منتقلة الطالبية

تأليف

الشريف النسابة أبي اسماعيل ابراهيم بن ناصر ابن طباطبا

من أعلام القرن الخامس الهجري

 

حققه وقدم له

العلامة الجليل السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين.

1 ـ حديث المنتقلة:

يلذ لي وأنا بين يديّ كتاب لم يسبق له أن رأى النور في عالم النشر الفسيح، أن أتحدّث إلى القرّاء عن قصتي مع هذا الكتاب، وكيف وصل إلى يدي، ومنها إلى أيديهم بعد تسعة قرون مرّت على تأليفه، وكان بعضها مسرحاً لحوادث وكوارث أتت على الأخضر واليابس، فذهب ضحيتها آلاف من أمثال كتابنا هذا نتيجة الجهل والطيش، فلم نسمع إلاّ بأسمائها، وما لم نسمع به فهو أكثر وأكثر.

ومن المستغرب أن يبقى كتابنا هذا في سلامة من طيش العابثين، مقبوراً في زوايا الخمول بين أضرابه وأترابه، لم يكتب له الإنتشار ليعم الإنتفاع به.

ولشدّة اليأس منه كاد أن يدخل في قائمة أخبار كان، لكثرة البحث عنه في زوايا المكتبات العامّة، والتساؤل عنه حديث جل المعنيين بأنساب الطالبيين شأنه شأن لداته من اُصول النسب الضائعة المفقودة، ولولا ما ذكرته بعض الفهارس المعنية من الدلالة على وجود نسخته في ايران فقد كدنا أن نيأس من الحصول عليه أو العثور على مكانه.

وشاء الله أن تصل نسخته إلى النجف الأشرف، وانّ الله تعالى إذا أراد أمراً هيأ له أسبابه.

ففي أمسية من عام سنة (1382 هـ) ذهبت على عادتي إلى المكتبة الحيدرية ـ الّتي هي أوسع دور النشر واقدمها في النجف الأشرف ـ فاستقبلني صاحبها الاُستاذ الأخ الشيخ محمّد كاظم الكتبي ـ سلّمه الله ـ مرحباً وتلك عادته مع زائريه، ولاحظت عليه سمة الإرتياح فسرني ذلك، فابتدرني مبشراً ومشيراً إلى مظروف أمامه: إنّ هذا كتاب (منتقلة الطالبيين) وناولني المظروف فإذا فيه مصوّر بالفوتستات يضم ثلاثة كتب، الأوّل قطعة من كتاب الأدعياء، والثاني سر السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري، والثالث كتاب منتقلة الطالبيين، قد جمعت بينها وحدة الموضوع وألّفت بينها يدا المجلد، ولم يشأ المصوّر أن يفرق بين الأخوة، فصور المجموع كما كان.

وسألته عن مصدر إقتنائه ـ وأنا مبتهج بتلك التحفة ـ فقال: إنّي كلّفت صديقنا الحميم فضيلة العلاّمة الجليل الشيخ محمّد نجل آية الله الشيخ عبدالحسين الرشتي باستحصال نسخة من هذا الكتاب عن نسخة مكتبة سبهسالار، فأجاب ـ مشكوراً ـ وكتب إلى صديقه ثقة الإسلام الاُستاذ الحاج أغا عبدالله آل أغا مدير المكتبة المذكورة وطلب منه تصوير الكتاب، فتفضل هو الآخر مشكوراً فصوّره وأرسله، وها هي النسخة تفضل بها العلاّمة الرشتي وأنا أحب أن أطبعها ليعم نفعها.

فشكرت له وللمساهمين في تحصيل النسخة صنيعهم الجميل وشجعته على المبادرة بطبع الكتاب بعد تصحيحه وتحقيقه.

فطلب رأيي في ما يحتاج إليه الكتاب من موارد التحقيق والتعليق عليه، فاستمهلته ريثما أتصفح الكتاب فإنّه لا يشبه كتب النسب الّتي عرفناها وانتشر بعضها فعرفها القرّاء، وأخذت النسخة معي وأحييت معها ليلة في مكتبتي، تعرفت فيها على طرف من أسلوب المؤلّف، وهو أسلوب جديد لم نعهده في مثله من كتب الفن قبله، كما اطلعت على حاجة الكتاب إلى شيء من التعليق اللازم ممّا يفسّر مصطلحاً خاصاً أو يُعرِّف عَلَماً فذا، أو يُعين بلداً وغير ذلك من النقاط الّتي رأيت لزاماً أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل تقديم الكتاب إلى المطبعة، مضافاً إلى المحسنات الطباعية الّتي هي من وظيفة الاُستاذ الناشر الكتبي.

وفي اليوم الثاني حملت المظروف وقصدت المكتبة العامرة وسلمته إلى الأخ الكتبي فسألني كيف رأيت الكتاب؟

فأجبته: إنّه أثر مهم في بابه، وحلقة من حلقات علم النسب، كنا نحسب أ نّها مفقودة، ولو تمّت جميع تلكم الحلقات متسلسلة منتظمة لكانت كفيلة بتسليط الأضواء على جوانب عديدة من تاريخنا الماضي المجيد، وهذا الكتاب وحده وثيقة خطيرة يجب أن يطبع وينشر ليتيح للباحثين الإطلاع على زوايا وخبايا، فإنّ الإطلاع عليها يغير بعض المفاهيم الخاطئة عن سلالة هي من أعرق السلالات في نجابة الأعراق، وطهارة المولد، وطيب المنبت، حتّى ودّ كلّ أحد من الناس أن يكون منهم، ولم يودّوا أن يكونوا من أحد، وذلك أقصى المجد وغاية الفخر.

ولكن مع الأسف الشديد أن يضلع بعض المحدثين مع ركب المتعصبين من القدامى، فينظر إلى هذه الأرومة وأكارمها بنظر الحقد والشنآن والاحن والأضغان، فيكيل السبّ جزافاً ويفتري على القوم بهتاناً وزوراً، كلّ ذلك ليبرر نقمة الحاكمين حينذاك الشنعاء ويغطي فعلتهم النكراء، ناسياً أنّ وراء اليوم غداً وهنالك يسئل المجرمون، ويعرف التالون غب ما أسس الأوّلون.

كما أ نّه غافل أو يتغافل عن أنّ التاريخ للجميع، ويجب أن يسجل بقلم نزيه ولسان صادق لا مسرح في أدواره للنزعة، ولا تحكم بين أبطاله للعاطفة، وإنّما يبحث التاريخ، ويسجل للتاريخ وحده كيف ما كان لا تملكه فئة حاكمة ولا تخسره فئة ناقمة.

على أي حال فإنّ أشبال أبي طالب(عليه السلام) كانوا أبطال رواية الكثير من صفحات التاريخ، في مختلف عصوره وأدواره، عجم الدهر قناتهم، وشتت أفرادهم، فلم يزدهم ذلك إلاّ صلابة وصموداً.

أمّا ما يجب أن يلحظ بعين الاعتبار قبل نشر هذا الكتاب هو تحقيق نصوصه، وشرح بعض المصطلحات الخاصة بعلم النسب، وأوكد على ذلك، فإنّ كثيراً من ذوي الثقافة العالية ـ فضلا عن عامة القرّاء ـ يجهلون تلك المصطلحات الخاصة، وليس في ذلك غضاضة عليهم، بعد أن يكونوا بعيدين عن اُصول هذا الفن ومصطلحاته.

كما إنّ من الخير تعريف أعلامه وبلدانه، وفي ذلك تيسير للقارئ على فهم الكتاب، وتوفير لوقته عن مراجعة مختلف المصادر للبحث عن علم أو بلد أو مصطلح.

وهنا تقدم الأخ الكتبي ـ سلّمه الله ـ يطلب منّي أن أتولى ذلك وأتحمل عناء هذه المسؤولية الشاقّة، وعبثاً حاولت الاعتذار، وما انفض مجلسنا حتّى قمت وأنا أتأبط المظروف أعود به إلى مكتبتي لأفتح له صفحة من الحساب، واُخصص له وقتاً مع أعمالي الاُخرى، وأنا في زحمة منها، ومع تلك المضايقة فأنا أشعر بارتياح نفسي لحصول تلك النسخة الّتي طالما تشوقت لرؤيتها، وبدأت العمل من تلك الليلة باعداد مقدّمات تهيئة الكتاب، لأدفع أوّل مسوداته إلى المطبعة الحيدرية بعد أربع سنين من تاريخ عملي فيه.

وهكذا بقيت مستمراً دؤوباً في مراجعة الملازم وتصحيحها طيلة عامين آخرين، وشرعنا في العام الثالث ونحمد الله تعالى على تيسيره وتوفيقه بإكمال إعداد مسودّاته وتسليم آخرها إلى المطبعة وعن قريب سينتهي العمل على إتمام طبعها.

وبعد ذلك العناء المضني في سبع سنين عجاف، سيأتي العام الّذي فيه يغاث القرّاء، ويتسلّمون الكتاب محققاً غنيمة باردة بارك الله لهم فيها، وأجزل ثوابنا واخواننا الّذين شاركونا في نشره وتحصيل نسخته وطبعه، إنّه ولي الخير وهو أفضل مثيب.

 

2 ـ عملي في هذا الكتاب:

وينحصر عملي في خمسة اُمور:

1 ـ استنساخ الكتاب: لمّا كان الأصل الّذي نريد أن نحققه مصورّاً (بالفوتستات) ولا مجال لعمل أي تعليق أو تحقيق على مثل ذلك لضيق المجال في الهوامش من ناحية، وطمس بعض الكلمات من ناحية اُخرى لذلك شرعت في الاستنساخ في تلك الأيّام وانتهيت منه في سنة (1383 هـ).

وشرعت في معارضة المخطوط بالمصوّرة مرّة ثانية خشية سهو القلم وكملت المقابلة في سنة (1384 هـ) وحينئذ تهيأت لدي نسخة مخطوطة ستكون هي الأصل الّتي يثبت عليها التعليق وبها يناط التحقيق.

2 ـ تحقيق النص: وقد اتخذت في ذلك (أوّلا) الطريقة المألوفة في تصحيح النصوص قديماً وحديثاً، وهي مطابقة الأصل المخطوط عن المصور مع نسخ اُخرى مخطوطة، وقد حصلت لي نسخة بقلم عادي، نسخت عن النسخة الموجودة بمكتبة الحاج حسين آقا ملك بطهران، وهي تعتبر أقدم تاريخاً من النسخة الّتي بمكتبة سبهسالار، والّتي عندنا صورة منها، فعارضت مخطوطتي بتلك، وحيث اختلف النصّان أثبت أمثلهما صحّة في الصلب، وأشير إلى الآخر في الهامش إذا كان ذا أهمية بالغة.

ولم أشأ أن أشير في الهوامش إلى جميع الفوارق البسيطة، فارهق القارئ بتقليب نظره بين الصلب والهامش جرياً وراء الأرقام، إذ ليس ـ فيما أرى ـ كبير نفع يستفيده القارئ بعد اعتقادي أنّ جلّ تلك الفوارق نشأت من سهو الأقلام وتصرّف النسّاخ، ولم أفترض في كلّ قارئ له رغبة تامّة في مقارنة النصّ في النسختين أو له الوقت الكافي لمتابعة ذلك العناء، كما لم أفترض أنّ جمهرة القرّاء لهم الكفاءة التامّة، أو الإختصاص المؤهل لهم للإستفادة من مراجعة تلك الفوارق البسيطة، الّتي ربّما شوشت عليهم، فكان إثم ذكرها أكبر من نفعه.

(والطريق الثاني) الّذي سلكته في تحقيق النصّ هو معارضته على اُصول الفنّ المعتمدة ـ وستأتي الإشارة إليها ـ وسلوك هذا الطريق أكثر عناءاً من الأوّل، فكم أضناني تحقيق نسب شخص ما ليالي وأيّاماً، وبذلت الجهد الكثير الكثير، وتحمّلت العناء في معارضة النصّ على ثبوت تلك المصادر، وحرصت على تسجيل الفوارق بينه وبينها في الهامش، إذا كان الفرق بالغاً وكبيراً.

أمّا إذا أعيانا الحصول على الصحيح من هذا الطريق، فأثبت في المتن ما هو متفق عليه في النسختين، أشير في الهامش إلى وجوده فيهما معتذراً إلى القرّاء سلفاً عن تحمّل مسؤولية ذلك.

