الفصل التمهيدي

التقديس المكاني في تاريخ الإنسانية

 

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: التقديس المكاني في الفكر الديني

المبحث الثاني: المفهوم الإسلامي لتعظيم الشعائر

 

 

المبحث الأول

التقديس المكاني في الفكر الديني

 

لا ريب أن الديانات السماوية حقيقة عيانية قائمة وقديمة قدم التاريخ البشري، والدين وحي مرسل من الله تعالى، ورسل وأنبياء وإتباع مؤمنين على أجيال متعاقبة، ونصوص تأسيسية، ونصوص شارحة، ثم أحداث ووقائع زمانية جرت على مواطن، وأماكن اكتسبت بجريان الحدث عليها صفة دينية وحضارية وتاريخية من جهة، وقداسة مجتمعة من جهة أخرى سواء كانت هذه القداسة بنصّ ديني أو بعرف اجتماعي يستند إلى مقولة دينية وأن مجموع هذه الأماكن قد سميت (الأماكن المقدسة) التي ظلت تحافظ على قدسيتها رغم تعدد الأديان، فالاندماج الحدثي والتشابك النصي بين التوراة (العهد القديم) والإنجيل (العهد الجديد) جعل هذه الأماكن مقدسة على تفاوت في الرتبة وليس في النوع عند اليهود والنصارى على حد سواء.

وبما أن الإسلام هو الدين الخاتم المهيمن على كل الأديان، والرسالة الإلهية التي اعترفت بكل الأديان، واحترمت كل الأنبياء والصالحين من أتباعهم، أقرت بالقداسة لهذه المواقع الدينية السابقة على الإسلام، وتبنّت مقولات احترامها وتقديسها على الأغلب، ثم نشأت في حركة الإسلام الحضارية ـ من اللحظات الأولى لنزول الوحي ـ أماكن مقدسة خاصة بالمسلمين مثل غار حراء، وما قدسته النصوص، وما اعُتبر مقدساً لارتباطه بقضية دينية بحيث أصبح تسلسل إضفاء القداسة على أماكن عدّة أمرا قد لا ينتهي بعصر، فان مدفن أحد المؤمنين الصالحين مكان مقدس لقداسة المدفون، ومكان استشهاد الشهداء المؤمنين مقدس، وهكذا وقد يطلق عليها الأماكن المقدسة وأخرى العتبات المقدسة.

فالخلاصة: إن الأماكن أو المقامات أو العتبات المقدسة عموماً معطى ديني مطلق امتازت به كل الأديان وأتباعها وهو ليس بدعاً في الإسلام عامة والفكر الشيعي خاصة، بل هو جغرافية الحدث الديني نصاً أو سلوكاً، ولأجل التفصيل في مثل هذه الفريضة الاثباتية لمشروعية قداسة المكان في الأديان كافة، استعرض على وجه إجمالي قداسة الأماكن عند اليهود والنصارى وعموم المسلمين، ليكون مدخلاً لموضوع الرسالة هذه بعد معرفة حقيقة المكان وأثر الاعتقاد الديني عليه.

 

المكان والعقيدة الدينية:

المكان لغة: «الموضع الحاوي للشيء وجمعه أمكنة كَقذَالٍ وأقذلةٍ وأماكن جمع الجمع»(1).

والعقيدة الدينية: «القوة الدامغة التي تحثه على السير قدماً في طريق هذا الدين، وتحضه على ممارسة الشعائر الدينية، وعلى إتيان فضائل الأعمال، واجتناب رذائلها... مؤيداً في ذلك كله بمدد الهي»(2).

والمكان مع الاعتقاد بالشيء بغض النظر عن كونه دينياً أو غيره يثير لدى الإنسان أحاسيس متعددة، تارة بالحدث الذي وقع عليه، وأخرى بالزمن الذي أرخ لتلك الحادثة، حتى لتحسبهُ الكيان المتجذر في عمق النفوس عبر الأجداد والآباء والأحفاد والذي لا ينفك أبدا عن ذاتياته حتى لو قامت الحقيقة على خلاف اعتقاده، لذا فقد حمل الإنسان على مختلف الديانات بعض الطقوس والشعارات تقام لأجل ذلك المكان للتعبير عن انتمائه الديني والعقيدي اتجاه تلك الحوادث المكانية وما دام له صبغة دينية أو تاريخية فقد اتخذ طابع القداسة .

فنرى اليهود ـ وخاصة كتبة التوراة ـ قد حمّلوا تاريخ بلادهم ومطامع شخوصهم أمكنة نحو (هيكل سليمان) وانه مكان للإله (يهوه) (3) أو جبل الكليم موسى في صحراء سيناء أو مدافن أنبيائهم وهم بذلك يريدون أن يتخذوا من المكان قداسة لتعلّق الاعتقاد الديني لهم(4).

كذلك النصارى فان وازع الاعتقاد الديني وما كتبته أيادي الأناجيل خطت لهم أماكن وكنائس وأديرة نحو كنيسة الميلاد التي ولد فيها المسيح (ع) أو كنيسة القيامة التي صُلب فيها وأماكن أخرى يحجّون إليها سنوياً(5).

وبغضّ النظر عن صحة النصوص وعدمها، أن هناك حقيقة تمزج الاعتقاد بالمكان . وأما في الإسلام فالأمر كذلك لا يختلف عن باقي الديانات بالمنظور العقلي والنقلي وكما سيمر علينا .

وعليه يبدو أن الديانات حظيت وتسالمت بتقديس الأماكن ذات الطابع الديني. وسوف أقف على المهم منها عند الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية المتسلسل بناؤها على التدرج الزمني والتاريخي الواقع ضمن التدرج الرباني في ديانات البشر .

 

■ المطلب الأول: التقديس المكاني عند اليهود :

1 ـ القدس الشريف:

إن من أهم الأماكن المقدسة عنـد اليهـود هـي القـدس الشريف التي يسمونها ـ أورشليم(6) ـ وقد نالت القدس من القداسة عند كل الأديان ما لم تنله مدينة أخرى حتى يومنا هذا منذ أسسها اليبوسيون الكنعانيون(7) العرب قبل خمسة الآف سنة لذا حمل اليهود المكان على أساس ديني لكي يحمل طابع القداسة وقد جعلوا من فلسطين ومن خلال نصوص وأمكنة دينية وثيقة في إثبات مدعاهم التاريخي المكاني .

«حيث أن الأساطير والقصص الدينية بشكل عام تعتمد على فضاء ميثولوجي زمكاني تمسرح عليها سردها الدرامي ... على عكس ما قام به محررو التوراة الذين وظفوا النص الديني كوثيقة من اجل إثبات ادعاءاتهم التاريخية ولذا فقد مسرحوا الأساطير التي قاموا بتهويدها على مكان جغرافي محدد كي يثبّتوا ادّعاءاتهم بحقهم التاريخي في بلاد كنعان»(8).

وتجدر الإشارة إلى أننا نتعامل مع مقدساتهم بما هي عليه اليوم من حيث القداسة والتعظيم عندهم بغض النظر عن خرافيتها أو أسطورة كتب التوراة لها، فان الثبوت والإثبات ينبغي الرجوع إليه في الموسوعات لمن يريد ذلك(9).

2 ـ جبل الكليم موسى (ع) في صحراء سيناء:

وهو المكان المقدّس عندهم من حيث انه مهبط الوحي الأسمى الذي دعا الله سبحانه كليمه موسى (ع) بإعطاء شريعته، وحلول مجده فيه من خلال ملاقاة الرب له، وإنزال الألواح المقدسة والوصايا عليه(10).

