البحث في...
العنوان
المؤلف
المحقق
الناشر
تاريخ الانتشار
الوصف او الفهرس
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة
ابوطالب مأوى الرسول و الرسالة

ابوطالب مأوى الرسول و الرسالة

المؤلف :  حسن الحاج
المحقق : 
عدد المجلدات :  1
الناشر : 
تاريخ الانتشار : 
الطبعة : 

بنو هاشم

في وادٍ تُحيط به الجبال ، وتحفّ به التلال ، وفي مجتمع ظلّت الجاهلية بتقاليدها تنخر فيه . . . نشأت قبيلة بني هاشم من نسل إبراهيم الخليل(عليه السلام) ، وراحت من بين ثلاث وعشرين قبيلة شكّلت قريشاً ، تقف بكلّ شموخ وإباء; لتؤدي دورها التوحيدي ولتسطّر أروع الصفحات وأجملها ، وأفضل المواقف وأحسنها ، في تأريخ الإنسانية على الإطلاق . . . بما حملته من أخلاق عالية ، وصفات محمودة ، وخصال نادرة ، ومواقف فريدة ، تميّزت بها على أقرانها قبائل ورجالاً ونساءً...

فبنو هاشم ، سادة قريش بل سادة الدنيا ، فهم كما وصفهم الجاحظ : «ملح الأرض ، وزينة الدنيا ، وحلى العالم ، والسنام الأضخم ، والكاهل الأعظم ، ولباب كلّ كريم ، وسرّ كلّ عنصر شريف ، والطينة البيضاء ، والمغرس المبارك ، والنصاب الوثيق ، والمعدن الفهم ، وينبوع العلم . . .»1 .

فقد كان منهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، الذي ولد على رمال مكّة ، أكرم خلق الله تعالى على الإطلاق وأفضلهم وأشرفهم وأعظمهم من الأوّلين والآخرين ، فبه بزغ نور سرعان ما انتشر في الآفاق ، حتى أضاءت له مشارق الأرض ومغاربها ، فغدت الدنيا نيّرة بآيات الله تعالى ، التي حملها ، رحمةً للعالمين ـ داعياً الى الله ، بشيراً ونذيراً ـ شاخصةً بالعزّ والشموخ ، نابضةً بالحياة ، التي غدت تضجّ بين جنبات ذلك المجتمع السادر في غيّه وشركه ، الضال عن الصراط ، الغارق في آلامه ومشاكله ، وعدوانيته وغزواته ، وظلمه وطغيانه ، ولهوه وترفه . . . فوردت كلّ مفاصله ونواحيها; لتقلبه رأساً على عقب ، وتخلق منه أمّةً تأمر بالمعروف وتنهى عن المُنكر ، وزخرت بعطاء دائم وخير عميم ، ما انفكّت الأجيال المتعاقبة تنتفع منه وتقتطف ثماره ما دام ليل وبقي نهار ، لا يعرف النضوب أبداً ، ولا يحدّه شيء ، ولا ينتهي بأمد ، ظلّ معينها يتجدّد وعطاؤها يتّسع ، وكيف لا يكون كذلك وهو عطاء السماء ، الذي منّ الله به على رسوله(صلى الله عليه وآله); لتباركه على يديه ، فينضج كلّ ما بذره ، ويدوم طويلاً ، ويخلد ما شاء الله له الخلود والبقاء . . .

أبو طالب والنوراليتيم

هذا النور العظيم اليتيم منذ ولادته ، راحت قلوب طيبة تحتضنه ، وأيدٍ مباركة ترعاه ، يد جدّه عبدالمطلب الذي تشرّفت برعايته واحتضانه ، ثمّ كانت يد عمّه (أبو طالب) شيبة بني هاشم ، شيخ قريش وزعيمها ، وسيّد قومه ، الذي انطوت نفسه على خصال كريمة كلّها شموخ وإباء وشهامة وعزّة . . .