3 ـ تنظيم الكتاب: أمّا ما عملته في هذا الكتاب سوى تحقيق النصّ فقد استطعت ـ والحمد لله ومنه التوفيق ـ أن اُنظم الكتاب تنظيماً ييسر للقارئ فهمه والإنتفاع به، فهو وإن كان مبوباً إلاّ أنّ مواد الباب الواحد كانت متشابكة متداخلة ينساب بعضها وراء البعض الآخر، فيكاد القارئ أن لا يعرف أين انتهى الحديث عن بلد ومن أين ابتدأ الحديث عن الثاني فحرصت على تنظيم ذلك قدر المستطاع.

4 ـ التعليق عليه: أمّا التعليق على الكتاب، فهو يتلخص في ترجمة الأعلام وتعريف البلدان، أمّا تعريف الأعلام فقد كنت أوّل الأمر ارتأيت أن يكون التعريف بترجمة مناسبة تحدد مكانة المترجم له وتعين القارئ على فهمه فهماً يمكن أن يتّخذه مصدراً لتصوير الشخصية وحدودها على أن يكون ذلك في الهامش.

ولمّا كان ذلك يختلف باختلاف قيم الرجال ومكانتهم وآثارهم، فرُبَّ شخصية فذة مجهولة القدر، تحتاج في التحدّث عنها إلى صفحات، واُخرى ثائرة استهدفت أهدافاً صحيحة، لكن اكتنفها الغموض، فيجب أن نُميط عنها الستار قدر المستطاع، وثالثة علمية غذت الفكر الإسلامي بلبانها فأغنته بتراثها، ورابعة وخامسة وهكذا يختلف تعريفنا لاُولئك الأعلام إيجازاً وإطناباً، ممّا جعلنا نعدل عن ذكر ذلك في الهامش، وولدت فكرة جمع تلكم التراجم في كتاب خاص أسميناه (معجم أعلام منتقلة الطالبيين) بعد أن كنا قطعنا شوطاً على طريقتنا الاُولى، فاضطرنا ذلك العدول إلى مراجعة الهوامش حتّى ص 40 من مخطوطنا لاستلال ما فيها من التراجم وضمّها إلى المعجم المذكور، وتعديل الأرقام في الصلب والهامش بعد عملية الاستلال، وقد كلفنا ذلك تغيير بعض الصفحات بانتساخها من جديد مرّة ثانية، وفي ذلك من العناء ما يدركه ذووا الإختصاص والعمل في تحقيق الكتب.

وقد أشير أحياناً في الهامش إلى ما أجده في بعض اُصول النسب الاُخرى، خصوصاً المخطوطة منها، لندرة نسخها وعدم تيسر الإطلاع عليها لسائر القرّاء، وأرى في إثباته كبير فائدة لعلاقته بما في الصلب، كتنبيه على انفراد المؤلّف أو عدم ذكره لمن يجب ذكره وفاته ذلك، أو خطأ في بعض كتب النسب المطبوعة، ونحو ذلك ممّا سجلته في وقته لإفادة القارئ.

وأمّا تعريف البلدان فقد عانيت الكثير في معرفتها، لأنّ كثيراً منها تغيرت معالمه فجهل موقعه، أو انطمست آثاره وقام على أنقاضها بلد آخر باسم جديد فغير اسمه الأوّل، أو أنّ المؤلّف نفسه لم يتحقق اسمها الصحيح فأثبتها كما ظنّ كما في حراب وسماك فإنّهما لقبان وليسا بإسمي موضع، فالنسبة إليهما نسبة إلى لقب لا إلى موضع، فجشمنا تحقيق ذلك عناءً كبيراً، حتّى اتضح لنا ما بهم عليه.

وهذا التعريف أيضاً آثرنا وضعه في اطار خاص يرجع إليه القارئ عند الحاجة.

ولم أشأ أن أذكره مفرقاً في ثنايا الكتاب حسب ورود أسماء البلدان لضيق الهوامش أحياناً عن استيعابه، لذلك ألحقناه في آخر الكتاب.

5 ـ الإستدراك على المؤلّف: وهذا موضوع دعتني إليه الرغبة الملحة بإكمال الموضوع الّذي ابتدأه المؤلّف(رحمه الله) ولم يلم بأطرافه إلمامة الإستقصاء التام حتّى في عصره، ففاته الكثير من الطالبيين، بل من أعيانهم وساداتهم ـ وكلّهم أعيان وسادة ـ الّذين يجب أن يذكرهم حسب شرطه في أوّل كتابه، وكم كانت رغبتي عظيمة في تعميم مستدركي على كتابه فيكون لنا بمثابة تتميم له فيشمل حتّى الطالبيين بعد عصر المؤلّف ـ القرن الخامس الهجري ـ ولكن قلّة المصادر وضيق الوقت وسعة الموضوع، كلّ ذلك دعاني إلى تكريس الجهود في استدراك ما فات المؤلّف(رحمه الله) ذكره، وكان عليه أن يذكرهم سواء السابقين عليه أو المعاصرين له.

فجمعت في ذلك طائفة من الطالبيين ورتبتها حسب ترتيب الأصل ـ المنتقلة ـ وأسميتها (مستدرك المنتقلة) ولا أدّعي في عملي هذا الإحاطة التامّة بكلّ من فات المؤلّف ذكره، ولكنّها محاولة اُولى أرجو أن تكون نواة لعمل أتم وبحث أوفى في المستقبل، تتضاعف فيه الجهود ويكمل فيه النمو، فيصل إلى مداه من النجاح إن شاء الله.

 

نسخ المنتقلة:

1 ـ نسخة خطية بمكتبة الحاج حسين آقا الملك بطهران: وهي بخطّ محمود ابن صدرالدين بن سيفال داروغه، أنهى كتابتها يوم الاثنين في شهر ربيع الثاني سنة (904 هـ) وهي تبدأ من آمل وتنتهي باليمامة من ص 170 ـ 202، حيث هي منضمة إلى سر السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري، وعنها أخذت نسخ اُخرى منها:

(أ) في مكتبة مجلس الشورى بطهران، برقم 1125 نسخة مصوّرة.

(ب) ومكتبة جامعة طهران (دانشگاه) برقم 22 نسخة مصوّرة، أهداها الدكتور على أصغر حكمت إلى مكتبة الجامعة.

(ج) بمكتبة الإمام أميرالمؤمنين العامّة في النجف الأشرف نسخة كتبت بقلم رصاص على ورق (الكاربون) وهي كثيرة الغلط والسقط، وناسخها أعجمي وأظنّه من العوام، ولكنا استفدنا منها قدر المستطاع كما صححنا فيها كثيراً عند المقابلة.

2 ـ نسخة خطية بمكتبة مدرسة (سبهسالار) بطهران في مجموع يضم كتابين آخرين وهما:

(أ) كتاب الأدعياء والنسب الباطلة (ولي عليه تعليقات تفسر مغلقه).

(ب) كتاب سر السلسلة لأبي نصر البخاري وكلاهما ناقص من أوّله، والأوّل منهما ناقص من آخره أيضاً، والمجموع في 110 أوراق، الأوّل من 2 ـ 8 أ، والثاني من 8 ـ ب حتّى 32، والثالث من 33 حتّى 110. وقياس النسخة المصورّة: 20 × 13، 21 سطر.

وخطّ المجموع متقارب، ولمّا كان الكتاب الأوّل ناقص الآخر لم نستيقن كاتبه، بل نظنّه هو نفس ناسخ الثاني لوحدة الخطّ، وناسخ الثاني كما في آخره: أبو القاسم الشريف، ولم يؤرّخ سنة انتساخه، لذلك لم نتمكن من معرفته، أمّا الكتاب الثالث وهو (منتقلة الطالبيين) فهو بخطّ رجل أعجمي غلبت عليه العجمة فصحّف كثيراً.

وقد كتب على ظهر المجموع اعتضاد السلطنة وزير العلوم والصنايع الإيرانية في سنة (1280 هـ) صورة تملكه مع ختمه.

كما إنّ على ظهره صورة وقف المجموع على مكتبة مدرسة الناصرية سبهسالار وذلك في سنة (1337 هـ) ومن مقارنة النسختين عند المقابلة اتضح لي انّهما يرجعان إلى أصل واحد هو الآخر مشوه بالأغلاط، إذا أحسنا الظن بنسخة المؤلّف وانّها سليمة من الخطأ، ولعلّها كانت هي الاُخرى مغلوطة ـ ولا يبعد ذلك ـ ومنها انتشرت الأخطاء، وزيد عليها في النسخ الفرعية أخطاء اُخرى لأعجمية الناسخين.

 

أهمية علم النسب:

ليس الإهتمام بالأنساب وليد عصر خاص أو قومية خاصّة أو بلد خاص، بل هو وليد حاجة الإنسان في عصوره الغابرة، حيث كانت الحاجة تدعوه إلى الإلفة والتعاطف، وكان تنازع البقاء يخلق أجواء محمومة يحتاج معها الإنسان إلى الحماية والقوّة، فهو منيع بعشيرته وعزيز بأقوامه، لذلك اهتم بنسبه ووشائجه فحفظها ورعاها، كما حدبت عليه اُصوله فضمته بين أحضانها تحميه عادية الأبعدين وتردّ عنه كيد المعتدين.

وقد حكى القرآن الكريم حال نبيين من أنبياء الله تعالى نعى أحدهما قوّته لفقدانه العشيرة فقال: (لَوْ أنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أوْ آوِي إلَى رُكْن شَدِيد)(1) والثاني حمته منعة قومه حتّى هابه أعداؤه فقالوا له: (وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ)(2).

والّذي يظهر من زبر الأوّلين وأخبار الماضين انّ الإهتمام بالأنساب لم يكن من خصائص العرب فحسب، بل هناك اُمم اُخرى حفظت أنسابها ودوّنت أعقابها بما يحفظ لها ذلك، عناية منها بطارفها وتليدها وتخليداً لعزها ومجدها، وقد ذكر الأمير شكيب أرسلان:

(إنّ الاُمّة الصينية الكبرى هي أشدّ الاُمم قياماً على حفظ الأنساب، حتّى أ نّهم يكتبون أسماء الآباء والجدود في هياكلهم، فيعرف الواحد أنساب اُصوله إلى ألف سنة فأكثر، وكذلك الإفرنج كانت لهم عناية تامّة بالأنساب في القرون الوسطى والأخيرة، وكانت لهم دوائر خاصّة لأجل تقييدها وضبطها ووصل آخرها بأوّلها).

وحكى ابن الطقطقي في النسب الأصيلي ـ مخطوط ـ من أعلام القرن السابع الهجري:

(وأمّا أهل الكتاب من اليهود والنصارى فضبطوا أنسابهم بعض الضبط، بلغني أنّ نصارى بغداد كان بأيديهم كتاب مشجر يحتوي على بيوت النصارى وبطونهم، فهذه الاُمم وإن اعتنت بأنسابها بعض العناية واهتدت إلى ضبط مفاخرها نوعاً من الهداية، فلم يبلغوا مبلغ العرب الّذين كان هذا الفنّ غالباً عليهم وفاشياً فيهم).

ولمّا جاء الإسلام أكّد على رعاية الأنساب، وحثّ على صلة الأرحام وبنى على ذلك كثيراً من أحكامه، ليهتم المسلم بحفظها في حدود حاجاته الشرعية، فإنّه أوجب معرفة نسب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وأ نّه هاشمي قرشي إذ لابدّ في صحّة الإيمان من معرفة ذلك، كما عن ابن حزم في الجمهرة(3) والقلقشندي في مقدّمة النهاية وغيرهما.

كما انّه اعتبر النسب في الإمامة، فأوجب القرشية وانّها من شروط الصحّة عند عامّة المسلمين إلاّ من شذّ من لا يؤبه بخلافه كما عن الشافعي والماوردي في الأحكام السلطانية(4) وابن الفرّاء الحنبلي في الأحكام السلطانية(5) وابن حزم في الجمهرة(6) والقلقشندي في مقدّمة النهاية وغيرهم.

وكذلك أوجب الإسلام معرفة قربى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لوجوب مودّتهم المفروضة بنصّ الكتاب العزيز، والّتي جعلها أجر تبليغ الرسالة فقال عزّ من قائل: (قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى)(7).

كما أ نّه رتّب على معرفة أنسابهم خاصّة أحكاماً اُخرى، كتحريم الصدقة عليهم ووجوب الخمس لهم، سوى ما يناط بمعرفة أنسابهم في سائر أبواب الفقه الاُخرى، كالنكاح والميراث والعتق والديات والوقف، فإنّ في كثير من الكتب الفقهية الإسلامية أحكاماً خاصّة يجدها الباحث تتعلق بالهاشميين أو بخصوص الفاطميين منهم، وعلى سبيل المثال أذكر أنّ القاضي عثمان بن أسعد بن المنجا الحنبلي خصّ في كتابه الوقف باباً في الوقف على الأشراف(8).

