التوحيد

للشيخ الصدوق

تأليف: الشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي

ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمي

المتوفى سنة 381هـ

 

وضع المقدمة

العلامة السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، بارىء الخلائق أجمعين، الّذي دلّ على ذاته بذاته، وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته، فكان أوّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الاخلاص له، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كلّ صفة انّها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف انّه غير الصفة.

وصلّى الله على محمّد الهادي إلى الحقّ باذنه، والداعي إلى التوحيد بقوله: (قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا) والسلام على آله الميامين، وسادة الموحّدين، وسدنة الوحي، وحماة الدين، واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى يوم الدين.

وبعد، فقد طلب إليَّ الأخ محمّد كاظم الكتبي سلّمه الله تقديم كتاب «التوحيد» تأليف رئيس المحدّثين محمّد بن عليّ بن بابويه الصدوق القمي (ت 381 هـ)، ولمّا كانت طبيعة التقديم تقضي بتعريف المؤلِّف والمؤلَّف ليكون القارئ على بصيرة من أمر الكتاب الّذي يقرؤه، وحيث أنّ أوفى تعريف بمؤلّفنا هو تلك الدراسة الحافلة الّتي لمت بجوانب الموضوع، فعرفت الشيخ الصدوق(رحمه الله) تعريفاً وافياً شافياً، والّتي طبعت في صدر كتاب (من لا يحضره الفقيه) سنة (1377 هـ) في النجف الأشرف، فقد نهلت من معينها، ولمّا كانت تلك الدراسة هي بقلم سماحة سيّدنا الوالد دام ظلّه(1)، فلا يسعنى تقريظها والثناء على مؤلّفها، ويكفي انّها كانت العين الّذي ارتوى منها الباحثون، فاقتبسوا الكثير الكثير منها فيما قدّموا به بعض تآليف الشيخ الصدوق، سواء الّتي طبعت في النجف أو ايران، واعترافاً بالجميل فانّي أقول:

انّ لسيّدي المفدّى دام ظلّه فضل السبق والتحقيق، وله اليد البيضاء المشكورة في تلك الدراسة الّتي وفّرت الراحة لي ولمن سبقني في تقديم مؤلّفات الصدوق(رحمه الله)، وأغنتنا عناء البحث والتحقيق، وليسمح لي سيّدي أطال الله بقاه أن أستمدّ من تلك الدراسة في هذا التقديم، كما أرجو أن يسعني حلمه إن شطّ القلم في بعض الأحايين للتنبيه على ما سها فيه قلمه الشريف تبعاً لبعض القدماء من المحققين، فانّ الحقيقة بنت البحث.

كما أ نّي لست ممّن يدعي التحقيق، ثمّ يسطو على جهود الآخرين فينسخها على علاتها دون أن يلتفت إلى ما فيها من هناة، كما هو شأن بعض المعاصرين، وختاماً أسأل الله التوفيق والتسديد، وأن يعصمنا في القول والعمل انّه وليّ ذلك.

 

المؤلّف:

هو أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، من أعلام الإمامية وزعماء الطائفة الذائعي الصيت، حتّى اشتهر بينهم بانّه رئيس المحدّثين، والشيخ الصدوق أصله من قم احدى حواضر العلم الّتي تألّق نجمها في قرون مختلفة، وذاع صيتها في أدوار وأطوار متفاوتة.

ولأجل الوقوف على جانب من تاريخ تلك الحاضرة في الحقبة الّتي عاصرها مؤلّفنا، يحسن بنا أن نذكر بعض النصوص الّتي تسلّط الأضواء فتعين القارئ على مدى ما بلغت إليه من سمو وازدهار.

قال الإمام التقي المجلسي الأوّل في شرحه على كتاب (من لا يحضره الفقيه)(2) ما تعريبه: انّ في زمان عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه المتوفى سنة (329 هـ)، كان في قم من المحدّثين مائتا ألف رجل.

ولسنا نعجب من كثرة محدّثيها إذا ما قرأنا تاريخها في ذلك القرن ـ الرابع ـ الّذي كتبه مؤرّخ من القميين معاصر لمؤلّفنا الشيخ الصدوق، وكان قد واكب الحركات العلمية والسياسية والاقتصادية، فوصفها وصفاً شاملا في كتابه ذلك، وذلك المؤرّخ هو الحسن بن محمّد بن الحسن القمي، وقد ألّف كتابه سنة (378 هـ) باسم الصاحب بن عبّاد الوزير الشهير، فقد وصف حاضرة قم وصفاً رائعاً في مؤلّفه، وضمنه البحث عنها تاريخياً وجغرافياً وسياسياً وعلمياً واقتصادياً، معتمداً في أبحاثه على الرواة الثقاة والمشاهدات المحسوسة، ولعلّ في فهرس أبوابه العشرين ما يدلّنا على علوّ شأن تلك الحاضرة، وخاصة ما يتعلق بجانها العلمي وهو في ثلاثة أبواب، وهي:

الباب السادس عشر: في ذكر أسماء بعض علماء قم وذكر شيء من تراجمهم، وعدد الشيعة منهم (266) شخصاً، وعدد العامة (14) شخصاً، مع ذكر مصنّفات كلّ واحد ومروياته وما يتعلق بذلك.

الباب السابع عشر: في ذكر أسماء بعض الاُدباء والكتّاب وأضرابهم من فلاسفة ومهندسين ومنجمين ونسّاخين وورّاقين، مع ذكر بعض أخبارهم ورسائلهم ومصنّفاتهم.

الباب الثامن عشر: في ذكر بعض الشعراء الّذين مدحوا أهل قم، وعدد الّذين رويت أشعارهم وحفظت آثارهم وعدتهم (40) شخصاً، وفي ذكر من وجد من شعراء قم وآوه، مع ذكر شيء من أشعارهم بالعربية والفارسية، وعدتهم (130) شخصاً.

وانّ ممّا يحز في النفس أن يفقد مثل هذا الأثر النفيس، فلا يصل إلينا منه سوى ترجمة بعض أبوابه ـ بالفارسية ـ وقد طبعت تلك الترجمة في ايران سنة 1353، والمترجم هو الحسن بن عليّ بن الحسن بن عبدالملك القمي المتوفى سنة (806 هـ)(3) وقد أفدنا منها كثيراً، كما انّي قد عربت منها فصلا ذكر فيه جمعاً من الطالبيين الّذين نزلوا قم وأطرافها واستوطنوا بها، وهو فصل قيّم يصلح أن يكون رسالة مفردة لشموله واستيعابه.

ومثل هذا التاريخ ليدل بوضوح على عظيم مكانة قم، وازدهارها بمن كانت تعج بهم من العلماء والمحدّثين والعاملين والمصلحين من الّذين خدموا دينهم، وأرشدوا قومهم، ودعوا إلى سبيل ربّهم بالحكمة والموعظة الحسنة.

في هذا البلد الطيب، كانت اُسرة المترجم له ـ بنو بابويه ـ ذات التاريخ المشرق الّتي بزغ منها نجم شيخنا المترجم له.

 

اُسرته:

وبنو بابويه من بيوتات القميين الّذين ذاع صيتهم بالعلم والفضيلة، ولا يعرف على التحقيق مبدء سكناهم قم، كما لا يعرف عن بابويه ـ جد الاُسرة ـ شيء، وهل كان كغيره من الفرس الّذين لم يعتنقوا الإسلام؟ أو كان مسلماً ولم ينقل ذلك عنه؟

وأياً ما كان، فالّذي نعتقده في بنيه انّهم كانوا مسلمين، بل كانوا من شيعة أهل البيت(عليهم السلام)، ولا تخلوا أسماؤهم من دلالة على ذلك، وأوّل من لمع نجمه منهم هو الشيخ الجليل، وجه الشيعة وفقيههم، أبو الحسن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه.

فقد كان مرموقاً لدى عامة أهل قم وفي طليعة أعلامهم الطائري الصيت، الّذين اقترنت أسماؤهم بآيات التعظيم والثناء، بل كان السابق على أقرانه في زمانه ومكانه، فلم يطاوله أحد في منكب أو موكب لما كان له من الصدارة في الفقه... ويغنينا عن الاطناب ـ في مدحه ـ كتاب الإمام أبي محمّد الحسن العسكري(عليه السلام) إليه، حيث قال(عليه السلام) في كتابه بعد الحمد والثناء عليه والصلاة على نبيّه وآله:

«أمّا بعد، اُوصيك يا شيخي ومعتمدي وفقيهي أبا الحسن عليّ بن الحسين القمي وفّقك الله لمرضاته، وجعل من صلبك أولاداً صالحين برحمته، بتقوى الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فإنّه لا تقبل الصلاة من مانعي الزكاة.

واُوصيك بمغفرة الذنب، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، ومواساة الاخوان، والسعي في حوائجهم في العسر واليسر، والحلم عند الجهل، والتفقّه في الدين، والتثبت في الاُمور، والتعاهد للقرآن، وحسن الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله عز وجل: (لا خَيْرَ فِي كَثِير مِنْ نَجْوَاهُمْ إلاّ مَنْ أمَرَ بِصَدَقَة أوْ مَعْرُوف أوْ إصْلاح بَـيْنَ النَّاسِ)(4) واجتناب الفواحش كلّها.

وعليك بصلاة الليل، فانّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى عليّاً(عليه السلام) فقال: يا عليّ عليك بصلاة الليل ـ ثلاث مرات ـ ومن استخفّ بصلاة الليل فليس منّا، فاعمل بوصيتي، وأمر شيعتي حتّى يعملوا عليه ـ عليها ظ ـ .

وعليك بانتظار الفرج، فانّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أفضل أعمال اُمّتي انتظار الفرج، ولا يزال شيعتنا في حزن حتّى يظهر ولدي الّذي بشر به النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) انّه يملأ الأرض عدلا وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

فاصبر يا شيخي، وأمر جميع شيعتي بالصبر، فانّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين، والسلام عليك وعلى جميع شيعتنا ورحمة الله وبركاته، وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير»(5).

ونحن إذ نقرأ هذا الكتاب لا نحتاج بعده للتدليل والاطراء من العلماء وعلوّ مقامه، كما انّا في غنى عن سرد جمل الثناء والاطراء من العلماء والباحثين، ففي نعته له بالشيخ والمعتمد والفقيه، والدعاء له بالتوفيق لمرضاة الله تعالى، وجعل أولاد صالحين من صلبه، في كلّ ذلك غنى عن مدح المادحين ونعت الواصفين.

ولا يستلفت النظر من ذلك شيء كالدعاء له بالذرية الصالحة، وتلك اُمنية الشيخ ـ فيما يظهر ـ لما ورد في الأحاديث عن انقطاع عمل ابن آدم بعد موته إلاّ عن ثلاث، ومنها الولد الصالح يستغفر له(6)، وما ورد أيضاً: انّ ستّة يلحقن المؤمن بعد وفاته ومنها: ولد يستغفر له(7).

ولمّا كان الشيخ الصدوق الأوّل لم يرزق بعد ذرية، كان من أكبر همّه ذلك، ويبدو انّه بلغ من السن ما يتعذّر عليه عادة حصول الولد إلاّ بدعوة تخرق الحجب وتأتي بالمستحيل عادة، لذلك كان يتوسّل إلى الله تعالى، ويستشفع بالأئمة الطاهرين(عليهم السلام) إليه أن يرزقه أولاداً صالحين.

وفي كتاب الإمام العسكري ما يطمئن نفسه، وتشع بين سطوره بارقة الأمل الحلو، بيد انّ في تقدم السن، وعقم زوجته ـ وهي ابنة عمه محمّد بن موسى بن بابويه ـ ما يساوره من اليأس والقنوط، لذلك كان يفزع في أيّام الغيبة الصغرى إلى سفراء الناحية المقدّسة يسألهم أن ينهوا حاجته إلى صاحب الأمر عجل الله فرجه ليدعو له، وفعلا تمّ له ما أراد ببركة دعاء الإمام عجل الله فرجه، فولد له شيخنا المترجم له ـ مؤلّف هذا الكتاب ـ .

