المبحث الثاني
الطبيعة الفقهية للعتبة
ورد في النصوص القطعية ـ الكتاب والسنة ـ على أن الله سبحانه وتعالى أكرم محمداً (ص) وأهل بيته (ع)، وأذن في أن ترفع بيوتهم وجعلها بمثابة بيوت الأنبياء، وجعل حرمة تلك البيوت دائمة سواء هم أحياء أم أموات. بمقتضى تلك النصوص، فما هي الطبيعة الفقهية لمراقدهم وبيوتهم والتي ينبغي لزائرهم أن يرعاها ويعمل وفق أحكامها ؟ ولبيان هذا الأمر نسلط الضوء على مطلبين :
■ المطلب الأول: الإلحاق بالمسجدية :
لما كانت الطبيعة الفقهية: هي المجال المبحوث في أبواب الفقه، بحيث تكون العتبة ضمن أحكام ذلك المجال، ومن ذلك مثلاً ما يراه العلماء من اشتمال المساجد على أحكام تكليفية مثل وجوب احترامها وعدم هتكها واستحباب المشي إليها ودخولها على طهارة والصلاة فيها وحرمة مكث الجنب والحائض وكراهة البيع والشراء وغيرها من الأحكام(32).
وعليه هل أن مراقدهم وعتباتهم المشرفة على ما هي عليه اليوم مساجد بحيث يكون لها أحكام المساجد من حيث الطهارة، وثواب الصلاة والاعتكاف وغير ذلك من الأمور العبادية والسلوكية ؟ أم أن طبيعتها أماكن مقدسة ولكن ليست بمسجد؟
استدل الفقهاء حول الطبيعة الفقهية للمشاهد المشرفة على أن المشاهد مساجد وذلك لجريان الأمور الآتية :
الأمر الأول: حرمة مكوث الجنب أو دخوله إلى بيوت الأنبياء والأئمة (ع).
الأمر الثاني:حرمة تنجيس المشاهد ووجوب إزالة النجاسة عنها، كما هو الحال في المساجد.
الأمر الثالث: حرمة دخول الكفار للمسجد الحرام .
باعتبار أن هذه الأحكام وغيرها مما تجب مراعاتها في المسجد فهل هي حقاً متوفرة أيضاً في المشاهد فيؤهلها ذلك على أرجحية تلك الطبيعة الفقهية أم لا ؟
للفقهاء في كل أمر من الأمور المتقدمة أقوال، نعرض لها إن شاء الله في الأمرين الأولين باعتبار أن لهما المساحة الواسعة للنقاش في الادله، ونؤجل الكلام في الأمر الثالث إلى فقه التصرفات الشخصية في الفصل الرابع وذلك لاختلاف الفقهاء في تحديد مصداق الكافر ومصداق الطهارة وغيرها.
وعن الطبيعة المسجدية للمشاهد المشرفة، لم تكشف لنا النصوص الروائية نصاً صريحاً على أن مراقدهم مساجد، ولكن لو استعرضنا أدلة القول بان الطبيعة الفقهية للمشاهد المشرفة هي المسجدية أو عدمها لرأينا الفقهاء يستدلون بعدد من الأدلة يلحقون بواسطتها المشاهد أو العتبات بالمساجد . فلغرض الإلحاق استوجب الوقوف على أمور :
الأمر الأول: أقوال الفقهاء حول إلحاق المشاهد المشرفة بالمساجد أو عدمه ؟
الأمر الثاني: في نوعية الإلحاق هل على نحو الكراهة أو الحرمة ؟
الأمر الثالث: هل نوعية الحكم متحقق في الدخول ولو اجتيازاً أو اللبث (المكث المعتبر عرفاً) .
الأمر الرابع: ويشتمل على فرعين :
الفرع الأول: شمول الحكم للجنب والحائض ؟ باعتبار أن الأول إرادي غالباً، والثاني أمر بايولوجي قهري .
والفرع الثاني: شمول الحكم للعتبة جميعا بما فيها الرواق والصحن الشريف، أم يختص الأمر بالنطاق الضيق القدر المتيقن وهو خصوص الأرض التي يرقد بها الإمام (ع)(الروضة) .
وقبل الدخول في بيان أحكام المداخل المتقدمة نعرض لأدلة الفقهاء على أن الطبيعة الفقهية للمشاهد المشرفة مساجد :
أدلة الإلحاق :
اولاً: الأدلة الروائية .
عقد الحر العاملي في وسائله باباً بعنوان كراهة دخول الجنب بيوت النبي (ص) والأئمة (ع) نقلاً عن بصائر الدرجات للصفار، والإرشاد للمفيد، وكشف الغمة للاربلي وكتاب الرجال للكشي، وغيرها من الروايات التي وردت في أبواب متفرقة .
الأولى: صحيحة الصفار في بصائر الدرجات ، قال: خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد الله (ع)، فلحقنا أبو بصير خارجاً من زقاق وهو جنب، ونحن لا نعلم حتى دخلنا على أبي عبد الله (ع)، قال: فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال: «يا أبا محمد أما تعلم أنه لا ينبغي لجنب أن يدخل بيوت الأنبياء ؟ قال: فرجع أبو بصير ودخلنا»(33).
ومقتضى الرواية منع الجنب من دخول هذه الأماكن مما يستفاد منها إلحاقها بالمسجدية ولفظة (لاينبغي) لفظ مشترك بين مقتضى الحرمة ومقتضى الكراهة المغلظة.
الثانية: رواية الشيخ المفيد عن أبي بصير في الإرشاد: محمد بن محمد بن النعمان المفيد (في الإرشاد) عن أبي بصير قال: دخلت المدينة، وكانت معي جويرية لي، فأصبت منها ثم خرجت إلى الحمام فلقيت أصحابنا الشيعة متوجهين إلى أبي عبد الله (ع)، فخفت أن يسبقوني ويفوتني الدخول إليه، فمشيت معهم حتى دخلت الدار، فلما مثلتُ بين يدي أبي عبد الله (ع) نظر اليَّ ثم قال: «يا أبا بصير أما علمت أن بيوت الأنبياء وأولاد الأنبياء لا يدخلها الجنب ؟» فاستحييت، فقلت له: يا بن رسول الله، إني لقيت أصحابنا فخشيت أن يفوتني الدخول معهم، ولن أعود إلى مثلها وخرجت(34).
وفي هذه الرواية إضافتان الأولى: تسرية الأمر إلى أولاد الأنبياء، والثانية: إن النهي فيها أكثر صراحة، إذ وردت (لا) الخبرية لفظا، الإنشائية معنىً، وهي أكثر دلالة على الحرمة، التي يدل عليها أيضاً قوله (لن أعود إليها) فإقرار المعصوم على التعهد المؤبد يدل على إرادته الحرمة .
الثالثة: صحيحة علي بن عيسى في كشف الغمة، قال: دخلت على أبي عبدالله(ع) وأنا أريد أن يعطيني من دلالة الإمامة مثل ما أعطاني أبو جعفر (ع)، فلما دخلت وكنت جنباً فقال: «يا أبا محمد ما كان ذلك فيما كنت فيه شغل، تدخل عليَّ وأنت جنب» فقلت: ما عملته إلا عمداً قال: «أولم تؤمن» قلت: بلى، ولكن ليطمئن قلبي، قال: «قم فاغتسل» فقمت واغتسلت وصرت إلى مجلسي وقلت عند ذلك إنه إمام» (35). وفي الرواية دلالة متينة على النهي للتقريع، والأمر بالضد .
الرابعة: رواية جابر الجعفي في الخرائج، عن علي بن الحسين H أنه قال: «أقبل أعرابي إلى المدينة فلما قرب المدينة خضخض ودخل على الحسين (ع) وهو جنب فقال له: يا أعرابي أما تستحي الله تدخل إلى أمامك وأنت جنب ...» (36). وبضم هذه الرواية لسابقاتها يمكن استفادة النهي المقتضي للتحريم .
الخامسة: رواية الكشي عن رجل عن بكير، قال: «لقيت أبا بصير المرادي فقال: أين تريد ؟
قلت: أريد مولاك. قال: أنا أتبعك فمضى فدخلنا عليه وأحد النظر إليه وقال: هكذا تدخل بيوت الأنبياء وأنت جنب ؟ فقال: أعوذ بالله من غضب الله وغضبك، وقال: استغفر الله ولا أعود» (37).
السادسة: المرسلة التي ذكرها ابن أبي عمير، الدالة على أن سبب صيرورة بعض البقاع مسجداً أنه قد أصابها شيء من دم نبي أو وصي نبي، فأحب الله أن يعبد في تلك البقعة(38). وهي تدل بالأولوية أن جسد الإمام (ع) علة تامة لاعتبارها مما احب الله أن يعبد في مشاهدهم .
السابعة: مرسلة صاحب الجواهر (ره) في كتاب الديات قولهم (ع): «إن بيوتنا في الأرض مساجد» (39).
والخلاصة المستفادة من هذه الروايات :
1 ـ إن بيوت الأنبياء والأوصياء والأئمة الطاهرين أحياء كانوا أو أموات (لاستمرار حرمتهم) تمنع المرويات دخول الجنب إليها واغلب المستفاد من المنع الحرمة .
2 ـ إن المروي أن الله يحب أن يعبد في بقعة أصابها شيء من دم نبي أو وصي. جعلها من الأماكن المجعولة لها قداسة المسجد، فتأخذ أحكامها بالجعل والتعدية، على موجب النص، ناهيك عن تصريح المرسلة الأخيرة في هذا الشأن .
ثانياً: الأدلة المبنائية(40) وتكمن في وجوه:
الوجه الأول :إن المشاهد المشرفة من الشعائر والحرمات وقد حث القرآن الكريم على تعظيم تلك الشعائر بقوله تعالى: ((وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ))(41)، وقوله ((وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله... ))(42).
الوجه الثاني: فحوى الحكم في المسجد ، وذلك من حيث أن شرافة المسجد وقدسيته متعلقة بالمكان من جهة كونه محلاً للعبادة والتقرب إلى الله، وروح هذه العبادة متحققة في المشاهد المشرفة على وجه أتم(43).
الوجه الثالث: الارتكاز العرفي، ويلاحظ فيه من حيث أن الإمامية ينزلونها منزلة المساجد، وهذا المرتكز كان فيهم توارثوه خلفاً عن سلف(44). بحيث اعتبر من السيرة المعتبرة التي لا يتصور اعتيادها بلا دليل شرعي ..
الوجه الرابع: تنقيح المناط(45) الدال على ما ذكره الفقهاء من حرمة تنجيس المساجد ووجوب الإزالة بعد التنجيس، فهي ثابتة أيضا للمشاهد للأولوية والاشرفية وذلك من خلال :
اولاً: إنها أماكن عبادة، وهذه الشأنية كافية في ذلك الوجوب .
ثانياً: الإضافة التكوينية الإشرافية، حيث أن المشاهد المشرفة باعتبارها قبوراً لهم فهي مضافة إليهم تكويناً، وهم مضافون إلى الله سبحانه وتعالى، وبذلك ينطبق عليهم بالإضافة عنوان شعائر الله عنوان الأولوية، فلا داعي بعد ذ لك إلى جعل أو دليل أو نص .
ثالثاً: ربما يستدل بعدم الإلحاق لعدم وجود النص، ولكن يمكن مناقشته بطريقين :
الطريق الأول: إن عدمه لأجل وجود المانع وهو احتمال غلو الناس، لا لعدم وجود المقتضي(46). الطريق الثاني: إن المشاهد المشرفة إما ملك للإمام وقفت لكي يزار فيها، أو أوقف للمسلمين لكي تكون مزاراً لهم، ولوحظ في كلا الجهتين النظافة والطهارة فيحرم التصرف فيها على خلاف الجهة الموقوف لأجلها(47).
هذه أهم الأدلة التي يمكن القول من خلالها إلحاق المشاهد المشرفة أو العتبات المقدسة بالمساجد، وقبل مناقشة هذه الأدلة نعرض لأقوال الفقهاء من خلال :
الأمر الأول: أقوال الفقهاء حول إلحاق المشاهد المشرفة بالمساجد أو عدمه .
ومع تلك الأدلة المذكورة اختلف الفقهاء في الطبيعة الفقهية للعتبات بأنها مساجد أم لا على قولين :
القول الأول: عدم إلحاقها بالمساجد. فقد ذهب جملة من فقهائنا إلى ردّ هذه الأدلة وعدم الأخذ بها، إما من جهة الروايات أنها مرسلة أو ضعيفة، أو من جهة عدم دلالتها على المطلوب كما سيمر علينا خلال مناقشتها، أو عدم قوة بقية الأدلة الدالة على الإلحاق.
وحكى النراقي (ره) هذا القول عن جماعة «ولا تلحق بالمساجد الضرائح المقدسة والمشاهد المشرفة والمواقف الكريمة، كمشعر ومنى وفاقاً للأكثر وللأصل»(48). وهو عدم الدليل، بل يستدل له بان أولادهم ومواليهم كانوا يدخلون بيوتهم في حال الجنابة أو الحيض فما يجري عليهم يجري على الناس .
وتوقف السبزواري (ره) في ذخيرة المعاد والعاملي (ره) في المدارك فقالا: «وللتوقف فيه مجال»(49) واعتبر صاحب المستمسك (ره) «إن التوقف من باب الاحتياط» (50).