كما أذكر أنّ السيوطي في العجاجة الزرنبية ذكر وقف بركة الحبش، وانّ نصفها على الأشراف من بني الحسن والحسين، ونصفها على سائر الطالبيين من باقي ذرّية عليّ(عليه السلام) وأخويه جعفر وعقيل.

بل أنّ بعض الأوقاف كانت تخصّ بعض أفخاذ العلويين، كما في وقف الملك الصالح طلائع بن رزيك، فا نّه أوقف ناحية بلقيس وجعل غلتها على الأشراف، فخصّ سبع قراريط منها للسادة بني الحسين أهل المدينة المنورّة، وقيراطاً لبني السيّد معصوم في الغري(9)، كما في الخطط للمقريزي وتحفة الأزهار (مخطوط) إلى غير ذلك من الأوقاف الّتي تخصّ الأشراف.

فلولا معرفة الأنساب لارتطم المسلمون في الحرام من حيث يدرون ولا يدرون.

وأظن أنّ فيما ذكرناه كفاية لإقناع القارئ عن أهمّية علم الأنساب ووجوب معرفتها بمقدار الحاجة خصوصاً النسب النبوي، فإنّ لأفراده الأشراف ميزات خاصّة زانهم بها الإسلام وصانهم، حتّى ودّ كلّ واحد أن يكون منهم ولم يرغبوا في أن يكونوا من أي أحد، لشرفهم الباذخ، وسمو مجدهم الشامخ.

وحسب الهاشميين ما خصّهم الله به من كرامة لنبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) من تنزيههم عن الصدقات، الّتي هي أوساخ ما في أيدي الناس، ففرض لهم في محكم كتابه سهماً قرنه بسهمه وسهم نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) وتلك كرامة من الله تعالى لهم لا يسع المعاند إنكارها مهما وسعته القوّة في دفعهم عن حقّهم ومقامهم، كما فرض لهم المودّة على جميع المسلمين في محكم كتابه، وزادهم الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) بعنايته الخاصّة فزانهم بقوله الخالد: «كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي»(10).

وقد ذكر مشايخنا الأعلام في مؤلّفاتهم بعض ما يجب لهم، فهذا رئيس المحدّثين الشيخ أبو جعفر الصدوق (ت 388 هـ) ذكر في اعتقادات الإمامية جانباً من حقوقهم.

وهذا الشيخ الجليل آية الله العلاّمة الحلي (ت 721 هـ) ذكر في أواخر كتابه القواعد وصيّته لولده فخر المحققين وفيها أمره له برعاية حقّ الأشراف وصلتهم، وذكر فيها جانباً من حقوقهم وما قاله النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في فضلهم.

فلهذا ونحوه حقّ لكلّ علوي، بل وكلّ طالبي، وحتّى الهاشمي أن يطاول شهب السماء رفعة وسمواً بمجده وشرفه.

ومهما عاب العصاميون العظاميين في التفاخر بأمجاد الرفاة البالية، فإنّهم لا يسعهم أمام افتخار العلوي بآبائه، والطالبي بقرباه إلاّ أن يطأطأوا الرؤوس إجلالا وإذعاناً، كيف لا وهما إنّما يفتخران بمن طأطأ كلّ شريف لشرفهم، وبخع كلّ متكبر لطاعتهم، وخضع كلّ جبار لفضلهم.

وإلاّ فبماذا يعيب الناقد قول أميرالمؤمنين(عليه السلام) من كتاب له إلى معاوية وهو يعدّد مفاخره:

(فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا، وَالنَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا، لَمْ يَمْنَعْنَا قَدِيمُ عِزِّنَا، وَلاَ عَادِيُّ طَوْلِنَا عَلَى قَوْمِكَ أَنْ خَلَطْنَاكُمْ بَأَنفُسِنَا فَنَكَحْنَا وَأَنْكَحْنا فِعْلَ الاَْكْفَاءِ، وَلَسْتُمْ هُنَاكَ، وَأَ نَّى يَكُونُ ذلِكَ كَذَلِكَ، وَمِنَّا النَّبِيُّ وَمِنْكُمُ الْمُكَذِّبُ، وَمِنَّا أَسَدُ اللهِ وَمِنْكُمْ أَسَدُ الاَْحْلاَفِ، وَمِنَّا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمِنْكُمْ صِبْيَةُ النَّارِ، وَمِنَّا خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينِ وَمِنْكُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ، فِي كَثِير مِمَّا لَنَا وَعَلَيْكُمْ، فَإِسْلاَمُنَا مَا قَدْ سُمِعَ، وَجَاهِلِيَّتُنَا لاَ تُدْفَعُ، وَكِتَابُ اللهِ يَجْمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا، وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: (وَأُولُو الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللهِ))(11).

أو ماذا ينعى الحاسد من خطاب أبي محمّد الحسن(عليه السلام) لمعاوية، وقد تعرض له عمرو بن العاص في مجلس معاوية، فأنف سليل النبوة عن جواب ابن العاص فقال لمعاوية بعد كلام له:

أتأمر يا معاوي عبد سهم *** بشتمي والملا منّا شهود

إذا أخذت مجالسها قريش *** فقد علمت قريش ما تريد

قصدت إليَّ تشتمني سفاها *** لضغن ما يزول وما يبيد

فمالك من أب كأبي تسامى *** به من قد تسامى أو تكيد

ولا جد كجدي يا ابن هند *** رسول الله إن ذكر الجدود

ولا اُمّ كاُمّي من قريش *** إذا ما حصّل الحسب التليد

فما مثلي تهكم يا ابن هند *** ولا مثلي تجاريه العبيد

فمهلا لا تهج منّا اُموراً *** يشيب لهولها الطفل الوليد(12)

أو ماذا يكذب من افتخار سيّد الشهداء الحسين(عليه السلام) في يوم عاشوراء، وقد توازر عليه من غرّته الدنيا، وباع حظّه بالأرذل الأدنى، فوقف آيساً من الحياة عازماً على الموت وهو يقول:

أنا ابن عليّ الطهر من آل هاشم *** كفاني بهذا مفخراً حين أفخر

وجدي رسول الله أكرم من مشى *** ونحن سراج الله في الأرض يزهر

أو بماذا يُنقد هتاف الإمام زين العابدين(عليه السلام) مفتخراً بأمجاده بين جموع الشاميين وقد حمل أسيراً إلى يزيد ومعه أهل بيته:

«أيّها الناس أُعطينا ستّاً وفُضّلنا بسبع، أُعطينا العلم، والحلم، والسماحة، والفصاحة، والشجاعة، والمحبّة في قلوب المؤمنين، وفضّلنا بأنّ منّا النبيّ المختار محمّداً، ومنّا الصدّيق، ومنّا الطيّار، ومنّا أسد الله وأسد رسوله، ومنّا سبطا هذه الاُمّة، ومنّا مهدي هذه الاُمّة.

من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي:

أيّها الناس: أنا ابن مكّة ومنى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرداء، أنا ابن خير من اتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى، أنا ابن خير من حجّ ولبّى، أنا ابن من حمل على البراق في الهواء، أنا ابن من اُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أنا ابن من بلغ به جبرئيل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى، أنا ابن محمّد المصطفى، أنا ابن عليّ المرتضى، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتّى قالوا: لا إله إلاّ الله، أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بسيفين، وطعن برمحين، وهاجر الهجرتين، وبايع البيعتين، وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين».

إلى آخر الخطبة الّتي لم يزل يقول فيها أنا أنا حتّى ضجّ الناس بالبكاء وخشى يزيد وقوع الفتنة فأمر مؤذّنه ليقطع كلامه بالأذان(13).

أو ماذا يرد من قول شاعرهم الشريف الحِمّاني الزيدي:

بلغنا السماء بأنسابنا *** ولولا السماء لجزنا السماء

فحسبك من سؤدد انّنا *** بحسن البلاء كشفنا البلاء

يطيب الثناء لآبائنا *** وذكر (عليّ) يطيب الثناء

إذا ذكر الناس كنا ملو *** كاً وكانوا عبيداً وكانوا إماء(14)

أو من قوله الآخر:

إذا فاخرتنا من قريش عصابة *** بمط خدود وامتداد أصابع

فلمّا تنازعنا المقال قضى لنا *** عليهم بما نهوى نداء الصوامع

ترانا سكوتاً والشهيد بفضلنا *** عليهم جهير الصوت في كلّ جامع

فإنّ رسول الله أحمد جدّنا *** ونحن بنوه كالنجوم الطوالع(15)

وليس يقصر عنه قول الشريف الرضي الموسوي:

أخذنا عليكم بالنبيّ وفاطم *** طلاع المساعي من مقام ومقعد

وطلنا بسبطي أحمد ووصيّه *** رقاب الورى من متهمين ومنجد

وحزناً عتيقاً وهو غاية فخركم *** بمولد بنت القاسم ابن محمّد

فجدّي نبيّ ثمّ جدّي خليفة *** فما بعد جدينا عليّ وأحمد

وما افتخرت بعد النبيّ بغيره *** يد صفقت يوم البياع على يد(16)

وكلّ هؤلاء السادة هم تيجان الفخر واُصول الفضل، ومعدن السماحة والفصاحة والشجاعة، وإليهم تنتهي ينابيع العلم والحلم والكرم، ومنهم تعلم الناس الإباء والحفاظ وعزّة النفس، قد جمعوا إلى جمال شرف النسب كمال الفخر بالحسب، وبذوا غيرهم بالملكات النفسية الحميدة وخصال الخير.

فهم لم يعوّلوا على مجرّد النسب وإن شرف، ولا اتكلوا على الحسب وإن عظم، بل كان أبناء النبوة يشعرون بعظيم شرفهم وسمو مكانتهم، فهم يحرصون على الحفاظ على نسبهم وصيانته من أن يتّخذوه وسيلة لإكتساب مغنم أو يجعلوه ذريعة في تطاولهم على من سواهم.

ومن طريف ما ينقل في هذا الباب ما حكي عن الشريف عبدالله بن الحسين ابن عبدالله الأبيض ـ وكان شاعراً مجيداً ـ وفد على سيف الدولة الحمداني، فبلغه أنّ بعض الناس قال لسيف الدولة: إنّه رجل شريف فأعطه لشرفه وقديمه ونسبه، فلم يستسغ ذلك ابن النبوة وسليل الإباء، فأنف ـ على قلّة ذات يده ـ أن يجعل شرفه ونسبه متاعاً يتاجر به الملوك فقال أبياتاً وأنشدها سيف الدولة:

قد قال قوم إعطه لقديمه *** كذبوا ولكن إعطني لتقدمي

حاشا لمجدي أن يكون ذريعة *** فيباع بالدينار أو بالدرهم

فأنا ابن فهمي لا ابن مجدي اجتدي *** بالشعر لا برفات تلك الأعظم

وإذا أردنا أن نبحث تاريخ هذه السلالة ونلم بأخبارها في عصور الإسلام الاُولى، نجده تاريخاً مشرقاً حافلا بالأمجاد، فأميرهم ومأمورهم في الحقّ والتضحية سواء، سيرة الإسلام المثلى وإنّ في حديث الإمام الرضا(عليه السلام) المروي في عيون أخباره ما يدلّ على عظيم مكانته ويغني عن الاستدلال على حسن خاتمتهم(17).

وإذا تخلل ذلك بعض الهناة لأفراد قلائل ولم نجد لها مخرجاً صحيحاً فإنّما ذلك منهم كالشاذّ الّذي لا يقاس عليه وهم الّذين استثناهم الإمام الرضا(عليه السلام) في حديثه المروي في عيون الأخبار في فضل النظر إلى الذرّية وانّه عبادة(18).

وبعد هذا كلّه أليس من الغلوّ والشطط ما يقال: انّ موضوع الأنساب ورعايتها والتفاخر بها، حتّى الإفتخار بالنسب النبوي ممّا حاربه الإسلام، ويحمل شاهداً على ذلك ما ورد في القرآن الكريم من قوله تعالى: (إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أتْقَاكُمْ )(19) وقوله تعالى: (فَلا أنسَابَ بَـيْنَهُمْ يَوْمَـئِذ وَلا يَتَسَاءَلُونَ)(20) وما شابه ذلك مع انّ لجميع ذلك تفاسير لا تنافي ما قلناه من أرادها فليطلبها من مظانها.

