسي، وابن ميثم البحراني، وابن أبي جمهور الاحسائي، والشهيد الثاني، والحسين بن عبدالصمد، وكلّهم من المتقدّمين عليه.

أمّا من تأخّر عنه فكثير من تلاميذه وفي مقدّمتهم المجلسي الأوّل، والفيض الكاشاني، وملاّ صدرا الشيرازي، والمولى محمّد صالح المازندراني، ومعاصره الميرداماد وأضراب هؤلاء من عرفاء المجتهدين الّذين صححوا المفاهيم الخاطئة عن حقيقة العرفان، وكشفوا عن التصوّف الصحيح بطابعه الممتاز عن طريق السلوك العملي، ففي تاريخهم نماذج للجلال الخلقي والروحي الرفيع وشواهد صادقة لكمال التعبد الإيماني، توحي انّ سلوكيتهم المستقيمة استمدت في معنوياتها العالية من واقع الإسلام وجوهر الشريعة.

أمّا عن انعكاس آثار ذلك الاتجاه في آثار البهائي، فذلك ممّا لا ننكره، بل ندعي أ نّه خير دليل على ما قدّمنا، وذلك انّ الالتقاء في بعض الممرات مع أصحاب العقائد الفاسدة لا يدلّ على فساد العقيدة، ففي التوحيد يلتقي جميع الموحّدين وهم من ملل شتى، فليس من الصواب إدانة الصحيح منهم بذنب الفاسد.

على انّ علم التصوّف في نفسه، ليس فيه ما يوجب القدح، فانّه كما عرّفه شيخنا البهائي: علم يبحث فيه عن الذات الأحدية وأسمائه وصفاته من حيث انّها موصلة لكلّ من مظاهره أو منسوباتها إلى الذات الإلهية.

وموضوعه: الذات الأحدية ونعوتها الأزلية وصفاتها السرمدية، وبيان مظاهر الأسماء الإلهية، والنعوت الربّانية، وكيفية رجوع أهل الله تعالى إليه سبحانه، وكيفية سلوكهم ومجاهداتهم ورياضاتهم.

وبيان نتيجة كلّ من الأعمال والأذكار في دار الدنيا والآخرة على وجه ثابت في نفس الأمر... الخ(58).

وهل يعني هذا إلاّ الدعوة إلى الوصول إلى الله تعالى والتقرّب إليه بواسطة رسله وأنبيائه وأوصيائهم وما جاؤوا به من شرائع الدين، وهذا ما يقرّره قوله: (على وجه ثابت في نفس الأمر) فأي ضير في ذلك؟ فهو اتجاه محبوب ما لم ينحرف في سيره عن حدود الشريعة.

وأمّا اكثار البهائي في الكشكول ممّا يتعلّق بالصوفية، فهو مضافاً إلى انّه لم تظهر فيه شخصيته كواحد منهم كما ذكر الوقت عند الصوفية(59) ورأي الصوفية في الجن(60)، فانّ مجرد الايراد لا يدلّ على الاعتقاد، فاستحسان الشعر والاستشهاد به في مقام لا يدلّ على مشاركة الشاعر في عقيدته.

وأمّا الزعم بأ نّه أطرى بعض شيوخ المتصوّفة، فيجب ملاحظة الداعي إلى الاطراء، فربّما يمدح المرء إنساناً على خلق فاضل تحلى به مع براءته من فساد عقيدته، فذكرنا حاتم بالجود، وامرئ القيس بالشعر، وعنترة بالشجاعة، وإطراء كلّ منهم على ما اشتهر به لا يعني انا شاركناهم في عقائدهم الباطلة وأعمالهم الفاسدة.

على انّ البهائي كما ذكر العرفاء والمتصوّفة واستشهد بأشعارهم، فكذلك ذكر في كشكوله عنهم ما يشينهم، كذكره ما ورد في حقّ سفيان بن سعيد(61) وما نقله من انّه قيل لبعض الصوفية: ألا تبيع مرقعتك هذه؟ فقال: إذا باع الصياد شبكته فبأي شيء يصطاد(62)؟

كما انّ في مثنوياته (نان وحلوا) و (موش وگربه) ما يدلّ على نقده لبعض اُصول الصوفية الّتي لا تتفق مع الشريعة.