 

ولادته:

ولحديث ولادته طرفة ومتعة، كما لا يخلو من عظة ودرس حقيق بنا أن نذكره للقارئ; ليقف على ما توفّرت لشيخنا ـ المترجم له ـ من أسباب اعتيادية وغير اعتيادية ساعدت على تكوين شخصيته حتّى علا نجمه وطار صيته، ففاق أقرانه وسما على شيوخه، فكان من الأعلام الخالدين، ولعلّ من أهم تلك الأسباب غير الاعتيادية، ويندر وقوعها حتّى في زمان الأئمّة المعصومين، هو دعاء الإمام(عليه السلام) بولادته، ودعاؤه بصلاحه وتوفيقه وتفقّهه وبركته وبشارته لأبيه بذلك.

وقد روى الشيخ الطوسي، والشيخ أبو العبّاس النجاشي، وشيخنا المترجم له انّ والده كان كتب إلى سفير الناحية المقدّسة ببغداد رسالة يطلب فيها أن يسأل الصاحب(عليه السلام) أن يدعو له بالولد، وقد ذكر سيّدنا الوالد ـ دام ظلّه ـ في رسالته الآنفة الذكر ذلك، كما ذكر اجتماع الشيخ ـ والد المترجم له ـ نفسه لمّا قدم بغداد مع الشيخ أبي القاسم الروحي النوبختي ـ سفير الحضرة المقدّسة في وقته ـ وسؤاله حاجته، وذكر سؤاله أيضاً بعد ذلك من محمّد بن عليّ الأسود أن يسأل النوبختي المذكور عن إنهاء حاجته أيضاً، وفي جميع ذلك يأتي الجواب بالبشارة، على اختلاف الصيغة والتعبير، ففي بعضها:

«انّك لا ترزق من هذه، وستملك جارية ديلمية وترزق منها ولدين فقيهين»(8).

وفي بعضها: «قد دعونا الله لك بذلك، وسترزق ولدين ذكرين خيّرين»(9).

وفي بعضها: «انّه سيولد له ولد مبارك ينفعه الله به وبعده أولاده...الخ»(10).

وهكذا تم للشيخ ـ والد المترجم له ـ ما كان يصبو إليه من الدعاء بالولد الصالح، كما تم له بعد ذلك حصول الأثر، فملك الجارية ورزق منها أوّل مولود ذكر كان ذلك هو شيخنا ـ المترجم له ـ أبو جعفر محمّد بن عليّ الصدوق(رحمه الله)، ولعلّ في اختيار والده لاسمه ما يشعر بأ نّه من بركات دعاء صاحب هذا الاسم، وهو صاحب الأمر «عج»، وكانت ولادته بعد سنة (305 هـ) الّتي هي سنة وفاة السمري وأولى سني سفارة الروحي، ولعلّها كانت سنة (306 هـ)، كما استقر بها السيّد الوالد ـ دام ظلّه ـ واستدلّ عليها.

وأياً ما كان فقد ولد شيخنا الصدوق ببركة دعوة الناحية المقدّسة، ومن الطبيعي أن يكون لتلك الدعوة أثرها في تقويم شخصيته، وتكوين مؤهلاته العلمية، حتّى توقع الناس ظهور أثرها بيناً في تاريخه، فكان الأمر كما أمّلوا، فكانوا بعد ولادته ونشأته يرجعون جل تلك الظواهر من مميزاته إلى أثر تلك الدعوة الصالحة، الّتي بارك بها الإمام وليد أبي الحسن عليّ بن موسى بن بابويه، وهو نفسه ـ المترجم له ـ كان يفتخر بذلك ويقول: (أنا ولدت بدعوة صاحب الأمر «عجل الله فرجه الشريف»)(11).

قال أبو العبّاس بن نوح: قال لي أبو عبدالله بن سورة حفظه الله: ولأبي الحسن ابن بابويه(رحمه الله) ثلاثة أولاد محمّد والحسين فقيهان ماهران في الحفظ، ويحفظان ما لا يحفظ غيرهما من أهل قم، ولهما أخ اسمه الحسن وهو الأوسط مشتغل بالعبادة والزهد، لا يختلط بالناس ولا فقه له.

قال ابن سورة: كلّما روى أبو جعفر وأبو عبدالله الحسين ـ ابني عليّ بن الحسين ـ شيئاً، يتعجب الناس من حفظهما ويقولون لهما: هذا الشأن خصوصية لكما بدعوة الإمام لكما، وهذا أمر مستفيض في أهل قم(12).

وقال شيخنا الصدوق ـ المترجم له ـ : كان أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الأسود(رحمه الله) كثيراً ما يقول لي إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(رضي الله عنه)، وأرغب في كتب العلم وحفظه: ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم، وأنت ولدت بدعاء الإمام عجل الله فرجه(13).

هذا حديث ولادته الّتي باركها إمام العصر (عجل الله فرجه الشريف) بدعائه للمترجم له بالخير والبركة والفقه، وانّها لدعوة مستجابة لم تحجب عن ربّ العزة، فسرعان ما اُستجيبت وظهر أثرها الصالح في شخص شيخنا المترجم له وأخيه الحسين، وهذه الدعوة المباركة هي احدى المؤهلات لامتياز شخصيته وتفوقها، ومن تلكم المؤهلات الّتي ساعدت على نمو شخصيته وسمو تفكيره هي نشأته.

 

نشأته:

نشأ المترجم له تحت رعاية أبيه أبي الحسن، الّذي كان شيخ القميين ووجههم، وفقيههم المشار إليه بالبنان، اشتهر بعلمه وتمسكه بدينه، وعرف بورعه وتقواه، رجعت إليه الشيعة في كثير من الأقطار، وأخذوا عنه أحكامهم، ولم يمنعه سمو مقامه في العلم من اتخاذ وسيلة لمعاشه، وركائز تضمن له الرفعة عمّا في أيدي الناس، شأن الأحرار في الدنيا، فكانت له تجارة يديرها غلمانه، ويشرف عليهم بنفسه، ويعتاش ممّا يرزقه الله من فضله، ولم يشأ أن يثرى على حساب الغير، أو يكون اتكالياً في رزقه(14).

نشأ المترجم له في ظل والد كأبي الحسن، وما ظنّك بشيخ توسل كثيراً حتّى رزق الولد كيف تكون عنايته به ورعايته له، فقد عني بتربيته تربية علمية صالحة، فكان كما أحب.

«ولم تمض برهة حتّى أصبح ـ المترجم له ـ الفتى الكامل آية في الحفظ والذكاء، يحضر مجالس الشيوخ، ويسمع منهم ويروي عنهم، حتّى اُشير إليه بالبنان، فقد اختلف إلى مجلس شيخه محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ وكان من أكابر الشيوخ وأعاظم العلماء ـ وهو حدث السن».

«وأدرك من أيّام أبيه أكثر من عشرين سنة، اقتبس خلالها من أخلاقه وآدابه، ومعارفه وعلومه، ما سما به على أقرانه».

ولعلّ ممّا يكشف عن مزيد عناية الوالد بتربية ابنه، تيسير ذلك العدد الضخم من مصنّفاته له بالرواية عنه، فقد كان له من المصنّفات مائتي كتاب رواها عنه ابنه ـ المترجم له ـ وأجاز روايتها عنه عن أبيه لغيره(15).

كما انّ تخصيص الأب فتاه المترجم له بكتابه الرسالة ممّا يكشف عن شدة حدب الأب على ابنه حتّى لخص له كثيراً من الاُصول، فاختصر له الطريق بطرح الأسانيد والجمع بين النظائر، والاتيان بالخبر مع قرينه، حتّى قيل انّه كان أوّل من ابتكر ذلك في رسالته إلى ابنه ـ المترجم له ـ وكثير ممّن تأخر عنه يحمد طريقه فيها، ويعول عليها في مسائل لا يجد النص عليها; لثقته وأمانته وموضعه من الدين والعلم.

وقد نقل عنها شيخنا المترجم له كثيراً في كتابه (من لا يحضره الفقيه).

شيوخه:

امتاز القرن الرابع الهجري بكثرة الحواضر العلمية المزدهرة بأعلام الإسلام، ونجوم الأرض من حملة الفقه والحديث «ولعلّ السر في نشاط الحركة العلمية ورواج سوقها يومئذ، وهو فضل ولاة الاُمور، وتشجيع اُولي التدبير في الحكومات الإسلامية، فإنّ الناس على دين ملوكهم، ففي العراق كانت بغداد والكوفة والبصرة وواسط وغيرها مزدانة بأفذاذ العلماء، ورجال الفضيلة يرعاهم الصالحون...

وفي مصر والحكم فيها للفاطميين... وكانوا يؤيّدون رجال الدين والعلم، والأزهر ـ الخالد ـ دليل تلك العظمة.

وفي الموصل ونصيبين وحلب والشام كان آل حمدان، وهم الاُمراء وفيهم الشعراء والكتّاب، فما ظنّك بالّذين كانوا عليه من رعاية للحركة العلمية ورجالها...

وفي ايران والسلطة للديالمة ـ آل زيار وآل بويه ـ وفي اُمرائهم ووزرائهم من العلماء والشعراء والكتّاب جمع كثير، وفاق عصر آل بويه من سبقهم بحسن خدمتهم لأهل العلم وتأييدهم لهم، وكثرة من كان منهم في بلاطهم من وزراء وكتّاب وحكام وقضاة... وكان بها في أيّامهم عدة حواضر علمية، وفي كلّ منها من ذوي الفضل خلق كثير كبلاد الري وقم وخراسان ونيسابور واصفهان وغيرها».

وقد كان شيخنا المترجم له سمع الكثير من مشايخ تلك الحواضر العلمية، وسمع منه الشيوخ على حداثة سنه، وانّ بين شيوخه من هو من أكابر المشايخ عند المسلمين، ومن تشد إليه الرحال طلباً لما عنده، ولا يسعنا أن نذكرهم جميعاً خوف الاطناب، فقد أنهاهم سماحة سيّدنا الوالد سلّمه الله فيما كتبه في مقدّمة (من لا يحضره الفقيه) إلى (211) شيخاً، فمن شاء الاطلاع عليهم فليراجع إلى تلك المقدّمة من ص 20 ـ 31.

وانّا لنقتطف من تلك الورود أشذاها وهم الشرفاء الطالبيون، فنذكرهم تيمناً بهم وهم:

1 ـ أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عيسى بن أحمد بن عيسى بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام)، نصّ الشيخ الصدوق على نسبه في علل الشرائع(16) وغيرهما، لكنّه سقط من سهو الناسخ (ابن أحمد بن عيسى) من وسط النسب.

والّذي يدلّنا على سقوط ذلك انّ أحمد بن عيسى الّذي سها القلم باسقاطه هو أحمد العقيقي الّذي قدم قزوين والياً عليها من قبل الداعي الحسن بن زيد صاحب طبرستان (ت 270 هـ)، وقد ذكر الرافعي في التدوين أحمد العقيقي، وقال: سمع عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام)، ومعلوم انّ وفاة الرضا(عليه السلام) كانت سنة (203 هـ)، وأحمد العقيقي ظهر بالري سنة (250 هـ)، وصلّى بالناس يوم العيد، ودعا إلى الرضا من آل محمّد فحاربه محمّد بن عليّ بن طاهر، فهزمه أحمد العقيقي واستفحل أمره.

فأحمد بن عيسى العقيقي لا يمكن أن يكون هو الّذي يروي عنه الصدوق لبعد الطبقة، كما انّ عيسى بن عليّ بن الحسين الأصغر وهو المعروف بغضارة لم يكن له ولد اسمه محمّد، وانّما أعقب من ولديه جعفر الكوفي وأحمد العقيقي، وأحمد هذا أعقب عيسى وله أولاد منهم محمّد وهو والد أبي الحسن أحمد شيخ الصدوق(رحمه الله)، ومن الغريب انّه لم يترجمه أصحابنا، وكأ نّهم لم يقفوا على ذكر الصدوق له، وقد ورد نسبه في مقدّمة الفقيه باسقاط بعض الوسائط تبعاً لخاتمة المستدرك، والصواب ما ذكرناه.