ولعظيم مكانتهم الدينية المرموقة، وقرباهم من الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الّتي فرضت لهم تلك الإمتيازات الخاصّة، حيثما كانوا ويكونون طمع الناس فيهم، فعني رجالاتهم عناية تامّة بضبط أنسابهم ودوّنوها خوف الدخيل، وهناك سبب آخر لتدوين أنسابهم هو تشتتهم في أقطار الأرض لعوامل لا يسع المقام ذكرها، فخشي النابهون ضياع الأعقاب لجهلهم باُصول الأنساب، فحفظوا لهم الاُصول كي يلحقوا بها الفروع، ولم يكن ذلك مهمّة الهاشميين فحسب، بل حذا حذوهم جمع من أعلام الاُمّة من غيرهم ممّن برع في هذا الفنّ، فكانت أنساب الطالبيين والهاشميين ثروة فكرية ضخمة أمدت التاريخ الإسلامي والعربي بأكثر من ينبوع وسدّت فيه أكثر من نقص.

ولقد تفنن علماء النسب في كيفيّة التدوين والضبط، ولهم في ذلك اُصول وقواعد وشروط، كما أنّ لهم مصطلحات خاصّة، يجهلها أكثر الباحثين اليوم لبعدهم عن اُصول هذا الفنّ.

ولي على ذلك شواهد أكتفي بذكر واحد منها، أذكر أ نّي قرأت كتاب (اتعاظ الحنفا) للمؤرّخ المقريزي، فذكر اختلاف النسّابين في الفاطميين الحاكمين بمصر، وحكى في ذلك قول شيخ الشرف العبيدلي: وبنو عبيدالله بالمغرب في نسب القطع. وهنا علّق الدكتور الشيّال في الهامش بقوله: يوجد في الأصل بعد كلمة (القطع) لفظتا (في صح) ولعلّها إشارة إلى أنّ حرف الجر السابق للفظ (نسب) صحيح، ومع هذا يبدو أنّ النص هنا ينقصه ما يكمله ليتم المعنى ويتضح.

ألاترى إلى هذا الدكتور المحقق كيف خفي عليه ذلك المصطلح (في صح) فاجتهد في تأويله بما هو بعيد غاية البعد عن الصواب، حيث أنّ (في صح) اصطلاح للنسّابين، وسيأتي تفسيره في قائمة المصطلحات النسبية الخاصّة في آخر هذه المقدّمة إن شاء الله.

وقد ورد بعين هذا اللفظ في نفس المقام محكياً في العمدة عن أبي عبدالله بن طباطبا أحد شيوخ الفنّ قال: وهم ـ بنو عبيدالله ـ من أنساب القطع في صح.

وقد عذرت الدكتور الشيّال في ذلك لبعده عن فنّ النسب ولغته، وإن لم أعذره في مراجعة كتب النسب فإنّها كفيلة ببيان ذلك.

وقد ذكر علماء النسب أ نّهم سنوا له المشجر والمبسوط، وهما النوعان اللذان جاء على طبقهما ما بين الدفتين من الأنساب، وقد فضّلوا المشجر على المبسوط وميّزوه وإليك بعض ما جاء في ذلك.

قال ابن الطقطقي في مقدّمة النسب الأصيلي:

(فأمّا المشجر):

فلم أدر من ألقى عليه رداءه *** ولكنّه قد سل من ماجد محض

قلت ذلك، لأ نّي لا أعرف من وضعه واخترعه.

وحكى عن شيخه جمال الدين الدستجراني الوزير انّه دخل مدينة ساري، فقصد خزانة كتبها فرأى فيها بين الأجزاء العتيقة ـ وهي تفوق الحصر وتستغرق الوصف ـ كتاباً أهداه الشافعي إلى هارون الرشيد على أوّل رقعة منه ما صورته:

(أهديت إليك يا ابن سيّد البطحاء، شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وأنا أشفع إليك في ضعفاء الحاج من ركب الريح ومصع الرشيح، وكتبه محمّد بن إدريس).

فإن كان الشافعي قد اخترع المشجر فليس من ذكائه ببديع، ولا من فضله ببعيد، ولله در مخترعه فما أحسن ما اخترع، وسقى الغيث مبتدعه، فما أظرف ما ابتدع، ولقد قرب على الطالبيين بعيده، وسهل عليهم شديده فإنّه اقتضبه اقتضاباً، فايزاً من الحسن باُولاه واُخراه، ضارباً في الفضل بمعلاه، وصورة ما فعل:

إنّه جعل (الباء) من ابن بعد أن كانت محتاجة إلى نونات كثيرة عند تعدد الأولاد غنية بنون واحدة ترمى الباءات جميعها فيها، ولولا ذلك لاحتاجت كلّ (باء) إلى نون، وذلك يؤدي إلى كثرة المدات المستهجنة في رؤية العين، وإلى الطول الخالي من الفائدة الداعي إلى الملالة، وما أشبه المشجر إلاّ بوضع سياقة الحساب، فإنّهم قربّوا بها بعيداً ولولاها لعرضت شقته ولعظمت مشقته، والسياقة أعجمية وعربية، فواضع العجمية أبو عليّ بن سينا البخاري حين ولي الديوان، وواضع العربية كاتب عبدالملك بن مروان ناقل الديوان من الرومية إلى العربية، فاختصر هؤلاء الواضعون الطريق إلى ايضاح المعاني بما اخترعوه من تلك التقريبات والرموز المعجبات والإشارات الرائقات.

وما أحسن تسميته بالمشجر، فأنت ترى السلسلة منه وكأ نّها شجرة قائمة على عروشها، أغصانها كأغصانها وأفنانها كأفنانها، وقائمها كقائمها، ومتهدلها كمتهدلها، وعروقها كعروقها، وبسوقها كبسوقها، والتشجير صنعة مستقلة مهر فيها قوم وتخلف آخرون.

فمن الحذاق فيها الشريف قثم بن طلحة الزيدي النسّابة، كان فاضلا يكتب خطّاً جيّداً، قال: شجرت المبسوط وبسطت المشجر، وذلك هو النهاية في ملك رقاب هذا الفنّ.

ومن حذاق المشجرين عبدالحميد الأوّل بن عبدالله بن اُسامة النسّابة الكوفي، كتب خطاً أحسن من خطّ العذار، وشجر تشجيراً أحسن من الأشجار حفت بأنواع الثمار.

ومن حذاقهم ابن عبدالسميع الخطيب النسّابة، صنّف الكتاب (الحاوي) لأنساب الناس مشجراً في عدة مجلدات تتجاوز العشرة على قالب النصف، قرأت بخطّه رقعة كتبها إلى بعض الخلفاء يقول فيها: وقد جمع العبد من المشجرات والأنساب والأخبار ما لا ينهض به جمل بازل.

والضابط فيه ـ في المشجر ـ أن يكون باء بن متصلة بالنون كيف تقلبت بها الحال في جهاتها الست، وربّما امتدت الخطة الواحدة في مجلدات كثيرة فما سلم اتصالها بالنون فليس بضائر اختلاف أحوالها ولا يجوز تراكب الخطط.

وأمّا (المبسوط) فقد صنّف الناس فيه الكتب الكثيرة المطوّلة، فممّن صنّف فيه أبو عبيدة القاسم بن سلام ويحيى بن الحسن بن جعفر الحجّة العبيدلي النسّابة صاحب مبسوط نسب الطالبيين.

والمبسوطات أكثر من المشجرات، ووضع المبسوط أن يبدأ بالأب الأعلى ثمّ يذكر ولده لصلبه ثمّ يبدأ بأحد اُولئك الأولاد فيذكر ولده إن كان له ولد، فإذا انتهوا انفلت إلى ولد أخيه ثمّ إلى ولد واحد من الأخوة حتّى يأتي على الأخوة ثمّ إلى ولد ولد الأوّل، ثمّ إلى ولد ولد إخوته، وكذلك إلى أن يصل إلى الغاية الّتي يريد أن يقطع عليها، وفي أثناء ذلك أخبار وأشعار وإشارات وتعريفات وألقاب وأنباز وحلي وبالله العصمة والتوفيق.

الفرق بين المشجر والمبسوط:

الفروق الظاهرة المشاهدة بينهما كثيرة، وإنّما الفرق الخفي هو أنّ المشجر يبتدأ فيه بالبطن الأسفل ثمّ يترقى أباً فأباً إلى البطن الأعلى، والمبسوط يبتدأ فيه بالبطن الأعلى ثمّ ينحط ابناً فابناً إلى البطن الأسفل.

وخلاصة ذلك أنّ المشجر يقدّم فيه الابن على الأب، والمبسوط عكسه يقدّم فيه الأب على الابن(21)، ويصطلح على كتب المشجرات ببحر الأنساب وهو اصطلاح شائع يسمّى به كلّ كتاب مشجر في النسب.

 

مصطلحات النسّابين:

يتداول النسّابون في كتبهم اصطلاحات خاصّة، ويشترك في استعمالها مصنّفوا المشجر والمبسوط، وقد يجهل معانيها أكثر القارئين لبعدهم عن العرف الخاص، لذلك رأيت من الخير تفسير بعض تلك المصطلحات ليكون القارئ على بصيرة من معانيها حين يقرؤها في هذا الكتاب وهي:

1 ـ صحيح النسب: هو الّذي ثبت عند النسّابين بالشهادة، وقوبل على المصادر النسبية، فنصّ عليه شيوخ النسب أو سائر العلماء المشهورين بالتقوى والورع والأمانة فكان ثابتاً بالإجماع.

2 ـ مقبول النسب: هو الّذي ثبت عند بعض النسّابين وأنكره بعض، ولكن أقام صاحبه البينة الشرعية فهو مقبول من جهة البينة، ولكن لا يساوي سابقه في الاعتبار.

3 ـ مشهور النسب: هو الّذي اشتهر بالسيادة، ولم يعرف نسبه، وليس إلى معرفته سبيل.

4 ـ مردود النسب: هو الّذي ادّعى نسباً ولم يعترف به من انتمى إليهم وأشاعوا بطلان دعواه.

5 ـ في صح: ذهب النسّابون في تفسير هذا المصطلح إلى مذاهب:

فمنهم من فسره بأ نّه إشارة إلى أنّ ما قبله نسب ممكن الثبوت، إلاّ أ نّه لم يثبت، فهو موقوف على الثبوت، وحكى هذا عن شيوخ النسب وأقطاب الفنّ، كالشيخ أبي الحسن العمري، وشيخ الشرف العبيدلي، والشيخ أبي عبدالله بن طباطبا رحمهم الله، فإنّهم نصّوا على ذلك في عدّة مواضع من كتبهم.

ومنهم من فسره بأ نّه كناية عن الإنقطاع الكلّي وعدم الثبوت، مستدلين بأنّ (في) حرف و (صح) فعل والحرف لا يدخل على الفعل، وحكى هذا عن النسّابة أبي المظفّر محمّد الشاعر ابن الأشرف الأفطسي، وردّه من تأخّر عنه بأ نّه تمحل لا يصح والقول به خطأ، لأنّ ما يمكن ثبوته لا يدفع ويقال: انّه دليل على عدم الثبوت.

ومنهم من فسره بأ نّه طعن خفي، يدل على أنّ النسب المعقب بهذا المصطلح إمّا مستعار وإمّا موقوف وإمّا مستلحق وإمّا فيه نظر، وفي جميع ذلك يكون الأمر موقوفاً، يجب أنّ يصحح، ولا يحكم بصحّة النسب إلاّ بإقامة البينة الشرعية، وذهب إلى هذا النسّابة أبو الحسن البيهقي في اللباب.

ومنهم من فسره بأ نّه مصطلح يكتب لمن يظهر في نسبه غمز، وكان اتصاله بشهادة الشهود، ولم توجد له في المبسوطات والمشجرات دلالة عليه، فيشير الناسب إليه بقوله: هو عندي (في صح)، وعلل بما سبق نقله عن الشريف ابن الأفطسي النسّابة.

6 ـ في نسب القطع: هو الّذي انقطع نسبه عن الاتصال، وإن كان من قبل مشهوراً، كما إذا كان في صقع بعيد ولم يرد له خبر ولا يعرف له عند النسّابين أثر ويتعسر تحقيق حالهم، وزعم النسّابة الأفطسي انّه كناية عن عدم صحّة النسب، وهو خلاف إجماع النسّابين.

7 ـ ينظر حاله: هو الّذي يشك النسّابون في اتصاله بسلسلة النسب.