القول الثاني: إلحاقها بالمساجد. استحسن الشهيدان الأول والثاني ما ألحقه الشيخ المفيد وابن الجنيد في إلحاق المشاهد المشرفة بالمساجد، قالوا وهو حسن لتحقق معنى المسجدية فيها وزيادة، بل الأمر في المشاهد أغلظ، لتأديتها فائدة المسجد زيادة على شرف المدفون فيها(51).
وقد مال إلى هذا الإلحاق فقهاؤنا المتأخرون وسترد تفصيلات أقوالهم من خلال الأمر الثاني.
الأمر الثاني: في نوعية الإلحاق، هل على نحو الحرمة أو الكراهة ؟
اختلف الفقهاء في ذلك الإلحاق وأن الاختلاف هل هو من جهة الاستحسان أو مقتضى النص؟ وهل هو على نحو الكراهة أم الحرمة ؟ وذلك من خلال مناقشتهم:
اولاً: مناقشة الأدلة الروائية :
وذلك في معرض مناقشتهم لروايات منع دخول الجنب بيوت الأنبياء والأئمة (ع) ودلالتها على أي من الحكمين، وسأتعرض فيما يلي إجمالا لأقوال الفقهاء :
أولاً: القول بالحرمة:
ذهب بعض الفقهاء(52)، ومن خلال الروايات المتقدمة إلى إفادتها ودلالة ظهورها على الحرمة، وذلك من خلال :
اولاً: صحة بعض الروايات كما في صحيحة الصفار وصحيحة الحميري ـ اللتين وُثّقَ طريق سندهما ـ فقد دلت هاتان الصحيحتان على حرمة دخول الجنب المشاهد، إذ لا فرق بين أحيائهم وأمواتهم .
ثانياً: استفاد الشيخ الأعظم (ره)(53) من دلالة بعض الأخبار على أن الطبيعة الفقهية لمشاهدهم المشرفة هي عنوان المسجدية كما في رواية ابن أبي عمير، لصيرورة بعض البقاع مسجداً، لمجرد انه قد أصابها شيء من دم نبي أو وصي نبي فأحب الله أن يعبد في تلك البقعة. وتلك البقاع متحقق فيها هذا العنوان وزيادة .
ثالثاً: ما تضمنته رواية الشيخ المفيد (ره) عن أبي بصير من (لن أعود لمثلها) دلت على الحرمة من جهة أنه بمجرد معرفته بالحكم خرج من بيت الإمام (ع) لان الفور لازمه النهي وليس فيه فسحة للتراخي .
رابعاً: يمكن أن يقال بأنّ الظاهر من الروايات عدم صدور هذا الفعل من أبي بصير إلا مرتين مرة عن عمد للاختبار، حتى يطمئن قلبه بأن إمامه هو حقاً مَنْ انيطت به الإمامة كما في رواية الحميري، والأخرى مخالفة الدخول كما في رواية المفيد، وحيث أن الإمام (ع) في المرة الأولى نهاه بعنوان (لا ينبغي) فحسب أبو بصير أنها دالة على الكراهة، ولكن تعريضه بالمرة الثانية، ونهي الإمام (ع) له رفع ذلك الحكم الدال على الكراهة بنظره إلى الحرمة.
خامساً: إن لفظ ( لا ينبغي) عند بعض الفقهاء تدل على الكراهة ولكن لها معان متعددة منها بمعنى (لا يتيسر، ولا يتمكن) وحيث أنه متمكن تكويناً، فتكون ظاهرة في معنى عدم التمكن شرعاً وتشريعاً وهي معنى الحرمة(54).
سادساً: إن حمل روايات دخول الجنب إلى بيوتهم على الكراهة على اعتبار وجود أزواجهم وأولادهم وحواريهم وخدمهم فيها يجنبون ويحتلمون لا يصح استدلالاً، إذ تبقى الحرمة قائمة لغير أهل الدار ربما ومنهم الخدم(55).
سابعاً: ظاهر الأخبار المتقدمة والناهية عن دخول الجنب في بيوتهم لا فرق فيها ان حرمتهم امواتاً كحرمتهم احياءً(56). لأن الحرمة والقداسة ثابتة لهم بالنص ومن تلك الموارد ما ورد عن ابي جعفر (ع) في حديث وفاة الحسن (ع) ودفنه «إن الله حرم من المؤمنين امواتاً ما حرَّم منهم أحياء» (57) .
مناقشة القول بالحرمة :
ويمكن مناقشة هذا القول بان الروايات الناهية عن دخول الجنب على الإمام(ع) أو بيوت الأنبياء أو غضبه وان كانت ظاهرة في الحرمة ولكن تلك الروايات لا تؤسس حكما من جهة الإرسال كما تقدم ما عدا صحيحتي الصفار والحميري وهما غير تامتين من حيث الدلالة. وللوقوف على جميع الروايات بغض النظر عن صحة سندها يمكن مناقشتها من حيث الدلالة:
اولاً: رواية الكشي فإنها لا تدل على الحرمة من جهة عدم مبادرة أبي بصير الداخل وهو جنب إلى الخروج من البيت فور إبلاغه بعدم الصحة(58) .
ثانياً: إن رواية الجعفي الدالة على تأنيب الإمام الحسين (ع) بقوله: (ألا تستحي) فإنها ناظرة لجهة ارتكابه الفعل المحرم (خضخض) منعه من الدخول، لا أن نظره الشريف كان إلى جهة حرمة دخول مطلق الجنب وإنما للفعل المحرم(59).
ثالثاً: لا يمكن الاستناد على ما استفاده الشيخ الأنصاري (ره) من مرسلة ابن عمير في إعطاء الطبيعة الفقهية للعتبات على أنها مسجد من جهة أن تلك البقاع التي أصابها دم نبي أو وصي قد صيّرت مسجداً، وذلك لان الرواية تحكي عن «بيان السبب التكويني للمسجد وليس إلى ملاك تشريع أحكامها، ولذا يجوز للجنب المكث في الأرض التي يعلم بأنها ستوقف مسجداً» (60).
رابعاً: الروايات الدالة على أن بيوتهم مساجد كما في مرسلة صاحب الجواهر لاتدل إلا على أن بيت بدن الإمام هو لحده وقبره لا المشهد المشيّد حوله، مضافا إلى عدم ترتب أحكام البيوت عليها، كوجوب الاستئذان والقيام بالتصرفات داخل المشهد .
خامساً: إن لفظ (لا ينبغي) وان كان له معنى تكويني فيحمل على الحرمة إلا أن المراد به في هذا المورد غير ذلك لاعتبارات منها :
الاعتبار الأول: إن الإمام في مقام الإعجاز والإخبار عن أمر واقعي، ولم يكن بصدد بيان الحرمة أو الحلية فقوله (لا ينبغي) لا يناسب أدنى مراتب الكراهة فضلاً عن الكراهة أو الحرمة .
الاعتبار الثاني: إن المراد من روايات الدخول إلى بيوت الأنبياء وأولادهم من الأئمة (ع) عامة و الصحيحتين خاصة، هو البيت بعنوان الإضافة الظرفية لوجودهم فعلا، لا الإضافة الملكية، فمشاهدهم المشرفة، لا يقال أنها بيت فيه الإمام، بل هي بيت دفن فيه الإمام وعلى هذا لو كان للإمام بيت واستأجره أحد، هل يمكن منع المستأجر من الدخول من جهة أنها بيت الإمام (ع) مثلا(61).
وتناقش هذه الافتراضية بان الأمر متعلق بوجود الإمام في البقعة حياً أو ميتاً فحينما ينعدم وجوده ينزل تواجده المؤقت فيه منزلة الوجود الدائم .
وعلى هذا تكون جميع روايات الإلحاق قاصرة الدلالة، وتوصف بعدم نهوضها في تقرير الطبيعة الفقهية لمشاهد الأئمة (ع) بأنها مساجد، مما جعل الفقهاء يترددون في منح المشاهد تلك الطبيعة ودليلهم أن هذا الحكم ـ دخول الجنب ـ مختص بالمسجد، ولعل للمسجد خاصية لا تعمم على غيره ولا يمكن تعميمها على الرغم من ارجحية حرم الأئمة (ع) .
ثانياً: القول بالكراهة:
ذهب بعض الفقهاء(62) إلى أن الروايات السابقة لا تفيد الحرمة ولذلك لا يمكن التعامل مع النهي الوارد فيها إلا على نحو الكراهة واستدل لهذا القول بضعف الروايات من جهتين .
الجهة الأولى: من حيث السند، فإنّ روايات المفيد في الإرشاد وجابر الجعفي في الخرائج والاربلي في كشف الغمة والكشي في رجاله وابن أبي عمير وصاحب الجواهر كلهن مراسيل(63).
وهذا وحده يطرحها عن الإسناد، وان كان الأصحاب في ظاهر كلامهم قبول مراسيل ابن أبي عمير والسكون إليها، لحسن الظن به وانه لا يرسل إلا عن ثقة ولكن دون إثباته خرط القتاد(64) إلى جانب موقف آخر للمنع عن الأخذ بها وذلك لان في رجاله من طعن الأصحاب فيه، فإذا أرسل احتمل أن يكون فيها احدهم(65).
الجهة الثانية: إن هذه الروايات وغيرهن يمكن مناقشتهن من جهة الدلالة بعدّة أُمور :
اولاً: ذهب فقهاء كثر إلى أن لفظة (لا ينبغي) ظاهرة في الكراهة كما هو معروف عند الفقهاء فعدم دلالتها على الحرمة في غاية الوضوح(66)، على مبناهم.
والحق انه لفظ مشترك يحدد مراده السياق إلا إذا ادعي استقراء اللفظ في لسان الروايات فأنتج دلالتها على الكراهة .
ثانيا: إن صدور الفعل من أبي بصير إما أن يكون مرتين أو تكرر ذلك الفعل، وفي الحالتين يستظهر أن النهي للكراهة وإلا لو كان للحرمة لما عاد إليه أبدا. وهذا النقد ظني إذ قد روى أبو بصير الحادثة الواحدة مرتين أو حدث بها أكثر من شخص، قال المحقق الهمداني (ره) :
«ومع ذلك قالوا فلو فهم من النهي في الواقعة الأولى الحرمة لما عاد إلى مثلها أبدا، بل مقتضى إطلاقه في الواقعة التي صدرت للاختبار، كونه عالماً بمرجوحية الفعل، وإنما صدر منه عمداً تحصيلاً لاطمئنان القلب الذي لا يحصل إلا بالمشاهدة، فلو علم حرمة الدخول في البيت لاختبره بشيء آخر مما يجوز له ارتكابه، ولأمره الإمام (ع) بالتوبة كما أمره بالغسل» (67).
ثالثاً: إن رواية الحميري عن أبي بصير في تعمد الدخول على الإمام (ع) ليعرف إمامته، صريحة في اطمئنان القلب فهي ناظره إلى هذه الجهة، ومن البعيد جداً تعمده إلى الحرام(68).
رابعاً: عدم مبادرة أبي بصير الداخل وهو جنب إلى الخروج كما في مرسلة بكير، بل اكتفى بالاستغفار، ووعد بعدم العود مرة ثانية(69) دليل على الكراهة .
خامساً: إن تعليل غضب الإمام (ع) على أبي بصير لكراهة الفعل، ومنافاة المرتبة التي يتمتع بها أبو بصير، الذي لا ينبغي أن يصدر منه ما ينافي الأدب باعتبار مقام الأبرار .
سادساً: القطع بأنه لم يزل يبيت الجنب والحائض من أهل بيتهم ومواليهم والواردين عليهم في بيوتهم، ولم يكن يكلفونهم بالخروج أو المبادرة إلى الغسل أو التيمم، وإلا لشاع الحكم إلى مواليهم، وصارت معروفة منذ زمن النبي (ص) وحتى عصر الإمام الصادق (ع) من ضروريات الدين، فكيف والحال هذا يختفي على أبي بصير الذي لم يزل يتردد عليهم(70).
وعليه ومن خلال هذه المناقشات للأدلة من جهة الدلالة وضعف السند بالإرسال حمل الفقهاء الحكم على الكراهة. والى ذلك أشار النراقي بعد الجواب عنها بالضعف وغيره :
«يجاب عنها بضعفها، وعدم دلالتها على الحرمة، مع ان في بيوتهم غالباً من لايخلو عن جنابة أو حيض أو نفاس. نعم، لا شك في الكراهة، لما مر» (71).
وذهب صاحب الجواهر (ره) إلى عدم دلالتها حتى على الكراهة وذلك لان «اشتمال بعضها على لفظ (لا ينبغي) ليس صريحاً في الكراهة، على انه قد يكون قال له الإمام (ع) لا ينبغي، لان دخوله كان لتعلم العلم ونحوه من غير مكث» (72).
والمستفاد ـ كما أظن ـ أنهم حملوا النهي على التنزيه والإرشاد إلى معالي الأفعال.
ثانياً: مناقشة الأدلة المبنائية :
أولا: إن وجه التعظيم والشعائر من أقوى الأدلة التي يتمسك به القائلون بحرمة الدخول أو المكث، ولكن هل أن التعظيم واجب أو غير واجب ؟ فقد تقدم في الفصل التمهيدي أن متعلق الحكم لتعظيم الشعائر أن الدرجة اللازمة منه هو حرمة الهتك والاهانة أو وجوب التعظيم بدرجة لا يلزم منها الابتذال والهتك أيضا (فالتعظيم بماله من المراتب المختلفة مما لا دليل على وجوبه)(73).