2 ـ النسّابة أبو محمّد الحسن بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيدالله بن الحسين بن عليّ بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام) المعروف بابن أخي الدنداني وبأبي محمّد العلوي، روى كتاب جده يحيى بن الحسن في النسب، وروى عنه شيخ الشرف العبيدلي، والتلعكبري، والشيخ الصدوق، والشيخ المفيد رحمهم الله تعالى.

وقد أكثر عنه المشايخ الثلاثة، وأجاز للتلعكبري، وقد أرخ التلعكبري غالب سماعاته فكانت بين سنة (327 ـ 355 هـ)، أمّا شيخنا الصدوق فقد روى عنه كثيراً مترضياً عنه مترحماً عليه وله منه اجازة، وكيفية اجازته انّه أجاز له ما يصح عنده من حديثه، وحكى أبو عليّ الحائري في رجاله(17) إكثار الشيخ المفيد طاب ثراه من الرواية عنه على ما في الإرشاد وأمالي الشيخ أبي عليّ، فأنّهما ـ سيّما الأوّل ـ مشحونان من روايته(رحمه الله) عنه مضافاً إلى انّه وصفه بالشريف الفاضل.

وذكره الشيخ الطوسي في رجاله(18) والنجاشي في رجاله(19) وذكر له كتاب المثالب، وكتاب في الغيبة، وذكر القائم «عج»، وقال: أخبرنا عنه عدة من أصحابنا بكتبه.

وترجمه الخطيب في تاريخه(20) وقال: مدني الأصل، سكن بغداد في مربعة الخرسي، وحدّث بها عن جده يحيى بن الحسن وعن إسحاق بن إبراهيم الدبري وغيره من أهل اليمن، حدّثنا عنه ابن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو الفرج أحمد بن محمّد بن عمر بن المسلمة، ومحمّد بن أبي الفوارس، وأبو عليّ بن شاذان، ثمّ ذكر حديثاً بسنده عن إسحاق بن محمّد القطيعي عنه بسنده عن جابر قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «عليّ خير البشر فمن افترى فقد كفر» .

مات الشريف المترجم له في شهر ربيع الأوّل سنة (358 هـ) ودفن بمنزله في سوق العطش، قال شيخ الشرف: له بنات انقرض(21).

3 ـ الحسين بن أحمد بن محمّد ـ العويد ـ بن عليّ بن عبدالله بن جعفر الثاني ابن عبدالله بن جعفر الأوّل بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام) هو أبو عبدالله المحمّدي، ذكره شيخ الشرف ابن أبي جعفر العبيدلي في تهذيب الأنساب وقال: أبو عبدالله الحسين بقزوين له عقب، وذكره النسّابة ابن طباطبا الاصفهاني في منتقلة الطالبيين بنحو ما قاله شيخ الشرف وكذلك ذكره أبو طالب المروزي في كتابه الفخري(22) وزاد وصفه بالفقيه فقال: وأبو عبدالله الحسين الفقيه بقزوين والمحمّدية بها من ولده وهم جماعة فيهم محمّد. وذكره العميدي في مشجره، ولم أقف على ترجمته في الكتب الرجالية.

والّذي يظهر من كتب النسب انّ له من الشأن ما يشار إليه، وانّه ابن عم أبي الحسن أحمد بن القاسم بن محمّد العويد الشريف المحمّدي الّذي ولاّه عضد الدولة البويهي النقابة حين قبض على الشريف أبي أحمد الموسوي والد الشريفين الرضي والمرتضى، كما انّ عليّ بن محمّد ـ العويد ـ المقتول صبراً ببغداد على الدكة مع القرمطي المعروف بصاحب الخال لتهمة خروجه معه، وهو عم الشريف المترجم له، والشريف المذكور كان بقزوين وكذا أخوه أبو زيد محمّد فقد كان بقزوين، وهما غير المحمّدين الّذين كانوا الرؤساء بقزوين والعلماء بقم والسادات بالري، فإنّ اُولئك كانوا من أولاد محمّد بن عليّ بن عبدالله بن جعفر الثالث بن عبدالله بن جعفر الثاني المحمّدي كما قاله أبو نصر البخاري في سر السلسلة(23).

ومن الجدير بالذكر انّه وقع في نسب المترجم له اشتباه كما في مقدّمة من لا يحضره الفقيه تبعاً لما ورد في خاتمة المستدرك، ومعاني الأخبار، وعلل الشرائع في الطبعات الحديثة، وذلك لما في بعض أسانيد شيخنا الصدوق(رحمه الله) حيث كان يختصر النسب أحياناً، فظن بعض النسّاخ انّ ذلك من سهو القلم، فأراد إكماله فخبط هو الآخر.

فإنّ هذا الشريف علوي محمّدي ـ أي من ذرية محمّد بن الحنفية ـ وقد صرّح الشيخ الصدوق بذلك في كتابه الأمالي في أوّل الحديث السادس من المجلس 55 وساق نسبه بتمامه في كتابه معاني الأخبار في باب (ما روي انّ فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار) وكذا في علل الشرائع في الحديث 9 من باب انّ علّة محبة أهل البيت(عليهم السلام) طيب الولادة... الخ.

وقد اشتبه على الناسخين فظنّوا انّ المراد بجعفر بن محمّد بن عليّ هو جعفر ابن محمّد الإمام الصادق، وبابنه عبدالله عبدالله الأفطح، فتصرفوا في اسقاط ما تكرّر ظنّاً منهم انّه من سهو القلم، وأضافوا ما توهموا سقوطه من بقيّة النسب وهو (ابن الحسين بن عليّ) وبذلك شوهوا الحقيقة، وشوشوا الأمر على الباحثين.

وجاء المتأخّرون فأثبتوا ما وجدوه دون التفات إلى انّ ذلك لا يتم لوجوه، منها انّ عبدالله بن جعفر الّذي هو الأفطح لم يكن له عقب، وقد صرّح بانقراضه شيخ الشرف العبيدلي وغيره من علماء النسب، ومنها منافاته لتصريح الصدوق(رحمه الله)بانّه من ولد محمّد بن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، ومنها ما ذكره الشيخ الصدوق(رحمه الله)من تمام نسبه في كثير من النسخ المصححة.

فعلى ما ذكرناه ظهر اشتباه الناسخين في نسبه الشريف المذكور، وفات ذلك المحققين.

4 ـ أبو يعلى حمزة بن محمّد بن أحمد السكين بن جعفر بن محمّد بن زيد الشهيد، ذكره الشيخ الطوسي في رجاله(24) فقال: يروي عن عليّ بن إبراهيم ونظرائه، روى عنه محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه، وذكره الشيخ الصدوق في كثير من أسانيده في غالب كتبه مترضّياً عليه وأكثر الرواية عنه.

فمن ذلك ما ذكره في الحديث السادس من المجلس (44) من أماليه قال: حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد العلوي(رحمه الله) في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، قال: أخبرني عليّ بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إليَّ سنة سبع وثلاثمائة... الخ، وساق نسبه في غير موضع من أماليه وسائر كتبه الاُخرى، وترجمه الحاكم أبو عبدالله النيسابوري ـ وهو من تلاميذه ـ قال: هو الشريف حسباً ونسباً، والجليل همة قولا وفعلا، ما رأيت في العلوية وغيرهم له شبيهاً جلالة وعفة وبياناً... .

ورد نيسابور سنة (330 هـ) وكان بها إلى سنة (337 هـ) ثمّ خرج إلى الري، فاجتمع الناس على أن يريدوه على البيعة فأبى عليهم، وقبض عليه أمير الجيش وبعث به إلى بخارا، وقبح أمره عند السلطان وبقي بها مدّة، ثمّ رجع إلى نيسابور سنة (340 هـ)، وحينئذ أدمنا الاختلاف إليه، توفي بنيسابور في رجب سنة (346 هـ)، وحمل تابوته على البغال إلى قزوين انتهى.

وحدّث عنه الحاكم، وذكره الخليل الحافظ في تاريخه، وذكر انّ وفاته كانت سنة (342 هـ) بنيسابور، وحمل إلى قزوين ودفن في المقابر العتيقة.

وذكره الرافعي في التدوين فقال: شريف نبيل فاضل عارف بالحديث واللغة والشعر، سمع بقزوين الحسن بن عليّ الطوسي، وإسحاق بن محمّد بن محمّد بن صالح الطبري، وعبدالله بن محمّد الاسفراييني، وإبراهيم بن محمّد بن مسلم بن داود، ودخل نيسابور آخراً فسمع محمّد بن يعقوب الأصم ومحمّد بن يعقوب الشيباني، وكتب عنه لشرفه الأئمّة الّذين كانوا أكبر سناً منه ثمّ ختم كلامه بقوله: وعندي جزء كتبه بخطّه أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم للسيّد حمزة هذا... الخ.

وذكره الآقا رضي القزويني في ضيافة الاخوان فقال: كان من قدماء مشايخ الطائفة الجليلة الإمامية في طبقة الشيخ الأجل محمّد بن يعقوب الكليني ومعاصريه كالصفواني، ثمّ نقل عن الشيخ الطوسي ذكره له في رجاله وقوله في فهرسته، ولم نعثر له على ذكر في الفهرست.

وقد اقتضبنا هذه الترجمة عن معجم أعلام منتقلة الطالبيين بما يتناسب والمقام.

5 ـ أبو الحسن عليّ بن موسى بن أحمد(25) بن إبراهيم(26) بن محمّد(27) بن عبيدالله بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق(عليه السلام)، وقد روى عنه شيخنا الصدوق في الخصال وغيره من سائر كتبه، وذكر نسبه في عدة مواضع من كتابه الخصال، وفي كلّها سهو من النسّاخ إلاّ أنّ أهونها ما ذكره في ص 257 حيث قال: حدّثنا أبو الحسن بن عليّ، ثمّ ساق النسب صحيحاً كما ذكرناه.

فالسهو في زيادة (بن) بين أبي الحسن وعليّ وقد صرح في ص 186 وص 317 بانّ اسمه الكامل هو: أبو الحسن عليّ فظهر انّ (بن) زيادة من سهو النسّاخ، وقد ذكر هذا الشريف في قائمة شيوخ الصدوق(رحمه الله) في مقدّمة (من لا يحضره الفقيه) باسم (عليّ بن أحمد بن موسى بن إبراهيم بن محمّد بن عبدالله بن جعفر الصادق(عليه السلام)) تبعاً لما في خاتمة المستدرك(28) وذلك من سهو القلم، والصحيح في نسبه ما ذكره الصدوق(رحمه الله) في الخصال وغيره.

ومن الغريب أنّ هذا العلوي لم تذكره معاجم الرجال مع انّه من مشايخ الصدوق(رحمه الله)، وهو يروي عن عليّ بن همام كما في الخصال(29)، وعن أبي عليّ الحسن بن زكام كما في الخصال(30)، وحدّث عن كتاب أبيه(رضي الله عنه).

وأغرب من ذلك انّ والده موسى بن أحمد الشعراني من ذوي التأليف وصاحب كتاب، ولم يذكره مشايخنا القدماء كالنجاشي والشيخ الطوسي وابن شهر آشوب في فهارسهم المعدة لذكر أمثاله، كما انّي لم أعثر على ترجمته في بقيّة المعاجم الرجالية، وقس عليه عليّ بن همام والحسن بن زكام في عدم الوقوف على من ترجمهما من أصحابنا.

هذا ما تيسر لي من تصحيح نسبه وتعريفه، ولعلّ الباحث في كتب الصدوق(رحمه الله) يجد أكثر من ذلك.

6 ـ الشريف الدّين أبو عليّ محمّد بن أحمد بن محمّد زبارة بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن عليّ الأصغر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام)، وصفه الشيخ الصدوق في كتابه كمال الدين(31) بالشريف الدّين الصدوق، وقد استفاد المتأخّرون عنه من كلامه وثاقة الشريف، وكفى بها من شهادة عالية في حقّه.

وذكره ابن الأثير في اللباب(32) فقال: شيخ العلويين بنيسابور بل بخراسان، سمع الحسين بن الفضل البجلي، روى عنه ابن أخيه أبو محمّد(33) بن أبي الحسين ابن زبارة، وتوفي سنة ستين وثلاثمائة، وكانت ولادته سنة ستين ومائتين... الخ.