وبعد هذا كلّه فانّ في تقييم مادّة الكشكول من الناحية الفنية ما يوضح لنا انّه لا يمكن بوجه إلزام مؤلّفه بكلّ ما أورده على صفحاته، فانّه مجموعة ضمت الغالي والرخيص.

وليس ذكره المتصوّفة والعرفاء إلاّ كذكره لغيرهم من الفقهاء والمحدّثين والمؤرّخين، وسيأتي في الحديث عن الكشكول ذكر شعرائه، فلاحظ جدول الشعراء ستجد نسبة العرفاء منهم على كثرتهم نسبة 20 % .

ولنختم الحديث بكلمة للمغفور له السيّد الحسن الصدر ذكرها في ترجمة الحسين بن عبدالصمد ـ والد البهائي ـ في ردّ ما قاله الميرزا عبدالله أفندي في رياض العلماء من نسبة والد البهائي إلى التصوّف حيث قال: وكان له ميل إلى التصوّف، ورغبة إلى مدح مشايخ الصوفية، ونقل كلماتهم كما هو ديدن ولده أيضاً، وكأ نّه أخذه من اُستاذه الشهيد الثاني... فردّه السيّد الصدر بقوله:

إنّي كنت أجل المولى عبدالله عن هذه الكلمات في حقّ كبار علماء الطبقة ونواميس الدين حتّى رأيته يرميهم بهذه العظائم، ويضرب لهم الأمثال... ما هكذا تورد يا سعد الأبل، ونحن على تأخرنا عن عصر الصفوية عرفنا هؤلاء المشايخ رضي الله تعالى عنهم، إنّما تمكنوا من نشر الأحكام الشرعية، وقادوا الدولة الصفوية الّتي شعار سلطنتها التصوّف إلى التشرع، والأخذ بالشريعة والتقليد، ومرنوهم على التعبد بالأحكام، بعدما كانوا كلهم ـ هم ووزراؤهم وأهل دعوتهم وجندهم ـ صوفية لا يعرفون إلاّ الطريقة والحقيقة، فجاءهم الشيخ حسين والبهائي وأمثالهم بالّتي هي أحسن بالحكمة والمماشاة والحضور في مجالس ذكرهم حتّى آنسوا بهم، فصاروا يلقون في أذهانهم حسن الشريعة وأحكامها، وانّها تعين على الطريقة والحقيقة، وصاروا لا يذكرون أحداً من الصوفية بسوء بل يثنون عليهم حتّى جروهم إلى العمل بالسنن والأحكام أوّلا بأوّل، حتّى عادت دولة متشرعة مربية للفقهاء والمحدّثين.

والعجب من هذا الفاضل كيف لم يلتفت إلى ذلك مع قرب عهده بهم، وأخذ يشن الغارة عليهم حتّى انّه إذا عثر على من يتكلم في المعارف والأخلاق في بعض مصنّفاته، كالشهيد في المنية، وابن فهد في العدة والتحصين يرميهم بالميل إلى التصوّف، مع انّ التصوّف علم فيه كتب لا تخفى على أهل العلم ورجاله، لهم طرق عددها المقدّس الأردبيلي في حديقة الشيعة، وأين هم من علمائنا، وهل فينا من يقول بوحدة الوجود(63) ولا صوفي إلاّ يقول بها، فاُنظر منازل السائرين والرسالة القشيرية ورسائل ابن العربي والحلاج والجنيد والعطّار وخواجه عبدالله وأمثالهم، اُولئك الصوفية لا الشهيد وابن فهد والبهائي وأبيه من حكماء الدين وشيوخ المتشرّعين(64).

وقد انبرى غير واحد للدفاع عن الشيخ البهائي من تهمة التصوّف يحسن بالباحث الرجوع إلى ما كتبوه في ذلك، وهم:

1 ـ الشيخ يوسف البحراني(65).