8 ـ فيه نظر: هو الّذي لم يتفق النسّابون على اتصاله.

9 ـ أعلمه فلان النسّابة: هو الّذي توقف ذلك النسّابة في إثباته، ولم يجزم بصحّة اتصاله، فجعل على اسمه علامة، والمراد بالعلامة هنا هو أنّ النسّابين يكتبون على بعض الأسماء إشارات، لكلّ منها معنى خاص وتلك الإشارات هي:

(أ) يُسأل عنه أو نسأل عنه: إشارة تكتب على الاسم، تفيد معنى التردد وانّه لم يثبت على الوجه المرضي.

(ب) بـ (... ـن، بـ )... ـن، إشارة تكتب في اتصال الاسم بمن قبله، وتفيد معنى الشك أو عدم الثبوت وقد تكتب بالحمرة، وربّما نقط النسّابون في التشجير الخط الواصل بين الباء (بـ) وبين النون (ـن) ولم يخطوه متصلا اشعاراً منهم بآفة في الإتصال.

(ج) غ. صـ : إشارة تكتب على الاسم تفيد الغمز في صاحبه، وهو أعمّ من الغمز في النسب أو في الأفعال، والغمز أهون من الطعن.

فإذا رأى القارئ في كتاب نسب ما (أعلمه فلان النسّابة) أو (عليه علامة) فإلى هذه الرموز يشيرون.

10 ـ مطعون: هو الّذي طعن النسّابون فيه، فإذا اختلفوا فيه لم يقطع خط اتصاله في المشجر، بل يذكر ما قيل فيه من الطعن وغيره، ويؤيّد النسّابة الراجح لديه في ذلك، فإذا لم يختلفوا فيه قطع خطه، وللقطع مراتب متفاوتة ولعلماء النسب بيان واف في تصوير ما يكتب في كلّ مرتبة، وقد تعرضت كتب علم النسب المفصّلة لذلك.

11 ـ يحقق: يكتب لمن شك في اتصاله.

12 ـ معقب: هو الّذي صح عقبه. وأقوى منه دلالة في انحصار العقب قولهم: العقب من فلان أو عقبه من فلان بخلاف قولهم: أعقب من فلان فإنّه ليس بمنحصر فيه لجواز أن يكون عقب للأب من غيره، وقد يستعمل (أولد) مكان (أعقب) وهما بمعنى واحد.

13 ـ مذيل: هو الّذي طال عقبه وتسلسل نسله.

14 ـ منقرض: هو الّذي كان له ولد ولم يعقبوا فانقرض عقبه وانقطع نسبه وقد يرمز إليه بـ (ق ض).

15 ـ درج: هو الّذي لم يكن له ولد، وقد يخففون ذلك فيكتبون (رج) وقال الحسن القطّان: يعني مات صغيراً قبل أن يبلغ مبلغ الرجال وهو المشهور عند المتأخّرين.

16 ـ وحده: هو الّذي لم يكن لأبيه سواه.

17 ـ ميناث: هو الّذي لم يكن له سوى بنات فقط، أو لم يذكر له غيرهن من الولد، وقد يكتبون له رمزاً (ث).

18 ـ قعدد أو قعيد: هو الّذي كان أقرب عشيرته إلى الجدّ الأعلى بقلة الوسائط.

19 ـ الحفيد: هو ولد الولد، أعم من أن يكون للذكور أو للاناث، كما أ نّه أعم من الذكور والإناث.

20 ـ عريق: هو الّذي ولد من علويين وكلّما زاد في ذلك في آبائه كان أعرق.

21 ـ مقل: هو الّذي كان في عقبه قلة.

22 ـ مكثر: هو الّذي كان في عقبه كثرة.

23 ـ الناقلة: كثيراً ما سيرى القارئ في كتابنا انّ بالشام من ناقلة الحجاز فلان أو في بخارا من ناقلة همدان فلان، ونحو هذا والمراد به أنّ المترجم له كان من أهل البلد الثاني ثمّ انتقل عنه إلى البلد الأوّل، ومثال ذلك: إنّا لو قرأنا في بخارا من ناقلة همدان أبو الحسن محمّد بن أبي إسماعيل عليّ الحسني... الخ. فإنّ هذا الرجل كان بهمدان وعنها انتقل إلى بخارا فهو من ناقلة همدان.

24 ـ النازلة: والمراد به كما في المثال السابق أنّ المترجم له كان نازلا في همدان وانتقل إلى بخارا ولم يكن من أهل همدان، والفرق واضح معلوم، وكأنّ اللفظ مأخوذ من قول العرب في النواقل والقبائل الّتي تنتقل من قوم إلى قوم، وقياساً عليه النوازل: القبائل الّتي تنزل على قوم ثمّ ترحل عنهم.

وهناك ألفاظ ورموز يستعملها علماء النسب في كتبهم في اثبات الأنساب والثناء عليها، تشعر بالتزكية كقولهم: أعقب، وله العقب، وفيه البقية، وله ذيل، وله ذرّية، وله أعقاب وأولاد، ويعدون هذه أعلى مرتبة في التزكية لوضوح النسب، وأوسطها قولهم: له عدد وله ذيل جم، وعقبه جم غفير، وأدناها: نسب صحيح صريح لا شك فيه، ولا ريب فيه ولا غبار عليه، وإنّما صارت هذه أدنى المراتب لأنّ النسب احتاج إلى التصريح بصحّته والشهادة بسلامته.

كما أنّ لهم ألفاظاً تشعر بالمدح والقدح في الأنساب تجري مجرى الجرح والتعديل عند الرواة، كقولهم: يتعاطى مذهب الأحداث، وقولهم: ممنع بكذا، وهو لغير رشدة، وفيه حديث، وفيه نظر، وهو ذو أثر، وهو مخلط، وهو دعي، وهو لصيق، وهو زنيم، ومغموز، ولقيط ومناط ومرجى ونحو ذلك.

ولهم إلى جانب ذلك اصطلاح خاص في تقسيم طبقات النسب من الخير أن نذكر شيئاً عنه للقارئ، وذلك أ نّهم قسّموا الطبقات إلى ستّ وهي الشعب وهو أعلاها، ثمّ القبيلة، ثمّ العمارة، ثمّ البطن، ثمّ الفخذ، ثمّ الفصيلة، واستدلوا على صحّة هذا التقسيم ببعض آي الذكر الحكيم وبعض الأحاديث النبوية، وشواهد من الشعر العربي، لا نطيل المقام بذكرها، وقد جمع هذه الطبقات الشاعر محمّد بن عبدالرحمن الغرناطي وفسّرها بقوله:

الشعب ثمّ قبيلة وعمارة *** بطن وفخذ والفصيلة تابعه

فالشعب مجتمع القبيلة كلّها *** ثمّ القبيلة للعمارة جامعه

والبطن تجمعه العمائر فاعلمن *** والفخذ تجمعه البطون الواسعه

والفخذ يجمع للفصائل هاكها *** جاءت على نسق لها متتابعه

فخزيمة شعب وإنّ كنانة *** لقبيلة، منها الفصائل شائعه

وقريشها تدعى العمارة يا فتى *** وقصي بطن للعمارة تابعه

ذا هاشم فخذ، وذا عباسها *** كنز الفصيلة لا تناط بسابعه(22)

 

المؤلّف وكتابه المنتقلة:

ينحدر المؤلّف من سلالة علوية شهيرة بنسبتها إلى جدّها الأعلى طباطبا، وهو إبراهيم بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط(عليه السلام) ابن الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام).

وإلى طباطبا هذا ينتهي نسب جميع الطباطبائيين ومنهم مؤلّفنا فهو:

أبو إسماعيل إبراهيم بن ناصر بن إبراهيم بن عبدالله بن الحسن ابن أبي الحسين عليّ الشاعر الملقّب بشهاب ابن أبي الحسن محمّد الشاعر الإصفهاني صاحب المؤلّفات الممتعة، ابن أبي عبدالله أحمد ابن أبي جعفر محمّد الكوفي ابن أبي عبدالله أحمد الرئيس ابن إبراهيم طباطبا المذكور.

ومن الخير أيضاً أن نبحث تاريخ هذا النسب على نهج المؤلّف في كتابنا هذا ـ المنتقلة ـ لنعرف من الّذي انتقل من أجداده إلى إصفهان ـ بلد المؤلّف ـ وهم حجازيون وعراقيون فنقول:

1 ـ الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) من ناقلة المدينة (بالكوفة).

2 ـ الإمام أبو محمّد الحسن الزكي(عليه السلام) من نازلة الكوفة (بالمدينة).

3 ـ الحسن المثنى (بالمدينة).

4 ـ إبراهيم الغمر كان بالمدينة وقد اختلف في موضع قبره فقيل: انّه لمّا حمل آل الحسن(عليه السلام) ـ أيّام المنصور ـ إلى الهاشمية كان إبراهيم معهم فمات قبل الكوفة بمرحلة، وعلى هذا الرأي ابن خداع النسّابة واعتمده غيره، وعليه أيضاً بُني احتمال أ نّه صاحب الصندوق في برية الكوفة حيث يزار قبره كما في العمدة وغيرها.

وقيل: بل مات في الحبس بالهاشمية مع أهل بيته وأ نّه أوّل من مات منهم.

وقيل: بل مات في بغداد وحكي هذا عن محمّد بن سلام الجمحي كما ذكره الخطيب البغدادي(23).

والقول الوسط هو الوسط، والصحيح الثابت عن جمهرة من المؤرّخين والنسّابين قال الخطيب: والصحيح أنّ وفاته كانت بالهاشمية في محبسه ثمّ روى عن يحيى بن جعفر ـ وهو من شيوخ النسب ـ أ نّه قال توفّي إبراهيم... سنة (145) بالهاشمية، وهو في حبس أبي جعفر وهو ابن سبع وستّين سنة، وهو أوّل من مات في الحبس من بني الحسن وتوفّي في شهر ربيع الأوّل.

5 ـ إسماعيل الديباج هو أيضاً ممّن حمله المنصور مع آل الحسن ومات في الحبس معهم(24)، وعلى هذا فلا معنى لما ذكره بعض الطباطبائية في كتابه هدية آل عبا(25) من ان إسماعيل هذا التجأ إلى ايران، واُستشهد باصفهان، وأنّ قبره في محلة گل بهار متصل بالمسجد الكبير الّذي في الجانب الغربي منه قبر شعيا النبيّ.

ومن الطريف إصرار هذا الرجل على خطائه فنقل عن سلاطين آل مظفر أنّ رأيهم في صاحب ذلك القبر انّه (إسماعيل بن زيد بن الحسن) كما كتبوا ذلك بخطّ جميل في كتيبة الحرم، وعقب على ذلك بأ نّهم اشتبهوا وأصر دون أن يدلي بحجة تاريخية ولكنه بعد 4 صفحات عدل عن رأيه فذكر انّ إسماعيل هذا من شهداء فخ وأنّ قبره هناك، وكم في هذا الكتاب من الأغلاط ما يسقطه عن الاعتبار.

كما أ نّه لا معنى لما ورد في الكواكب السيّارة لابن الزيّات (ت 814 هـ ) من قوله: (ثمّ تمشي مع ذيل الكوم ـ كوم المنامة ـ مستقبل القبلة تجد على يسارك من الجهة الشرقية قبرين داثرين أحدهما: قبر السيّد الشريف إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن عليّ بن أبي طالب(رضي الله عنه)على ما قيل، والثاني:...)(26).

ولعلّ نسبة ما ذكره إلى القيل تكفي في تمريض هذا القول.

6 ـ إبراهيم طباطبا: ذكر أبو الفرج الإصفهاني في مقاتله: انّه حضر واقعة فخ ولم يذكر اسمه مع قتلى فخ، كما لم أعثر على من ذكره بعد الواقعة(27).

نعم ورد في الكواكب السيارة نقلا عن أبي بكر الخطيب: إنّ إبراهيم لمّا قدم بغداد في خلافة الرشيد سمع به فبعث إليه فظن أنّ أحداً قد وشى به فدخل على الرشيد، فقام الرشيد وأجلسه إلى جانبه، وقال له: ما جاء بك يا أبا إسحاق؟

فقال: ظلمني صاحب الطبا ـ يعني صاحب القبا ـ فكان يقلب القاف طاء ... اهـ (28).

أقول: ولم أجد هذا في تاريخ بغداد للخطيب في مظانه، بل لم يترجم له أصلا ولعلّه ذكر ذلك في غير مظانه، أو انّه من النصوص الضائعة من الكتاب.