وذكره الحاكم النيسابوري في تاريخ نيسابور، وذكره الخليفة النيسابوري في تلخيص تاريخ نيسابور(34) في مشايخ الحاكم النيسابوري، وقال: السيّد العلوي شيخ الطالبيين بنيسار بل بخراسان في عهده(رضي الله عنه)، مدفون في مقبرة العلوية بجنب عبدالله بن طاهر الأمير.

7 ـ أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر بن جعفر بن محمّد بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، العلوي السمرقندي، هذا هو الصواب في نسبه، وقد اشتبه على كثير من الأعلام ذلك خصوصاً في تكرار (المظفّر بن جعفر) فحذفهما بعض ظنّاً منه انّهما من سهو النسّاخ، وتمحّل آخرون في تعريفه، وقد صرّح نفس الصدوق باسمه واسم أبيه وجده في الحديث 21 من الباب الرابع من كتابه (عيون أخبار الرضا(عليه السلام)) ووصفه بالعلوي السمرقندي، وكذا في مشيخة الفقيه(35)، وكذا في كتابه التوحيد في باب نفي المكان والزمان... الخ.

وساق المؤلّف نسبه في كمال الدين بيد انّ في النسخة المطبوعة أسقط الناسخ ـ فيما أظن ـ ما حسبه تكراراً، وهو المظفّر بن جعفر، ولم يفطن إلى وجوب اثبات ذلك خصوصاً بملاحظة ما نقلناه عن الصدوق نفسه من أنّ جد شيخه أبي طالب المظفّر أيضاً اسمه المظفّر، وعلى ما أثبته في مطبوعة كمال الدين يكون جده محمّد فلاحظ وتأمّل.

وقد وقع مثل ذلك في رجال الشيخ الطوسي المطبوع في النجف، فأسقط الناسخ أو غيره من النسب (المظفّر بن جعفر) حيث توهّموا التكرار، وفات المحقق ذلك فلم ينتبه له، ويكفينا في التدليل على وجوب اثبات ذلك تصريح الصدوق في مشيخة الفقيه، وعيون أخبار الرضا، وما ورد في كتب النسب، وقد ذكر العميدي في المشجر الكشّاف(36) المظفّر بن جعفر بن محمّد بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) الّذي هو جد أبي طالب المظفّر، وقال: بالسند، له ابن بسمرقند له بها أعقاب، ثمّ ذكر حفيده المظفّر بن جعفر بن المظفّر، وذكره ولده أميركا وذيلاً له لم يطل.

وذكر شيخ الشرف ابن أبي جعفر العبيدلي النسّابة في كتابه (تهذيب الأنساب)، المظفّر بن جعفر بن محمّد، وقال: له عقب بالسند ولا يفوتني انّ اُنبّه القارئ إلى انّ جعفر الأوّل هو جعفر الملك الملتاني الّذي أعقب كثيراً، وقد ذكر شيخ الشرف: انّ المعقبين من ولده نيف وخمسون رجلا ببلدان شتى وعدّ منهم المظفّر، وقال: له عقب بالسند.

وقد ذكر المترجم له ـ أبا طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر ـ الشيخ الطوسي في رجاله(37) وقال: روى عنه التلعكبري اجازة كتب العيّاشي محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السلمي عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه أبي النضر، يكنّى أبا طالب. هكذا وردت الترجمة في رجال الشيخ المطبوع، ولم يفطن محقق الكتاب إلى أنّ المقصود بجعفر بن محمّد هو ابن العيّاشي صاحب الكتب وكان اسمه جعفر، وهو الّذي روى للمظفّر العلوي كتب أبيه محمّد بن مسعود، فتوهّم انّ جعفر بن محمّد هو والد المظفّر، فأثبت (عن أبيه) والصواب عن ابنه وانّ في بقيّة السند ما يكفي للتنبيه حيث قال: عن أبيه أبي النضر، ومعلوم انّ أبا النضر كنية العيّاشي، فكيف يصح ما أثبته المحقق؟

والّذي يكشف عن ذلك ويزيده ايضاحاً قول الصدوق في مشيخته(38): وما كان فيه ـ أي في كتابه من لا يحضره الفقيه ـ عن محمّد بن مسعود العيّاشي، فقد رويته عن المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي العمري(رضي الله عنه)، عن جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر محمّد بن مسعود العيّاشي(رضي الله عنه).

وقد ترجمنا الرجل في (معجم أعلام المنتقلة) وذكرنا هناك انّه من مشايخ الاجازة، وقد روى عنه الشيخ الصدوق والشيخ التلعكبري والشريف أبو عبدالله محمّد بن الحسين الجواني، وهذا الشريف الجواني هو من مشايخ المفيد رحمهم الله تعالى أجمعين.

 

أسفاره:

فكان أوّل سفر له غادر به مسقط رأسه وموطن آبائه (قم)، سفره إلى الري ملبياً طلب أهلها، وعلى رأسهم الأمير ركن الدولة البويهي (ت 366 هـ) حيث طلبوا من شيخنا الانتقال إلى بلدهم ليكون قريباً منهم فينتهلوا من نمير علومه، فأجابهم ورحل إلى الري وأقام بها، وعكف عليه العلماء يأخذون عنه، كما لم يفته سماع الحديث من أعلام شيوخهم، فسمع كثيراً وأسمع أكثر، فكانت بلاد الري هي أوّل بلد انتقل إليها من قم، ثمّ تتابعت أسفاره إلى عدة بلدان ذكرها سيّدي الوالد دام ظلّه وهي كما يلي، وأوّلها كما ذكرنا:

1 ـ الري: استوطنها، وكانت له المكانة المرموقة لدى الأمير ركن الدولة البويهي، وقد جرت له في مجلس الأمير المشار إليه احتجاجات دلّت على قوّة عارضته في الكلام، وبليغ حجته عند الخصام، وهي خمس مجالس ومحور الكلام فيها حول الإمامة، وربّما يظهر من بعض المصادر انّها كانت مع الأمير البويهي نفسه(39).

وقد سمع بالري في سنة (347 هـ) في رجب من ابن جرادة البردعي، والصائغ العدل، وأبي عليّ القطان، وغيرهم، وكان الصائغ والقطان من شيوخ أهل الري كما وصفهما المترجم له.

2 ـ خراسان: دخلها مراراً، أولاهنّ في رجب سنة (352 هـ) حيث استأذن الأمير البويهي في السفر لزيارة المشهد الرضوي، فاذن له الأمير والتمسه الدعاء له عند ذلك المشهد، حيث قال له: هذا مشهد مبارك قد زرته وسألت الله تعالى حوائج كانت في نفسي فقضاها لي، فلا تقصّر في الدعاء لي هناك والزيارة عنّي، فانّ الدعاء فيه مستجاب، قال شيخنا الصدوق(رحمه الله): فضمنت ذلك له ووفيت به، فلما عدت من المشهد على ساكنه التحية والسلام ودخلت إليه، فقال لي: هل دعوت لنا وزرت عنّا؟ فقلت: نعم، فقال لي: قد أحسنت، قد صح لي انّ الدعاء في ذلك المشهد مستجاب.

وهذه اُولى زياراته لمشهد الرضا(عليه السلام)، ثمّ عاد إلى الري وسافر ثانياً إلى خراسان بعد موت الأمير البويهي، فكان بها في ذي الحجة الحرام سنة (367 هـ)، وأملى بها عدة مجالس من كتابه (الأمالي) فكان منها المجلس 26 أملاه يوم الغدير 18 ذي الحجة من تلك السنة، ثمّ عاد إلى الري ودخلها في آخر شهر ذي الحجة من السنة المذكورة، وأملى المجلس 27 في غرة محرم الحرام سنة (368 هـ) بالري، وتشرّف ثالثاً بزيارة المشهد الرضوي في شعبان سنة (368 هـ) وذلك في طريقه إلى ديار ما وراء النهر، وأملى في سفره هذا أربعة مجالس من أماليه، وهي آخر ما هو موجود في النسخة المطبوعة، وكان تاريخ املائه لأوّلها وهو المجلس 94 في ليلة 17 شعبان، ولآخرها 19 شعبان من السنة المذكورة.

3 ـ استراباد.

4 ـ جرجان: وسمع بهما من أبي الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الاسترابادي الخطيب تفسير الإمام العسكري(40) وسمع بهما أيضاً من أبي محمّد القاسم بن محمّد الاسترابادي، وأبي محمّد عبدوس بن عليّ بن العبّاس الجرجاني، ومحمّد بن عليّ الاسترابادي وغيرهم.

5 ـ نيشابور: وردها في شعبان سنة (352 هـ) في سنة زيارته الاُولى لمشهد الرضا(عليه السلام) بعد منصرفه من ذلك المشهد المقدس، واجتمع عليه أهلها يسألونه ويأخذون عنه، وقد كشف عنهم الحيرة الّتي كانوا بها في أمر الغيبة، وقد حدّث عن ذلك في مقدّمة كتابه كمال الدين وتمام النعمة.

6 ـ مرو الرود: وهي مدينة قرب مرو الشاهجان بينهما خمسة أيّام وهما من مدن خراسان، وردها في سفره إلى خراسان وسمع بها.

7 ـ سرخس: وهي مدينة قائمة بنواحي خراسان بين نيسابور ومرو في وسط الطريق، وردها أيضاً في طريقه إلى خراسان وسمع بها.

8 ـ سمرقند: البلد المعروف المشهور، وهو من أهمّ بلدان ما وراء النهر، وردها سنة (368 هـ) وسمع بها.

9 ـ بلخ: من البلدان الشهيرة بينها وبين سمرقند اثنا عشر فرسخاً، وهي وسط بين فرغانة والري وسجستان وكابل وقندهار وكرمان وكشمير وخوارزم والملتان، بينها وبين كلّ منها ثلاثون مرحلة، دخلها سنة (368 هـ) وسمع بها من جماعة وأجازه بعضهم.

10 ـ إيلاق: كورة من كور ما وراء النهر تتاخم كورة الشاش وهما من أعمال سمرقند، وردها سنة (368 هـ) وأقام بها، وفيها اجتمع بالشريف أبي عبدالله محمّد بن الحسن المعروف بنعمة(41) وبها وقف الشريف المذكور على أكثر مصنّفات الشيخ المترجم له فنسخها، كما سمع منه أكثرها ورواها عنه كلّها وكانت (245) كتاباً، ودارت بينهما أحاديث انتهى بهما الكلام إلى ما ذكره الشريف نعمة عن كتاب (من لا يحضره الطبيب) تأليف محمّد بن زكريا الرازي(42) وذكر انّه شاف في معناه، وطلب من شيخنا المترجم له أن يصنّف له كتاباً في الفقه والحلال والحرام والشرائع والأحكام، موفياً على جميع ما صنّفه الشيخ في معناه، واقترح عليه أن يترجمه ـ يسميه ـ بكتاب (من لا يحضره الفقيه) ليكون إليه مرجعه، وعليه معتمده وبه أخذه...وقد ذكر المترجم له ذلك مفصّلا في مقدّمة كتابه (من لا يحضره الفقيه).

11 ـ فرغانة: من مدن بلخ بينها وبين بلخ ثلاثون مرحلة غرباً، وردها في سفره ذلك وسمع بها من جماعة.

12 ـ همدان: وردها سنة (354 هـ) عندما توجّه حاجّاً إلى بيت الله الحرام، فسمع بها من جماعة الشيوخ بها.

13 ـ بغداد: دخلها مرتين الاُولى سنة (352 هـ) وحدّث بها وسمع منه الشيوخ كما انّه أخذ عنهم، والثانية في سنة (355 هـ) بعد منصرفه من الحجّ وقد سمع منه أيضاً جماعة... وكان دخوله بغداد في أيّام معزّ الدولة البويهي، ولم يذكر التاريخ لنا عن اتصال جرى بينهما، ومن البعيد جدّاً أن لا يختفي الملك البويهي بشيخنا المترجم له، مع العلم انّ ملوك البويهيين كانوا من أهم دعائم الطائفة، وركائز التشيع، وبلاطهم يعج بالأعلام وهم على اتصال وثيق بهم أينما كانوا وحيث حلّوا، وقد سبق أن ذكرنا انّ شيخنا المترجم له انتقل إلى الري بناءاً على طلب الأمير ركن الدولة البويهي، وكيف كان محل تجلته واحترامه.