2 ـ السيّد محمّد باقر الروضاتي(66).

3 ـ السيّد حسن الصدر(67).

4 ـ السيّد محسن الأمين(68).

5 ـ أمّا التنكابني(69) فقد أجاب عنها وعن غيرها.

وقبل هؤلاء جميعاً المولى نوروز عليّ البسطامي في كتابه(70).

وقد تتبع اللاهيجاني الشيخ البهائي في نظم مثنوي فارسي باسم (نان وخرما) دافع فيه عن نسبة التصوّف إلى الشيخ البهائي العاملي تحسن مراجعته(71).

 

شعره:

من مميزات شعر البهائي(رحمه الله) انّه تسجيل حي لخواطر يعيشها الشاعر وتثيرها أماني مضطرمة وآلام محمومة، فينظمها ليؤدي بها خدمة إنسانية وواجباً أخلاقياً، فهو يسخر الشعر لنيل أغراضه في تأدية رسالته الاصلاحية.

وفي رأيي انّ العامل الأوّل والأخير في شعره هو الإصلاح بطريقة النقد البنّاء، ولعلّه تأثر بفلسفات خاصة كانت مدارسها قائمة يومئذ.

كما انّه اتخذ من الرمزية الصوفية الّتي تجعل من الخمرة والحبيب رمزاً لذوات محبوبة مقدّسة، سبيلا تحاشى به التعريض والهجاء المعلوم.

وهذا النوع من الرمزية نجده في شعره العربي، كما نجده في شعره الفارسي أكثر، وربّما تعدى ذلك إلى التلميح الرمزي الّذي كان ينظم به شعره الإصلاحي في نقد المجتمع، ولعلّ مقامه العلمي الرفيع وقدسيته الواقعية كانا يصدانه عن التعريض بأحد تحاشياً عن اشاعة الفحشاء، وترفعاً عن خسة الهجاء وذم الهجّائين، وهي طريقة مثلى يفضلها بناة الناقدين في المجتمع، والعاملين على إصلاحه.

وهو إذ يمثّل بنفحاته الشعرية الشفّافة يعبّر عن انفعالاته الخفية، وآلامه من مشاكل الحياة المعقدة، ويتخذ من واقع الحياة عناصر في شعره يصوّر بإسمها خلجات النفس ويضفي عليها من ظلال المعاني الدقيقة في أعماقه، حتّى تبرز الفكرة من خلال تصويره الشعري صورة ناطقة لمشهد مألوف وأمر معروف.

ولقد طغى طابع الرمزية بمعناها العام التلميح، أو الخاص الرمزية الصوفية على اُسلوبه الشعري، بل تعداه إلى النثر فاستأثر بقسط وافر منها، ولعلّ في الغازه الكثيرة وسوانحه خير دليل على ذلك.

ولم أجد بين شعراء عصره من أغنى الثقافتين العربية والفارسية بالحكم والأمثال، كما أغناهما الشيخ البهائي.

كما لم أجد من تفنن منهم في نقل خصائص إحدى الثقافتين إلى الاُخرى كالشيخ البهائي الّذي طعم كلا منهما ببعض ما تمتاز به الاُخرى.

ودليلي على ذلك: تفننه في قرض الشعر الفارسي على بعض بحور الشعر العربية أو نظم الشعر العربي على نحو بعض الأوزان الفارسية.

فانّه نظم الشعر الفارسي على طريقة الخبب(72) وهو فن لم يسبقه إليه أحد من شعراء الفرس، كما انّه نظم الشعر العربي على طريقة المثنوي(73) وهو فن لم يسبقه إليه أحد من شعراء العرب.

وهو بذلك أسدى خدمة إلى الثقافتين العربية والفارسية بتطوير النظم في كلّ منهما بوزن من أوزان الاُخرى.

وهذا كما يدلّ على مدى ثقافته باللغتين، ومهارته الأدبية، كذلك يدلّ على مدى عواطفه نحو لغته الإسلامية (العربية) الّتي طعمها وطعم منها.