فلما كانت مراتب التعظيم متعددة يستكشف بأنه لا دليل على الوجوب بقدر ما هو مستحب.
ثانياً: القول بان روح المسجد متحققة في مكان المشاهد من جهة شرا فتها وكونها محلاً للتقرب إلى الله سبحانه بالعبادة، وهو حاصل في المساجد أيضاً هذا الكلام إنما يتم لو كان الكلام عن غايات المسجد، ولكن الكلام عن عنوان الطبيعة الفقهية التي تدور مدار المسجد لأن «الحكم معلق في ظواهر الأدلة بعنوان المسجدية، لا بمعناها فمن المحتمل أن لا يكون مجرد شرافة المكان وأفضلية الصلاة فيه مناطاً للحكم حتى يدعى الاشتراك» (74). فالتسرية إذن مما تحتاج إلى دليل ولا دليل في المقام .
ثالثاً: أما الارتكاز العرفي عند الإمامية في تنزيل المشاهد المشرفة منزلة المساجد بل أرقى وأشد في المنع، فلا يكشف عن سريان جميع أحكام المساجد إلى المشاهد، وكيف يصلح هذا المرتكز لإثبات حكم شرعي كهذا.
رابعاً: وأما أدلة تنقيح المناط من حيث حرمة إدخال مطلق النجاسات إلى المساجد، فمناقشتها من عدة وجوه :
الوجه الأول: إنها وان كانت أماكن عبادة ومشرّفة، وإنها من المشاعر المستلزمة لتعظيم الشعائر إلا انه تقدم أن للتعظيم مراتب أدناها عدم جواز الهتك، وحيث لاهتك، فالإلحاق يبقى من دون دليل .
الوجه الثاني: إن غلو الناس في جواز حرمة التنجيس لا قائل به، وهل تعد نظافة المكان لغرض التعبد به، وإزالة المنفرات عنه غلواً .
الوجه الثالث: إن الإلحاق إما بكون المشهد ملكاً للإمام أوقفه أو وقفا للمسلمين فلا يتم، فتكون جهة الإلحاق من حيث هو:
(1) وقف متضمن لشروط معينة منها وجوب الإزالة وحرمة التنجيس، لا من حيث هي مسجد أو ملحقة به .
(2) إن الوقف وشروطه لابد له من صيغة تبرز تلك الشروط .
(3) ثبوت أن بعض الأئمة (ع) دفنوا في أراضي كانت موقوفة على أنها مقابر كمقابر قريش والبقيع فهل يحكم بوجوب الطهارة لتلك المقابر .
الوجه الرابع: إن الإضافة الإشرافية التكوينية الثابتة لمشاهد الأئمة (ع) والمستوجبة لحرمة التنجيس هذه الإضافة ثابتة كما هو الحال فيما ليس له تلك الإضافة التكوينية، كالصفا والمروة وشعائر الله يجب تعظيمها، ومن تعظيمها الحفاظ على طهارتها(75).
فتحصل من جميع ذلك: أنه لا دلالة لما ذكر على إعطاء الطبيعة الفقهية للمشاهد المشرفة بأنها مساجد، ولكن مع ذلك كله لا يمكن التغاضي عن كل هذه الأدلة، والجزم بالجواز في دخول الجنب أو مكوثه وغيره إلى المشاهد لذهاب المشهور إلى عدم الجواز وإلحاقها بالمساجد، وهو موافق للاحتياط الوجوبي واللزومي(76) الذي تسالم عليه الفقهاء بالجملة مع عدم الهتك وإلا فمعه يحرم بلا إشكال.
وهو ما ذهب إليه فقهاؤنا المعاصرون كالسيد السيستاني والشيخ الفياض والوحيد الخراساني وغيرهم(77) في معرض حديثهم عن أحكام الجنب عما يتوقف صحته أو جوازه على غسل الجنابة فقد جاء في منهاج الصالحين للسيدالخوئي(ره) :
«والاحوط وجوباً إلحاق المشاهد المشرفة في الأحكام المذكورة بالمساجد» (78).
وعموماً فأدلة الإلحاق المبنائية والحاكية عن ذلك الاحتياط الوجوبي تكمن في:
أولا: تعظيم الشعائر من جهة:
(1) ما ورد عن النبي (ص) وأهل بيته (ع) من الدعوة لزيارة قبورهم وتعاهدها بالصلاة والسلام والاعمار، بل عدّ النبي (ص) من الجفاء عدم زيارته لمن قصد بيت الله الحرام وقد تقدمت الإشارة إلى تلك الأحاديث في الفصل التمهيدي فناسب وحَسُن وجوب تعظيم تلك الشعائر والمشاعر من هذه الجهة المنافي لها ترخيص دخول الجنب والحائض لمشاهدهم فضلاً عن بيوتهم.
مضافاً إلى ذلك أن هذه المشاعر أو المشاهد المشرفة مواضع معدة للعبادة «ودخول الجنب والحائض في مثلها منافٍ لتعظيمها، لأنها من أهم شعائر الله، فلا يبعد الحكم بحرمة دخولهما من هذه الجهة» (79).
(2) الحث على زيارة المشاهد مما لم يرد مثله في عموم المساجد من الأجر والثواب(80).
(3) ما دل على أفضلية الصلاة فيها، مما يثبت أنها أفضل من الصلاة في جُل المساجد حتى جاء في بعض الروايات أن الصلاة في بيت فاطمة أفضل من الصلاة في الروضة التي هي من أعظم المساجد بعد المسجد الحرام .
ففي معتبرة يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (ع): الصلاة في بيت فاطمة أفضل أو في الروضة ؟
قال: «في بيت فاطمة» (81).
ثانياً: تنقيح المناط والأولوية(82):
المستفاد من حرمة إدخال مطلق النجاسة إلى تلك الأماكن ووجوب الإزالة ومن فحوى الحكم في المسجد الحاصل من جميع الروايات المتقدمة، لغير واحد مما يظهر منه المنع من الدخول على الإمام، وبضميمة أن المساجد بيوت الله، وقد حثت الروايات على زيارتها والصلاة فيها كما جاء في :
(1) صحيحة مرازم بن حكيم عن الصادق (ع): «عليكم بإتيان المساجد فإنها بيوت الله في الأرض، ومن آتاها متطهراً طهره الله من ذنوبه، وكتب من زواره»(83).
(2) صحيحة قليب الصيدواي عن الإمام الصادق (ع) قال: «مكتوب في التوراة: إن بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لمن تطهر في بيته ثم زارني في بيتي» (84).
ففي الصحيحتان دعوتان: الأُولى الحث على زيارة الباري سبحانه في بيت طاعته وهو المسجد، والثاني الدعوة لدخولها متطهراً . وبتأمل في تلك الأخبار وأخبار فضل إتيان المشاهد يعلم وجه الإلحاق، لاسيما مع ما ورد في فضل زيارة النبي محمّد(ص) وأميرالمؤمنين(ع) والأئمة الأطهار (ع) بأنّ زائرهما زائرٌ الله(85)، وبتلك الملاحظة يسع الفقيه أن يكون هذا الوجه احد دلالات الإلحاق .
ثالثاً: بضميمة ما يستفاد من ثبوت حرمة الميت كحرمة الحي .
رابعاً: وجوب اعتقاد حرمتهم في غيابهم وحضورهم.
خامساً: عدم التغاضي عن عموم الروايات المناقش فيها .
سادساً: مضافاً إلى ذلك السيرة المعتبرة، وبعض الاجماعات كما حكاه السيد البجنوردي(86).
ولهذا نسب إلى جماعة من الأصحاب كالشهيدين، والمحقق الثاني وغيرهم إلحاق المشاهد المشرفة حكماً بالمساجد من حرمة التنجس ووجوب الإزالة مع الهتك(87)وهو ما عليه فقهاؤنا المعاصرون(88)، بل ذكر السيد الخوئي (ره) أن حرمة التنجيس مع العمد ثابتة للمشاهد من غير ان يكون ذلك من جهة تبعيتها للمساجد(89). والاحتياط يقتضي ذلك، وللارتكاز وسيرة المتشرعة .
فعليه: إن روضاتهم المقدسة لم يرد نص على أنها مساجد ولكن ألحقت حكماً من خلال تلك الأدلة فاكتسبت مجموعة من الأحكام بسبب هذا الإلحاق .
الأمر الثالث: هل نوعية الحكم متحقق في الدخول ولو اجتيازاً أو في اللبث؟
استظهر الفقهاء من الأخبار احتمالين :
الاحتمال الأول: إلحاق المشاهد المشرّفة بالمسجدين (مكة والمدينة). وعلى هذا يحرم المرور فضلاً عن اللبث لما هو ثابت إجماعا ولا خلاف فيه(90) من حرمة مجرد الدخول إلى المسجدين الأعظمين . وتدل عليه النصوص الكثيرة كصحيح جميل عن الإمام الصادق (ع) عن الجنب يجلس في المساجد؟ قال (ع): «لا ولكن يمر فيها إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول (ص)» (91).
الاحتمال الثاني: الإلحاق بسائر المساجد. وعلى هذا يحرم لبث الجنب دون المرور لما هو ثابت من الاستثناء عن عموم قوله تعالى: ((لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ ))(92) أي لا تقربوا مواضع الصلاة من المساجد وانتم جنب إلا مجتازين(93)، والقرب كناية عن الدخول(94) نظير قوله تعالى في المشركين: ((فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ))(95).
وعليه فمن خلال ظواهر الأخبار المتقدمة الدالة على حرمة دخول الجنب بيوت الأنبياء والأئمة (ع) استقرب بعض الفقهاء «تحريم مجرد الدخول وان كان لا مع اللبث إلا أن يقال إن إنكاره (ع) على أبي بصير لعلمه بإرادته اللبث، والأول أقرب» (96).
ووجه الأقربية من دعوى إلحاقها بالمسجدين المحرمين في الحرمة مطلقاً حتى الاجتياز يكمن في:
(1) الشرف والتعظيم: وبهذا الميزان تكون للمشاهد الأولوية حتى على المساجد، كما ذهب إليه صاحب الجواهر (ره): «بعد فهم كون مدارها على الشرف والتعظيم وهي أولى من غيرها في ذلك»(97).
(2) علو الرتبة لكربلاء: حيث استدل بالحديث المروي في كامل الزيارات(98) من ان حرمة كربلاء أعظم من حرمة الكعبة. والى ذلك أشار بحر العلوم(99) (ره):
ومن حديث كربلاء والكعبة لكـربلاء بـان علـو الـرتبــة
إلا أنه يمكن النظر فيه من خلال :
(1) الاقتصار على القدر المتيقن، بعد ثبوت صحة أدلة حرمة المرور بالنسبة إلى الجنب والحائض والاجتياز في المسجدين، وضعف روايات الإلحاق بالمساجد، فعلى الإلحاق القدر المتيقن المساجد دون المسجدين .
(2) أنّ المشاهد المشرفة لا تقل عن اقل مسجد من جهة القداسة والعبادة وغيرهما، لهذا كان لها حكم المساجد كما صُرح به «والاحوط وجوباً إلحاق المشاهد المشرفة للمعصومين (ع) بالمساجد في الأحكام المذكورة» (100).
بل صرح بعض الفقهاء بماهية ذلك الحكم في المساجد أو المسجد صراحة: «والمشاهد كالمساجد في حرمة المكث فيها» (101).
والبعض خص طائفة معينة بالمرور كما ذهب السيد محمد سعيد الحكيم (حفظه الله) إلى القول: «والاحوط وجوباً عدم مكث الجنب في مشاهد النبي(ص) والأئمة(ع) فيقتصر من اعوزته حاجة لذلك أو أعجله أمر عن الغسل على العبور فيها أو الطواف بها من دون مكث» (102).
هذا كله طبعاً مع عدم الهتك. وإلا فالحرمة حتى مع الدخول والمرور قائمة .
أما الأمر الرابع: البحث فيه عن شمول غير الجنب وشمول المكان فهو ذو فرعين :
الفرع الأول: شمول الحكم للجنب والحائض .
الفرع الثاني: شمول الحكم لجميع العتبة بما فيها الرواق والصحن الشريف، ام خصوص الروضة المشرفة فقط .
أما الفرع الأول ففيه قولان :
القول الأول: إلحاق الحائض بالجنب: ويستدل له بـ :
أولا: مارواه محمد بن مسلم قال: قال أبوجعفر(ع) في حدث الجنب والحائض «ويدخلان المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه، ولا يقربان المسجدين الحرمين»(103). والرواية دالة على اقترانهما في الأحكام سواء في خصوص المسجدين أو المساجد .
ثانياً: صحيحة محمد بن مسلم وهي نفس مضمون الرواية الأولى الدالة على جواز الجنب والحائض دخول المسجد اجتيازاً(104).
ثالثاً: إن الحائض والنفساء، ربما كانتا يدخلن بيوت المعصومين (ع) للسؤال عما يعرض لهن من أمور النساء فيكون أثرهما كالمجتاز أو ما هو بحكمه(105).
القول الثاني: عدم إلحاق الحائض بالجنب .