14 ـ الكوفة: وردها في طريقه إلى الحجّ سنة (354 هـ) وسمع في مسجدها الجامع من جماعة، كما انّه سمع من بعضهم عند مشهد أميرالمؤمنين(عليه السلام) ومن بعضهم في منزله.

15 ـ مكّة والمدينة: تشرّف بحجّ بيت الله الحرام، وزيارة قبر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)وقبور أهل بيته في سنة (354 هـ)، ولم نعثر على أسماء من أخذ عنهم أو أخذوا عنه، ويبعد انّه لم يسمع من أحد ولا يسمع منه أحد، وهو الّذي كان شديد الحبّ في الأخذ والتحمّل للحديث، خصوصاً إذا رأيناه يسمع في مكان يسمّى فيد.

16 ـ فيد: وهو منزل بين مكّة والكوفة في نصف الطريق تقريباً سمع به بعد منصرفه من مكّة من أبي عليّ أحمد بن أبي جعفر البيهقي.

هذه هي المواطن الّتي سمع بها شيخنا الصدوق(رحمه الله) من شيوخ العلم وأخذ عنهم، كما انّه حدّث وسمع منه، وقد سبق أن ذكرنا انّ شيوخه ينيفون على المائتين فيما أحصاهم الوالد في مقدّمة (من لا يحضره الفقيه) كما انّه ذكر بعضهم عند ذكره البلدان الآنفة الذكر إذ كانوا من شيوخها ونحن اقتصرنا على هذا المقدار، ومن شاء التوسع فليرجع إلى تلك الرسالة.

 

تلاميذه:

قال الوالد سلّمه الله: «لو أردنا أن نستقصي على التحقيق والاستقراء جميع من روى عن شيخنا المترجم له وأخذ عنه العلم، لطال بنا البحث ولاحتجنا إلى زمن كثير، خصوصاً بعد أن نقف على ما ذكره أرباب المعاجم من انّ شيوخ الأصحاب سمعوا منه وأخذوا عنه وهو في حداثة سنه، وسيأتي كلام أبي العبّاس النجاشي: انّ شيوخ الطائفة سمعوا منه وهو حدث السن(43).

وبعد أن قرأنا كثرة رحلاته إلى اُمّهات الحواضر العلمية، وقرأنا عن بعضها انّه كان يبادل السماع والأخذ فيها، وبعد أن نقف على مدّة عمره الشريف وانّه عمّر نيفاً وسبعين سنة، قضاها في سوح الجهاد العلمي، بين تأليف الكتب، ومجالس الشيوخ، وجمع اُصول الحديث، ونشر الأحكام واذاعتها خدمة لمبدئه وإعلاناً بمذهبه، بعد أن نقرأ جميع ذلك لا يسعنا الاحاطة ـ تماماً ـ بجميع من أخذوا عنه، مع انّ كثيراً من مترجميه لم يذكروا إلاّ أعيان تلامذته من الّذين طار صيتهم، وسطع نجمهم، وذاعت أسماؤهم على الألسنة.

وإلى القارئ أسماء من تيسّر لنا العثور عليه من تلامذته والآخذين عنه، وكلّهم من الأعلام الأثبات الّذين أصفقت معاجم التراجم على ذكرهم بكلّ جميل وهم:

1 ـ الشيخ الجليل الفقيه الخير الحسين بن عليّ بن موسى بن بابويه القمي ـ أخو المترجم له ـ .

2 ـ الشيخ الثقة الدّين الحسن بن الحسين بن عليّ بن موسى بن بابويه القمي ـ ابن أخي المترجم له ـ .

3 ـ الشيخ الثقة عليّ بن أحمد بن العبّاس ـ والد الشيخ النجاشي ـ سمع منه ببغداد، وأجاز له المترجم له جميع كتبه في وروده بغداد سنة (355 هـ)، كما في ترجمة الصدوق في رجال النجاشي.

4 ـ الشيخ الثقة أبو القاسم عليّ بن محمّد الخزاز صاحب كتب أشهرها (كفاية الأثر) وفيه يروي عن الصدوق كثيراً.

5 ـ الشيخ الثقة الفاضل الفقيه أبو عبدالله الحسين بن عبيدالله بن إبراهيم الغضائري.

6 ـ الشيخ الجليل أبو الحسن جعفر بن الحسين(44) حسكة القمي شيخ الطوسي.

7 ـ الشيخ أبو جعفر محمّد بن أحمد بن العبّاس بن فاخر الدوريستي ـ نسبة إلى دوريست قرية من قرى الري ـ والد الشيخ جعفر المعاصر لشيخ الطائفة، ومن تلاميذ الشيخ المفيد والسيّد المرتضى رحمهم الله.

8 ـ أبو زكريا محمّد بن سليمان الحمراني من أهل طوس.

9 ـ السيّد أبو البركات عليّ بن الحسن الجوزي الحلي الحسيني(45).

10 ـ الشيخ أبو الحسن محمّد بن أحمد بن عليّ بن شاذان القمي.

11 ـ أحمد بن محمّد العمري.

12 ـ الشيخ الجليل وجه الطائفة وزعيمها محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد سمع منه ببغداد(46).

13 ـ الشيخ الجليل الثقة أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري.

14 ـ عبد الصمد بن محمّد التميمي.

15 ـ محمّد بن طلحة بن محمّد النعالي البغدادي من شيوخ الخطيب البغدادي ذكره في تاريخه.

16 ـ السيّد الشريف أبو عبدالله محمّد بن الحسن المعروف بنعمة، وقد سبقت الإشارة إليه في (إيلاق).

17 ـ عليّ بن محمّد العمري، كما في اجازة العلاّمة لبني زهرة(47).

18 ـ السيّد الشريف أبو البركات عليّ بن الحسين الحسيني(48).

19 ـ الشيخ الجليل الحسن بن محمّد بن الحسن القمي ـ مؤلّف تاريخ قم ـ روى عنه، كما ذكر ذلك السيّد الصدر في تأسيس الشيعة(49).

20 ـ أبو بكر محمّد بن أحمد بن عليّ، أحد رواة كتاب الأمالي للمترجم له كما في مقدّمته.

21 ـ الشريف الفاضل في النسب والطب والشجاعة والحجّة أبو عليّ عمر بن عليّ بن الحسين بن عبدالله بن محمّد بن يحيى بن عبدالله بن محمّد بن عمر الأطرف، المعروف بالموضح النسّابة. ذكره السيّد فخّار بن معد في كتابه إيمان أبي طالب(50) وقال: وكان ثقة جماعاً ويقال له ابن اللبن وهو كوفي معروف. وذكر روايته عن الشيخ المترجم له(رحمهما الله).

 

مؤلّفاته:

لقد خلّف شيخنا الصدوق(رحمه الله) ثروة علمية صالحة من آثاره، تصلح أن تكون وحدها مكتبة جامعة في شتى الفنون، وقد ذكر مترجموه انّه صنّف أكثر من ثلاثمائة كتاب، في شتى فنون العلم وأنواعه، وحسبك انّ واحداً من الأعلام الّذين أخذوا عنه نسخ منها (245) كتاباً، وهي الّتي كانت يومئذ مع مؤلّفها، فقد سبق أن ذكرنا انّ الشريف نعمة لمّا اجتمع بالشيخ المترجم له بإيلاق، نسخ ما كان معه من مصنّفاته فكانت (245) كتاباً، وذلك قبل أن يكتب مؤلّفه الخالد (من لا يحضره الفقيه)، أمّا ما كتبه بعد ذلك فيربو على الخمسين، وانّها لثروة علمية تنبىء عن طول باع وسعة اطلاع ومشاركة في كثير من الفنون.

وإذا ما قرأنا الفهارس الّتي حفظت لنا أسماء بعضها نخرج بنتيجة أنّ مؤلّفها كان مشاركاً كما يقول القدامى أو عالم مجمعي في عرف اليوم، ولو تساءلنا عن تلك الثروة العلمية أين هي؟ فالجواب انّه لم يصلنا منها إلاّ النزر القليل دون العشرين، واستأثرت عوادي الأيّام بالباقي فكان لها حصة الأسد، ولقد ذكر سيّدي الوالد سلّمه الله في رسالته (220) اسماً منها، وأبان مصادرها مع الإشارة إلى الموجود منها والمطبوع، وحيث لا أرى كبير فائدة في سرد جميع ما ذكره روماً للاختصار، فأقتصر على ذكر ما جاد به الزمن من آثار مؤلّفنا العظيم فبقيت نسخته، مع الإشارة إلى ما هو مطبوع منها:

1 ـ الاعتقادات: أملاه بنيسابور في يوم الجمعة ثاني عشر شعبان سنة (368 هـ) وقد اجتمع إليه أهل مجلسه والمشايخ فسأله أن يملي عليهم وصف دين الإمامية على الايجاز والاختصار، وهو من جملة مجالسه الّتي ضمها كتابه (الأمالي)، راجع المجلس الثالث والتسعين منها، وسمّاه الشيخ الطوسي في الفهرست(51) (دين الإمامية) وتبعه في التسمية ابن شهرآشوب في معالم العلماء(52).

وهذا الكتاب لمّا ذكر فيه مؤلّفه اعتقاد الإمامية الضروري وغيره، والمتفق عليه وغيره، وعد بأن يشرح ذلك بعد عودته من مقصده، وكان قاصداً خراسان في طريقه إلى ديار ما وراء النهر، فقال في آخره: (وسأملي شرح ذلك وتفسيره إذا سهّل الله عزّ اسمه عليَّ العود من مقصدي إلى نيسابور).

ولا نعلم هل كتب المؤلّف شرحاً عليه أم لا؟ بيد انّ الفهارس الّتي ذكرت أسماء مصنّفاته خلت عن ذكر شرح لكتابه الاعتقادات، ولعلّه لم يتيسر له ذلك، ولذلك عمد الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان (ت 413 هـ) تلميذه الوفي، فعكف على الكتاب فشرحه ونقده فيما ليس هو من الضروري أو المتفق عليه، وسمّى كتابه (تصحيح الاعتقاد) وقد طبع الأصل مكرراً مع الشرح وبدونه، وعكف العلماء على هذا الكتاب بالترجمة والشرح، وقد ذكر شيخنا الرازي أطال الله عمره في كتابه الذريعة(53) عدّة شروح لأعاظم الأعلام فراجع.

ومن رأيي انّ كتاب اعتقادات الصدوق الّذي شرحه الشيخ المفيد وسمّاه تصحيح الاعتقاد، هو غير ما أملاه بنيسابور في وصف دين الإمامية والّذي هو المجلس 93 من أماليه، كما هو واضح لمن قارن بينهما، وما ذكرته آنفاً هو ما ذهب إليه شيخنا الرازي دام ظلّه في الذريعة، وسيّدنا الوالد دام ظلّه في مقدّمة الفقيه.

2 ـ الأمالي: وهو المعروف بالمجالس أو عرض المجالس، وسمّاه النجاشي (العوض عن المجالس) وهو سبعة وتسعين مجلساً، ولم يكن إملاؤه لها في بلد واحد، فقد أملى أوّلها يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة (367 هـ) في الري، وأملى المجلس الخامس والعشرين بطوس بمشهد الإمام الرضا(عليه السلام)يوم الجمعة لثلاث عشر بقين من ذي الحجة سنة (367 هـ) وكذا المجلس السادس والعشرين أملاه يوم الغدير من تلك السنة بطوس.

وأملى المجلس السابع والعشرين غرة محرم سنة (368 هـ) بعد رجوعه من المشهد، وأملى المجلس التاسع والثمانين يوم الأحد غرة شعبان سنة (368 هـ) بنيسابور في دار السيّد أبي محمّد يحيى بن محمّد العلوي(54)، وأملى المجلس الثاني والتسعين والثالث والتسعين بنيسابور، وكان الأخير بتاريخ يوم الجمعة ثاني عشر شعبان سنة (368 هـ) وهو الّذي ضمنه وصف دين الإمامية، وقد سبقت الإشارة إليه، وأملى المجلس الرابع والتسعين يوم الثلاثاء السابع عشر من شعبان سنة (368 هـ) بالمشهد المقدس الرضوي، وهكذا بقيّة مجالسه فانّها كانت بالمشهد، وقد طبع مكرراً بطهران سنة (1300 و1374 هـ).