على هذا الجبل المقدس الغني بذكريات إلهية عديدة ينبغي للمؤمن أن يصعد، وان يتحمل مشقة الوصول إليه وتسلق (3800) درجة للوصول إلى قمته، مرتلاً أناشيد المراقي ويرجع بلا انقطاع راجياً أن يقيم فيه إلى الأبد(11).

وقد جعلوا لهذا الجبل المقدس طقوساً ومناسك، يحجون إليه سنوياً لملاقاة الرب، منها وجوب تقديم الذبائح وتلاوة آيات البركة واللعنة .

3 ـ هيكل سليمان:

هو كعبة اليهود، بني بعدما استقر نبي الله داود (ع) في (أورشليم) بأمر من الرب «وفي تلك الليلة كان كلام الرب ... اذهب وقل لعبدي داود هكذا قال الرب أنت تبني بيتاً لسكناي، لأني لم اسكن في بيت منذ يوم أصعدت بني إسرائيل من مصر إلى هذا اليوم، بل كنت أسير في خيمة وأي سكن»(12).

وتم بناء الهيكل في عهد نبي الله سليمان (ع) بعد أن فرغ من بناء بيت المقدس في ثلاث عشرة سنة(13).

وهو عبارة عن مبنى مستطيل الشكل يبلغ طوله واحدا وثلاثين متراً وعرضه عشرة أمتار ونصف وارتفاعه عشرة أمتار، مقسم من الداخل إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول: المحراب (قدس الأقداس):

وهو أقدس بقعة ويحددها بعض الحاخامات بأنها صخرة بيت المقدس المبنى عليها مسجد قبة الصخرة.

القسم الثاني: القاعة الوسطى: وهي مخصصة للعبادة وإقامة الشعائر .

القسم الثالث: قاعة المدخل: التي يعلوها غرفة الكاهن الأعظم(14).

وللهيكل مكانة مقدسة وكبيرة في معتقدات اليهود في وجدانهم الديني يقول المؤرخ (ول ـ ديورانت) متحدثاً عن مكانة الهيكل وقدسيته عند اليهود «كان بناء الهيكل أهم الحادثات الكبرى في ملحمة اليهود ... ذلك أن هذا الهيكل لم يكن بيتاً لـ(يهوه) اله اليهود فحسب بل كان ايضاً مركزاً روحياً لليهود وعاصمة ملكهم ووسيلة لنقل تراثهم وذكرى لهم كأنه علم من ناره يترائ لهم طوال تجوالهم الطويل المرعى على ظهر الأرض»(15).

ولبيان قدسية الهيكل نذكر بعضاً من معتقداتهم فيه ومن ذلك زعمهم بأنه: يقع في وسط القدس التي تقع في وسط العالم، والهيكل كنز الإله مثل جماعة إسرائيل، وهو عند الإله أثمن من السموات والأرض، لان الله خلق الهيكل بكلتا يديه بينما خلق السموات والأرض بيد واحدة، وان الإله نفسه هو الذي قرر بناء الهيكل قبل خلق الكون نفسه ولما هدم الهيكل في 70م ولم يستطع اليهود إعادة بنائه ابتدعوا جملة من الأساطير جعلوها عقائدا وطقوسا لهم منها :

لابد من ذكر الهيكل عند الميلاد والموات، وعند الزواج يُحطّم أمام العروسين كوب فارغ لتذكيرهم بهدم الهيكل وقد ينثر الرماد على جبهة العريس لتذكيرهم بهدم الهيكل .

وجاء في الأدب اليهودي، أن اليهودي في الماضي كان إذا أطلى بيته ـ صبغه ـ يتبع أمر الحاخامات بأن يترك مربعاً صغيراً في منزله دون طلاء ليتذكر واقعة هدم الهيكل، ويصوم اليهود في كل عام يوم التاسع من آب / أغسطس احتفالاً بذكرى هدم الهيكل لأنه هدم في ذلك اليوم، ولهم صلاة خاصة في منتصف الليل حتى يعجل الإله بإعادة بناء الهيكل(16).

4 ـ حائط المبكى أو البراق:

وهو من وجهة نظر اليهود الجدار المتبقي من هيكل سليمان، أي أن بناء هذا الجدار من الأحجار نفسها التي بني بها الهيكل بعد تهديمه ولم يبق من الهيكل إلا هذا المقدار، وان لقب حائط المبكى ، كان بسبب أداء طقوس البكاء والعويل عنده حيث أن «الصلوات حوله تأخذ شكل العويل والنواح ولقد جاء في الأساطير اليهودية أن الحائط نفسه يذرف الدموع في التاسع من آب وهو تاريخ هدم الهيكل ويزعم التلمود الكتاب المقدس عند اليهود أن الإله نفسه ينوح ويبكي وهو يقول: تباً لي سمحت بهدم بيتي وتشريد أولادي»(17).

وهو نفسه يسمى عند المسلمين بحائط البراق «على اعتبار أن البراق اسم الدابة التي ركبها النبي (ص) ليلة الإسراء وربط الدابة بحلقة كبيرة في ذلك الحائط»(18) وهو الحائط الغربي لمسجد الأقصى اليوم .

وفي 15/ آب/ 1929م وقعت حوادث زمن الانتداب بين الفلسطينيين واليهود حول ملكية هذا الحائط، فشكلت الحكومة البريطانية تحققاً قررت بموجبه ان المسلمين هم المالك الوحيد للحائط والمناطق المجاورة، وان اليهود يمكنهم الوصول للحائط للأغراض الدينية فقط على أن لا ينفخوا البوق ولا يجلبوا خيمة أو ستار(19).

5 ـ معبد بيت إيل:

كلمة إيل تعني (الله) فيكون معنى المعبد (بيت الله) وهو من أقدم المعابد والأماكن التي يحج إليها اليهود، حتى انه أقدم من الهيكل الذي شيّده النبي سليمان (ع): قدّسته فرقة ألسامري(20) بعدما انشطرت من مملكة سليمان وكان لها طقوس خاصة كالطواف والأضاحي وغيرها من صعود الجبل والوقوف عليه وتقديم النذورات والهداية والقرابين(21).

(6) بئر الحي الرائي:

منطقة بالقرب من الخليل، وهي مدفن لعدد من الأنبياء (ع) وزوجاتهم وان أول من دفن فيها كانت سارة زوجة إبراهيم ثم دفن فيها إبراهيم الخليل ثم ريقه زوجة إسحاق ثم إسحاق، ثم دفن بعده يعقوب(22).

ولهؤلاء الخمسة مكانة خاصة عند بعض اليهود لذلك قُدّست قبورهم وأماكن ذكرياتهم واعتبرت مكاناً يحج إليه ويتقرب بهم إلى الله في تقديم الأضاحي والنذورات والهدايا وقراءة الأدعية والتضرع والتخشع والبكاء للحصول على النعيم الأخروي من خلالهم ولرضا الرب الإله(23).

وعظَّمت اليهود قبر نبي الله ذي الكفل الواقع في بلدة الكفل على ضفة الفرات اليسرى والتي تبعد 30 كيلو متر إلى الجنوب الغربي من مدينة الحلة(24).

وكذلك قبر راحيل في بيت لحم وهي ام نبي الله يوسف وقبر نبي الله يوسف (ع) واتخذوه محجاً وعندما هُدم في انتفاضة الأقصى عام 2000م أذاع اليهود في أوربا وأمريكا أن العرب يهدّمون مقدّسات اليهود(25).