ويمكن أن يستدل له بمناقشة أدلة القول الأول :
أولاً: إن روايات دخول الجنب الواردة في حرمة دخول بيوت الأنبياء والأئمة(ع) واردة بخصوص الجنب دون الحائض فالإلحاق قياس وهو خروج عن مقتضى النص أو القدر المتيقن من موضوع النص وجامعية الحدث قياس لوحده لا يصلح دليلاً، إنما يحتاج إلى دليل متين .
ثانياً: أما رواية محمد بن مسلم فهي وان كانت ظاهرة الدلالة ولكنها ضعيفة السند بـ(نوح بن شعيب)(106) والمستفاد من الرواية وحدة الحكم بالنسبة إلى الحائض والجنب معا في دخول المساجد على نحو الاجتياز، وأما تعدي الحكم ووحدته في دخولهما إلى المشاهد فلا يمكن تسريته إلى الحائض على القول بشموله للجنب .
ثالثاً: الصحيحة المروية عن محمد بن مسلم حيث أن التسرية موضع إشكال احتمله صاحب التنقيح (ره) بقوله: «لاحتمال أن يكون للجنابة خصوصية اقتضت حرمة دخول الجنب في المشاهد، فلا يمكن التعدي عنه إلى الحائض» (107).
رابعاً: إن دخول الحائض بيوت الأئمة (ع) والسؤال عن ما يعرض لحالهن من أحكام تتعلق بأمور النساء لا يعد هتكاً، بخلاف المشاهد التي هي مواضع عبادة، ومن هنا لم يستبعد الفقهاء أن دخول الجنب أو الحائض هو «منافٍ لتعظيمهما لأنهما من شعائر الله، فلا يبعد الحكم بحرمة دخولهما من هذه الجهة» (108).
وعليه فان كان مناط الحكم الاحترام، فلا وجه لقبول دخول الجنب دون غيره، وان كان المناط شيئا آخر فلا وجه للحرمة حتى على دخول الجنب، لأنه خروج عن مورد النص الدال على دخول البيوت الحقيقية .
مع العلم أن النفساء لم يرد في حرمة دخولها المسجد رواية، إلا أن الإجماع القطعي قام على أن حكمها حكم الحائض فاشتركت معها في الأحكام فيجب عليها ما يجب على الحائض من أمور(109).
الفرع الثاني: شمول الحكم لجميع العتبة بما فيها الرواق والصحن الشريف، أم يقتصر على خصوص الروضة المشرفة فقط؟
وفي هذا المورد تعددت الأقوال لتعدد العناوين الموجبة للتعظيم أوردها كما يأتي:
القول الأول: ذهب جمع من العلماء إلى الاقتصار على الروضة، وذلك لعدم كفاية الأدلة للتوسع ولأن فيها يتحقق القدر المتيقن من التعظيم.
إلى ذلك ذهب السيد الخوئي (ره) في معرض حديثه عما يتوقف صحته أو جوازه على غسل الجنابة «والاحوط وجوباً إلحاق المشاهد بالمساجد في الأحكام» (110) والمراد من المشاهد هو الروضة، بل تصريح الشيخ الفياض (دام ظله) أجلى ظهوراً في ذلك القدر المتيقن في حدود تلك المساحة فقد قال: «والاحوط وجوباً إلحاق المشاهد المشرفة بالمساجد في الأحكام المذكورة دون الأروقة» (111).
القول الثاني: ذهب آخرون إلى إلحاق المشهد والرواق بالروضة من جهة جريان الأحكام ، بعد ثبوت القدر المتيقن من العتبة والروضة المباركة على نحو الاحتياط الوجوبي، وعمم بعض الفقهاء تسرية الحكم إلى الرواق دون الصحن الشريف، واعتبروا حكم الجريان في الرواق على نحو الاحتياط الاستحبابي(112).
فقال السيد الروحاني: «المشاهد المشرفة للمعصومين(ع) تلحق ـ على الاحوط ـ بالمساجد والأولى إلحاق الرواق بها أيضاً، نعم الصحن المطهر لا يلحق بها»(113).
القول الثالث: من ذهب إلى اعتبار المشهد والرواق والصحن الشريف بمناط واحد لجريان الأحكام، حيث ثبت إلحاق الأول على نحو الاحتياط الو جوبي، ولكنه يثبت للأخيرين على نحو الاحتياط الاستحبابي لنفس السبب التعظيم والقدر المتيقن. وهو ما ذهب إليه السيد السيستاني (دام ظله) بقوله: «والاحوط وجوباً إلحاق المشاهد المشرفة للمعصومين بالمساجد في الأحكام المذكورة، ولا يلحق بها أروقتها ـ فيما لم يثبت كونه مسجداً كما ثبت في بعضهاـ كما لا يلحق بها الصحن المطهر، وان كان الإلحاق أحوط» (114).
ومن هذا يعلم أولاً: إن اعتبار المسجدية هي الطبيعة الفقهية للمشاهد المشرفة جاء من خلال أدلة دخول الجنب بيوت الأئمة (ع) على أن السيرة والارتكاز لايمكن الركون إليها، وان حرمة دخول الجنب والحائض مبني على دليل التعظيم وضميمة الروايات الدالة على شد الرحال إليهم (ع) وزيارة قبورهم وثواب الصلاة في تلك الرياض وحرمتهم أحياء وامواتاً جعلت الفقهاء يذهبون إلى إلحاق تلك المشاهد بالمساجد حكماً لا موضوعاً، لذا كان الإلحاق على مبنى القدر المتيقن من العتبة المقدسة بالروضة المباركة (المشهد) .
ثانياً: إن الحكم تابع لصغر الحرم وكبره وايضاً الرواق والصحن الشريف فلو كان كبيراً فصغر أو بالعكس، كان الحكم تابعاً لذلك المقدار بما هو موجود فعلاً، لأنه موضوع للحكم فيدور الحكم مدار وجود موضوعه وجوداً أو عدماً .
بقي إلحاق السرداب المقدس في سامراء، وقبور أئمة البقيع (ع) هل يلحقها الأحكام نفسها على اعتبار أن الأول: دار سكنى والآخر: مقبرة، ومن المعلوم عدم القول بحرمة دخول المقابر من حيث وجوب الطهارة وغيرها .
استدل الفقهاء على تسرية الأحكام لهذين العنوانين قال السيد الشيرازي (ره): «الظاهر أن السرداب المقدس في سامراء، وقبور سائر الأنبياء محكوم بحكم قبورهم(ع)، كما أن الظاهران البقيع كله ليس بهذا الحكم ، بل مقدار الحرم في زمان وجوده، ومقداره في زمان انهدامه، وفق الله المسلمين لبنائه من جديد بعدما طال الانهدام» (115).
■ المطلب الثاني: الوقفية:
لتحقيق الطبيعة الفقهية للعتبة المقدسة عند الفقهاء من جهة وقفيتها أم عدمها نعرض تمهيدات للوقف لغة واصطلاحاً والروايات الواردة في الحث على هذه الصدقة الجارية .
الوقف لغةً: مصدر وقفْ، من وقفَ يقفُ، وجمعه أوقاف ووقوف، ومأخذه من الوقوف، بمعنى القيام بلا حركة في مقابلة المشي، فتقول: أوقفت الدابة: أي دامت قائمة وسكنت(116).
ويظهر من بعض أهل اللغة، أنهم يجعلون كلاً من الوقف والحبس بمعنى واحد فالحبس عندهم ما وقف(117).
وأما الوقف شرعاً: هو «تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة» (118).
ويشير التعريف إلى خصائص الحديث المروي عن النبي (ص) «حبّس الأصل وسبل الثمرة» (119) أو ما يشابهه من حيث اللفظ .
ومعنى تحبيس الأصل: هو المنع من ورود التصرفات الناقلة للملكية على المال الموقوف كالإرث والتصرف في العين الموقوفة بالبيع أو الهبة أو الرهن أو الإجارة أو الإعارة وما إلى ذلك.
وأما تسبيل المنفعة: فهو صرفها على الجهة التي عينها الواقف من دون عوض(120).
اذاً فهو نوع من الصدقة، تطلق على الوقف وعلى مصاديق أخرى كالسكنى والعمرى والرقبى(121)، كما تطلق على الزكاة كما في قوله تعالى: ((إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء))(122) وعلى عموم الصدقة المندوبة التي هي تمليك الغير تبرعاً بقصد القربة.
وقد ورد في الأخبار الحث عليه، ففي الحديث النبوي (ص): «إذا مات المؤمن انقطع عمله إلا من ثلاثة: ولد صالح يدعو له، وعلم ينتفع به بعد موته، وصدقة جارية» (123).
وفي رواية أخرى زيادة تلك الأعمال التي تنفع الإنسان بعد رحيله عن الحياة الدنيا إلى ستة أعمال .
عن أبي عبد الله الصادق قال: «ستة تلحق المؤمن بعد وفاته: ولد يستغفر له، ومصحف يخلفه، وغرس يغرسه، وقليب يحفره، وصدقة يجريها، وسنة يؤخذ بها من بعده» (124).
فالوقف من الأمور المحببة للإنسان تعود بالنفع والانتفاع للواقف والموقوف عليهم .
الفرع الأول: أدلة دعوى الوقف :
قد يرد تساؤل مهم في هذا الصدد وهو: هل مرقد النبي (ص) ومراقد أهل بيته المعصومين (ع) أوقفت أرضها بالأبعاد السائدة التي عليها اليوم بوقفية معينة من قبلهم (ع)، فتلزم المسلمين مراعاة ما جاء بها من جهة الوقف من الزيارة أو الصلاة أو غيرها من الأمور العبا دية ؟
والجواب: إنه من المعروف أن النبي (ص) مدفنهُ في بيته وحجرته الشريفة(125) والسيدة الزهراء فاطمة (ع) ابنته قد دفنت في بيتها أو البقيع أو ما بين قبره الشريف(ص) ومنبره ـ على اختلاف الروايات ـ(126) ومدفن أئمة البقيع في بقيع الغرقد، ومدفن الإمام علي (ع) في أرض الغري والإمام الحسين (ع) في كربلاء والإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد H في مدينة الكاظمية التي كانت مقبرة لقريش والإمام الرضا (ع) في مدينة مشهد والإمامين علي الهادي والحسن العسكري (ع) في مدينة سامراء(127).
فهل تشير الروايات والأخبار بجعل مدافنهم أو بيوتهم التي دفنوا فيها وقفاً عليهم ؟ وقد اعدوا لها صيغاً معينة، واحكاماً معينة تثبت على إنها وقف ؟
لو استطلعنا الروايات لم نعثر على عبارات تؤكد الوقفية على هذا النحو، باستثناء ما ورد من شراء الإمام علي (ع) منطقة دفنه وجعلها في ملكه، وتصدق الإمام الحسين (ع) النواحي التي فيها قبره بعد شرائها وأوقفها بشرائط معينة .
وقد وردت بشأن ذلك روايتان وهما :
1 ـ ما روي في كتاب (فضل الكوفة) لمحمد بن علي الحسيني بإسناد رفعه إلى عقبة بن علقمه قال: «اشترى أمير المؤمنين علي (ع) ما بين الخورنق إلى الحيرة»، وفي حديث آخر «ما بين النجف إلى الحيرة إلى الكوفة، من الدهاقين بأربعين ألف درهم، وأشهد على شرائه، قال: فقيل له: يا أمير المؤمنين تشتري بهذا المال، وليس ينبت خطا(128) فقال: سمعت من رسول الله (ص) يقول: كوفان يرد أولها على آخرها، يحشر من ظهرها سبعون ألف يدخلون الجنة بغير حساب، فاشتهيت أن يحشروا في ملكي»(129).
2 ـ رواية القمي أحمد بن داود قال: روي أن الحسين (ع) اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل نينوى والغاضرية بستين ألف درهم، وتصدق بها عليهم، وشرط أن يرشدوا إلى قبره، ويضيفوا من زاره ثلاثة أيام» (130).
ويمكن مناقشة كلتا الروايتين :
أما رواية شراء الإمام علي (ع) ظهر الكوفة ـ النجف ـ فإنها ضعيفة السند والدلالة :
1 ـ فمن جهة السند: فحيث أن الرواية مرسلة، لان ابن طاووس يرويها في كتابه فرحة الغري عن كتاب فضل الكوفة وطريقه إليه مجهول غير معلوم(131).
2 ـ وأما من جهة الدلالة: فهي إما أن تكون تلك الأراضي تملكها وأوقفها أو أوصى بها وفي كلا الحالين نظر .
أما من جهة التمليك: فان دفن السبعين ألف في ملكه يحتاج إلى مدة طويلة أكثر من بقية عمره، حيث أنه (ع) اشتراها سنة 36هـ وكانت وفاته سنة 40هـ وهي تكون خارجة عن ملكه (ع) وتنتقل إلى ورثته(132).
ويناقش هذا الاستنتاج بان قول الإمام (ع) يتضمن فحوى تسبيل هذا الملك لمدافن المؤمنين في حياته وبعدها .. وربما لا مانع دلالي من استفادة هذا المعنى .
وأما بالنسبة للوصية أو الوقف: إن تنفيذ الوصية يتطلب أن يكون للإمام علي (ع) رأس مال ضعف ما اشتراه (ع) مرتين، لأنه لا وصية إلا بالثلث ومن المعلوم انه لم يملك من حطام الدنيا إلا أقل القليل(133).