وله ترجمة بالفارسية للسيّد عليّ الإمامي، واُخرى للسيّد صادق بن السيّد حسين التوشخانكي فرغ منها سنة (1301 هـ) وعليه حاشية للسيّد عبدالله بن السيّد نور الجزائري (ت 1173 هـ) وهي غير مدونة (راجع تفصيل ذلك في الذريعة).

3 ـ التوحيد: وهو كتابنا هذا الّذي نحن على أبوابه، وسنفرده بالحديث.

4 ـ ثواب الأعمال: وقد ذكر في مقدّمته السبب الداعي إلى تأليفه، هو ما روي عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) من قوله: «الدال على الخير كفاعله» ولم يبتغ وراء تأليفه ذلك إلاّ الترغيب في ثواب الله وابتغاء مرضاته، وقد طبع هذا الكتاب مكرراً منضماً إليه (عقاب الأعمال) الآتي للمؤلّف أيضاً في مجلد واحد في ايران سنة (1298 هـ) وسنة (1375 هـ) وفي بغداد سنة (1962 م) وترجمة الشيخ محمّد تقي بن محمّد باقر الاصفهاني الشهير بآقا نجفي (ت 1332 هـ)، وطبعت الترجمة بايران أيضاً مع ترجمة (عقاب الأعمال) له أيضاً. ذكر الذهبي في ترجمة القصاب من تذكرة الحفّاظ(55) انّه حذف كتاب ثواب الأعمال وكتاب عقاب الأعمال والقصاب من معاصري الصدوق(رحمه الله) حيث احتمل بقاءه حياً حتّى (360 هـ) فراجع.

5 ـ الخصال: كتاب جليل في الأخلاق صنّفه على ترتيب لم يسبق إليه، ذكر فيه الخصال المحمودة والمذمومة على حسب الأعداد، فابتدأ بباب الواحد، ثمّ الاثنين، ثمّ الثلاثة، وهكذا إلى باب الخصال الأربعمائة، وقد طبع بطهران سنة (1302 هـ) واُعيد طبعه مع ترجمة فارسية سنة (1371 هـ)، وسنة (1375 هـ) وله ترجمة اُخرى للسيّد عليّ بن محمّد بن أسد الله الاصفهاني المعاصر لصاحب الرياض، كما ذكر ذلك شيخنا الرازي دام ظلّه في الذريعة، ولبعض الأفاضل ترجمة اُخرى سمّاها (نخبة الخصال).

6 ـ صفات الشيعة: هو من خيرة الكتب الّتي حددت المفهوم الواقعي لشيعة أهل البيت، وقد بدأه المصنّف(رحمه الله) بأحاديث في ذلك، منها ما عن الصادق(عليه السلام): «شيعتنا أهل الورع» وأمثاله.

وقد اعتمده أصحاب الجوامع الحديثية المتأخّرة، فنقل عنه الشيخ المجلسي في البحار، والشيخ الحر في الوسائل، والشيخ النوري في المستدرك، وتوجد منه نسخة بخط قديم وقطع كبير عند الدكتور نوع پرست بطهران، واُخرى في مكتبة الطهراني بسامراء، وثالثة كانت عند المرحوم الاوردبادي، ورابعة وهي بخط الشيخ النوري كانت عند حفيده بهزادي بطهران كما في الذريعة(56).

7 ـ عقاب الأعمال: هذا الكتاب يشترك مع ثواب الأعمال في الموضوع، إلاّ انّ ذلك في الثواب على العمل وهذا في العقاب على الترك أو فعل المنهي عنه، كما انّه طبع منضماً إلى سابقه في سائر طبعاته لمناسبة الموضوع، ترجمه الشيخ محمّد تقي الاصفهاني كما سبق أن أشرنا، وطبعت ترجمة ميرزا عبدالكريم المقدّس لاحظ الذريعة لشيخنا الرازي سلّمه الله.

8 ـ علل الشرائع والأحكام والأسباب: وانّ في اسمه ما يكشف عن موضوعه، ويشتمل على (385) باباً، وقد ذكر المقدم لطبعة النجف انّه لم يعلم سبب تأليف المؤلّف للكتاب ولا تاريخ تأليفه، ومن راجع أسانيده يتضح له تاريخ التأليف وانّه بعد سنة (368 هـ) الّتي سافر فيها حتّى دخل بلاد ما وراء النهر، وسمع في بلدانها من أعلامها المحدّثين.

فقد ذكر في كتابه العلل(57) سماعه من أبي جعفر محمّد بن عبدالله بن طيفور الدامغاني الواعظ بفرغانة، وتجد في كتابه السماع من هذا المحدّث الواعظ متعدداً فلاحظ، كما نجد في ص 12 من الكتاب حديثاً يرويه عن أبي الحسن طاهر بن محمّد بن يونس بن حياة الفقيه فيما أجازه له ببلخ، وغير ذلك ممّا يدلّ على انّ تأليف كتاب العلل كان بعد سنة (368 هـ).

ولو توفرنا على دراسة الكتاب لاستكشفنا ما استبهمه المقدم، وقد طبع هذا الكتاب مكرراً في ايران منها في سنة (1289 هـ) ومنها في سنة (1311 هـ) واُلحق به معاني الأخبار للمؤلّف نفسه، وكتاب الروضة في الفضائل الّذي لم يعرف مؤلّفه على التحقيق، وطبع في ايران أيضاً سنة (1378 هـ) وطبع في المطبعة الحيدرية في النجف سنة (1383 هـ) ومرة اُخرى سنة (1385 هـ) وقد قدم له العلاّمة الكبير السيّد محمّد صادق بحر العلوم مستنداً إلى رسالة سماحة السيّد الوالد دام ظلّه، وقد أشار إلى استناده إليها في بضعة عشر موضعاً، لكنّه لم يصرّح باسم مؤلّفها مع اعترافه باستفادته من الرسالة كثيراً، ونقله الكثير الكثير من نصوصها، وانّ ذلك ممّا يؤاخذ عليه ويدان به، ولست أروم في هذا المجال محاسبة فضيلة المعلق على ما في تلك المقدّمة من مواضع تستدعي التحقيق ففاته ذلك، أو كشف بعض النقاط الّتي أخطأ وجه الصواب فيها.

9 ـ عيون أخبار الرضا(عليه السلام): كتاب يتضمّن سيرة الإمام الرضا(عليه السلام) وبعض ما ورد عنه، وقد ضمّنه كثيراً من أخبار أهل البيت(عليهم السلام) وأحاديثهم في الإمامة وغيرها.

كتبه لخزانة كافي الكفاة الصاحب ابن عبّاد الوزير الشيعي (ت 385 هـ) كما صرّح به في ديباجته قال: وقع إليَّ قصيدتان من قصائد الصاحب الجليل كافي الكفاة أبي القاسم إسماعيل بن عبّاد ـ أطال الله بقاءه وأدام دولته ونعماءه وسلطانه وأعلاه ـ في اهداء السلام إلى الرضا عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام)، فصنّفت هذا الكتاب لخزانته المعمورة ببقائه، إذ لم أجد شيئاً آثر عنده وأحسن موقعاً لديه من علوم أهل البيت(عليهم السلام) لتعلّقه بحبهم، واستمساكه بولايتهم، واعتقاده بفرض طاعتهم، وقوله بإمامتهم، وإكرامه لذريتهم، أدام الله عزه وإحسانه إلى شيعتهم، قاضياً بذلك حقّ انعامه عليَّ، ومتقرّباً به إليه لأياديه الزهر عندي، ومننه الغر لديَّ، ومتلافياً بذلك تفريطي الواقع في خدمة حضرته راجياً به قبوله لعذري، وعفوه عن تقصيري، وتحقيقه لرجائي فيه، وأملي والله تعالى ذكره يبسط بالعدل يده، ويعلى بالحقّ كلمته، ويديم على الخير قدرته ... الخ.

وقد عكف على هذا الكتاب العلماء بالشرح والترجمة، وقد ذكر ذلك سماحة شيخنا الرازي دام ظلّه في الذريعة فلاحظ، وقد طبع الكتاب في ايران سنة (1275 هـ) وسنة (1303 هـ) وسنة (1318 هـ) وسنة (1377 هـ) وغيرها.

10 ـ فضائل رجب: رسالة تضمّنت الأحاديث الدالّة على فضل شهر رجب وزيادة ثواب بعض الطاعات فيه، وقد أشار إليه في كتابه (من لا يحضره الفقيه) وأخرج بعض أحاديثه في باب ثواب صوم رجب(58) ونسخه موجودة، منها نسخة بمكتبة الوالد دام ظلّه بخطّه.

11 ـ فضائل شعبان: كسابقه في الموضوع والحجم، وقد أشار إليه في كتاب (من لا يحضره الفقيه) حيث قال: وقد أخرجت ما رويته في هذا المعنى ـ ثواب صوم شعبان ـ في كتاب فضائل شعبان(59). ومنه نسخة مخطوطة بمكتبة سيّدي الوالد دام ظلّه بخطّه.

12 ـ فضائل شهر رمضان: كسابقيه في وحدة الموضوع إلاّ انّه أكثر منهما أحاديثاً وأوسع أبواباً وحجماً لامتياز شهر رمضان على سائر الشهور، وقد ذكره في كتابه (من لا يحضره الفقيه) حيث قال: وقد أخرجت هذه الأخبار الّتي رويتها في هذا المعنى في كتاب (فضائل شهر رمضان)(60). ومنه نسخة مخطوطة منضمة إلى سابقيه بخطّ سيّدي الوالد دام ظلّه.

13 ـ فضائل الشيعة: كتاب استهدف فيه المؤلّف بيان فضل هذه الطائفة لموالاتهم أئمّة الهدى(عليهم السلام)، وجزاء ما تحمّلوه في سبيل مودّتهم، تثبيتاً لهم ورفعاً من شأنهم، وهو غير صفات الشيعة آنف الذكر، وقد طبع هذا الكتاب في ايران على ما بلغني.

14 ـ كمال الدين وتمام النعمة: ويقال له: (إكمال الدين وإتمام النعمة) وهو في اثبات الغيبة، وقد صنّفه في الري بعد عودته من نيسابور، وذلك بعد عودته من سفره الأوّل إلى خراسان، وكان ذلك في سنة (354 هـ) بأمر من صاحب الأمر (عجل الله فرجه الشريف) حيث أمره في المنام بذلك.

وقد حكى في مقدّمته سبب تأليفه فقال: إنّ الّذي دعاني إلى تصنيف هذا، أ نّي لمّا قضيت وطري من زيارة مولانا الإمام أبي الحسن الرضا صلوات الله وسلامه عليه، رجعت إلى نيشابور وأقمت فيها، فوجدت أكثر المختلفين إليَّ من الشيعة قد جرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم عليه ألف سلام الشبهة، وعدلوا عن الصراط المستقيم(61) إلى الآراء والمقاييس، فجعلت أبذل مجهودي في إرشادهم إلى الحقّ، وردّهم إلى الصواب بالأخبار الواردة الصحيحة في ذلك عن النبيّ وعترته المعصومين صلوات الله عليهم، حتّى ورد الينا من بخارا شيخ من أهل الفضل والعلم والنباهة ببلد قم، طالما تمنيت لقاءه واشتقت إلى مشاهدته; لتديّنه وسديد رأيه واستقامة طريقته، وهو الشيخ نجم الدين أبو سعيد محمّد بن الحسن ابن عليّ بن محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصلت القمي أدام الله توفيقه، وكان أبي(رضي الله عنه) يروي عن جدّه محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصلت روَّح الله روحه، ويصف علمه وعمله وزهده وفضله وعبادته...