فكان الكافل المدافع الذابّ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، والذي أحاطه بعناية عظيمة ورعاية قلّ نظيرها ، خاصة إذا عرفنا مكانته في قبائل قريش وبين زعمائها ، وما سبّبه ذلك من إحراج له ، وضيق وأذًى . . . ومع هذا كلّه ، فقد صبر أيما صبر دفاعاً عن محمّد ورسالته ، حتى أنّ قريشاً لم تكن قادرةً على أذى رسول الله(صلى الله عليه وآله) مع عظيم رغبتها في ذلك ، وكانت تتحين الفرص للإيقاع به ، لكنها لم تستطع حتى توفي أبو طالب ، فراحت تكيد له . . .

يقول رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «والله ما نالت قريش منّي شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب » . ولم يهاجر إلى المدينة ، إلاّ بعد وفاة عمّه رضوان الله عليه .

* * *

فالحديث عن «أبو طالب» حديث عن الصمود والإباء ، حديث عن الإيمان الواعي ، والموقف الحكيم ونكران الذّات ، حديث عن الظلامة التي تلاحقه ، وما زالت إلى يومنا هذا .

ولا يضرّ ولا يفتّ في مواقفه ما يُقال هنا وهناك ، من أنّ أبا طالب لم يكن مؤمناً وقد مات كافراً ، إنّه نتيجة من نتائج الصراع والنزاع الطويل والعميق في تاريخ كلا الأُسرتين : أُسرة الخير والعطاء أُسرة بني هاشم ، وأُسرة بني أُمية المعروفة بالكيد والشرّ ، وتأريخ الأُسرتين واضح بيّن لمن أراد الاطلاع عليه ، إنّه نزاع بين الخير والشرّ ، بين الفضيلة والرذيلة ، بين المعروف والمُنكر ، وقد تمخّض هذا الاختلاف ، بل الصراع عن أُمور كثيرة ، كان منها إتهام شيخ الأُسرة وعميدها ، بل عميد قريش وزعيمها وحليمها وحكيمها بالكفر ، مع تاريخه الناصع ، وذبّه العنيد عن الرسالة والرسول ومواقفه الجليلة ، التي ملأت عصر الرسالة الأوّل عصر التأسيس قوّةً وثباتاً .

لقد حفل تأريخ الرسالة في صدر الإسلام بمواقف عظيمة وأقوال جليلة لشيخ قريش وسيّدها بلا منازع ، أثّرت أثرها وتركت بصماتها على مسيرة الرسالة ، فقد راحت مواقفه تتصدّر أولى مراحل الرسالة ، تضحيةً وصبراً وثباتاً ، وبما تحمله بين طيّاتها من آلام ومأساة تعرّض لها شيخ قريش وسيّدها ، فكان الملاذ الأوّل لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وكان الحضن الأوّل لدعوة السماء ، حيث كانت الدعوة تأخذ مسارها بفضل ما قيّضه الله لها من رجال يحمونها ويضحون في سبيلها وكان أبو طالب أوّلهم ، فحمايته لابن أخيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، والدفاع عنه وعن رسالته ، أمر لا يرتاب فيه أحدٌ ، ولا ينكره منكِرٌ ، وهذا ما يراه كلّ باحث في حوادث العصر الأوّل للإسلام ، وما سنلخصه في مقالتنا هذه...

 


أبواب الكتاب :

■  بنو هاشم

■  أبو طالب والنوراليتيم

■  اسمه

■  ألقابه

■  صفاته

■  أبوه

■  أُمّه

■  زوجته

■  أولاده

■  أبو طالب ورسول الله(ص)

■  الكفالة المُباركة

■  وصحبه

■  إظهار الدين الجديد

■  وفود قريش

■  أبو طالب والموقف القرشي

■  أبو طالب والحصار في الشعب

■  الصحيفة وما آلت إليه

■  أبو طالب يستحث قومه

■  الوصية الأخيرة

■  وفاة أبي طالب

■  ومما قيل عنه

■  أبو طالب ضحيّة مؤامرة قذرة

■  إذ يتنازعون بينهم أمرهم

■  أين تقف رواية ابن سعد؟

■  وختاماً