وتناقش هذه اللفتة: بأنه جعلها محتبسة على حياته فلا يشترط في ذلك أن تكون مما لا يزيد على الثلث. أما مصدرية الأموال فهذا أمرٌ مسكوت عنه، فلا يمكن قبوله مطلقاً ولا رده مطلقاً .
وامَّا رواية شراء الإمام الحسين (ع) ارض كربلاء والتصدق بها فهي من جهة السند مرفوعة(134).
وأما من جهة الدلالة :
1 ـ لا تدل صراحةً على أنها وقف على قبره الشريف وان تلك المساحة مخصصة لبناء مرقده، إلا إذا استفاد احد ذلك من فحوى الرواية .
2 ـ يستفاد ايضاً أنه (ع)جعلها صدقة أو وقفاً مشروطاً على الإرشاد إلى قبره، وضيافة من زاره فحالها حال الأراضي التي أوقفها رسول الله(ص)وبعض الأئمة(ع).
فالروايتان فيما يرى كثير من المعنيّين، الفقهاء وغيرهم لا تساعدان على جعل مناطق دفنهم أو ما مشيد عليها اليوم لمراقدهم وقفاً من قبلهم، ولذلك لايزال التساؤل هل أن هذه المساحات المسوّرة حول قبورهم الشريفة وقف منهم، أو وقف ممن جاء بعدهم من الناس ومن أي أنواع الوقف ومن الذي أوقفها ؟
والجواب: انه لابد أن تكون هذه البنايات المشيدة عليها سور الصحن الشريف قد قامت به أيدٍ خيّرة بالتبرع بها، ولكن لا يوجد نص صريح بإيقافها، وقد يقال إن الصيغة ليست شرطاً في صحة الوقف فيكفي الوقف المعاطاتي كما في المسجد والمدرسة والمقبرة، ولكن لعل من ساهمت به أيديهم قد حبّسوها لمدة معينة، أو وقوفها لشروط وصيغ معينة لم نعلمها، ولذلك فعدمه لا يلزم للمطلق قيدا ولا للعموم مخصصا .
وعلى فرض عدم العلم فان هناك مثبتات تثبت الوقف، فهل تصلح أن تثبت وقفية هذه الأراضي للمشاهد المشرفة ؟
ـ مثبتات الوقف :
إن وقفية أراضي العتبات المقدسة والمساجد وغيرها مما يلحق بهذا النوع على فرض عدم حصول إقرار لصاحب اليد بوقفيتها ولم تحدد شخصية الواقف بالمصادر التاريخية أو اشتراط القبض ولم تذكر بحوث الفقهاء من هو القابض كيف لنا السبيل إلى إبراز تلك الوقفية وما اشتملت عليها ليكون الزائر عارفاً بتلك المساحة وما ينبغي فعله أو مراعاته من الدخول وإتيان الأعمال المسموحة له .
هذا مع العلم أننا لا نريد الخوض في إثبات ذلك بالبينة الشرعية من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين أو رجل ويمين لأننا لا نحتاج إليها في الشرع إلا في القضاء أو الحكومة، ولم نصل إلى تلك المرتبة من النزاع بعد.
ولو أن دائرة التسجيل العقاري للمناطق التي فيها العتبات المقدسة أصدرت سندات (صورة قيد) تثبت مثلا أن (العتبة العلوية المقدسة لمرقد الإمام علي عليه السلام) وقف خيري صحيح يثبت حدود مساحته ونقل ملكيته(135).
الكلام ليس في هذه الجهة وإنما من الجهة الشرعية الحاصل بها العلم. لان العلم كما يقال مدرك الأحكام، ولهذا ذهب بعض الفقهاء إلى أن مثل كتابة الوقف بورقة معينة أو إبراز سند معين لا يحكم ظاهراً به إلا مع القرينة «وذلك لأنه بدون هذه القرينة، يحتمل انه كتب ليجد وقتاً مناسباً له في ذلك من باب الإعداد للوقف، لا انه وقف بالفعل، ولا يكفي احتمال وقفه له» (136).
فلهذا ذكر الفقهاء(137) مناشئاً عقلائية يحصل بها العلم أو الاطمئنان سميت بـ (مثبتات الوقف) منها :
اولاً: الشياع، وهو احد المناشئ العقلائية الباعث على الظن المتاخم للعلم وان لم يبلغ العلم.
ثانياً: الاستعمال، وذلك من خلال استعمال المسلمين للغاية المنشئ من اجلها مثلما يستعملون المقبرة للدفن والمسجد للصلاة، وهذا الاستعمال متلقى ومأخوذ طبقة بعد طبقة على نحو الوقفية.
ثالثاً: وجدان علامة على الوقف على وجه تطمئن به النفس كالمحاريب في دلالتها على المسجدية ووضع الكتب أو أماكنها على وجه الإفادة بأنها مدرسة .
رابعاً: الطبيعة الإنشائية للمكان بحيث أن البناء لا يناسب غير الأوقاف كالقناة والأشكال المخروطة التي لا تعتاد إلا للمقامات .
خامساً: تقديس ذلك المكان وتعظيمه بما لا يكون إلا للمساجد أو المشاهد المشرفة .
سادساً: فتاوى الفقهاء. وذلك من خلال ما بحثوه من حيثيات الوقف اركاناً وشروطاً ومثبتات.
فهل توافرت العتبات المقدسة على هذه الطبيعة الفقهية من جميع مثبتات الوقف على أن مساحتها موقوفة وذلك من خلال الشياع بين عموم المسلمين، وطريقة استعمالهم من حيث الاحترام والتقديس المتوارث طبقة عن طبقة، ومن دلالة الطبيعة الإنشائية بما أفرزته من علامات ودلالات، مضافاً إلى الشواهد التاريخية من عمارات العتبات المتعددة التي جعلت الفقهاء يفتون بان تلك المساحات هي وقف وهل يكفي في وقفيتها بذل المكان ليكون في خدمة المرقد الشريف(138).
وكل هذه الاستفهامات أو المثبتات فيها مجال نظر ووقفة .
أما الشياع: فمتى كان الشياع حاكماً على أدلة الأحكام .
وأما الاستعمال من حيث الدفن والاحترام فلا يوجب الوقفية على وفق ما يرتضيه الواقف لنفسه من أمور، فان الدفن عند علي (ع) وارد على العموم، وفي جميع أنحاء الأماكن المقدسة، وليس كل ما يدل على مظاهر الاحترام لمكان معين يستوجب أن يكون وقفاً .
وأما وجدان العلامة على الوقف الذي يطمئن به النفس من حيث الطبيعة الإنشائية أو وجود المحاريب، هذا لا يثبت العنوان للمسجد ووقفيته له فضلاً عن غيره .
نعم فتاوى الفقهاء صرحت بوقفية مساحات العتبات المقدسة، ولكن المشكلة بقيت قائمة، وذلك لإحالة الباحث عن حقيقة تلك الموقوفات إلى المصادر التاريخية، وهي خالية عن إثبات تلك الحقيقة .
فعليه لإثبات الوقفية على نحو العموم أو الخصوص، ينبغي الرجوع فيه إلى الولاية العامة ـ الحاكم الشرعي ـ الجامع لشرائط الاجتهاد بإجراء الوقفية العامة، وتحديد مصاريفها والاستفادة منها على ابلغ ما يكون .
الفرع الثاني: مقتضيات القول بالوقف:
ـ في حقيقة الوقف:
إن معرفة حقيقة الوقف يتطلب معرفة أركانه وشرائط صحته وأقسامه فقد جعل الفقهاء على اختلاف بينهم للوقف أربعة أركان: الصيغة والواقف والعين الموقوفة، والموقوف عليهم، خاص: كالمسجد والمقبرة والخان والمدرسة، وعام على معين: كالفقراء، أو جهة: كمعالجة المرضى، وجعلوا لكل ركنٍ مقومات تصحح ذلك الركن(139).
ومن شرائط صحة الوقف :
(1) التأبيد: أي عدم جواز توقيته بمدة معينة كسنة أو خمس سنوات مثلاً أو اقل أو أكثر فان التوقيت مبطل للوقف، قال الشيخ الطوسي (ره): «فإذا وقف سنة لم يجعله مؤبداً فوجب أن يبطل» (140).
(2) التنجيز: ومعناه عدم تعليق الوقف على شرط غير متحقق فعلاً، ومشكوك التحقق في المستقبل. مثل: إذا جاء رأس الشهر، أو إن قدم زيد(141).
(3) التسليم والتسلم: والتسليم تخلي الواقف عن العين الموقوفة، باقباضها إلى الموقوف عليهم أو المتولي، والتسلم: قبضها من قبل من ذكر(142).
وإذا تم الوقف وتحققت شرائطه وصار لزومياً اختلف الفقهاء في ماهيته من جهتين:
الجهة الأولى: فك الملك عن ملكية الواقف أم لا؟ الجهة الثانية: انتقال الملك إلى الموقوف عليهم أم لا ؟
أما الجهة الأولى: فان فك الملكية يدور بين عدة أقوال :
القول الأول: عدم فك الملكية عن المالك، واليه ذهب أبو الصلاح الحلبي وقد اُستدل له :
1 ـ بالمروي عن النبي (ص): «حبَّس الأصل وسبّل الثمرة» والتحبيس بقاء العين على ملكية صاحبها، فالظاهر من الحبس إبقاؤه على حاله وملك مالكه .
2 ـ انه لو وقف بشروط معينة فان شروطه تتبع، وإتباع تلك الشروط دلالة على بقاء الملكية بيده .
3 ـ جواز إدخال من يريد في الوقف على أصاغر الأولاد(143).
القول الثاني: بقاء الملكية المقيدة وإليه ذهب الشيخ كاشف الغطاء(144) .
وذلك لان حقيقة الوقف ليس اخراجاً عن الملك، بل هو تقييد الإنسان لملكيته المطلقة، أي جعل الوقف مثل التحبيس، فمن كانت له دار فله الحرية في بيعها وإجارتها وإعارتها أي له الملكية المطلقة الصالحة للنقل والانتقال، ولكن مع الوقف قيدت تلك الملكية بعدم القدرة على البيع أو الرهن ولأي تصرف يتعلق بوقفيتها.
القول الثالث: الإخراج عن الملكية :
والى ذلك أشار المحقق الكركي(145)، وهو أن الواقف حينما أوقف فكأنّه بمنزلة من باع شيئاً، وبهذا يظهر الفرق ما بينه وبين الحبس الذي يأمل المالك عودته بعد انقضاء الحبس، ولهذا جعلوا الفرق بينهما كالفرق بين البيع والإجارة واستدل له بـ :
1 ـ الروايات: ويمكن استفادة ذلك من أخبار صدقة الإمام موسى بن جعفر(ع) كما في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج، قال: أوصى أبو الحسن (ع) بهذه الصدقة: «هذا ما تصدق به موسى بن جعفر بأرضه في مكان كذا وكذا كلها... بصدقته هذه، وهو صحيح صدقةً حبساً بتلاً بتلاً مبتولة لا رجعة فيها ولا رد، ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، لا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيعها ولا يبتاعها ولا يهبها، ولا ينحلها ولايغير شيئاً مما صفته عليها حتى يرث الله الأرض ومن عليها» (146).
أي منقطعة عن صاحبها الأول ومبانة عنه، فان البت والتبتل بمعنى القطع(147)، بل الظاهر من الأخبار كون الواقف كالأجنبي(148).
2 ـ اعتبار العقلاء: لما كانت الملكية من الأشياء الاعتبارية، فلابد من وجودها بلحاظ آثارها، وعلى هذا الاعتبار فالذي لا يكون له أثر يكون لغواً سواء صدر من العقلاء أم الشرع، قال السيد الروحاني: «وحيث إن اعتبار كون المال ملكاً للواقف مع كونه ممنوعاً من التصرفات ورجوع منافعه إلى الموقوف عليه لغواً فلا يصدر من العقلاء والشارع فلا محالة بالوقف يخرج عن ملكه» (149).
أما الجهة الثانية: في ملكية العين بعد الوقف، فقد اختلفت أقوال الفقهاء في ملكية الوقف بعد الانتقال عند المالك إلى :
القول الأول: انتقال الملكية إلى الموقوف عليهم ، وهو ما ذهب إليه المشهور واستدلوا له بـ :
(1) ضمان العين الموقوفة، فقد جعل الشيخ الطوسي (ره) الضمان احد أدلة انتقال ملكية الوقف الى الموقوف عليهم: «وإنما قلنا إنه ينتقل إلى الموقوف عليه، لأنه يضمن بالغصب، ويثبت عليه اليد، وليس فيه أكثر من أنه لا يملك بيعه على كل حال» (150). فلو لم يكن مالكاً لا يضمن .
(2) إن فائدة الملك تكون للموقوف عليهم من حيث الضمانات والمنافع(151).
(3) إن من أركان الوقف الموقوف عليه، فهو إما خاص أو عام، ولو كان الوقف عبارة عن مجرد فك ملك لما احتاج إليه. وكذلك لو كان الوقف فكاً لا تمليكاً لما احتاج إلى القبول كالعتق والحال انه يتوقف عليه(152).