وبالإضافة إلى المعابد والمراقد عُظمت وقدّست طوائف من اليهود أماكن طبيعية كالجبال والتلال والأشجار والآبار وعيون الماء اعتماداً على النصوص التوراتية، واقتداءً بالأجداد الذين قدسوها واعتبروها آيات عظيمة تقربهم إلى الرب(26).

إن فكرة تعظيم اليهود لتلك المقدسات لم تأتِ من فراغ فقد عظمت الديانات التي قبلهم بحسب ما جاء من معتقدات عندهم وزاروها وحجّوا إليها فمن كان على دين إبراهيم (ع) أو من كان من الأقوام الساميّة يعظم ويقدس معتقده وقد حدد سفر الخروج لليهود أعيادا دينية سنوية يزورون فيها مقدساتهم بملابس خاصة وينحرون ويطوفون ويقرؤون التعويذات الخاصة بهم وجعل ذلك العمل والفعل (الحج) واجباً عليهم(27).

 

■ المطلب الثاني: التقديس المكاني عند النصارى :

حظيت مدينة القدس بوصفها موضع مكاني مقدس للديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية وقد بيّنا تعظيم اليهود لتلك الأماكن لما تحويه من شواهد دينية وأماكن أثرية تاريخية .

وشهدت ارض فلسطين اهتماما من النصارى أيضا، وان كانت القدس أكثر قداسة وذلك لان معالم عيسى (ع) وأمه مريم (ع) وللآثار التي بصم عليها مواضع كثيرة من فلسطين ففي بيت لحم ولد عيسى (ع) وبنهر الأردن تعمد (اغتسل) وهناك اعتقاد أن القدس هو المكان الذي قيل أن عيسى صلب فيه وعلى أثر ذلك بُنيت الكنائس والمعابد وقصدت من أماكن بعيدة للحج إليها والتبرك بها .

«وأضحى الرجال والنساء يرتحلون إلى الجهات البعيدة لمشاهدة المخلّفات الدينية وأكثر من ذلك حاولوا أن يحصلوا على شيء من هذه المخلّفات يحملونها إلى بلادهم ويجعلونها في مزاراتهم المحلية»(28).

لهذا جاءت مقولة القديس(29) جيروم(30) «إن من الدين التعبد في الموضع الذي وطأته قدما المسيح»(31).

بل كانت الدعوة ليست إلى تعظيم تلك الأماكن المقدسة والتعبد فيها لأنها ضمت رفاة الأنبياء (ع) أو حواريهم، أو لوقوع حدث تاريخي لهم، بل لتعظيم أماكن القديسين إذ بها النصر والنجدة لله .

«إن نجدة الله وعونه يصح التماسها عند مقابر هؤلاء القديسين والى ما يصدر عن أجسادهم من المعجزات والكرامات»(32).

وحين انتشرت المسيحية واعتنقها الرومان سنة 325 ق.م بعد هزيمة الفرس، انتشر بناء الكنائس وتجددت الشعائر الدينية فيها، وقدَّست بعض عيون الماء والآبار والأشجار والحجارة لهذا كانت القدس كعبة النصارى اولاً ومن بعدها كنائس القديسين في ربوع أوربا ثانياً .

ومن أهم المقدسات المكانية عند النصارى :

(أ) في القدس :

1. كنيسة المهد(33):

المكان الذي قيل أن المسيح (ع) ولد فيه وتسمى مغارة المهد أسست هذه الكنيسة عام 226م وتعهدها الملوك والولاة النصارى بالتعمير والتجديد، ويوجد مكان آخر يسمى المزود حيث وضعت مريم (ع) طفلها بعد الولادة ويقام في كل عام احتفال عيد الميلاد في كنيسة المهد في الخامس والعشرين من شهر كانون الأول .

2. طريق الآلام:

وهو الطريق الذي سلكه المسيح (ع) بعد أن حكم عليه بالموت صلباً حاملاً خشبة صلبه الثقيلة على ظهره وَعُدّ من الأماكن المقدسة التي يحج إليه، وهذا الطريق فيه أربع عشرة مرحلة لأداء الطقوس والشعائر تسع منها خارج كنيسة القيامة وخمس منها داخلها، ويعتقد النصارى أيضا أن هذا المكان الذي تم فيه جلد المسيح بقسوة على أيدي جنود الرومان(34).

3. كنيسة القيامة أو القبر المقدس:

أقدم كنائس الدنيا وأم الكنائس وقبلة النصارى، شيّدت فوق قبر المسيح يزورها جميع طوائف النصارى(35).

وقيل هي المكان الذي صلى فيه المسيح(ع) (36)وهذه الكنيسة لها مكانة عظيمة عند النصارى فقد خصوا زيارتها والحج إليها بأعياد وأيام مخصوصة وكذلك بأوقات مختلفة وغالباً ماتكون في عيد الفصح السنوي(37) إلى غير ذلك من الكنائس مثل (نياحة العذراء) التي قضت مريم (ع) فيها حياتها الكريمة (ع) بعد فراقها ولدها .

وقد كانت هذه الكنائس يحج إليها رغم مخاطر الطريق لقداستها حيث انه حدث في عام 1054م أن سار (ليد بيرت) أسقف كمبرية على رأس ثلاثة آلاف حاج إلى بيت المقدس ... وغيره بـ (عشرة الآلف) مسيحي، هلك منهم ثلاثة الآلف في الطريق، ولم يعد منهم إلى أوطانهم سالمين إلا ألفان(38).

(ب) أماكن كنسية مقدّسة في أوربا:

اكتسبت هذه الكنائس قدسيتها لما تحمله من اعتقاد بوجود آثار لنبي أو قديس من قميص أو شعر أو قطعة معدنية أو حجر مست يده أو جسده أو غير ذلك ومن أهمها :

1 ـ كنيسة القديس بطرس الأول:

وهي اكبر كنيسة نصرانية في ايطاليا يعتقد أنها تضم جسد القديس (بطرس) وهو أول بابا في النصرانية وبسبب قداسة هذا المنصب ونفحات القديس كانت هذه الكنيسة مكاناً لغفران الذنوب يُحج إليها حيث أن «كل طرق العالم المسيحي كانت تؤدي بالحجاج إلى روما ليشاهدوا قبر بطرس ولينالوا الغفران بزيارة المنازل المقدسة.. وحدث عام 1229م أن أعلن البابا (بنيناس الثامن) انه سيقام عيد كبير في عام1300م وعرض أن يغفر جميع ذنوب من يأتون للتعبد في كنيسة القديس بطرس في ذلك العام، ويقال أن عدد من دخل أبواب روما من الغرباء في كل يوم من أيام هذه الشهور الاثنى عشر لم يقل عن مائتي ألف، وان مليوني زائر مع كل منهم نذر يناسبه وضعوا ما معهم من الكنوز أمام قبر القديس بطرس، وقد بلغت هذه الكنوز من الكثرة حتى شغل القديسون وظلوا يعملوا بالمجارف ليلاً ونهاراً لجمع النقود»(39).

2 ـ كنيسة (لورد) في فرنسا:

لورد: بلدة في الجزء الجنوبي الغربي من فرنسا، أصبحت منذ العام (1858م) محجاً يقصده المرضى من الكاثوليك إلتماساً للشفاء الذي أذيع من أن العذراء تجلت غير مرة في مغارة هناك لفتاة ريفية اسمها (برنادت) (40).