وشعره بالعربية مبثوث منه في الكشكول، وليس ذلك كلّ شعره، وقد جمع شعره بالعربية الشيخ محمّد رضا بن الشيخ الحرّ العاملي ولم أقف على نسخته.

أمّا شعره بالفارسية فمنه ما يوجد في الكشكول، ومنه ما كان على طريقة المثنوي، وله عدّة منظومات ذكرتها في أسماء مؤلّفاته فلتراجع.

ويعجبني أن أختم الحديث عن شعره بخمسة أبيات قالها في مدح النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وهي في معانيها الحكمية واُسلوبها الشعري وما يتبعها من بيان فريدة في بابها مضافاً إلى ذلك انّها ليست في مصدر مطبوع فيما أعلم وهي بنفس الوقت نموذجاً لنظمه العربي على طريقة المثنوي، قال:

سيّد الكونين مصباح الظلام *** صفوة الرحمن من بين الأنام

عالم الإمكان من أتباعه *** كلّ من في الكون من أشياعه

خص نفي الظل عنه ذو الجلال *** لم؟ لقرب الظل من لفظ الضلال

أو لتثليث من الظل بدا؟ *** وهو للتوحيد حقّاً قد هدى

كان ظل الله ما بين الورى *** هل ترى للظل ظلا هل ترى؟

وعقبها بقوله: قال كاتب الأحرف محمّد المشتهر ببهاء الدين العاملي:

هذه التعليلات الثلاثة لعدم وجود الظل له(صلى الله عليه وآله وسلم) ممّا ألهمنيه الله تعالى، والتعليل الأوسط في أعلى طبقات الكمال بعد تقرير في مظانه ان الظل يلزمه ثلاثة خطوط لا محالة، الشاخص، والخط الشعاعي، وخط الظل ولا يمكن تحقق الظل بدون هذا التثليث.

انتهى كلامه رفع مقامه، وجدته بخطّه كتبته تيمناً وتبركاً(74).

 

آراء وبحوث:

بقيت بعض الآراء والبحوث الّتي كنت أود أن أتناولها في هذه اللمحة بشيء من التفصيل، إلاّ أنّ تأخير الكتاب محجوباً طيلة هذه المدّة، وهو لا يزال ملازم مطروحة في المخزن قد يعرضها ذلك للتلف، دعاني إلى ترك استيفاء البحث عنها، وأكتفي بالإشارة إليها عسى أن يتناولها من يُعنى بدراسة الشيخ البهائي بصورة أوسع وهي:

1 ـ في الإتجاه العقائدي: كان يرى أن المكلف إذا بذل جهده في تحصيل الدليل فليس عليه شيء إذا كان مخطئاً في اعتقاده ولا يخلّد في النار، وإن كان بخلاف أهل الحقّ.

وهذا الرأي ممّا بحث عنه في المسائل الكلامية، وقد ذهب إليه شيخنا البهائي(رحمه الله) وله على رأيه الحجة، لكنّه مع ذلك لم يسلم من نقد بعض المتطرفين، فاتخذ من ذلك وسيلة للتشنيع على الشيخ، وقد انتصر المحدّث البحراني للشيخ البهائي وردّ على الناقد قوله(75).

كما كان يرى تشيع الفخر الرازي صاحب التفسير(76).

2 ـ وفي الإتجاه الاُصولي: كان ينكر ثمرة مسألة الضدّ، وهي مسألة اُصولية ذات أهمية عند الاُصوليين، ومحل بحث وجدل عند علمائهم، وتتلخص في انّ الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضدّه الخاص أم لا؟

وتترتب على ذلك ثمرة بالغة الأهمية في العبادات، وهي فساد العبادة إذا كانت من الأضداد الخاصة للمأمور به عند المثبتين القائلين بالاقتضاء، وعدم الفساد عند النافين القائلين بعدم الاقتضاء(77).