القول الثاني: انتقال ملكية الوقف إلى الله سبحانه وتعالى، والمراد بكون الانتقال الملك لله تعالى، فهو انفكاك المال الموقوف عن ملك الآدميين واختصاصهم لا كونه مباحاً كغيره، بل مما يملكه الله تعالى. وقد نسب ابن إدريس هذا القول إلى البعض(153).
القول الثالث: قول يرى بالتفصيل بين الوقف الخاص كالوقف الذري فينتقل إلى الموقوف عليه وبين الوقف على الجهات كالعلماء والطلاب فينتقل إلى الله سبحانه، وهو الأقوى، كما عبَّر عنه صاحب المسالك (ره) خصوصاً في الوقف على المسجد والمقبرة:
«لأنه فيه فك ملك كتحرير العبد، ومن ثم لا يشترط فيه القبول من الحاكم ولا من غيره ولا يشترط القبض من الحاكم، بل كل من تولاه من المسلمين صح قبضه بالصلاة ... ومثله المقبرة» (154).
القول الرابع: عدم الانتقال لأحدهما، لله ولا للموقوف عليهم، وإليه أشار صاحب الحدائق (ره): «ومتى كان الموقوف عليه جهة عامة كالفقراء، أو مصلحة كالمساجد فان غاية مانعيهم منها، وهو أنه بالوقف يخرج عن ملك الواقف، وأما انه يصير إلى الله سبحانه أو غيره فلا دلالة في شيء من الأخبار عليه» (155).
واستدل له بـ: عدم وجود دليل على دخوله في ملك الموقوف عليه أو انتقاله إلى الله سبحانه وتعالى، ولا يوجب هذا القول اشكالاً ببقاء الملك بلا مالك.
حيث يمكن مناقشته: بعد التسليم بأنه ليس ملكاً لأحد، فلا يضر بقاؤه بلا مالك ولا ممانعة في ذلك، لما يوجد مثله نحو المال المعرض عنه قبل أن يمتلكه احد، فانه مال لا مالك له بعد الإعراض عنه(156).
بعد عرض أقوال الفقهاء المتعددة في بيان ملك العين الموقوفة عن ملكية الواقف وكذلك أقوالهم في انتقالها إلى الموقوف عليهم .
ويبدو أن الفقهاء ـ بعد عرض أقوالهم ـ اتفقوا على فك ملكية الواقف بالجملة وبقي الاختلاف قائماً في انتقاله إلى الموقوف عليهم، فكأن هناك جهة اشتراك وجهة افتراق، يبيّن الباحث تلك الجهتين اظهاراً لتلك الحقيقة :
جهة الاشتراك: وهي انتقال العين الموقوفة من ملك المالك:
والظاهر أن ما ذهب إليه أبو الصلاح الحلبي من بقاء العين على ملكية الواقف بعد إيقافه العين لا يمكن المساعدة عليه وذلك: لأن بالإضافة إلى ما تقدم من دليل العقلاء والروايات على فك ملكية المالك للعين الموقوفة يمكن إثبات المدعى من خلال الرد على نفس ما استدلوا به بأدلة عدم الانتقال بـ :
اولاً: ما استظهروه من أن التحبيس بقاء العين على ملكية صاحبها، إبقاؤه على حاله وملك مالكه: «إذ أن التحبيس لا ينافي الانتقال، إذ المراد منه منع بيعه وهبته وأرثه وغير ذلك»(157) كما ذهب إليه المحقق الكركي.
مضافاً إلى ذلك أن الحبس والعمرى والرقبى والسكنى لا تكون فيها فك ملك وذلك لعودة العين إلى مالكها أو ورثته(158).
ثانياً: إن دليل بقاء العين على ملكية الواقف بملاحظة أن شروطه التي اشترطها في الوقف تُتبع، ونفس إتباع تلك الشروط دلالة على بقاء ملكيته بيده لايمكن المساعدة عليه، لان وجوب إتباع الشرط إنما صار إليه بعد زوال الملك على تلك الشروط .
ثالثاً: ونفس الأمر أن الصلاحية المخول بها إدخال من يريد في الوقف على أصاغر الأولاد إنما تصل النوبة إليه إذا تم الوقف مع الشرط، فصار إتباع الشرط بعد زوال الملك على تلك الشروط كما تقدم(159).
رابعاً: إن القول بان حقيقة الوقف ليس اخراجاً عن الملك، بل هو تقييد للملكية المطلقة كما ذهب إليه كاشف الغطاء (ره) لا يمكن الركون إليه وذلك لان الواقف «إذا كان ممنوعاً عن التصرف في العين والمنفعة لا يبقى له تعلق بها، ولا يعتبر العقلاء بقاء ملكيته» (160).
أما جهة الافتراق، فانه من خلال هذه الجهة تتضح حقيقة الوقف، وذلك لاختلاف الفقهاء في بيان تلك الحقيقة بـ :
اولاً: ان حقيقة الوقف: يكون لها الظهور من خلال ما تتقوم به أركان الوقف وهو على قسمين:
(1) على أساس ما يتقوم بأمرين الواقف والعين الموقوفة ومصداقه الوحيد هو المسجد ويسمى هذا الوقف بالوقف التحريري نسبة إلى تحرير العبد وعدم عودته إلى العبودية بعد ذلك .
(2) على أساس ما يتقوم بثلاثة ثالثها الموقوف عليه، ويسمى بالوقف ألتمليكي الذي تكون حقيقته تمليك العين الموقوفة للموقوف عليهم ملكاً غير طلق.
والى ذلك أشار السيد السيستاني (دام ظله): «الوقف على قسمين: فانه إما يتقوم بأمرين هما الواقف والعين الموقوفة، وإما يتقوم بثلاثة أمور ثالثها الموقوف عليهم ويختص الأول بوقف المساجد، ويكون الثاني في غيرها من الأوقاف» (161).
وتندرج تحته أقسام الأوقاف العامة غير المسجد والخاصة من الموقوفات :
(1) وقف المشاعر المقدسة كعرفات ومنى والمشعر، والمشاهد المشرفة .
(2) وقف المباحات: كالقناطر والشوارع العامة والمقابر والخانات وكتب الأدعية.
(3) الوقف الذري:وهو وقف خاص على الذرية لتكون منفعته طبقة بعد طبقة.
(4) الوقف على الجهة: كالعلماء والطلاب ويسمى الوقف العام .
(5) الوقف على الوقف: كوقف فراش أو سراج على المشهد أو المسجد(162).
ثانياً: حقيقة الوقف هي الإيقاف، فيكون تعريف الوقف: «إيقاف الشيء على جهة أو شخص أو غيرهما، لتدر المنافع منه عليها، فبقوله (وقفت عليه) مع التعدية بـ(على) المقتضية للعلو كأن جعل العين في الاعتبار على رأس الموقوف عليه لا تتعداه، لتدر منافعها عليه، ولاتتعدى المنافع عنه: تبعاً لعدم تعدي نفس العين عن رأسه اعتباراً» (163).
وهذا التعريف ناظر إلى أن الوقف حقيقته لغوية كما تقدم في تعريف الوقف لغة بلحاظ عدم الحركة، ولكن اختلف في اعتبار ذلك اللحاظ بـ :
1 ـ إن الوقف مقابل الحركة واللاسكون ليس في المكان بل في عدم النقل كالبيع وغيره(164). كما سيمر علينا في الفصل الرابع .
2 ـ اعتبارية الوقف، مقابل التجاوز عنه، فإذا وقف على خاص أو عام صار ذلك الإيقاف بحدود الجماعة الخاصة أو الجهة العامة مع عدم التجاوز والتعدي إلى غيرهم وهو مختار صاحب التعريف .
وعلى هذا فان «الأقسام التي ذكرت للوقف كوقف المسجد، والمشهد، والقناطر، والخانات والعام والخاص إلى غير ذلك ليست اقساماً للوقف، بل أقسام لمتعلقه والوقف حقيقته واحدة في جميع الموارد، والوقف على الجهة العامة ليس في الوقفية ممتازاً عن الوقف الخاص بل امتيازها بالمتعلق، بعد اشتراكهما في الحقيقة وكذا سائر الأقسام» (165).
الثمرة من هذا التقسيم :
1 ـ عدم جواز البيع: إن القسم الأول المقتصر على جعل ما يتقوم بأمرين الواقف والعين الموقوفة بالمسجد فقط دون غيره من الأوقاف العامة عدم جواز بيعه مهما عرضت عليه من عوامل توجب زوال عنوانه كانهدامه أو انهدام المدينة التي فيها، فان العرصة لم تخرج عن المسجدية دون غيره من الأوقاف الأخرى التي يجوز بيعها عن طروء مستثنيات الوقف :
1. خراب العين الموقوفة .
2. سقوطها عن انتفاع المعتد به بوجه لا يرجى عوده .
3. أداء بقائه إلى خرابه .
4. وقوع الاختلاف بين أربابه لا يؤمن معه تلف النفوس، والأموال مطلقاً أو تلف النفوس(166).
فعليه هذه الاستثناءات لا تجري على المسجد، والى ذلك أشار السيد الخوئي (ره): «غير المسجد من الأعيان الموقوفة إذا تعذر الانتفاع بها في الجهة المقصودة للواقف لخرابها، زوال منفعتها، يجوز بيع بعضها وعمارة الباقي للانتفاع به، فان لم يمكن ذلك جاز بيعها وتبديلها بما يمكن الانتفاع به، وان لم يمكن ذلك ايضاً صرف ثمنها في الجهة الموقوف عليها» (167).
أما على القسم الثاني بمعنى الإيقاف، فلما كان الواقف في الكل ـ العام والخاص ـ مشتركاً في معنى واحد وهو الإيقاف ـ بمعنى عدم التجاوز ـ لدر المنافع والانتفاع .
فما لا يعقل فيه البدلية: كالمساجد الأربعة، بل مطلق المساجد والمشاعر كعرفات والمشعر ومنى، وكذلك المشاهد المشرفة فهي تحرير لا يجوز فيها البيع مطلقاً، حتى مع إبطال الوقف، لان هذه الأماكن جعلت بشخصها موضوع أثر وحكما شرعيا.
وأكد هذا المعنى السيد الخميني (ره): «الأوقاف على الجهات العامة التي مر أنها لا يملكها احد كالمساجد والمشاهد والمقابر والقناطر ونحوهما، لا يجوز بيعها بلا إشكال في الأوليين وعلى الاحوط في غيره، وان آل ما آل حتى عند خرابها أو اندراسها، بحيث لا يرجى الانتفاع بها في الجهة المقصودة أصلاً، بل تبقى على حالها، وهذا بالنسبة إلى أعيانها» (168).
وأما ما يعقل فيه البدلية كالموقوفات العامة المدارس، والخانات، والقناطر وكذلك الموقوفات الخاصة، أو الوقوف على الموقوفات، فجواز البيع يسري عليها عند بطلان الوقفية(169).
2 ـ الضمان، فإن تحقيقه في القسم الأول يكون مختصاً بمن وقّفه فقط في المسجد دون غيره وأما في القسم الآخر فتحقيق الضمان يكون في كل ما يكون له بدلاً.
قال السيد السيستاني دامت بركاته: «الظاهر أن غصب الوقف بجميع أقسامه ـ عدا ما يكون من قبيل التحرير ـ يستتبع الضمان عيناً ومنفعة، فلو غصب مدرسة أو رباطاً ،أو داراً موقوفة على الفقراء أو بناية موقوفة ليصرف واردها في علاج المرضى أو نحو ذلك فتلفت تحت يده، كان ضامناً لعينها، ولو استولى عليها مدة ثم ردها كان عليه أجرة مثلها، كما هو الحال في غصب الأعيان غير الموقوفة» (170).
وبناءً على هذا التقسيم تختلف أقوال الفقهاء في وقفية أراضي المشيد عليها العتبات المقدسة أو المشاهد المشرفة .
أقوال الفقهاء :
القول الأول: إنها وقف وهي فك ملك: وهو ما يفهم من تقسيمات السيد السيستاني (حفظه الله) بقوله:
«الوقف على قسمين فانه إما يتقوم بأمرين هما الواقف والعين الموقوفة، وإما يتقوم بثلاثة أمور ثالثها الموقوف عليه ويختص الأول بوقف المساجد ويكون الثاني في غيرها من الأوقاف، وحقيقة الوقف في القسم الأول هو التحرير وفك الملك، وأما القسم الثاني فحقيقته على الأظهر تمليك العين الموقوفة للموقوف عليه ملكاً غير طلقاً»(171).
والمراد من فك الملكية كما تقدم أنها تخرج عن ملك واقفها، نعم البعض من الفقهاء(172) استشكل على من يفرق بين هذا الوقف والوقف على بعض الجهات العامة من اشتراط قبض القيم إياها، واعتبار القبول على وجه، وانتقال الملك إلى الله سبحانه وتعالى فهي فك ملك من جهة واحدة.
القول الثاني: التحرير دون الوقف:
إن أراضي المشاهد المشرفة ليست وقفاً بل هي تحرير، ويقصد بالتحرير هو إعتاق الأرض المشيد عليها بناء العتبات، مثل عتق العبد وصيرورته حراً فلا يعود مملوكاً أبدا، أما الوقف فيمكن بعد توقيف الأرض ولأسباب ذكرها الفقهاء من مستثنيات بيع الوقف(173) أن تعود إلى مالكها الأصلي أو ورثته.