هذا المعتقد الديني جعل من هذه المغارة كعبة للمسيحيين حتى أنها أصبحت لهم (باب المراد) يطلبون حوائجهم ومنها ينذرون إليها ما استطاعوا إليه سبيلاً يحيون الليل بالبكاء والتضرع آملين من العذراء غفران العيوب والشفاء من الأمراض ويحج إلى هذا المغارة من عام (1858م) أي بعد ميلاد المسيح (ع) بأكثر من ثمانية عشر قرناً(41).

3 ـ كنيسة (فاطيما) في البرتغال:

فاطيما: قرية في مدينة لشبونة في البرتغال التي فتحت عام (710م) وبقيت تحت راية الإسلام حتى القرن الحادي عشر الميلادي.

وذكر أن فاطمة الزهراء (ع)، أو السيدة مريم العذراء، أو فاطمة بنت احد خلفاء المسلمين جاءت ستة مرات متجلية لثلاثة أطفال عام 1916م حيث دارت الشمس ثلاث دورات وظهر منها ملاك يشع نوراً باهراً وبيدها مسبحة وأوصتهم بوصايا منها الأضاحي والاستغفار والدعوة للهداية وقد أقيم في مكان التجلي كنيسة أصبحت محجاً يقصد إليها النصارى من مختلف أرجاء الأرض(42).

وتعد ليلة الثالث من مايو ـ يوم الحادث ـ من كل عام ليلة تقضى بالدعاء والاستغفار بناءً على طلب السيدة المتجلية، وتقطع الحشود من الناس مئات الكيلومترات كل عام لغرض الزيارة حتى انه في الذكرى الخمسين سنة 1067م لإقامة المزار زارها البابا بولس السادس وفي عام 1982م زارها البابا بولس الثاني تجليا للبقعة المقدسة(43).

ولم يتوقف الحج والتقديس إلى كنيسة القديس بطرس في روما بل في كل كنيسة أو قبر منحته القداسة .

وإذا أردنا أن نقف على الأماكن التي عُظمت وقُدست لأجل ضمها إحدى الآثار المقدسة فخير من يقف على إظهار وإبراز هذه الآثار صاحب قصة الحضارة. بما حوته تلك الكنائس مثل الحربة التي اخترقت جسم المسيح (ع)، أو الشمعة التي أُضيئت على قبر عيسى (ع) أو شعر قديس أو ما استعمله وصار اليوم أثراً. فضلاً عن تعظيم لبعض عيون الماء والأشجار والأحجار وغيرها(44).

فالعرف الديني على طول التاريخ وفي كل الأديان يرى أن التقديس مركب من المكان أو الحدث التاريخي الديني في ذلك المكان بالإضافة إلى الإمضاء من رجال الدين لهذا التقديس وجعل ذلك مناسبةً دينية سنوية مقترنة بالعبادة والتبجيل .

 

■ المطلب الثالث: التقديس المكاني عند المسلمين :

حظي المكان بقداسة ورفعة عند المسلمين أيضاً وجعلت بعض الأمكنة مما يشد لها الرحال وجوباً بقصد الحج كمكة المكرمة وما حوته من مشاعر ومقدسات، والبعض مما تقصد للزيارة استحباباً لغرض التبرك والثواب كزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة المنورة ومسجده والمسجد الأقصى أو زيارة قبور أهل البيت (ع) أو بعض الصحابة (رض) وجاء فضل تلك الأماكن بسبب نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة بالتعظيم لتلك الأماكن وإضفاء القداسة وما أوجبت على المسلمين من تعظيمها والقصد إليها لقوله تعالى: ((وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ))(45) وقد اجمع المفسرون أنها من الشعائر المكانية(46).

وقد اعتمد المسلمون في تعظيم تلك الأماكن وقداستها وأنها من شعائر الله على أسس أربع :

ـ الأساس الأول: ما ورد فيه نص قرآني .

امتدح القرآن الكريم عدداً من الأماكن وبين موقعها الديني مثل مكة المكرمة وما حوته من الكعبة المشرفة والمسجد الحرام ومقام إبراهيم والصفا والمروة وعرفات والمزدلفة فضلاً عن الأرض المقدسة والأرض المباركة ووادي طوى المقدس وغيرهم.

ونذكر عدداً من النصوص للمثال بعد تعضيدها بروايات بعض المفسرين وأقوالهم لتبيين فضل ذلك المكان وموقعه.

1 ـ مكة المكرمة:

أورد القرآن الكريم اسم مكة مرة واحدة ((وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ))(47).

وذكرت في أربع عشرة آية بأسماء وألقاب مختلفة هي: بكه، وأم القرى، والبلد الأمين، والحرم، وكلمات من قبيل قريتك، من القريتين، وادٍ غير ذي زرع .

ووجه القداسة لهذه البقعة المكانية بحسب ما نستفيده من خلال استعراض ما يحمل ذلك البلد من أسماء وصفات تناسب مسماه، حيث ذكر اللغويون والمفسرون وأهل الحديث مثلاً في بيان قوله تعالى: ((إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ))(48). إنها مشتق من لفظ (بك) بمعنى البُكاء، أو لأن الناس يبك بعضهم بعضاً بالأيدي أو أنها تبك أعناق الجبارين(49).

وكذلك في معاني مكة، فقد ذكروا أن لهذا الاسم معاني عدة منها أنها مأخوذة من (مك يمك) بمعنى التهلكة(50) فانه يقال: كل من قصدها بسوء لم يكن من نصيبه إلا الخيبة والهلاك أو بمعنى الدحو كما أشار سبحانه بقوله: ((وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا))(51) إلى غير ذلك من المعاني للأسماء الأخرى كالحرم الآمن وأم القرى...

وقد بيّن رسول الله (ص) فضلها وأنها ارض الله المحببة إليه وفضَّل الصلاة فيها قال الزهري: رأيت رسول الله (ص) وهو على راحلته بالحزورة يقول: «والله انك لخير ارض الله وأحب ارض الله إلى الله ولولا أني أُخرجت منكِ ما خرجت»(52).

وكفى لمكة فضلها أن فيها بيت الله وهو قبلة المسلمين احياءً وامواتاً، يتوجه إليه كل موحّد يؤمن بالله ويتّبع ملّة أبينا إبراهيم ومن سار على نهجه. وبالإضافة إلى شرف مكة وحرمها ومسجدها حوت على عدد من الأماكن المقدسة التي حضيت بالهيبة والاحترام والتبجيل وعدت أماكن لإجابة الدعاء ومضاعفة اجر الأعمال ومنها :

(1) الكعبة المعظمة:

قال تعالى: ((جَعَلَ الله الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))(53).

قال المفسرون: هي أول ما خلق الله تعالى في الأرض، وقد دحيت الأرض من تحتها وكان قبل ذلك ربوة تُضيء كضوء الشمس والقمر(54).

ولقد ورد في فضل الكعبة عن الإمام الصادق (ع) قال: «قال أمير المؤمنين إذا خرجتم حجاجاً إلى بيت الله فأكثروا النظر إلى بيت الله، فان لله مائة وعشرين رحمة عند بيته الحرام، ستون للطائفين، وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين» (55).

(2) مقام إبراهيم:

قال تعالى: ((فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ))(56)، مقابل باب الكعبة بمسافة (13م) ويقع في وسطه حجر فيه آثار قدم نبي الله إبراهيم (ع) وهذا الحجر انزله الله تعالى من الجنة مع الحجر الأسود ووقف عليه إبراهيم (ع) وبنى الكعبة ونادى في الناس بالحج .