3 ـ وفي الإتجاه الرياضي: فكان يسيطر على كثير من محاولاته ومعالجاته لمسائل علمية، وبخاصة لمسائل ما وراء الطبيعة، إعمال البراهين الرياضية، وفي الكشكول أكثر من شاهد على ذلك، ففي عرضه بطلان (اللاتناهي) مثلا فقد استدل ببراهين رياضية وهندسية(78).

4 ـ وفي علوم الكيمياء والفيزياء والرادار: فقد أثر عنه انّه استطاع تحطيم الذرّة، والسيطرة على طاقتها، مستخدماً لها في الحاجات(79)، كما توصل إلى اكتشاف قوانين الانعكسات الصوتية (الصدى) وتطبيق النظرية عملياً في تصميم بناء بعض مساجد أصفهان الشهيرة (مسجد الشاه )(80) كما وضع قواعد ضغط الماء وتساوي سطوحه(81).

وابداعه في إعداد شمعة أوقدها في أتون حمّام بأصفهان ظلت كافية لتسخين الماء وتدفئة حمّام بكامله طيلة ثلاثة قرون أو أكثر حتّى هدمها مهندسون انكليز لاكتشاف أسرار اختراعها، خير دليل على تبحره في الكيمياء(82).

وثمة آراء وبحوث في علوم اُخرى كالجفر ونحوه لابدّ من مراجعتها والتثبت من صحتها لمن يروم استيفاء البحث عن الشيخ البهائي.

(1) ماضي النجف وحاضرها 1: 50 طبع الآداب.

(2) سلافة العصر: 290.

(3) نفحة الريحانة 2: 292.

(4) تاريخ مفصل ايران لعباس اقبال: 677.

(5) أحوال وأشعار فارسي شيخ بهائي: 35.

(6) إشارة إلى قوله تعالى: (إنَّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ) فاطر: 28.

(7) لعلّه إشارة إلى قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً ولما ساغ لكم الطعام ولا الشراب» عن أبي ذرّ(رضي الله عنه) (الجامع الصغير 2: 261 طبع بولاق سنة 1286).

(8) القصص: 83 .

(9) توجد الاجازة في مجموعة برقم 231 في مكتبة مجلس الشيوخ الايراني كما في نسخه هاي خطي 6: 493.

(10) المكتبة الرضوية (المصاحف الكريمة برقم 6).

(11) المكتبة الرضوية (المصاحف الكريمة برقم 12).

(12) المكتبة الرضوية (المصاحف الكريمة برقم 12).

(13) المكتبة الرضوية (المصاحف الكريمة برقم 27).

(14) تاريخ أصفهان وري ـ جابري: 190.

(15) وهما في المكتبة الرضوية (المصاحف الكريمة برقم 42 ـ 47).

(16) تكملة أمل الآمل (مخطوط)، روضات الجنّات: 605.

(17) سمنان: بلدة بين الري ودامغان.

(18) اجازات البحار: 134 و136.

(19) روضات الجنّات: 605، تكملة أمل الآمل (مخطوط).

(20) فهرست الرضوية 5: 430.

(21) اجازات البحار: 132.

(22) الذريعة 6: 11.

(23) الذريعة 5: 209.

(24) نسخه هاي خطي 5: 313.

(25) الغدير 11: 256.

(26) فهرست مكتبة جامعة طهران: 1759 وتوجد صورة فتوغرافية للاجازة في ريحانة الأدب 2: 383.

(27) فهرست إهدائي كتابخانه مشكوة به كتابخانه دانشگاه طهران: 1854 ـ 1866 ـ 1875 وغيرها.

(28) تاريخ اصفهان وري، جابري: 191.

(29) فهرست مكتبة جامعة طهران: 1749.