فلهذا أكد الشيخ كاشف الغطاء (ره) على هذا المعنى في معرض حديثه عن ارض المسجد بعد إلحاق المشاهد والمشاعر بها «المسجدية عندنا تحرير، وهو معنى آخر غير الوقف، فانه قد يعود ملكاً بأسباب، ولكن الحر لا يعود إلى الرق أبدا، وكذلك المساجد والمشاهد والمشاعر لا تعود بوجه من الوجوه» (174).
وسبب عدم الوقف لأنه يقول ببقاء الملكية على ملك الواقف ولو على نحو الملكية المقيدة كما تقدم .
القول الثالث: وقف وتحرير، وقد تبناه السيد الخميني (رحمه الله) .
إن أراضي المشاهد المشرفة هي وقف وتحرير شأنها شأن المساجد أي إزالة ملك وعتق له كما في الرقبة وهو جامع للقولين حيث أن فك الملك ناظر إلى :
(1) تأبيد العين الموقوفة لا إلى جعلها إلى مدة معينة فتكون حبساً، فتكون وقفاً من هذه الجهة.
(2) عدم المملوكية سواء للواقف مطلقاً أم الموقوف عليهم .
والتحرير: ناظر إلى جعل تلك الأراضي لا عودة لها إلى مالكها مهما حدثت من امور تستوجب إزالة ذلك الوقف، وان الاستثناءات الواردة على الوقف هي استثناءات بلحاظ موارد معينة في الوقف العام . وهذا النوع لا يجوز بيعه واستبداله أبداً وذلك لتعلق الاعتبار الوقفي بنفس المعنون لا العنوان والمفروض أن المعنون لايزول بزوال العنوان، بل هو باقٍ على حاله فتبقى الوقفية ايضاً(175) .
وتحصل: أن هذا النوع من الوقف غير داخل في ملك احد ولا يبطل بخرابه أو غصبه وانهدام رسمه وزوال عنوانه وذلك لوجود اختصاص خاص، واعتبار مخصوص شأن الملكية والرهنية إذا تعلقت بعينٍ معنونةٍ مثل الدار والخان، فتبقى على معنونها وان زال العنوان . وهو في نفس الوقت ممن يملك للجهة ملكاً غير طلقاً، وعلى هذا الرأي تكون وقفية العتبات المقدسة وقفاً عاماً ولكنه مع ذلك لا يملّك لما تقدّم من أن حقيقة الوقف هو الإيقاف وإذا تم زالت الملكية عن الجميع.
وعلى هذا فان «الأقسام التي ذكرت للوقف كوقف المسجد والمشهد والقناطر والخانات والعام والخاص إلى غير ذلك، ليست اقساماً للوقف، بل أقسام لمتعلقه والوقف حقيقته واحدة في جميع الموارد، والوقف على الجهة العامة ليس في الوقفية ممتازاً عن الوقف الخاص، بل امتيازها بالمتعلق، بعد اشتراكهما في الحقيقة وكذا سائر الأقسام»(176). ومن هذا يستكشف أن الوقف ليس له ملكية ولا مالكية وان وقف الشيء على شخص أو جهة أو غيرها هو وقف لدر المنافع عليه ولا تتعداه لغيره .
والثمرة في هذا الخلاف انه على القول الأول: التقويم بأمرين، عدم جواز بيع الوقف ـ المسجد فقط ـ مطلقاً. وأما الوقف المتقوم بثلاثة فجواز ذلك «غير المسجد من الأعيان الموقوفة مثل البستان والدار ... إن تعذر إعادة العنوان إليها مطلقاً، ولكن استنماء(177) عرصتها آخر فالأظهر تعينه، وان لم يمكن بيعت» (178).
وأما على إثبات أن حقيقة الوقف هي الإيقاف فان الأمر بعدم البيع لأعيانها اعم من المسجد فيشمل جميع ما أوقف على الجهات العامة فالمساجد والمشاهد والقناطر والخانات والبقاء والمدارس وذلك لعدم ملكيتها لأحد دون الوقف الخاص كالوقف على الأولاد أو على العناوين العامة كالفقراء والعلماء . قال السيد الخميني (ره) :
«الأوقاف على الجهات العامة التي مر أنها لا يملكها أحد كالمساجد والمشاهد والمقابر والقناطر ونحوهما، لا يجوز بيعها بلا إشكال في الأوليين وعلى الاحوط في غيره، وان آل إلى ما آل حتى عند خرابها واندراسها، بحيث لا يرجى الانتفاع بها في الجهة المقصودة اصلاً، بل تبقى على حالها، هذا بالنسبة إلى أعيانها» (179).
من خلال ذلك يمكن استظهار أقوال الفقهاء بنحوين :
النحو الأول: إلحاق أراضي العتبات المقدسة بالمساجد لأنه قدر متيقن من التحرير .
النحو الثاني: عدم الإلحاق .
وسبب هذا الاختلاف ناجم عن أن وقفية تلك الأراضي هل هو على نحو التمليك أم على نحو التحرير.
فعليه تكون وقفية العتبات بعد ثبوتها على قولين :
القول الأول: إنّ حقيقة الوقف بحسب تقسيماته مما يتقوم بأمرين ويكون تحريراً وهو مختص بالمسجد فقط. وعليه لا تجري مستثنيات الوقف ويجري على باقي الأقسام الأخرى لان حقيقة الوقف فيها تمليك .
القول الثاني: إنّ حقيقة الوقف هو الإيقاف أي عدم الملكية وعدم السلطنة وهو عين التحرير، فلا يدخل في ملك الواقف ولا الموقوف عليه وعليه يكون الحكم ما دام لم يكن هناك تمليك فحكمه يكون حكم أراضي المساجد .
الفرع الثالث: ما أوقفت عليه العتبة :
ان وقفية كل أرض أو بناء أو أي شيء مما يصح وقفه لابد أن تكون الأعمال المستخدمة فيه على حسب ما يشترطها الواقف وقد ورد عنهم (ع) أنهم قالوا: «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها إن شاء الله» (180) إلا ما لا يجوّزه الشرع، فتكون الأعمال مما يتعارف الإتيان بها، وقد أُثبت في المقام الأول إلحاق العتبات المقدسة بالمساجد من حيث الأحكام، فتسريه تلك الأحكام الواجبة والمستحبة والمحرمة والمكروهة والمباحة للمساجد(181) واردة كذلك في هذا المحور للعتبات المقدسة إلا ما خرج بالدليل خصوصاً بعد معرفة أن تلك الأماكن للمعصومين (ع) مما تقصد للزيارة والاستفادة منها والتزود بالتشرف بتلك القبور، فعليه يكون استعمالها فيما هو متعارف من الزيارة، والصلاة وإقامة مجالس الوعظ والإرشاد والدرس والتدريس والتعازي ومما هو مستفاد في ضوء إرشادات العلماء .
فلا تخلو الوقفية إما أن تكون:
(1) مطلقة ـ لم يحددها الواقف ـ فيحددها المتشرعة بما يراه من المناسب لمثل هذه الأماكن المقدسة من تعظيم وإعلاء .
(2) أو إذا قال الواقف في سبيل الله، فينصرف إلى كل قربة، لان المراد من السبيل الطريق إلى الله أي إلى ثوابه ورضوانه، فيدخل فيه كل ما يوجب الثواب .
(3) أو إذا قال في سبيل الخير وسبيل الثواب، فيكون ايضاً نفس المراد من معنى القول الثاني لاشتراط الثلاثة في هذا المعنى(182).
فتحصل: إن وقفية أراضي العتبات لم يرد نص صريح فيها، وان مثبتات الوقف، لا يحصل العلم بها إلا بعد الرجوع إلى ولاية الحاكم الشرعي وتثبيتها من قبله وإجراء صيغة الوقف وما يتعلق به من تحديد شروط تخص الأرض والبناء والأعمال .
وان أقوال الفقهاء انحصرت على قولين :إن المساحات المشيّد عليها العتبات لاتخلو إما أن تكون على نحو فك الملك أو فك ملك وتحرير .
وان الأعمال الموقوفة داخل العتبات تابعة إلى شرط الواقف مع التعيين ومع الإطلاق فالتحديد للمتشرعة بما يراه من المناسب لتلك الأماكن المقدسة .
***
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(32) ظ: تحفة الساجد في أحكام المساجد: الخوانساري، محمد مهدي، مطبعة المعارف: بغداد الطبعة الاولى: 1376هـ: 49 .
(33) بصائر الدرجات: الصفار: محمد حسن، مطبعة الأحمدي: طهران، 1404هـ ص261، والوسائل: الحر العاملي، ج1: باب 16 من أبواب الجنابة حديث 1 .
والرواية مروية عن محمد بن الحسن الصفار، عن أبي طالب ـ يعني عبد الله بن الصلت ـ عن بكر بن محمد، أما صحة سند هذه الرواية من حيث وثاقتها :
أ ـ محمد بن الحسن الصفار: توفي 290هـ من أصحاب الإمام الحسن العسكري (ع) وثقة النجاشي وقال عنه: وجهاً من أصحابنا القميين، ثقة عظيم القدر راجحاً قليل السقط في الرواية. وعد له كتب منها بصائر الدرجات. وطريق الشيخ الصدوق إليه صحيح في غير كتاب بصائر الدرجات، بل فيه أيضا على الأظهر. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج16: 265 .
ب ـ ابن الصلت: هو عبد الله بن الصلت، أبو طالب القمي مولى بني تميم، وثقه النجاشي وقال عنه: مسكون إلى روايته روى عن الرضا (ع)، وعده الشيخ الطوسي من رجاله، وكذلك النراقي. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج11: 237 .
ج ـ بكر بن محمد الازدي: قال عنه النجاشي وجه من هذه الطائفة، من بيت جليل بالكوفة، وكان ثقة، عده الطوسي من رجاله، وقال عنه له أصل، ووثقه العلامة. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي: ج4: 260 .
(34) الإرشاد: المفيد: تحقيق مؤسسة آل البيت (ع)، دار المفيد للطباعة: بيروت، الطبعة الرابعة 1993م، ج2: 185، والوسائل: ج1: باب 16 من أبواب الجنابة: حديث 2 .
(أ) محمد بن محمد بن النعمان المفيد قال عنه النجاشي: فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية، والثقة والعلم توفي 413هـ يعرف بابن المعلم انتهت إليه رئاسة الأمامية في وقته روى عن احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد. مشيخة التهذيب: في طريقه إلى الحسين بن سعيد ومحمد بن الحسن الصفار. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج18 :221 .
(ب) أبو بصير: قال عنه النجاشي: يحيى بن القاسم ثقة، مات سنة 150هـ، عده الشيخ من أصحاب الإمام الصادق، ولد مكفوفاً، كما ذكر ذلك العلامة، وكنيته لعدة أشخاص منهم عبد الله بن محمد الاسدي، وليث بن البختري المرادي، ويحيى بن القاسم، ولكن المعروف بأبي بصير هو الأخير إلا مع القرينة على إرادة غيره فهو المراد. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج21: 79 .
(35) كشف الغمة: الاربلي، ابن ابي الفتوح، دار الأضواء: بيروت، الطبعة الثانية: 1985م، ج2: 326، والوسائل: ج1: باب 16 من أبواب الجنابة: حديث 3.
علي بن عيسى في (الكشف الغمة) نقلاً من كتاب (الدلائل) لعبد الله بن جعفر الحميري عن أبي بصير .
(أ) علي بن عيسى: الشيخ بهاء الدين، أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي: كان عالماً، فاضلاً، محدثاً ثقة، جامعاً للفضائل والمحاسن، له كتب منها كشف الغمة في معرفة الأئمة، فرغ من تأليفه 687هـ. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج13: 113 .
(ب) عبد الله بن جعفر الحميري: يكنى أبا العباس، وثقه الشيخ، وعد له كتب منها (كتاب الدلائل). عده الشيخ تارة من أصحاب الإمام الرضا (ع) وأخرى من أصحاب الهادي (ع) وثالثة في أصحاب العسكري (ع) .
(36) الخرائج والجرائح: الراوندي، سعيد بن هبه: ج1: 246. والوسائل ج1: أبواب الجنابة، حديث 4.
(37) رجال الكشي: الكشي ص114، والوسائل: ج1: باب 16 من أبواب الجنابة، حديث 5 .
(38) ظ: الوسائل ج3: باب 21 من أبواب أحكام المساجد: حديث 1 .
(39) جواهر الكلام: ألنجفي، ج3: 418 .
(40) وهي الادلة التي يلتزم الفقيه بها على ما يبتنيه لنفسه من اسس اصولية وفقهية ورجالية وعلاجية لتعارض الادلة في اصدار فتواه، وليست بالضرورة ان تكون موافقة لغيره وكلما كثر الفقهاء كثرت احتمالات الاختلاف في المبنى. ظ: نظرات الى المرجعية: العاملي، 41 .
(41) سورة الحج: 32 .
(42) سورة الحج: 30 .
(43) ظ: التنقيح: الغروي، ج6: 320 .
(44) مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام: السبزواري، عبد الأعلى، مطبعة الآداب: النجف الاشرف، 1977م. ج3: 37 .