فقد ورد عن ابن عباس أنه قال: «ليس في الأرض من الجنة إلا الركن الأسود والمقام فإنهما جوهرتان من جواهر الجنة، ولولا ما مسهما من أهل الشرك ما مسهما ذو عاهة إلا شفاه الله» (57).

(3) الصفا والمروة:

قال تعالى: ((إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ))(58). جبلان كان لهما قداسة الهبوط لنبي الله آدم (ع) وزوجته من جهة، ومن جهة السعي بينهما سبعة أشواط، وذلك لان أم إسماعيل (ع) صنعت ذلك سبعاً فأجرى الله ذلك سُنة(59). وهكذا بالنسبة إلى عرفات والمشعر الحرام وغيرهما من الأماكن والمواطن التي أضفى القرآن عليها لوناً من ألوان القداسة .

ـ الأساس الثاني: ما ورد فيه نص عن المعصوم (ع) في التقديس المكاني :

الذي نبغيه في هذا الأساس، هو المكان الذي امتدحه النبي المصطفى محمد (ص) أو احد الأئمة المعصومين (ع) ولم ينص القرآن الكريم عليه صريحاً.

أولاً: الحجر الأسود: وردت قدسيته على ما رواه أنس عن النبي (ص): «الحجر الأسود من الجنة وكان اشد بياضاً من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك» (60).

وعن أبي سعيد الخدري قال «خرجنا مع عمر بن الخطاب ... إلى مكة فلما دخلنا الطواف قام عند الحجر وقال: والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله (ص) يقبلك ما قبلتك، ثم قبله ومضى في الطواف، فقال له علي (ع) بلى يا أمير المؤمنين هو يضر وينفع قال: وبم ذلك ؟ قال: بكتاب الله، قال الله تعالى: ((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا))(61) فلما خلق الله عزوجل آدم مسح على ظهره فأخرج ذريته من صلبه فقررهم انه الرب وهم العبيد، ثم كتب ميثاقهم في رق، وكان هذا الحجر له عينان ولسان فقال له: افتح فاك، قال: فألقمه ذلك الرق وجعله في هذا الموضع وقال: تشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة، فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن» (62).

وقد ورد باستحباب تقبيله ومسحه والدعاء عنده والتبرك به، أو إذا لم يتمكن من ذلك يستقبله بوجهه ويومي إليه بيده ويكبر الله ثلاثاً(63).

ثانياً: النجف الأشرف: مدينة عريقة حظيت بالكثير من الوقائع والأحداث أشاراليها علماء التفسير والحديث كما سيمر علينا، تعد اليوم حاضرة العراق المقدسة منذ اكتشاف القبر المقدس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) ومن خلال النصوص الروائية يمكن التعرف على فضلها:

عن علي (ع) انه قال: «أول بقعة عبد الله عليها ظهر الكوفة لما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم فسجدوا»(64).

وعن أبي عبد الله (ع) قال: «إن النجف كان جبلاً وهو الذي قال ابن نوح ((سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْـمَـاء))(65) ولم يكن على وجه الأرض جبل أعظم منه فأوحى الله عزوجل إليه يا جبل أيعتصم بك مني، فتقطع قطعاً قطعاً إلى بلاد الشام وصار رملاً دقيقاً... «(66).

وهي الربوة(67) التي آوت إليها مريم وولدها عيسى (ع) ((وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ))(68).

عن محمد بن مسلم قال: سألت الصادق عن قول الله عزوجل: ((وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ)) قال: «الربوة: النجف، والقرار: المسجد والمعين: الفرات» (69).

وقد أشار الإمام علي (ع) بوصيته لأولاده حول موضع دفنه الشريف بقوله: «إن أخرجوني إلى الظهر ـ ظهر الكوفة النجف ـ فإذا تصوبت أقدامكم واستقبلتكم ريح فادفنوني، وهو أول طور سيناء ففعلوا ذلك» (70).

ثالثاً: الكوفة: الكوفة بالضم، الرملة الحمراء المجتمعة، وهي مدينة العراق الكوراء، وقبة الإسلام، ودار هجرة المسلمين ونالت الكوفة بمعناها العام ـ الكوفة وظهرها ـ قداستها وشرفها لان فيها منازل الأنبياء والأوصياء والصالحين وقبورهم مضافا إلى مساجدها وما تكون عليه من فضل في آخر الزمان .

ففي رواية أبي بكر الحضرمي عن الإمام الباقر (ع) قال: قلت له: أي البقاع أفضل بعد حرم الله وحرم رسول الله(ص)؟ فقال: الكوفة يا أبا بكر هي الزكية الطاهرة فيها قبور النبيين المرسلين وغير المرسلين، والأوصياء الصادقين... وفيها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه والقوّام من بعده وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين»(71).

ـ الأساس الثالث: ما ارتبط بواقعة:

تقدم أن بعض الأماكن كانت لها خصوصيات مقدّسة اكتسبتها بأمر الهي أريد لها هذا الشرف العريض، بينما توجد بعض الأماكن لولا وقوع حوادث ووقائع عرضت عليها لما كان لها أثر قدسي رفيع كالمدينة المنورة، وأماكن حروب النبي (ص)، ونزول الوحي وأماكن حدوث المعاجز على يديه (ص) سواء في مكة أو المدينة، فضلاً عن بيوتات سكنه، ومحال عبادته وبعض الجبال والشعب، ونحن نذكر مثالاً عن تلك الأماكن :

(1) المدينة المنورة: اكتسبت شرفها وقدسيتها من هجرة النبي (ص) اليها واتخاذها وطناً له وهي مصدر الحكومة الإسلامية، التي من رجالاتها استطاع الإسلام ان يبسط نفوذه في الجزيرة العربية وقد حدّد رسول الله (ص) حدودها بحدود وجعل لها حريماً وحرمة .

قال رسول الله (ص): «إن مكة حرم الله حرمها إبراهيم (ع) وان المدينة حرمي ما بين لابتيها(72) حرمي، لا يخضد شجرها وهو ما بين ظل عاثر إلى ظل وعير(73) ليس صيدها كصيد مكة، يوكل هذا، ولا يوكل ذلك...» (74). وقد شهدت طيلة حياته (ص) فيها الوقائع والأحداث ومنها:

أماكن نزول الوحي والمعاجز:

قدست هذه الأماكن من جهة حدث تاريخي ديني مهم ولغرض توثيقه بني عليه مسجد يجسد تلك الحادثة مثل :

1. مسجد الجن:

قال تعالى: ((قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً))(75).

وهو المكان الذي أخبر صلوات الله وسلامه عليه بإسلام الجن بعد عودته من الطائف وتعبده ليلاً في هذا المكان ونزول سورة الجن عليه واستماعهم(76) إليه. وقد رفعت اليوم لوحته المسماة وكتب عليها مسجد رقم كذا لئلا يتوجه إليه الزوار للتبرك فيه وذكر هذه الحادثة(77).

2. مسجد الشجرة:

بأعلى مكة يذكر أن النبي (ص) دعا شجرة كانت في موضعها فأقبلت تخط الأرض بأصلها وعروقها حتى وقفت بين يديه فسألها عما يريد ثم أمرها فرجعت حتى انتهت إلى موضعها(78). وقد دُثر هذا المسجد كغيره من آثار الإسلام المقدّسة, والكلام نفسه عن مسجد المباهلة الذي باهل في ذلك المكان وفد نجران ومسجد الفضيخ الذي بُني على اثر نزول آيات تحريم الخمر، ومسجد الراية الذي بني لان راية المسلمين وضعت فيه بعد فتح مكة(79).