(30) ذكر نفيسي في أحوال وأشعار فارسي شيخ بهائي: 169 ـ 170 نقلا عن فرج الله الكردي في مقدّمته لرسالة ] پند أهل دانش وهوش بزبان گربه وموش  [ الّتي طبعها ان لديه نسخة مشرق الشمسين بخط البهائي ] وانّه أتمّها في 17 ذي القعدة سنة 1015 في قم  [ولعل أقدم نسخة منه توجد اليوم هي الّتي بمكتبة الإمام الرضا(عليه السلام)، وبعدها الّتي بخط أحمد بن محمّد بن خاتون العاملي كتبها في أصفهان يوم 14 ربيع الأوّل سنة 1029، وعليها اجازة الشيخ البهائي للناسخ بخطه وتاريخها أواخر ربيع الأوّل سنة 1029 كما عليها اجازة نعمة الله عليّ بن أحمد بن خاتون لأحد الأكابر مع نقل صورة اجازة مؤرّخة ] 976  [والنسخة بمكتبة المرعشي بقم، كما في نسخه هاي خطي 6: 413.

(31) اجازات البحار: 130.

(32) ديوان أبي البحر: 63 و69.

(33) ديوان أبي البحر: 63 و69.

(34) تاريخ مفصل ايران، عباس اقبال: 687.

(35) نسخه هاي خطي 4: 398.

(36) الذريعة 1: 117.

(37) فهرست مكتبة سبهسالار 1: 420.

(38) اجازات البحار: 130.

(39 و 40 و 41) الذريعة 1: 237 و238.

(42) تاريخ أصفهان وري، جابري: 193.

(43) الذريعة 18: 335.

(44) الذريعة 1: 237.

(45) والنسخة بمكتبة مجلس الشورى الإيراني كما في فهرستها.

(46) اجازات البحار: 131.

(47) راجع تفصيل ذلك في أعيان الشيعة 46: 117، والذريعة 1: 239.

(48) جامع الرواة 1: 30.

(49) الغدير 11: 260.

(50) كلزار قندهار: 77.

(51) تاريخ أصفهان وري، جابري: 193.

(52) اجازات البحار: 140.

(53) الذريعة 1: 239.

(54) الغدير 11: 258.

(55) الذريعة 1: 227، والغدير 11: 256.

(56) نظام الأقوال للساوجي (مخطوط) في ترجمة الشيخ حسين بن عبدالصمد.

(57) وسيلة الفوز والأمان قصيدة للمؤلّف راجع الكشكول 1: 201.

(58) الكشكول 2: 357.

(59) الكشكول 2: 308.

(60) الكشكول 2: 315.

(61 و 62) الكشكول 2: 520 و252.

(63) يختلف القائلون بوحدة الوجود إلى فريقين، يحسن مراجعة الكتب التالية لمعرفة تصوير رأي كلّ منهما في ذلك، أوصاف الأشراف: 66، رسالة وحدة الوجود ضمن مجموعة الرسائل طبع مصر سنة 1328، التصوّف الإسلامي 1: 181 وغيرها.

(64) تكملة أمل الآمل (مخطوط).

(65) في الكشكول: 371 ـ 372 طبع الهند.

(66) في روضات الجنّات: 608.

(67) في تكملة أمل الآمل وقد مرّ بعض كلامه.

(68) في أعيان الشيعة 44: 238.

(69) في قصص العلماء: 240 ـ 242 .

(70) فردوس التواريخ: 101 ـ 102 فراجع.

(71) نسخته في المكتبة الرضوية برقم (5008).

(72) لاحظ (شير وشكر).

(73) لاحظ مثنوي (نان وحلوا) وغيره.

(74) نقلا عن خط محمّد بن عليّ بن خاتون العاملي تلميذ المؤلّف والمجاز منه في 16 ج 2 سنة 1029 وقد كتب له اجازة على ظهر نسخة من رجال النجاشي، والنسخة في مكتبة الإيرواني في تبريز (عن مذكرات فضيلة الأخ العلاّمة السيّد عبدالعزيز الطباطبائي).

(75) لؤلؤة البحرين: 5.

(76) أعيان الشيعة 44: 235.

(77) الزبدة: 97 ـ 99.

(78) فلاسفة الشيعة: 401 .

(79) فلاسفة الشيعة: 407 .

(80) أحوال وأشعار شيخ بهائي، سعيد نفيسي: 69.

(81) تاريخ جباع: 135.

(82) تاريخ أصفهان وري: 193، وگلزار قندهار: 76 ـ 77.