وقال ابن الزيّات في الكواكب السيّارة: إنّ في مشهد طباطبا بمصر، قبر مكتوب عليه إبراهيم طباطبا ـ وساق نسبه ـ وقال: ولا خلاف عند علماء النسب في صحّة هذا النسب إلاّ أنّ طباطبا لم يمت بمصر ولا تعرف له بها وفادة... اهـ (29).

أقول: ولم تتعرض كتب النسب ولا غيرها إلى محل وفاته أو موضع قبره، نعم ورد في مقدّمة رجال السيّد بحر العلوم: انّ محمّد بن أحمد بن إبراهيم طباطبا دفن عند جدّه إبراهيم طباطبا بجميلان إصفهان(30).

وهذه دعوى يعوزها البرهان مضافاً إلى أنّ المُعلقين كاتبي المقدّمة لم يذكرا ذلك في ترجمة إبراهيم طباطبا نفسه، فإن كان الأوّل غير ثابت عندهما فلماذا ذكراه، وإن كان ثابتاً عندهما فلماذا لم يذكراه في ترجمة إبراهيم طباطبا، وهو أولى بالذكر وما ذكراه من مصدر وهو العمدة(31) فليس فيه سوى ذكر أحمد ولم يذكر أ نّه دفين جميلان بإصفهان عند جدّه طباطبا، وفي مثل هذا تدليس وإيهام لا يخفى، فكان عليهما أن يذكرا مصدراً لتلك الدعوى ليخرجا عن عهدتها ولا يرسلا القول إرسال المسلّمات، على أنّ هذا القول ينقضه ما سيأتي عن المنتقلة عند ذكر محمّد بن أحمد بن إبراهيم طباطبا فلاحظ.

7 ـ أحمد بن إبراهيم طباطبا: هو أبو عبدالله الرئيس، لم يذكر النسّابون ولا غيرهم موطنه ومحل دفنه وورد في مقدّمة رجال السيّد بحر العلوم أ نّه كان نزيل إصفهان(32)، وهو كسابقه من المعلقين قول بلا مستند تاريخي، لأنّ الّذي يظهر من ذكر محمّد ـ الآتي ـ ابن أحمد هذا انّه كان بالكوفة، ومن البعيد أن يكون أبوه ببلد آخر ولا يذكره المؤلّف وهو من أحفاده في ذلك البلد في كتابه هذا المعد لذكر أمثاله.

8 ـ محمّد بن أحمد بن إبراهيم طباطبا: هو أبو جعفر محمّد الأكبر، لم يذكر محل دفنه، ولكنّه وصف بالكوفي وصرّح مؤلّفنا في كتابه هذا ـ المنتقلة(33) ـ أ نّه بالكوفة، ويمكن أن نذهب إلى أنّ وفاته كانت بها أيضاً، لعدم ذكر المؤلّف خروجه عنها، بل صرّح انّ ولده أحمد ـ الآتي ذكره ـ هو الّذي انتقل من الكوفة إلى إصفهان، وبناءاً على ذلك فلا معنى لقول المعلقين كاتبي المقدّمة(34) أ نّه دفن عند جده إبراهيم طباطبا بجميلان إصفهان، والقول بذلك يعوزه الدليل وسبق أن ذكرت انّ إحالتهما إلى العمدة(35) فيه نوع إيهام، فإنّ المذكور فيها اسم الرجل وعقبه فقط، وليس فيها أي ذكر لإصفهان فراجع.

9 ـ أحمد بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم طباطبا: هو أبو عبدالله، ذكره صاحب المنتقلة(36) وقال: بإصبهان من ناقلة الكوفة أبو عبدالله أحمد بن محمّد... الخ، وذكره في ذيل ذكر والده أبي جعفر محمّد ـ الآنف الذكر ـ في الكوفة وقال: انتقل ـ أحمد هذا ـ إلى إصفهان(37).

وعلى ذلك فيكون أحمد هذا هو أوّل من صرّح بانتقاله إلى اصفهان من سلالة طباطبا، وإذ قد عرفنا ذلك فلا حاجة بنا بعد إلى عرض باقي رجال السلالة على وفق نهج المنتقلة، فإنّهم جميعاً حتّى مؤلّفنا كانوا باصفهان، ولعلّ في وصف أبي الحسن محمّد بن طباطبا الشاعر ـ ابن أحمد هذا ـ بالاصفهاني في كتب التراجم ما يشعر بأ نّه أوّل من وصف من هذه السلالة بهذا الوصف لأ نّه ولد باصفهان، كما صرّحت بذلك المصادر وتوفّي أيضاً بها في سنة (322 هـ )، أمّا أبوه وإن سكن اصفهان ومات بها، إلاّ أ نّه لم يوصف بالاصفهاني، لأ نّه كوفي المولد والمنشأ.

أمّا مؤلّفنا ـ أبو إسماعيل ـ فلا نستطيع التحدّث عنه إلاّ في حدود قراءتنا له في كتابه هذا ـ المنتقلة ـ لإغفال المعاجم الرجالية لذكره، بالرغم من كونه مؤلّفاً غذى المكتبة الإسلامية بعصارة فكره، بل وحتّى كتب النسب لم تكشف لنا عن جوانب شخصيته كاملا، نعم وردت فيها نبذ وإن كانت لا تسمن، إلاّ أ نّها أغنت في تقييم رصيده العلمي عند أمثاله من أقطاب الفنّ، فقد عبّر عنه النسّابة المؤرّخ أبو الحسن البيهقي في لباب الأنساب: بالسيّد التقي، وفي موضع آخر: بالسيّد الإمام.

ووصفه ابن الطقطقي في النسب الأصيلي: بالسيّد العلاّمة النسّابة، وذكره ابن عنبة في العمدة بقوله: السيّد العالم النسّابة، وبنحو ذلك وصفه العميدي في مشجره. كما وصفه أبو طالب المروزي في كتابه الفخري: بالسيّد العالم التقي النسّابة(38).

فوصف هؤلاء الأعلام لمؤلّفنا بالتقي والسيّد والعالم، ما يشعر بعلو مكانته وعظيم منزلته بين أقرانه وأضرابه.

وقراءتنا له في كتابه لا تعدو أن تكون قراءة محدودة في أطار خاص، لا نستطيع على ضوئها معرفة جميع الجوانب من شخصيته، ولكنّها مع ذلك فقد يسّرت لنا معرفة شيوخه في هذا العلم، ومن اجتمع به من الأشراف من غير بلده، والبلاد الّتي طرقها والمذهب الّذي كان يدين به.

أمّا ولادته ونشأته ودراسته، بل وحتّى وفاته وأولاده (إن كانوا)(39) فذلك ما لا نستطيع التحدث عنه لعدم توفر المصادر المعنية بذلك.

أمّا شيوخه في علم النسب فلم نستطع معرفة جميعهم، ولكنّا نذكر من صرّح بالأخذ عنه في كتابه هذا وهم:

1 ـ السيّد الإمام المرشد بالله زين الشرف يحيى بن الحسين بن إسماعيل بن زيد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن محمّد بن جعفر بن عبدالرحمن الشجري، هو أحد أئمّة الزيدية بويع له بالديلم سنة (446 هـ) وكان عالماً شاعراً محدّثاً، قد سمع من ابن غيلان وأبي بكر بن بريدة وابن عبدالرحيم الكاتب باصبهان، وقد صرّح بالأخذ منه وأكثر النقل عنه وعرض عليه بعض الأنساب الّتي شك في صحتها وفيها دعا لشيخه بتأييد التمكين(40).

2 ـ السيّد الأجل الإمام النسّابة المستعين بالله أبو الحسن عليّ بن أبي طالب، أحمد بن القاسم بن أحمد بن جعفر بن أحمد الأمين بن عبيدالله بن محمّد بن عبدالرحمن الشجري، أحد أئمّة الزيدية كان نقيباً بآمل وطبرستان، ثمّ بويع له بالإمامة بالديلم (ت 472 هـ)، وقد اجتمع به المؤلّف في اصفهان حين قدمها المستعين بالله سنة (463 هـ)، وأخبره أ نّه لم يبق من ولد جعفر بن أحمد الأمين إلاّ هو وأخوه محمّد ثمّ ذكر المؤلّف عقبه(41).

3 ـ السيّد أبو محمّد الحسن بن زيد بن الحسن الهروي، وقد سمع المؤلّف منه كتاب المجدي للشيخ أبي الحسن العمري، وصرّح بذلك في الموصل ونصيبين وهرات.

4 ـ الشريف النسّابة شيخ الشرف أبو حرب أحمد بن محمّد بن المحسن بن عليّ حدوثة بن محمّد الأصغر بن حمزة ملحن التفليسي بن عليّ الدينوري بن الحسن بن الحسين بن الحسن الأفطس، وقد صرّح باجتماعه به وأخذه عنه في (أصفهان) حيث ذكر أ نّه عرض عليه نسب حمزة بن محمّد بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن محمّد الديباج بن الإمام جعفر الصادق(عليه السلام)، ولكنّه مع الأسف لم يذكر تاريخ إجتماعه به(42).

أقول: قد ذكر أبو حرب محمّد بن المحسن والد ـ أحمد هذا ـ في العمدة والمشجر الكشّاف، وأ نّه كان ببغداد وسافر إلى بلاد العجم وجمع جرائد لعدّة بلاد ومات بغزنة سنة نيف وثمانين وأربعمائة، فيا هل ترى هل كان هو مقصود المؤلّف؟ ويبعّده أنّ اسم شيخه أحمد واسم هذا محمّد.

وإذا قلنا: إنّه ابن محمّد هذا المذكور في العمدة والمشجر الكشّاف فلعلّه لا يتفق زمانه مع زمان المؤلّف، إلاّ أن يكون أخذه عنه مع فرض وجوده مع أبيه من قبيل أخذ الأكابر عن الأصاغر فلاحظ.

أمّا من اجتمع به من الأشراف وذكر تاريخ إجتماعه بهم سوى شيوخه المار ذكرهم فهم:

1 ـ السيّد العالم أبو عبدالله محمّد بن عبدالمطلب بن الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن حمزة بن عبيدالله بن الحسين الأصغر.

ذكر أ نّه رآه في أصفهان في سنة (458 هـ) وأ نّه من أهل اخسيكت(43).

2 ـ الشريفان القاسم وأميركا ابنا المرتضى بن محمّد بن عبدالله الحجازي بن يحيى بن عبدالله العالم بن الحسين بن القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا ذكر المؤلّف انّه رآهما في الري في سنة (459 هـ) وقال: والقاسم بن المرتضى هذا هو صديقي أدام الله تمكينه(44).

3 ـ الشريف أبو عبدالله الحسين بن عليّ بن الحسين بن محمّد بن عليّ الجعفري لقيه باصفهان في شعبان سنة (461 هـ)(45).

4 ـ الشريف أبو العلاء الحسين يعرف بشرف ابن عليّ بن طاهر بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن محمّد الأكبر بن الإمام موسى الكاظم(عليه السلام)، ذكر انّه ورد اصفهان في سنة (471 هـ) وهذا أعلى تاريخ ذكر في المنتقلة(46).

ومن هذه التواريخ يمكن أن يدّعى انّ المؤلّف كتب كتابه المنتقلة في القرن الخامس، بل يمكن أن يكون تأليفه له في تلك الفترة ولا تتجاوز العقد الثامن من ذلك القرن.

أمّا حياة المؤلّف فلا شكّ أ نّه بقي إلى أواخر العقد الثامن من القرن الخامس حيث وردت شهادته بخطّه في طومار مع خطوط جماعة من أعيان العلويين وغيرهم يشهدون بصحّة ما في الطومار، وفيه العهد المنسوب إلى الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) وقد أعطاه للموابذة وعشيرتهم، وقد ذكر المرحوم خاتمة المحدّثين الشيخ النوري في كتابه الكلمة الطيبة صورة العهد المذكور حيث رأى ذلك الطومار في سر من رأى في سنة تأليفه لكتابه الآنف الذكر، ورأى فيه تصديق جماعة الأشراف وغيرهم وشهاداتهم بصحّة ذلك العهد، وكان المؤلّف منهم، وإلى القارئ أسماءهم كما وردت في الكلمة الطيبة(47):

1 ـ رضا بن أبي الحسن بن عليّ بن طاهر الحسني.

2 ـ إبراهيم بن ناصر بن طباطبا النسّابة بخطّه باصبهان في ذي القعدة سنة تسع وسبعين وأربعمائة (وهو مؤلّفنا).

3 ـ محمّد بن... بن الحسين بن عليّ بن طاهر بن عليّ بن محمّد بن الحسين ابن القاسم بن محمّد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهما.