وقد حظيت بعض الجبال في مكة بأثر قدسي مثل :

(1) جبل أبي قبيس:

من الجبال المهمة في مكة، ولكن للأسف أن اليوم لا اثر له فقد شُيدّت عليه قصور العائلة المالكة وقصور الضيافة من الحكومة السعودية، لقب في الجاهلية بـ (الأمين) لان الحجر الأسود كان مستودعاً فيه عام الطوفان، وروي انه فيه قبر شيث بن آدم وبعض الأنبياء، وحدثت فيه معجزة النبي (ص) في شق القمر في السنة التاسعة للهجرة ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ))(80) بني عليه مسجد باسم مسجد شق القمر ولكن لا اثر له اليوم(81).

(2) جبل وغار حراء، وثور:

الأول: مكان عبادة الرسول (ص) قبل بعثته وفيه نزول الوحي لأول مرة على قلبه الطاهر. والآخر: مكان اختفاء النبي (ص) وأبو بكر عند خروجهما من مكة قاصدين المدينة، وكانت قريش تلاحقه (ص) لقتله إلا إن معجزة خيوط العنكبوت وعش الحمامة المشهورة تاريخياًَ دفعت كيد المشركين(82).

(3) شعب أبي طالب:

تقوم الأهمية الدينية والتاريخية لهذا الشعب أن قريشا تحالفت ضد بني هاشم وقطعوا بالتحالف كل العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، فاضطر بنو هاشم مدة ثلاث سنين في هذا المكان ضربوا أروع الأمثلة في الصمود والثبات على العقيدة(83).

ـ الأساس الرابع: ما ارتبط بشخصية :

إننا لو نظرنا إلى ما خلق الله سبحانه من أماكن اشتملت عليها الأرض وما وسعت لم نر فيها إلا أنها آية من آيات الله سبحانه، ولكن يمكن إعطاء صبغة تقدّسية أخرى لذلك المكان من خلال تلك الأسس المتقدمة أو من خلال ما منحته شخصية معينة من مواهبها سواء من حيث العلم أو الجهاد أو ما قدمته تلك الشخصية من قيادة لذلك المجتمع أو ما أملاه سبحانه وتعالى عليه من أداء رسالة أو نيابة، فكان ذلك المكان يحكي ذلك الشموخ فابرز معلمه من بناء مقام عبادي مقدّس له يسمى باسمه أو كانت شهادته ومدفنه في تلك البقعة المكانية، فحصل لذلك المكان شرف ضمه لذلك الجسد الشريف وعليه تكون قداسة هذا المكان من خلال عدة نواح ولكن أهمها مدفنه الشريف فان ارض مكة والمدينة والنجف والكوفة قد امتدحت قرآنياً أو روائياً من حيث الطبيعة الدينية ولكن ارض طوس لولا شخصية الإمام الرضا (ع) ومدفنه الشريف لم تكن عليه اليوم من القداسة، وكذلك ارض سامراء ومدافن الأنبياء والأوصياء وعباد الله الصالحين غير المنصوص على قدسية أماكنهم بنص قرآني أو روائي، سوى ما يشير إلى مدافنهم في تلك البقاع .

وقد حظيت بعض الأمكنة على أكثر من أساس قدسي كما في شخصية النبي (ص) فاكتسبت المدينة المنورة شرف القداسة من خلال شخصيته وهجرته وما وقعت من أحداث خلدت ذكراه واخيراً ما حوته ثرى يثرب من ضم جسده الطاهر (ص) .

وعلى العموم فان هذه الأماكن وفق الأسس المتقدمة، بعد إخراج الأماكن التي تقصد وجوباً ولأول مرة ورد الفضل ايضاً بزيارتها على نحو الاستحباب، وزيارة غيرها من تلك الأماكن، وقد ورد الفضل في زيارة قبور الأنبياء خصوصاً زيارة قبر النبي محمد (ص) فقد ورد عنه (ص): «من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي»(84).

بل على العكس ورد الذم والجفاء في يوم القيامة لمن لم يزره. عن الإمام الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص): «من أتى مكة حاجاً ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة، ومن جاءني زائراً وجبت له شفاعتي ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة»(85).

وكذلك حظيت مناطق دفن قبور الأئمة المعصومين والصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) بالمكانة المقدّسة عند عامّة المسلمين فقد تنورت المدينة بعد مدفن الخاتم محمد (ص) بالأئمة الأربعة، المجتبى، وزين العابدين، والباقر، والصادق (ع) بمقربة من النبي (ص) في مقبرة البقيع (بقيع الغرقد) وفاطمة الزهراء (ع) على أشهر الروايات ما بين قبر والدها ومنبره (ص)(86). وحظيت النجف وشُرفت بضم جثمان الإمام علي (ع)، ونالت كربلاء علو الرتبة بضم ثراها جسد الحسين (ع)، وكان لبغداد حظ من قداسة التعظيم والتبرك بجسدي الإمامين الكاظم والجواد (ع)، واخيراً وليس آخراً كانت لسامراء فضيلة الاحتواء على مرقدي الإمامين الهادي والعسكري(ع).

وكفى هذه الثلة الطيبة قداسة أن القرآن الكريم امتدحها ((إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً))(87).

وبمقتضى العموم يستفاد بقاء تلك المنزلة لهم أحياءً وأمواتاً. قال تعالى: ((وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ الله تَوَّاباً رَّحِيماً))(88) فان المجيء والاستغفار عنده مطلقاً سواء في وقت حياته ام بعدها .

وقد ورد من الفضل في زيارة أهل البيت (ع) روايات عامة وخاصة توجز في أجر الزيارة وثوابها وتفصّل وتعمم وتخصص .

ومنها كما قيل للإمام الصادق (ع): ما لمن زار واحداً منكم؟ فقال: «كمن زار رسول الله (ع)»(89).

وتعظيم هذه العتبات لمراقد المعصومين (ع) هو تعظيم لشعائر الله سبحانه وتعالى قال الله تعالى: ((وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ))(90).

وقد وردت الروايات ايضاً بتعظيم قبور الصحابة والشهداء والصالحين والعلماء(91).

ولكن قد انبرت طائفة الوهابية إلى ابتداع دين جديد من جملة معالمه أن زيارة القبور ليس من تعظيم الشعائر بل من البدع، وعليه كفَّرت من زار قبور أهل البيت(ع) وبعض الصحابة وعمدت إلى تهديم قباب مقبرة البقيع، وأنتج فكرها السلفي جماعات من المتعصبين والتكفيريين الذين أعلنوا بكل إجحاف وعناد مسؤوليتهم عن تفجير مرقدي الإمامين العسكريين (ع) في23/محرم/1427هـ الموافق21/2 /2006م في العراق وكذا أعادوا الكرّة في تفجير ما تبقى من مئذنتي المرقد الطاهر يوم 27/ج1/1428هـ الموافق 13/6/2007م فضلاً عن تفجير قبور الأولياء والسادة الأعلام النجباء من العلماء والأتقياء وأهل الدين والصلاح.

ومن هذا أود أن أشير الى أن كل الحضارات حافظت وتحافظ على تراثها الديني، إلا انه في العصر الحديث ظهرت هذه الفئة وحملت معها فكرة تدمير كل التراث الإسلامي ما عدا ما يطلق عليه مسجد بحجة أن تعظيم تلك الأماكن ـ التي كان يتعبد بها النبي (ص)(92) ـ والصلاة فيها يجعلها شبيهةً بعبادة الأصنام .