فلمّا أظفرني الله تعالى ذكره بهذا الشيخ الّذي هو من هذا البيت الرفيع، شكرت الله تعالى ذكره على ما يسّر لي من لقائه، وأكرمني به من افائه، وحباني به من ودّه وصفائه، فبينا هو يحدّثني ذات يوم إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارا من كبار الفلاسفة والمنطقيين كلاماً في القائم عجل الله فرجه قد حيّره وشككه في أمره لطول غيبته وانقطاع أخباره، فذكرت له فصولا في إثبات كونه، ورويت له أخباراً في غيبته عن النبيّ والأئمّة(عليهم السلام) سكنت إليها نفسه، وزال بها عن قلبه ما كان دخل عليه من الشك والارتياب والشبهة، وتلقّى ما سمعه من الآثار الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم، وسألني أن اُصنّف في هذا المعنى كتاباً، فأجبته إلى ملتمسه، ووعدته جمع ما أبتغي إذا سهّل الله لي العود إلى مستقري ووطني بالري.

فبينا أنا ذات ليلة اُفكر فيا خلّفت ورائي من أهل وولد وأخوان ونعمة، إذ غلبني النوم فرأيت كأ نّي بمكّة أطوف حول بيت الله الحرام، وأنا في الشوط السابع عند الحجر الأسود أستلمه واُقبله وأقول: أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، فأريت مولانا القائم صاحب الزمان صلوات الله عليه وآله واقفاً بباب الكعبة، فأدنو منه على شغل قلب، وتقسّم فكر، فعلم(عليه السلام) ما في نفسي بتفرّسه في وجهي، فسلّمت عليه فرد عليَّ السلام، ثمّ قال لي: لِمَ لا تصنّف كتاباً في الغيبة تكفي ما قد همك، فقلت له: يابن رسول الله قد صنّفت في الغيبة أشياء، فقال(عليه السلام): ليس على ذلك السبيل آمرك أن تصنّف، ولكن صنّف الآن كتاباً في الغيبة، واذكر فيه غيبات الأنبياء(عليهم السلام) ثمّ مضى صلوات الله عليه.

فانتبهت فزعاً إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى إلى وقت طلوع الفجر، فلمّا أصبحت ابتدأت في تأليف هذا الكتاب ممتثلا لأمر ولي الله وحجّته، مستعيناً بالله ومتوكّلا عليه ومستغفراً من التقصير، وما توفيقي إلاّ بالله، عليه توكلت وإليه أنيب ... الخ.

15 ـ مصادقة الاخوان: ذكره الشيخ النجاشي والشيخ الطوسي وابن شهرآشوب في فهارسهم باسم (المصادقة)، قال الحجّة المتتبع المحقق شيخنا الرازي أطال الله بقاه، ومتعنا بوجوده في كتاب الذريعة(62):

«والكتاب الموجود اليوم والمعروف بهذا العنوان، أوّل أبوابه باب أصناف الاخوان، من اخوان الثقة واخوان المكاشرة، وأوّل أحاديثه ما أسنده عن أبي جعفر(عليه السلام)... والظاهر انّه ليس مصادقة الاخوان بل هو كتاب الاخوان لوالد الصدوق ـ يعني الشيخ أبو الحسن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه (ت 329 هـ) ـ وقد نسب إليه كتاب الاخوان النجاشي والشيخ في الفهرست كلاهما، وأوّل رواياته عن محمّد بن يحيى العطّار الّذي هو من مشايخ الكليني وعليّ بن بابويه، وفيه الرواية عن عليّ بن إبراهيم القمي مكرراً، وبعضها بلفظ حدّثني مع انّه أيضاً من مشايخ الكليني وعليّ بن بابويه، وفيه أيضاً الرواية عن سعد بن عبدالله الأشعري الّذي يروي عنه الصدوق بواسطة شيخه محمّد بن الحسن بن الوليد، وبالجملة لا يروي الصدوق عن هؤلاء بلا واسطة، فهذا الموجود هو كتاب الاخوان لوالد الصدوق... الخ». ومنه نسخة خطية بمكتبة سيّدي الوالد دام ظلّه.

16 ـ المقنع: متن فقهي غالبه متون أحاديث رتبها الشيخ الصدوق(رحمه الله) على أبواب الفقه من الطهارة إلى الديات، وقد صرّح في مقدّمته بسبب تسميته فقال: «ثمّ انّي صنّفت كتابي هذا، وسمّيته كتاب المقنع لقنوع من يقرأه بما فيه، حذفت الاسناد منه، لئلاّ يثقل حمله ولا يصعب حفظه، ولا يمله قارئه، إذ كان ما اُبينه فيه في الكتب الاُصولية موجوداً مبيناً على المشائخ العلماء الفقهاء الثقاة رحمهم الله... الخ».

فهو مجموع تضمّن فتاوى الصدوق على نحو كتابه (من لا يحضره الفقيه) إلاّ أ نّه اقتصر على متون الأحاديث فقط، والثاني أشهر وأوسع، وقد طبع ضمن الجوامع الفقهية سنة (1276 هـ) وثانياً سنة (1377 هـ) بالمطبعة الإسلامية بطهران ومع كتاب الهداية له. وألحق في آخره المجلس (93) من أماليه الّذي وصف به دين الإمامية على الايجاز، وقد سبق التعريف به فراجع.

17 ـ من لا يحضره الفقيه: أحد الاُصول الحديثية الأربعة الّتي هي في الاشتهار عند الشيعة كالشمس في رابعة النهار، وقد ذكر غير واحد في اعتبار أحاديثه حتّى عدّها في الصحاح وصرّحوا بانّه من أصحّ الاُصول وأتقنها بعد الكافي.

وللعلماء حول الكتاب وأحاديثه كلام كثير تكفّلت به الكتب المطوّلة، وقد قسّموا أحاديثه إلى قسمين مسانيد ومراسيل، وحكي الاعتماد على تلك المراسيل، وقالوا: انّها كمراسيل محمّد بن أبي عمير في الحجية والاعتبار، لأنّ المؤلّف لم يورد في كتابه هذا إلاّ ما يفتي به ويحكم بصحّته، ويعتقد انّه حجّة بينه وبين ربّه.

وحكى السيّد الوالد دام ظلّه في مقدمته للفقيه عن المحقق الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني انّه قال: (انّ كلّ رجل يذكره الصدوق في الصحيح فهو شاهد أصل بعدالته لا ناقل)(63).

وحكى عن خاتمة المحدّثين الشيخ النوري انّه قال في خاتمة مستدركه(64): ومن الأصحاب من يذهب إلى ترجيح أحاديث الفقيه على غيره من الكتب الأربعة، نظراً إلى زيادة حفظ الصدوق وحسن ضبطه وتثبته في الرواية، وتأخر كتابه عن الكافي وضمانه فيه لصحّة ما يورده، وانّه لم يقصد فيه قصد المصنّفين في ايراد جميع ما رووه، وإنّما يورد فيه ما يفتي به ويحكم بصحّته، ويعتقد انّه حجّة بينه وبين ربّه.

وحكى سلّمه الله عن الفاضل التفريشي والشيخ البهائي(رحمهما الله) في شرحيهما على الفقيه، الاعتماد على مراسيله، وانّها لا تقتصر عن مسانيده من حيث تشريك المؤلّف بين النوعين في كونه ممّا يفتي به ويحكم بصحّته، ويعتقد انّه حجّة بينه وبين ربّه سبحانه، كما حكى سلّمه الله عن الشيخ سليمان الماحوزي في البلغة حكاية وصف تلك المراسيل وانّها كمراسيل محمّد بن أبي عمير عن العلاّمة الحلي في المختلف، والشهيد في شرح الإرشاد والمحقق الداماد.

هذا بعض ما يكشف عن اعتبار الكتاب وتقييمه في نظر ذوي التحقيق، أمّا الحديث عن باقي ميزاته الاُخرى فيطول في هذا المقام، ومن الخير مراجعة المستزيد إلى مقدّمة الفقيه، فقد استوفى السيّد الوالد سلّمه الله الحديث عن هذا الكتاب وسائر ميزاته من ص 51 ـ 59، مضافاً إلى ما استطرد في ثنايا المقدّمة.

وقد طبع الكتاب مراراً، وأتقنها صحّة وأجودها طباعة هي الطبعة الّتي نشرتها دار الكتب الإسلامية في النجف، والّتي امتازت بجمال التبويب والاخراج، وازدانت بما في الهامش من تخريج الحديث على باقي الاُصول الحديثية الاُخرى، وحلّ الألفاظ الغريبة، بجهود وتقديم سيّدي الوالد دام ظلّه، وكان لي ولأخي العلاّمة السيّد محمّد رضا شرف الاشراف على الاخراج والتصحيح، فكانت نعمة نحمد الله على ما هيأ لنا جميعاً من التوفيق لذلك.

18 ـ الهداية: متن في الفقه أيضاً وهو دون الفقيه والمقنع، ابتدأه بشيء في الاعتقادات، وأوّل أبوابه باب ما يجب أن يعتقد في التوحيد من معاني أخبار النبيّ والأئمّة(عليهم السلام)، ثمّ باب النبوة فباب الإمامة، وباب معرفة الأئمّة الّذين هم حجج الله على خلقه بعد نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) وهكذا إلى عشرة أبواب ضمّنها مختصراً من اعتقاداته الّتي سبق التنويه عنها، ثمّ ساق متون الأخبار في الأحكام على حسب أبواب الفقه، وقد طبع مرّة بايران سنة (1276 هـ) ضمن الجوامع الفقهية، واُخرى سنة (1377 هـ) بطهران ملحقاً بالمقنع.

 

كتابنا التوحيد:

من أهم المسائل الّتي اصطرع فيها العقل والنفس منذ أدرك الإنسان بعض الظواهر، هي مسألة التوحيد، ونظراً لأهميتها وقصور الفكر عن ادراك الحقيقة الربوبية فقد شطحت أقلام في التعبير، وزاغت أوهام في التفكير، ولم ينج من تلك الهفوات إلاّ من أودع نوراً فاستدلّ من الظواهر الطبيعية والسنن الكونية على تلك الحقيقية الربوبية:

وفي كلّ شيء له آية *** تدل على انّه واحد

ولعلّ من أوضح الآيات في دلالتها العقلية ما ورد في الكتاب العزيز: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاّ اللّهُ لَفَسَدَتَا)(65) وقوله تعالى: (وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إلَه إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلَه بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض سُبْحَانَ اللّهِ عَمَّا يَصِفُونَ)(66).

ولمزيد الاهتمام بهذه المسألة فقد خصّت بالبحث، وعدّها بعض الموحّدين علماً قائماً بنفسه ودعاه (علم التوحيد)، وعرّفه: بأ نّه العلم بوحدانية الخالق، وانّه واحد أحد، واحدي الذات والمعنى، واحدي الصفات، وذكروا لهذا العلم غاية بأ نّه يعرف به أن لا وجود تام لغير الله تعالى، وليست الموجودات إلاّ مظاهر قدرته، مفتقرة في وجودها إليه، جلّ من لا تحيط به العقول، ولا تدرك كنهه الأفهام، ولا تحيط به الأوهام.

ونظراً لسمو الذات، وضيق التعبير عنه تعالى ربّنا، فقد خبط الكثير من المسلمين، وتخيّلوا أنّ ما ورد في التوحيد من متشابه آي القرآن الكريم، وأحاديث النبيّ العظيم(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته من وصفه ببعض ما خلقه في مخلوقه انّه تعالى كذلك، فظنّوا الظنون، وارتطموا في متاهة ظلماء، فشبهه بعضهم بمخلوقه وجسمه آخرون، وعطّله ثالث و.. و.. و..، وتمسّكوا بظواهر آيات وأخبار لم يدركوا كنهها ويقفوا على سرّها، وحاولوا ـ فشلين ـ اخضاعها لأفهامهم القاصرة فاستدلّوا بها.

فنبزوا بين طوائف المسلمين بالمشبّهة والمعطّلة والمجسّمة والحلولية والمجبّرة، ولمّا استحر أوار التناحر بين تلك الطوائف نتيجة شهوة الحكم واتباع الهوى، وبعض المفارقات الاُخرى الّتي حدثت بعد العهد النبوي، فقد تحامل بعض من لا حريجة له في الدين، فنبز الشيعة بما هم منه بريئون، فنسب إليهم بعض تلكم المقالات السيّئة اطاحة بمجدهم وتشويهاً لمبدئهم.