4 ـ الحسين بن عليّ بن الحسين الحسيني.

5 ـ عبّاد بن عليّ بن حمزة بن طباطبا.

6 ـ أحمد بن إسماعيل بن الحسين الحسيني اليزدي.

7 ـ عبّاد بن الحسين بن أحمد بن طباطبا.

8 ـ عليّ بن ناصر بن الحسين بن طباطبا.

9 ـ أبو عليّ بن محمّد بن حيدر الحسن الحسيني.

10 ـ حيدر بن حمزة بن الحسين العلوي الحسيني.

11 ـ هاشم بن محمّد بن أحمد بن طباطبا.

12 ـ محمّد بن هاشم بن محمّد بن طباطبا.

13 ـ أبو المناقب ابن أبي العبّاس بن طباطبا.

14 ـ السيّد بختيار بن أبي طاهر بن بختيار الحسيني.

15 ـ عليّ بن محمّد بن سعد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن... حمزة بن محمّد بن طاهر سنة تسع وسبعين وأربعمائة.

16 ـ حمزة بن ناصر بن أبي طاهر طباطبا الحسين.

17 ـ إسماعيل بن أحمد بن طباطبا في ذي القعدة سنة تسع وسبعين وأربعمائة.

18 ـ أحمد وعرمر ـ كذا ـ ابن أبي الحسن بن سراهنك.

19 ـ مرتضى بن الحسن العلوي.

20 ـ عليّ بن أبي طباطبا؟

21 ـ الفضل بن أبي الفتوح ابن أبي الفضل العلوي.

22 ـ الحسن بن أبي الفتوح ابن أبي الفضل العريضي.

23 ـ أبو طالب؟ ابن العلقمي.

24 ـ الحسين بن بختيار ابن أبي طاهر الحسيني.

وبناءاً على ذلك فيمكننا القول باستمرار حياة المؤلّف حتّى أواخر سنة (479 هـ) أمّا تجاوزها عن هذا التاريخ فلا يسعنا البت به، خصوصاً إذا لاحظنا عدم ذكره لشريف من أعلام الطالبيين ذائع الصيت (ت 480 هـ) وذلك هو الشريف المرتضى ذو الكنيتين محمّد بن محمّد بن زيد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن الحسين بن عليّ بن الحسن المكفوف بن الحسن الأفطس، فإنّ المؤلّف ذكر جدّ هذا الشريف الأعلى وهو أبو القاسم جعفر بن الحسين في بروجرد، ولم يذكر هذا الشريف في سمرقند حيث نزلها وقتل بها ظلماً سنة (480 هـ)، وكان هذا الشريف على جانب عظيم من العلم والشرف ونباهة الشأن فهو ممّن لا يغفل ذكره، فلو كان المؤلّف حياً في سنة (480 هـ) لذكره.

واحتمال انّ المؤلّف انتهى من تأليف كتابه المنتقلة في أوّل العقد الثامن أي في (471 هـ) كما في آخر تاريخ ورد في الكتاب ولم يلحق به بعد ذلك من جدّ ذكره بعيد، إذ مثل موضوعه لا يمكن استيفاؤه وختمه، وهجرة الطالبيين لم تنقطع وأخبار البعيدين عنه لم تزل ترد إليه، فمن البعيد أن يكون قد أنهى كتابه بالمرّة فهو وإن أشعر القرّاء بتمام كتابه في آخره إلاّ أ نّه لا مانع من الإلحاق به كلّ ما جدّ لديه.

أمّا البلاد الّتي طرقها فلم نقرأ في كتابه ذكر بلد دخله سوى الري فإنّه صرّح(48)انّه رأى الشريفين القاسم وأميركا ابني المرتضى في الري سنة (459 هـ)، ومن الطبيعي أ نّه وصل إلى قم وآبه وغيرهما من البلدان الّتي يمر بها المسافر من أصفهان إلى الري، ولكنّا لم نقرأ في كتابه التصريح بدخول بلد سوى الري.

أمّا مذهبه الّذي كان يدين به فإنّا لا نشك في تشيعه، ولكن تمام البحث يستدعي معرفة ما إذا كان إمامياً أو زيدياً، والّذي يظهر لنا من عدّة موارد من المنتقلة انّه كان زيدي المذهب، إذ كانت الزيدية هي السائدة حينئذ في غالب بلاد ايران الشيعية فمن الامارات الدالّة على زيديته ما ذكره في بغداد(49) من كتابه عند ذكر أولاد جعفر بن الإمام الهادي(عليه السلام) قال: لقبّه الإمامية بالكذّاب، وتعبيره يشعر بأ نّه من غير الإمامية.

ومنها اطراؤه لشيوخه وغيرهم من أئمّة الزيدية كزين الشرف الكيا فقد عبّر عنه بالإمام المرشد بالله، وهو لقب يلقبّه به الزيدية إذ كان من أئمّتهم، وكذلك عبّر عن شيخه الآخر بالإمام المستعين بالله وهو أيضاً من أئمّة الزيدية.

وكذا ما ذكره في وصف والد شيخه الكيا حيث عبّر عنه بالإمام الموفق بالله شمس الشرف وهو أيضاً من أئمّة الزيدية وبويع له بالإمامة بالديلم(50).

ومنها وصفه لمحمّد بن زيد الداعي الحسني بطبرستان بالإمام(51).

ومنها وصفه للقاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا بالإمام(52).

ومنها وصفه المتكرر المتكثر لزيد بن عليّ بن الحسين الشهيد صليب الكناسة بالإمام(53).

وأنت خبير انّ كلّ هؤلاء من أئمّة الزيدية ممّن يدين لهم الزيود بالطاعة، وهم لا يعبّرون عن غير أئمّتهم بالإمام إلاّ نادراً، فاقتصار المؤلّف في كتابه هذا على وصف هؤلاء السادة بالإمامة مع خلو كتابه عن تعظيم من سواهم من الأئمّة الطاهرين، بل حتّى عن ذكر أي أحد منهم بعنوان سكناه في بلد أو انتقاله إلى آخر، بل أغفل حتّى ذكر مشاهدهم ومراقدهم الّتي شرّفت بهم عدا ما ذكره في الكوفة فقد ذكر الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) وهو من الغرائب الّتي تبعث على العجب منه فما سبق يشعرنا بزيديته، ولا غضاضة عليه في ذلك إن كان معتقداً لذلك عن حجة ودليل.

وبعد هذا لا أراني بحاجة إلى مناقشة ما أرسله الأعلمي في كتابه: إنّه إمامي حسن(54).

أمّا آثاره العلمية فقد ذكر له النسّابون ثلاثة كتب في علم النسب وهي:

1 ـ ديوان الأنساب ومجمع الأسماء والألقاب: ذكره ابن فندق البيهقي في لباب الأنساب (نسخة مصورّة بمكتبة الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) العامة) في فصل علامات النسّابين قال: ط ب، علامة السيّد الإمام أبي إسماعيل إبراهيم بن ناصر وساق نسبه، مصنّف كتاب ديوان الأنساب ومجمع الأسماء والألقاب وهو قريب العهد إلينا.

وهذا الكتاب لم يذكره غير ابن فندق فهو الوحيد الّذي ذكره له.

2 ـ غاية المعقبين: ذكره له أبو طالب المروزي في كتابه الفخري(55) حيث ذكر أبا الحسن محمّد الشاعر المعروف بابن طباطبا فقال: وله أعقاب كثيرة منتشرة باصفهان منهم: السيّد العالم التقي النسّابة باصفهان صاحب كتاب غاية المعقبين المعروف بأبي إسماعيل الطباطبي، وهو إبراهيم بن ناصر بن إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن أبي الحسن محمّد الشاعر هذا، واُمّه أفطسية وله ولأخيه لاُمّه وأبيه حمزة أولاد،اهـ.

3 ـ منتقلة الطالبية: وهو كتابنا هذا، ولا بأس بالإشارة إلى الوجه الصحيح في قراءة هذا الاسم قبل الخوض في الحديث عن اسلوب الكتاب من الناحية الفنية والعلمية فنقول: إنّ المؤلّف لمّا ذكر في مقدّمة كتابه الباعث له على تصنيفه قال:

فصنّفت كتاباً ترجمته بكتاب (منتقلة الطالبية) وذكرت فيها ـ المنتقلة ـ أسماء البلدان وسائر المواضع الّتي وقعت إليها قبائل الطالبية شرقاً وغرباً واستوطنت بها...الخ.

فعلى هذا البيان يكون الوجه الصحيح في قراءة الاسم بفتح القاف (منتقَلَة الطالبية) والمراد بها البلدان الّتي انتقل إليها الطالبيون إذ كان الكتاب يجمع ذلك ومرتب على البلدان.

أمّا القراءة بالكسر ـ منتقلة الطالبية ـ وإن صحت في موارد يكون المراد بها الجماعات والقبائل من الطالبيين الّذي انتقلوا من بلد إلى آخر، ولكنّها ليست مراد المؤلّف فيما أرى.

وأيّاً ما كان فالأمر سهل في ذلك فانّ كتابنا يجمع الأمرين وعليه فتصح القراءة في اسمه بالوجهين.

ولنتحدّث الآن عن اسلوب الكتاب من الناحية الفنية والعلمية:

1 ـ الناحية الفنية: يعتبر الكتاب هو الأوّل من نوعه بين كتب الأنساب من ناحية ترتيبه ونهجه وتبويبه، كما يعتبر مؤلّفه أبو عذرة هذا الفن وفاتح بابه، إذ لم يعهد من النسّابين قبله من كتب بنحو هذا الأسلوب، بل كان ديدنهم في تسجيل الأنساب هو المألوف حتّى اليوم طريقة المشجر والمبسوط، وقد سبق تعريفهما.

أمّا التفنن في ذلك والتصنيف فيه بحسب البلدان الّتي نزلها الطالبيون فلم يعهد في المشرق ولا في المغرب من قبل مؤلّفنا أبي إسماعيل.

وما ذكر عن المستنصر بالله ابن الحكم الأموي (ت 366 هـ) ـ من المغرب ـ أ نّه ألّف كتاباً في أنساب الطالبيين والعلويين القادمين إلى المغرب، وقد نقل عنه المقرئ التلمساني(56).

وألّف كتاباً آخر نحو سابقه شاكلة، وإن اختلف عنه مادّة أسماه (الدرّ السني فيمن بفاس من أهل النسب الحسني).

أو ما ذكر عن عبدالسلام بن الطيّب الفاسي أنّ له كتاب (الإشراق في الشرفاء الواردين من العراق).

فإنّ أساليب كلّ تلك الكتب لا تشبه أسلوب المنتقلة، ولا تشاكلها من حيث الإحاطة والشمول، فبحقّ لو قلنا إنّ المنتقلة كتاب فريد في بابه من هذه الناحية.

وقد يلاحظ القارئ على مؤلّفنا بعض الهناة في التعبير كوضوح العجمة في لغته فيعتبر ذلك خللا في الناحية الفنية، فإنّ ذلك يسير جدّاً وقد لا يجده إلاّ في المقدّمة، ولم نستسغ إصلاحه محافظة على صورة الكتاب الّتي أخرجها المؤلّف في حينه، ونعذره في ذلك بعد أن عرفنا انّ الرجل كانت ولادته ونشأته في بلد عريق في الفارسية، وبها تلقى علومه وثقافته على أساتذة جلهم من أبناء تلك التربة، بل وحتّى الواردين إليها فهم مثله أثرت البيئة على لغتهم وثقافتهم.

فما ظن القارئ بمثل هكذا إنسان كيف يكون أسلوبه لو أراد أن يكتب بغير لغة بلده، وللبيئة الّتي تحوطه والعصر الّذي عاش فيه أكبر الأثر في تغيير اللهجة واللسان.

2 ـ الناحية العلمية: فالكتاب على عمومه مليئ بالتحقيقات في الأنساب ممّا يدلّ على تبحر المؤلّف في الفنّ وإحاطته بالموضوع، ومن الخيّر أن أدل القارئ على بعض الموارد الّتي تكشف عن تحقيقات المؤلّف:

ففي ص 27 (اصفهان) في نسب زيد الآبي.

وفي ص 28 (اصفهان) في نسب أبي الهيجاء.

وفي ص 29 (اصفهان) في أولاد معاوية بن عبدالله بن جعفر الطيّار.

وفي ص 30 (اصفهان) في نسب أولاد الحسن المكدي.

وفي ص 31 (اصفهان) في المنتسبين إلى عليّ العريضي.