لذا فقد دمروا عدة بيوت للنبي (ص) وأهل بيته (ع) كبيت الإمام علي (ع) وفاطمة في المدينة وبيت السيدة خديجة الذي عاشت فيه مع الرسول (ص) في مكة وقد اكتشف في عام 1989م ووجدت فيه الغرفة التي كان الرسول (ص) يصلي فيها، وبعد أن تم تصوير البناء، طمر بالتراب، وتم بناء حمامات عامة في البقعة التي كان ينام فيها رسول الله (ص) .

أما مكان ولادة الرسول (ص) فقد حوله الوهابيون منذ عقود إلى سوق للماشية ثم بنيت مكتبة في المكان، والآن توجد خطة لبناء مجمع سكني يطل على الحرم.

وفي المدينة جرى جرف خمسة من المساجد السبعة التي أنشئت بالقرب من معركة الخندق التي شارك فيها النبي محمد (ص) وتم تهديم قباب مطلة على قبور الأئمة الأربعة (ع) في البقيع وغيرهم.

إننا نشهد نهاية لتراثنا الإسلامي في مكة المكرمة وغيرها. وتقول مي احمد زكي اليماني وهي سعودية منشقة وكاتبة: «لقد خرج الآلف الناس إلى الشوارع احتجاجاً على الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية، لكننا لم نر أي قلق من جانب المسلمين فيما يتعلق بالخطر الذي يتهدد المواقع المتصلة بالنبي محمد (ص)(93).

هذا وقد وقع النزاع في تعظيم الأماكن الدينية ذات الحدث التاريخي في انه من البدع وليس من تعظيم الشعائر وان الآيات القرآنية الكريمة الوارد فيها لفظ (الشعائر) خاص بموضع محدد ولا تشمل كل أمور الدين، وان الروايات مطروحة إما لضعف السند أو الدلالة وقيل على العكس .

فعلى هذا هل تعظيم تلك الأماكن وخصوصاً مراقد النبي محمد (ص) وأهل بيته الطيبين الطاهرين وعتباتهم من البدع أم من تعظيم الشعائر ؟

هذا ما سنقف عليه ـ إن شاء الله ـ في المبحث الثاني من هذا الفصل التمهيدي.

 

***

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تاج العروس من جواهر القاموس: الزبيدي محمد مرتضى الحسيني، تحقيق علي شيري دار الحديد، بيروت مجلد 18 مادة مكان: 544 .

(2) العقيدة والأخلاق وأثرها في حياة الفرد والمجتمع: بيصار، د. محمد، مطبعة مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، الطبعة الأولى: 1968: 57.

(3) الاسم الخالص لله سبحانه في الديانة اليهودية، ويعني الموجود، وقد حظي هذا الاسم بقدسية بالغة عندهم، وان تلفظه حتى من قراءة التوراة تعد حراماً. ط، دروس في تاريخ الأديان، حسين توفيقي، المركز العالمي للدراسات، قم، ط2، 1425هـ: 115.

(4) ظ: قاموس الكتاب المقدس، مجمع الكنائس الشرقية، مكتبة المشغل، بيروت، ط6، 1981م 45 والعهد القديم، سفر الخروج، الإصحاح 19،14،10 .

(5) ظ:الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل،عبد الرحمن العليمي،ط1،النجف الاشرف ج1 ص110ـ 138 .

(6) أورشليم: مدينة كنعانية اسمها القديم (يبوس) تقع على زهاء 24 كم غرب البحر الميت، اسماها العهد القديم (أرئيل) والعرب (القدس) عرفت بهذا الاسم في القرن 19 ق.م ،ظ، الموسوعة العربية الميسرة والموسعة، ياسين حلواتي، مؤسسة التاريخ العربي: بيروت، ط1: 2001م،ج1 :654.

(7) اليبوسيون: هم بناة القدس الأولون، كانوا رهطاً من بطون العرب الأوائل نشئوا في الجزيرة العربية نزحوا عنها واستوطنوا فلسطين عام 3000 ق.م .

والكنعانيون: عرب من نجد ينتسبون إلى سام وهم موجودون في فلسطين منذ مئة قرن ظ، موسوعة العتبات المقدسة، قسم القدس، جعفر الخليلي دار التعارف، بغداد. ط1،1971 ج1: 54.

(8) نقد النص التوراتي: د. إسماعيل ناصر العمادي، ج1: 385 الطبعة الأولى: 2005م، دار علاء الدين للنشر: سوريا .

(9) ظ: موسوعة بيت القدس والمسجد الأقصى، محمد محمد حسن شراب، المطبعة الأهلية: عمان، الطبعة الأولى: 2003، ج1 وج2 .

(10) ظ: معجم اللاهوت الكتابي، الأب فاضل سيد إدريس اليسوعي، ترجمة المطران انطونيوس نجيب دار المشرق: بيروت، الطبعة الخامسة 2004م: 226 .

(11) ظ، العهد القديم، سفر مزمور 43، 3 .

(12) العهد القديم، صموئيل الثاني، الإصحاح 7، الفقرة 1 ـ 6 .

(13) ظ: الموسوعة العربية العالمية، نشر مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع الطبعة الثانية، 1999م، الرياض السعودية ج13 : 87.

(14) ظ: الخداع على صفحات مقدسة. دراسة لبعض المزاعم التاريخية اليهودية. د عصام موسى قنيبيي، ط1،2005م: 107ـ110 .

(15) قصة الحضارة، ول وايريل ديوارنت ترجمة محمد بدران، دار الجيل،بيروت الطبعة الأولى ج16 ص215.

(16) ظ: المزاعم الصهيونية حول الهيكل الثالث: د. صالح حسين سليمان الرقيب، رئيس قسم العقيدة الإسلامية بغزة، انترنت إسلام اولاين. نت.

(17) المزاعم الصهيونية حول الهيكل الثالث: د. صالح حسين سليمان الرقيب، انترنت إسلام اولاين. نت.

(18) موسوعة بيت المقدس والمسجد الأقصى، محمد محمد حسن شراب، ج1: 77 .

(19) ظ: المزاعم الصهيونية حول الهيكل الثالث، د. صالح حسين الرقيب، انترنت إسلام .

(20) السامري: الشخص الذي أمر قوم موسى بعبادة العجل وقال لهم هذا إلهكم وإله موسى .

(21) ظ: الحج عبر الحضارات والأمم: ماجدة المؤمن: 105 .

(22) ظ: موسوعة العتبات المقدسة، قسم القدس: جعفر الخليلي، ج1: 26 .

(23) ظ: الحج عبر الحضارات والأمم: ماجدة المؤمن، دار مشعر: إيران ط1: 1422هـ: 104 .

(24) ظ: مراقد المعارف: محمد حرز الدين، مطبعة الآداب ـ النجف الأشراف الطبعة الأولى: 1969م. ج1: 293 ـ 297 .

(25) ظ: موسوعة بيت المقدس والمسجد الأقصى: محمد شراب، ج1: 177.

(26)ظ: سفر التثنية، الإصحاح 12، الفقرات 1 ـ 7.

(27) ظ: سفر الخروج، الإصحاح 23، فقرة 14.

(28) تاريخ الحروب الصليبية، ستيفن رنسيمان، ج1 ص63. نقله إلى العربية د. الباز العريني، دار الثقافة بيروت ط1، 1967م .