لذلك اندفع أعلامهم لتنوير الملأ بالإصحار بالحقيقة دفاعاً عن مبدئه، فكان من اُولئك الصفوة الّذين جاهدوا في سبيل العقيدة بايمان راسخ وحجّة قوية وبيان شاف، هو شيخنا الصدوق(رحمه الله)، فكان من تآليفه ـ وما أكثرها وأجلّها ـ في هذا الميدان كتابنا هذا الّذي نحن على أبوابه.

ولقد أبان في مقدّمته الغرض من تأليفه والسبب الباعث له بقوله: «انّ الّذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا، انّي وجدت قوماً من المخالفين لنا، ينسبون عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر، لما وجدوا في كتبهم من الأخبار الّتي جهلوا تفسيرها، ولم يعرفوا معانيها، ووضعوها في غير موضعها، ولم يقابلوا بألفاظها ألفاظ القرآن، فقبّحوا بذلك عند الجهّال صورة مذهبنا، ولبسّوا عليهم طريقتنا، وصدّوا الناس عن دين الله، وحملوهم على جحود حجج الله، فتقرّبت إلى الله تعالى ذكره بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد ونفي التشبيه والجبر، مستعيناً به ومتوكّلا عليه، وهو حسبي ونعم الوكيل».

وقد طبع هذا الكتاب سابقاً بايران وبمبئي مكرراً، وللعلماء عليه شروح كثيرة فتحوا بها مغلقه، وشرحوا غامضه، وممّن شرحه المحقق السبزواري (ت 1090 هـ) وكان شرحه بالفارسية، ومنهم القاضي محمّد سعيد بن محمّد مفيد القمي المتوفى بعد سنة 1103، وشرحه في عدة مجلدات، ومنهم الأمير محمّد عليّ نائب الصدارة بقم، ومنهم المحدّث السيّد نعمة الله الجزائري (ت 1112 هـ) واسم شرحه (أنس الوحيد) وسمّاه في كتابه زهر الربيع (أنس الفريد).

وهنا يجمل بنا أن نترك باقي تعريف الكتاب وميزاته في أبوابه إلى القارئ الكريم.

 

وفاته ومدفنه:

بعد جهاد طويل في نشر الحقّ وإذاعته، وتأييد الإسلام وإعلاء كلمته، وخدمة مبدئه وعقيدته، طوى آخر صفحة من تاريخه في بلد الري سنة (381 هـ) مخلّفاً له الذكر الحسن، ولئن لم يخلّف أولاداً يحيون ذكره، فلقد أحيى نفسه بما خلّفه من بنات فكره، فلا تزال بقايا تلك الثروة العلمية الصالحة امتداداً لحياة شيخنا الصدوق(رحمه الله)، وهو حقيق بقول بعض الاُدباء من السادة العلوية:

خلدتنا في الورى آثارنا *** لخلود الروح فيها الأثر

هذه الأسفار ذكر خالد *** إن بلى الجسم فهذي الصور

ودفن بالقرب من قبر الشريف السيّد عبدالعظيم الحسني(رضي الله عنه) في بقعة شرّفت به، وأضحت مزاراً يلجأ إليه الناس ويتبّركون به، هذا ما تيسّر لي في تقديم كتاب التوحيد، والحمد لله أوّلا وآخراً.

محمّد مهدي السيّد حسن الموسوي الخرسان

النجف الأشرف

18 ذي الحجة الحرام سنة 1385

(1) آية الله العلاّمة المحقق السيّد حسن السيّد عبدالهادي الموسوي الخرسان، ولد عام 1322 هـ وتوفّي في 11 جمادى الاُولى عام 1405 هـ في مجلس عزاء فاطمة الزهراء عليها أفضل الصلاة والسلام في منزله.

(2) من لا يحضره الفقيه: 149.

(3) لاحظ التعريف بتاريخ قم في مستدرك الوسائل 3: 369.

(4) النساء: 114.

(5) خاتمة المستدرك للنوري 3: 277.

(6) الكافي للكليني 7: 56 ح 2، الخصال للصدوق: 151 ح 184.

(7) المصدر نفسه 7: 57 ح 5، والخصال: 323 ح 9.

(8) الغيبة للشيخ الطوسي: 309.

(9) رجال النجاشي: 261.

(10) الغيبة للشيخ للطوسي: 320.

(11) رجال النجاشي: 261.

(12) الغيبة للطوسي: 309.

(13) كمال الدين للصدوق: 503، والغيبة للطوسي: 320.

(14) لاحظ غيبة الشيخ الطوسي: 262 طبع تبريز، خبر فرار الحسين الحلاّج إلى قم بعد افتضاحه ببغداد وما جرى له بقم، واخراج أبي الحسن بن بابويه له من مجلسه حين أتاه في محله التجاري، فأمر أبو الحسن الغلمان أن يجروا برجله، ويدفعوا بقفاه حتّى أخرجوه من المجلس، فما رؤي بعدها بقم.

(15) ذكر ابن النديم في فهرسته: 277، قال: قرأت بخطّ ابنه محمّد بن عليّ على ظهر جزء: (قد أجزت لفلان ابن فلان كتب أبي عليّ بن الحسين وهي مائتا كتاب، وكتبي وهي ثمانية عشر كتاباً). ومع الأسف الشديد ضياع تلك الثروة العلمية الضخمة، فلم نعثر إلاّ على أسماء قريب من العشرين منها ذكرها الشيخ النجاشي والشيخ الطوسي في فهرستيهما، ولم يبق منها إلاّ كتاب الاخوان الّذي يعرف بمصادقة الاخوان، ونسب اشتباهاً إلى ولده. وقد روى كتاب الأربعين للشيخ أبي الحسن عليّ بن الحسين بن بابويه الشيخ أبو الجد مجد بن الحسين القزويني الصوفي المتوفى سنة 624 بالموصل والمولود 554 بقزوين راجع ص 17 تكملة اكمال الاكمال لابن الصابوني وتعليقتنا عليها.

(16) علل الشرائع: 98، 181.

(17) رجال الحائري: 24.

(18) رجال الشيخ الطوسي: 465.

(19) رجال النجاشي: 47.

(20) تاريخ الخطيب 7: 421.

(21) باقتضاب عن (معجم أعلام منتقلة الطالبيين).

(22) الفخري: 90.

(23) نقلنا هذه السلسلة من (معجم أعلام منتقلة الطالبيين).

(24) رجال الطوسي: 468.

(25) هو الملقّب بالشعراني، وقد ذكر في العمدة: 225 ومشجر العميدي: 34، ووصف فيه بانّه قتيل القرامطة، وذكره شيخ الشرف العبيدلي في تهذيب الأنساب، وذكر ولده موسى وقال: بهمدان.

(26) هو الموصوف في مشجر العميدي بالأكبر اليماني.

(27) لقّب باليماني، وبه كان يعرف، وربّما قبل اليماني،ولكن الأوّل هو الّذي في تهذيب الأنساب.

(28) خاتمة المستدرك 3: 715.

(29) الخصال: 186.

(30) الخصال: 317.

(31) كمال الدين: الباب 22 ح 54.

(32) اللباب 1: 492.

(33) هذا هو السيّد أبو محمّد يحيى بن أبي الحسين محمّد بن أحمد بن محمّد الأكبر الملقّب بزبارة بن عبدالله المفقود بن الحسن المكفوف ابن الحسن الأفطس بن عليّ الأصغر بن عليّ زين العابدين،قال ابن الأثير في اللباب 1: 492 كان فاضلا زاهداً سمع أبا بكر الشافعي، وأبا العبّاس الأصم وغيرهما، وكان فاضلا بليغاً، كتب إلى الصاحب بن عبّاد رقعة فأجابه الصاحب على ظهرها:

بالله قل لي أقرطاس تخط به *** من حلة هو أم ألبسته حللا

بالله لفضلك هذا سال من عسل *** أم قد صببت على ألفاظك العسلا

وذكره الخليفة النيشابوري ـ من أوائل القرن التاسع الهجري ـ في تلخيص نيشابور: 112 ضمن مشايخ الحاكم أبي عبدالله النيسابوري صاحب تاريخ نيسابور والمستدرك على الصحيحين وغيرهما، وقد أملى الشيخ الصدوق في داره بنيسابور المجلس 89 من أماليه، وذكره ابن فندق البيهقي في تاريخ بيهق ووصفه بقوله: شيخ العترة وسيّد السادة، ونحوه في العمدة: 347، وزاد انّ اُمّه طاهرة بنت الأمير عليّ بن الأمير طاهر بن الأمير ـ عبيدالله بن طاهر ـ ابن الحسين ـ الخزاعي.

وذكره الشيخ النجاشي في رجاله: 309، باسقاط ـ أبي الحسين محمّد ـ من نسبه ولعلّه من سهو القلم، وقال: كان فقيهاً عالماً متكلماً سكن نيشابور صنّف كتباً ثمّ ذكر كتبه، وقد ترجمناه في معجم أعلام منتقلة الطالبيين.

(34) تلخيص تاريخ نيسابور: 99.

(35) مشيخة الفقيه: 92 (شرح المشيخة لسماحة سيّدي الوالد دام ظلّه).

(36) المشجر الكشّاف: 221.

(37) رجال الشيخ الطوسي: 500.

(38) مشيخة الصدوق: 92 ـ 93.

(39) ذكر ترجمة بعض تلك المجالس القاضي نور الله في مجالس المؤمنين، والمرحوم التنكابني في قصص العلماء، ونقل في هامش مقدّمة معاني الأخبار (الطبعة الحديثة) وجود أصلها العربي في مكتبة السيّد جلال الدين المحدّث بطهران، والعهدة عليه.

(40) راجع تفصيل ذلك في الذريعة لشيخنا الرازي دام ظلّه 4: 285 ـ 293.

(41) ساق نسبه في أوّل كتاب من لا يحضره الفقيه، فقال: هو محمّد بن الحسن بن إسحاق بن الحسين بن الحسين بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام) وقد ترجمه السيّد الأمين في أعيان الشيعة 7: 25 نقلا عن رياض العلماء.

(42) هو المعروف (بجالينوس العرب) ولد بالري سنة (282) قدم بغداد وبها تعلّم الطب، وحذق فيه وباشر بالبيمارستان العضدي ببغداد، توفى سنة (364) وقيل غير ذلك، له عدة تآليف في الطب، ترجم كثير منها إلى اللغات الأجنبية، وله تجديدات في الطب، وهو الّذي اكتشف بعض الأمراض السارية، ومرض الحصبة والجدري. (باقتضاب عن هامش ص 3 من كتاب من لا يحضره الفقيه).

(43) رجال النجاشي: 389.

(44) في نسخة ـ خ ل: الحسن.

(45) مقدّمة الأمالي.

(46) عندما ورد بغداد، وقد وردها مرتين سنة 352 و355.

(47) راجع ص 26 من مجلد اجازات البحار.

(48) كما في مقدّمة كتاب الأمالي للمترجم له. وقد سبق برقم 9 اشتباهاً.

(49) تأسيس الشيعة: 255.

(50) إيمان أبي طالب: 81 .

(51) الفهرست: 185.

(52) معالم العلماء: 112.

(53) الذريعة 13: 102.

(54) سبق لنا التعريف بهذا الشريف في هامش ترجمة عمّه أبي عليّ الزباري الّذي هو من مشايخ الصدوق.

(55) تذكرة الحفّاظ 3: 938.

(56) الذريعة 15: 45.

(57) علل الشرائع: 63 طبعة الحيدرية بالنجف الأشرف.

(58) من لا يحضره الفقيه 2: 55.

(59) المصدر نفسه 2: 58.

(60) المصدر نفسه 2: 62.

(61) في نسخة ـ خ ل: الحقّ والتسليم.

(62) الذريعة 21: 97.

(63) راجع الفوائد الرجالية لبحر العلوم 3: 300، وخاتمة المستدرك للنوري 4: 6.

(64) خاتمة المستدرك للنوري 4: 6.

(65) الأنبياء: 22.

(66) المؤمنون: 91.