وفي ص 62 (بغداد) في تكذيب دعوى صاحب الزنج.

وفي ص 77 (البصرة) في نسب الناصر علوي الروم.

وفي ص 118 (جرمغان) في نسب المدعى إلى زيد بن الحسن من ذرّية النفس الزكية.

وفي ص 155 (الري) في نسب الهارونيين.

وفي ص 157 (الري) في عقب السيّد عبدالعظيم الحسني.

وفي ص 159 (الري) في تكذيب مدعي نسب عليّ بن موسى الموسوي.

إلى غير ذلك ممّا يطول المقام بذكره، ومع تبحّر المؤلّف في فنّ النسب فقد سجّلنا عليه بعض الملاحظات الّتي لا يعذر في مثلها ممّا لم يظن أنّ مبعثه سهو القلم كما قد يعتذر عنه، وقد أشرنا إلى تلك الموارد في هوامش الكتاب، فراجع.

أمّا قيمته العلمية فقد كان يعد من اُصول الفنّ ومآخذ النسّابين، وقد اعتمده المتأخّرون عن مؤلّفه، ويجد القارئ النقل عنه في المشجر الكشّاف للعميدي وغيره من كتب النسب.

بل تداوله أهل الفنّ قراءة ورواية شأنهم في ذلك شأن أصحاب الفنون الاُخرى، وشأنه شأن سائر المراجع النسبية الموثوق بها. وإلى القارئ صورة رواية لبعض كتب النسب وغيرها سجلها نسّابة عريق في فنّه وهو السيّد أبو الفتوح جلال الدين حسن بن السيّد محيي الدين وعلاء الدين عبدالقادر بن جمال الدين جعفر بن شهاب الدين أحمد الداوودي الموسوي الحسيني الحسني، كتب بخطّه في آخرها:

(أمّا بعد: فإنّي قرأت المبسوطات السبعة في صغر سني سنة (960 هـ) على يد والدي وبركتي بإذنه وإجازته، وتعلمت الأدب وقرأت علم الأدب على يده لجدّي محمّد السمرقندي الهمداني ابن محمود بن محمّد الموسوي الحسيني، ثمّ تركني إلى قرية من قرى البولوي الكوجك الحميدي، وانتقل إلى زيارة المشهد المقدّس الغروي، وفي تاريخ خمس وستين انتقل والدنا المرحوم إلى بلد القونية القرماني.

وقرأت منه كتاب المجدي والمشجر والمنتقلة بإذنه وإجازته وروايته، وقرأت معه مسند عليّ الرضا من الحديث، وكتاب ذخيرة العقبى لمحب الدين الطبري ومنهاج البلاغة للرضي.

ثمّ انتقل إلى قصبة من أعمالها بسيدي شهري وقرأت فيها الشامي، وعمدة الطالب في مناقب أبي طالب، وعلمني اصطلاحات النقابة، وقال المرحوم: وأنا الحقير محيي الدين عليّ المسمّى بعبدالقادر أخذت علم النسب بقراءتي عن خليفة أبي جعفر بن إبراهيم الموسوي، وهو قرأ على والدي وبركتي جمال الدين جعفر النسّابة، وقابل مبسوطه معه سنة احدى عشر وتسعمائة بإذنه وإجازته، وهو قرأ على والده وبركته شهاب الدين أحمد بن محمّد بن عليّ بن الحسن المهنا الداوودي الموسوي إجازة ورواية عنه، وقابل معه تأليفه عمدة الطالب في مناقب أبي طالب؟ في تاريخ سنة (860 هـ) وهو قرأ عن النقيب تاج الدين محمّد بن معية الحسني، وهو عن شيخه السيّد علم الدين المرتضى ابن السيّد جلال الدين عبدالحميد الموسوي، وهو عن أبيه، عن جدّه السيّد جلال الدين عبدالحميد التقي الحسيني النسّابة، عن ابن كلثون العبّاسي النسّابة، عن جعفر بن هاشم العمري النسّابة).

وقد سجل النسّابة أبو الفتوح ذلك في آخر نسخة من كتاب عمدة الطالب تاريخها سنة (990 هـ) وتوجد في مكتبة داماد إبراهيم ـ سليمانية ـ برقم 385 في استانبول ـ تركيا.

ولا زال الكتاب المصدر الموثوق به، يرجع إليه من حصلت نسخته بيده ـ وما أقلهم ـ فإنّا لم نقف على كثرة بحثنا على من نقل عنه من المتأخّرين سوى الشيخ محمّد باقر الكجوري، فقد نقل عنه في كتابه جنّة النعيم ـ بالفارسية ـ حقلا كاملا، وذلك يتضمن الواردين إلى الري وأضاف إليه ما وجده في سائر الأبواب ممّن ورد الري فكان ما نقله عوناً لنا في سد بعض النقص الموجود في نسخة الأصل.

ووجدنا المرحوم الحجّة الشيخ عليّ كاشف الغطاء(رحمه الله) ذكر ذلك بعينه في الحصون المنيعة(57).

والمظنون قوياً انّه نقله عن جنّة النعيم إذ لم يصرّح بحصول نسخة المنتقلة له، وفي نقله ذلك الحقل بكامله حسب المنقول في جنّة النعيم ما يوحي بأخذه عن الجنّة.

وختاماً نسأل المولى جلّ اسمه أن يتقبّل منّا هذه الخدمة للأشراف من أهل البيت(عليهم السلام) خالصة لوجهه الكريم.

(وَآخِرُ دَعْوَانا أنِ الحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العَالَمِينَ)

محمّد مهدي السيّد حسن الموسوي الخرسان

النجف الأشرف

25 جمادى الاُولى سنة 1388 هـ

(1) هود: 80 .

(2) هود: 91.

(3) الجمهرة: 2.

(4) الأحكام السلطانية للماوردي: 4.

(5) الأحكام السلطانية لابن الفرّاء: 4.

(6) الجمهرة: 2.

(7) الشورى: 23.

(8) لاحظ كتاب الوقف: 20 طبع المعهد الفرنسي سنة 1949 م.

(9) السيّد أبو الحسن معصوم هو الجدّ الأعلى لكاتب المقدّمة وإليه ينتهي نسب السادة آل الخرسان في النجف الأشرف وغيرها قال عنه الشدقمي في التحفة: كان سيّداً شريفاً جليلا عظيم الشأن رفيع المنزلة، كان في المشهد الغروي كبيراً عظيماً ذا جاه وحشمة ورفعة وعزّ واحترام عليه سكينة ووقار، ثمّ نقل قصّة رؤياه الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) في شأن طلائع بن رزيك وبشارته له بتوليته مصر، وإليها يعزى سبب اختصاص بني السيّد معصوم بقيراط من وقف ناحية بلقيس.

(10) وقد ألّف ابن عابدين رسالة في ذلك تسمّى (العلم الظاهر في نفع النسب الطاهر) ذكر فيها من السنّة ما يدلّ على المطلوب. عن هامش الصواعق لابن حجر.

كما أنّ القاسمي ألّف رسالة شرف الأسباط، وذكر فيها الأدلّة على شرف النسب النبوي وشمول البنوة والذرّية لأولاد البنات وأعقابهم وأحفادهم وأسباطهم، وتوسّع في ذلك وذكر فتاوى العلماء في باب الوقف بأنّ الذرّية والعقب والنسل والبنين والأولاد تتناول أولاد البنات، ولا تخلو هذه التوسعة من مناقشة ليس هذا محل ذكرها.

وجاء في تاريخ الإسحاقي: 41 ذكر عن الشيخ شهاب الدين الرملي وكان شيخ الإسلام بمصر: إنّ الشرف مختص بذرّية الحسنين(عليهما السلام) فقال: (مسألة) مفيدة سئل عنها مولانا شيخ الإسلام الشيخ شهاب الدين أحمد الرملي الشافعي تغمده الله برحمته وهي هل يقال لمن هو من ذرية العباس سيّد وشريف؟ وهل له تعليق علامة الشرف أم لا؟ أجاب: ليس الاُمور المذكورة لأحد من أولاد العباس ولا لأحد من أقاربه وأولاد بناته إلاّ لأولاد سيدتنا فاطمة رضي الله عنها، فالشرف مختص بأولادها الحسن والحسين ومحسن، فأمّا محسن فمات صغيراً في حياة النبيّ(صلى الله عليه وسلم) والعقب للحسن والحسين رضي الله عنهما... إلى آخر المسألة وفيها فوائد كثيرة وهي طويلة.

(11) شرح نهج البلاغة للمعتزلي 15: 182 ط محققة من كتاب له إلى معاوية جواباً برقم 28.

(12) المحاسن والمساوي للبيهقي: 62 تحـ النحساني بمصر سنة 1325 هـ .

(13) مقتل الخوارزمي 2: 69.

(14) شعر الحِمّاني جمع محمّد مهدي الخرسان.

(15) نفس المصدر.

(16) ديوان الشريف الرضي: 145 ط نخبة الأخبار سنة 1306 هـ .

(17) أُنظر عيون أخبار الرضا(عليه السلام) 1: 228 طبع قم.

(18) أُنظر عيون أخبار الرضا(عليه السلام) 2: 51.

(19) الحجرات: 13.

(20) المؤمنون: 101.

(21) إلى هنا إنتهى ما نقلته من مقدّمة النسب الأصيلي (نسخة مصورّة بمكتبتي الخاصّة) والّذي دعاني إلى ذلك انّي أحببت أن ألفت نظر القارئ إلى مقارنة ما نقلته مع مقدّمة الكتاب المطبوع باسم (غاية الإختصار)، المنسوب غلطاً لتاج الدين ابن محمّد بن حمزة بن زهرة، فإنّها بعينها حيث اتضح لديَّ انّ الكتاب المطبوع باسم غاية الإختصار، هو جزء ممسوخ من النسب الأصيلي، اختلسه ناشره أبو الهدى الصيادي الرفاعي من النسب المذكور، وشاء الله أن يفضحه، بأن أطلعني على مصور نفس النسخة الّتي سطا عليها ذلك الأثيم، وانّها بخطّ تاج الدين المذكور، وقد كتبها في المشهد الرضوي في يوم الاثنين رابع عشر شهر الله المحرّم الحرام سنة ستّة وتسعمائة، ولي بحث استوفيت فيه عرض النسب الأصيلي، مع مقارنة ما سرق منه في كتاب الغاية، ودللت بعد ذلك العرض على أنّ الغاية هي جزء ممسوخ من النسب الأصيلي، وهو بحث مفصّل عسى أن اُوفق لنشره لإفادة الباحثين.

(22) نفح الطيب 6: 44، تاج العروس 1: 318.

(23) تاريخ بغداد 6: 54.

(24) كما في مقاتل الطالبيين: 199.

(25) هدية آل عبا: 20.

(26) الكواكب السيّارة: 47 ـ 48.

(27) مقاتل الطالبيين: 446 و456.

(28) الكواكب السيّارة: 59.

(29) الكواكب السيّارة: 59.

(30) مقدّمة رجال السيّد بحر العلوم 1: 16 هامش رقم 1.

(31) العمدة: 162.

(32) مقدّمة رجال السيّد بحر العلوم 1: 16 هامش رقم 2.

(33) المنتقلة: 266.

(34) مقدّمة رجال السيّد بحر العلوم 1: 16 هامش رقم 1.

(35) العمدة: 162.

(36) المنتقلة: 20.

(37) المصدر نفسه: 266.

(38) الفخري: 60 .

(39) لقد ذكر أبو طالب المروزي في كتابه الفخري: 60 انّ له ولد ولأخيه لاُمّه وأبيه حمزة أولاد، كما ذكر إنّ اُمّهما أفطسية.

(40) المنتقلة: 27.

(41) راجع المنتقلة: 39 و209.

(42) المنتقلة: 24.

(43) ذكره في المنتقلة: 45.

(44) المنتقلة: 153.

(45) المنتقلة: 345.

(46) المنتقلة: 23.

(47) الكلمة الطيبة: 38 ـ 39 طبع الهند.

(48) المنتقلة: 153.

(49)المنتقلة : 57.

(50) راجع المنتقلة: 156.

(51) راجع المنتقلة:197.

(52) راجع المنتقلة: 149 و188 و206 و292 وغيرها.

(53) راجع المنتقلة: 14 و26 و48 و115 و162 و163 و273 وغيرها.

(54) دائرة المعارف 2: 380.

(55) الفخري: 60.

(56) نفح الطيب 4: 60.

(57) الحصون المنيعة 5: 583 و589 ـ 590 (مخطوط).