(29) القديس: شخص تقي يصبح بطلاً دينياً ومثلاً يقتدى به في التمسك بفضيلة أو فضائل يحث عليها دينه، وهو لقب شائع في النصرانية، الموسوعة العربية العالمية، ج18: 93.

(30) احد اكبر لاهوتي الكنيسة النصرانية في عهودها الأولى، هاجم رجال الدين فاضطر إلى الهجرة (385) من روما إلى فلسطين حيث انشأ ديراً في بيت لحم (389) من ابرز أعماله ترجمة التوراة إلى اللاتينية ظ، الموسوعة العربية الميسرة والموسعة، حلواني، مجلد 3: 1446.

(31) تاريخ الحروب الصليبية، ستيفن رنسيمان، ج1: 63.

(32) م. ن،: 66 .

(33) قاموس الكتاب المقدس: مجمع الكنائس الشرقية، مكتبة الشغل، بيروت ط6، 1981م .

(34) ظ: القدس في العهدين الفاطمي والأيوبي. د. وائل عبد الرحيم أعبيد، دار مجد لآوي: الأردن ط1، 2005م: 276.

(35) ظ: الموسوعة العربية الميسرة والموسعة: ياسين صلواتي مؤسسة التاريخ العربي، بيروت: الطبعة الأولى 2001م ج6: 2896.

(36) التطور العمراني لمدينة القدس: عبد العليم عبد الرحمن خضر، 129 الطبعة الأولى: 1981م.

(37) وهو العيد الرئيسي عند النصارى وهو ذكرى قيام المسيح بين الأموات في عقيدتهم ويقع في 22 مارس و25 أبريل ويسبق بالصيام الكبير الذي يدوم 40 يوماً. ظ، الموسوعة العربية الميسرة الموسعة ج3: 1235 .

(38) ظ: قصة الحضارة، ول ـ ديورانت، ج16: 41.

(39) قصة الحضارة، ول ـ ديورانت، ج16: 43.

(40) ظ: الموسوعة العربية الميسرة والموسعة، ج6: 3027.

(41) ظ: الحج عبر الحضارات والأمم: ماجدة المؤمن: 125.

(42) ظ: مجلة فيض الكوثر، تصدر في النجف الاشرف عن مؤسسة أهل البيت الثقافية العامة العدد 108 عام 2004م: 20ـ23.

(43) ظ: الحج عبر الحضارات والأمم: ماجدة المؤمن: 128.

(44) ظ: قصة الحضارة، ول: ديورانت ج16: 42.

(45) سورة الحج: الآية 32.

(46) ظ: الجامع لأحكام القرآن: محمد بن احمد الأنصاري القرطبي، دار الكتب العلمية: بيروت. ط2: 2004م، ج2: 121، والتبيان في تفسير القرآن: محمد بن الحسن الطوسي، مطبعة الإعلام ط1: 1409هـ، ج2: 42 .

(47) سورة الفتح: الآية 24 .

(48) سورة آل عمران: الآية 96.

(49) ظ، لسان العرب: ابن منظور، دار الكتب العالمية: بيروت. ط1، 2005م، ج10: 402: وتفسير الميزان: محمد حسين الطباطبائي، ج3: 356 .

(50) ظ: عمدة القاري: العيني، ج9: 214 .

(51) سورة النازعات: 30 .

(52) مستدرك الحاكم: الحاكم النيسابوري محمد بن محمد، دار المعرفة: بيروت، 1406هـ ج3: 7.

(53) المائدة: الآية 97.

(54) ظ: التبيان في تفسير القرآن: الطوسي، ج2: 435.

(55) الوسائل: الحر العاملي، باب استحباب إكثار النظر إلى الكعبة حديث: 2.

(56) آل عمران: الآية 97.

(57) الدر المنثور: السيوطي جلال الدين، مطبعة الفتح: جده ط1: 1365هـ، ج1: 134.

(58) سورة البقرة: الآية 158.

(59) ظ: علل الشرائع، الصدوق: دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط2: 1966م، باب العلة التي من اجلها جعل السعي بين الصفا والمروة: 431 .

(60) بحار الأنوار: المجلسي، محمد باقر، مؤسسة الوفاء: بيروت، ط2: 1983م، ج30: 689 مسند احمد بن حنبل، ابن حنبل دار الكتب العلمية، بيروت ط1، 1993م، ج1: 373.

(61) سورة الأعراف: الآية 172.

(62) علل الشرائع، الصدوق: محمد بن علي، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات: بيروت الطبعة الأولى: 1408هـ: 49 .

(63) الوسائل: الحر العاملي، ج9 باب 13 استحباب استلام الحجر الأسود حديث 1، 2، 3، 4.

(64) مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل: النوري الطبرسي، مؤسسة آل البيت (ع) قم، ط2، 1408هـ، ج4: 484.

(65) سورة هود: الآية 43 .

(66) بحار الأنوار: المجلسي، ج27: 226 .

(67) كل ما ارتفع عن الأرض وربا، ظ: لسان العرب: ابن منظور ج14: 307.

(68) سورة المؤمنون: الآية 50.

(69) ظ، البحار: المجلسي، ج96 باب فضل مكة ج2: 77.

(70) م. ن، ج13 باب نزول التوراة ج12: 195.

(71) الوسائل: الحر العاملي، ج5 باب استحباب قصد مسجد الأعظم بالكوفة ج10: 520.

(72) لابتيها: جمع لابة: وهي الأرض ذات الحجارة السوداء وللمدينة لابتان من الجهة الشرقية والأخرى من الغربية.

(73) عاثر ووعير: جبلان الأول يبعد عن المسجد النبوي 8كم بينما (وعير) بحدود 16كم.

(74) الكافي: الكليني، محمد بن يعقوب، مطبعة حيدري، طهران: الطبعة الثالثة: 1411هـ ج4: باب تحريم المدينة، حديث: 5.

(75) سورة الجن: الآية 1-2.

(76) ظ: أخبار مكة: الازرقي ج2: 201.

(77) ظ: معالم مكة والمدينة بين الماضي والحاضر: يوسف العاملي دار المرتضى، بيروت، ط2، 2002م: 143.

(78) ظ: أخبار مكة: الازرقي ج2: 201.

(79) ظ: معالم مكة والمدينة بين الماضي والحاضر: العاملي: 147 .

(80) سورة القمر: الآية 1.

(81) ظ: تاريخ مكة: الازرقي ج2: 266.

(82) ظ: تفسير الميزان: الطباطبائي، ج9: 293 .

(83) ظ: بحار الأنوار: المجلسي ج19: 16.

(84) تهذيب الأحكام: الطوسي محمد بن الحسن، مطبعة خورشيد: إيران، ط4، ج6: 3.

(85) بحار الأنوار: المجلسي، ج97، باب فضل زيارة النبي (ص) باب الأول: ج5.

(86) ظ: الوسائل: الحر العاملي، من أبواب المزار باب 18: حديث 3.

(87) سورة الأحزاب: 33.

(88) سورة النساء: 64.

(89) الوسائل: الحر العاملي، ج14 باب المزار حديث 15.

(90) سورة الحج: الآية 32.

(91) ظ: الوسائل: الحر العاملي، ج14: أبواب المزار.

(92) ظ: كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب: الأمين، محسن، مكتبة الحرمين: قم، 340 .

(93) ظ، جريدة قاسيون السورية، تدمير سعودي ممنهج في المدينة ومكة العدد 285 في 18،12،2003م .