(45) تنقيح المناط: التنقيح هو التنقية والتهذيب، والمناط: اسم لموضع التعليق، وإطلاق لفظ المناط، يراد به العلة فعليه يكون المراد منه: هو إمكانية تعدية الحكم من مورد النص الذي اكتنف بمجموعة من الأوصاف والحيثيات إلى موارد أخرى، ليست واحدة لتلك الأوصاف والحيثيات ما عدى العلة المنقحة. ظ: المعجم الأصولي: صنقور، محمد، مطبعة عترة قم المقدسة، الطبعة الثانية: 1426هـ، ج1 :578 .
(46) ظ: مهذب الأحكام: السبزواري: ج3: 158 .
(47) ظ: التنقيح: الغروي: ج2: 311 .
(48) مستند الشيعة في أحكام الشريعة: النراقي، احمد بن محمد، مطبعة ستاره: قم، الطبعة الاولى: 1415هـ، ج2: 292 .
(49) ذخيرة المعاد: السبزواري ص52 سطر 44، ط حجري، ومدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام: العاملي، محمد بن علي الموسوي، مطبعة مهر، قم، ط1، 1410هـ ج1 ص282 .
(50) مستمسك العروة الوثقى: الحكيم، محسن، مطبعة الآداب: النجف الاشرف، ط1: 1968، ج3 ص49.
(51) ظ:ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة: الشهيدالأول ج2ص278،وروض الجنان في شرح إرشاد الأذهان: الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي: قم، ط1: 1422هـ، ج1: 223 .
(52) ظ: التنقيح في شرح العروة الوثقى، الغروي، ج5: 403 .
(53) كتاب الطهارة: الأنصاري، ج1: 327 .
(54) ظ: التنقيح في شرح العروة الوثقى: كتاب الطهارة: الغروي، ج5: 403.
(55) ظ: كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء: كاشف الغطاء، جعفر مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي: خراسان، ط1: 1422هـ، ج2: 179 .
(56) ظ: الحدائق الناضرة: البحراني، ج3: 52 .
(57) الوسائل: ج19 من أبواب ديات الأعضاء، باب 25 حديث 3 .
(58) ظ: فقه الصادق (ع): الروحاني، ج1: 43 .
(59) ظ: التنقيح في شرح العروة الوثقى: الغروي، ج5: 402 .
(60) مصباح المنهاج: كتاب الصلاة: الحكيم، محمد سعيد، مطبعة يادان: قم، ط1: 1996م، ج3 : 415 .
(61) ظ: التنقيح في شرح العروة الوثقى: الغروي، ج5: 405 .
(62) ظ: مستند الشيعة: النراقي، ج2: 293 .
(63) إن رواية الشيخ المفيد (قده) المروية عن أبي بصير مروية بلا واسطة، مضافا إلى تفاوت في الطبقة، فوفاة أبو بصير 150هـ ووفاة الشيخ (ره) 413هـ، فكيف يمكن أن يروي عنه وهو أمر غير ممكن هكذا . وأيضا رواية جابر الجعفي إرسالها للسبب نفسه التفاوت في الطبقة مع عدم وجود الواسطة .
وأما رواية الكشي في الرجال: فان في الحديث ضعفا متعددا، نظراً إلى سنده الذي فيه عن ـ رجل ـ فمن هذا الرجل ؟ كذلك لم يصرح في الرواية أن الشخص المدخول عليه من هو ؟ وأما رواية صاحب الجواهر فإنها لم تنقل إلا عنه ودون ذكر سند لها .
(64) ظ: الرعاية في علم الدراية: الشهيد الثاني: 138 .
(65) معجم رجال الحديث: الخوئي، ج1 65 .
(66) ظ: التنقيح في شرح العروة الوثقى: كتاب الصلاة: الغروي، ج5: 403 .
(67) مصباح الفقيه: الهمداني: اقا رضا، مطبعة حيدري، طهران ج1 ق1: 235 .
(68) فقه الصادق: الروحاني، محمد صادق، ج1: 41 .
(69) فقه الصادق: الروحاني، محمد صادق، ج1: 41.
(70) ظ: مصباح الفقيه: الهمداني، ج1 ق1: 233 .
(71) مستند الشيعة: النراقي، ج2: 293 .
(72) جواهر الكلام: النجفي، ج3: 53 .
(73) التنقيح: الغروي، ج6: 336 .
(74) مصباح الفقيه: الهمداني، ج1: 236 .
(75) ظ: بحوث في شرح العروة الوثقى: الصدر محمد باقر، دار التعارف للمطبوعات: بيروت، الطبعة الاولى: 1408هـ، ج4: 306 .
(76) الفتوى التي ليس عليها دليل جازم ولكن الفقيه يأخذه من فقه الدليل بحيث لا يمكن له ترك العمل به تماماً، ولا دليل له على كون الحكم ألهيا بل يلزم العمل به من الناحية العقلية أو النفسية للخروج من العهدة ـ التكليف المتوقع ـ. ظ: المفاتيح الفقهية للرسالة العملية: محمد الكعبي ج1: 9، 10.
(77) ظ: منهاج الصالحين: السيستاني: علي الحسيني، مطبعة: مهر: قم، الطبعة الأولى، ج1: 64، ومنهاج الصالحين: الفياض، محمد إسحاق، مطبعة أمير: قم، الطبعة الأولى، ج1: 76، ومنهاج الصالحين: الخراساني، وحيد: ج2: 48.
(78) منهاج الصالحين: الخوئي، أبو القاسم، مطبعة الديواني: بغداد، الطبعة التاسعة والعشرون ج1: 48 .
(79) التنقيح: الغروي، ج6: 436 .
(80) ظ: تهذيب الأحكام، الطوسي، ج6، باب زيارة النبي وزيارة ألائمه (ع).
(81) الوسائل: من أبواب أحكام المساجد، باب 59: حديث 1 . الرواية مروية عن الكليني عن محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب :
أ ـ محمد بن يحيى العطار من مشايخ الكليني يروي عنه كثيراً.ظ:معجم رجال الحديث:الخوئي ج9: 43.
ب ـ احمد بن محمد: وقع بهذا العنوان في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء سبعة الآلف ومائة وأربعة وستين مورداً وهو مردد بين جماعة، والتمييز يكون بالراوي والمروي عنه. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج2: 213 .
ج ـ ابن فضال: مجموعة من هذا البيت لقبوا بهذا اللقب منهم الحسن بن علي وولداه علي واحمد وغيرهم، وهم فرقة قالوا بإمامة عبد الله بن الإمام الصادق (ع) وتعللوا بأنه اكبر ولده وسموا بالفطحية، لان عبد الله كان افطح الرجلين ـ أي عريضهما ـ أو كان افطح الرأس وكثير منهم ثقات في النقل كبني فضال، وقد قيل للإمام أبي محمد العسكري (ع) لما ظهرت الفطحية ـ من بني فضال ـ ما نصنع بكتبهم وبيوتنا ملأى منها ؟ فقال: «خذوا ما رووا ودعوا ما رأوا». فلذا كانت الطائفة عملت بما رواه بنو فضال. ظ: من لا يحضره الفقيه: الصدوق، ج4: 542 .
د ـ يونس بن يعقوب: قال عنه النجاشي: هو أبو علي الجلاب البجلي الدهني، اختص بابي عبد الله وأبي الحسن 8 وكان يتوكل لأبي الحسن (ع) ومات بالمدينة في أيام الرضا (ع) فتولى أمره وكان حظياً عندهم، موثقاً. عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق (ع) وأخرى من أصحاب الكاظم (ع) وثالثة من أصحاب الرضا (ع). وعده الشيخ المفيد في رسالته العددية من الفقهاء الأعلام. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج21: 229 . ووجه اعتبار من جهة توثيق ابن فضال، وما استدل به على الوثاقة من جهة ما قاله فيهم الإمام العسكري (ع) من الرواية المتقدمة لا يصمد أمام: أولاً: ضعف الرواية بعبد الله الكوفي فانه ضعيف . وثانياً: الرواية في مقام بيان أن فساد العقيدة بعد الاستقامة لا يضر بحجية الرواية على الفساد، وليست في مقام أنه يؤخذ بروايته حتى إذا روى ضعيفا أو مجهولا ومع هذا التردد حكم بالاعتبار. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي: ج1: 67 .
(82) ظ: كشف الغطاء: كاشف الغطاء، ج2: 130 .
(83) الوسائل: ج1: أبواب استحباب الطهارة لدخول المسجد: باب 10، حديث: 2 .
(84) م. ن: حديث: 4 .
(85) الأمالي: الصدوق: 545.
(86) القواعد الفقهية: البجنوردي، ج5: 294 .
(87) الجواهر: النجفي، ج6: 98.
(88) ظ: منهاج الصالحين: السيستاني: ج1: 147: منهاج الصالحين: الفياض ج1: 181، منهاج الصالحين: الحكيم ج1: 143 .
(89) ظ: التنقيح: الغروي: ج2: 312 .
(90) ظ: الحدائق الناضرة: البحراني، ج3 ص49 .
(91) الوسائل: الحر العاملي، باب 15 من أبواب الجنابة.
(92) سورة النساء: 43 .
(93) ظ: مجمع البيان: الطبرسي، أبو علي الفضل، شركة المعارف الإسلامية بيروت 1379هـ ج2 :52.
(94) ظ: كتاب الطهارة: الأنصاري، ج2: ص586 .
(95) سورة التوبة: 28 .
(96) ظ: الحدائق الناضرة: البحراني، ج3: 53 .
(97) جواهر الكلام: النجفي ج3: 221 .
(98) كامل الزيارات: ابن قولويه: 267 .
(99) الدرة النجفية: بحر العلوم مهدي، مطبعة أمير: قم المقدسة، الطبعة الثانية :1414هـ، 100 .
(100) منهاج الصالحين: السيستاني، ج1: 64 .
(101) منهاج الصالحين: الفياض، محمد إسحاق، مطبعة أمير: قم، ج2: 17.
(102) منهاج الصالحين: الحكيم، محمد سعيد، مطبعة دار الهلال: بيروت، الطبعة الثالثة 2004م .
(103) الوسائل: الحر العاملي ج1 ،: باب 15 من أبواب الجنابة حديث 17 و10 .
(104) م.ن: 10 .
(105) ظ: جواهر الكلام: النجفي، ج3: 52 .
(106) لتردده بين نوح بن شعيب البغدادي الذي وثقه الشيخ (قده)، وبين نوح بن شعيب الخراساني والنيشابوري، الذي لم يوثق، مع وحدة طبقتهما، واتحاد الراوي والمروي عنه، ومع التردد بين الثقة وغير الثقة، لا يمكن الاستدلال بالرواية بوجه. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج20: 199.
(107) التنقيح: الغروي، ج6: 426 .
(108) التنقيح: الغروي، ج6: 436 .
(109) ظ: م. ن، ج5: 415 .
(110) منهاج الصالحين: الخوئي، ج1: 48 .
(111) منهاج الصالحين: الفياض، ج1: 76 .
(112) هي الفتوى التي ليس عليها دليل جازم، والدليل له شيء من القوة، فلا يستطيع الفقيه تركه، فيأمر بفعله بلاإلزام، وليس فيه دلالة على الاستحباب. ظ:المفاتيح الفقهية للرسائل العملية: محمد الكعبي ج1: 11.
(113) المسائل المنتخبة: الروحاني، محمد صادق، مكتبة الإيمان: بيروت، 1996م: 24 .
(114) منهاج الصالحين: السيستاني: ج1: 64 .
(115) الفقه: الشيرازي، محمد: كتاب الطهارة، دار العلوم: بيروت، الطبعة الثانية: 1987م، ج5: 172 .
(116) ظ: اقرب الموارد في فصيح العربية والشوارد: الشرتوني: سعيد الخوري: مطبعة أسوه قم، الطبعة الاولى: 1416هـ مجلد 5، مادة: وقف .
(117) ظ: لسان العرب: ابن منظور: مجلد 5: مادة وقف .
(118) تذكرة الفقهاء: العلامة الحلي، ج2: 427 .
(119) مستدرك الوسائل: النوري ج14، باب 2 من أبواب الوقوف والصدقات، حديث 1.
(120) ظ: فقه الإمام جعفر الصادق: مغنية، محمد جواد، دار العلم للملايين: بيروت، الطبعة الثالثة: 1978م، ج5: 117 .
(121) ألفاظ تعني التسلط على استيفاء المنفعة مع بقاء الملك على صاحبه، فان كانت السكنى مطلقة أو محددة بمدة من الزمان قيل سكنى وان قيدت بالعمر أي مدة عمرك أو عمري قيل عمرى، وان قرنت بالمدة قيل رقبى مثل ان يقول أرقبتك هذه الدار مدة كذا، ظ: تحرير الأحكام: العلامة الحلي ج3: 320 .
(122) سورة التوبة: 60 .
(123) بحارالانوار: المجلسي: ج2: 22 .
(124) الكافي: الكليني، ج7: باب ما يلحق الميت بعد موته حديث: 5 .
(125) شرح مسلم: النووي: دار الكتاب العربي: بيروت 1987م، ج5: 14 .
(126) ظ: الوسائل: الحر العاملي ج14: باب 18 استحباب زيارة فاطمة (ع) حديث: 4 .
(127) ظ: الأماكن المقدسة في العالم: هيئة محمد الامين: 84 ـ 110 .
(128) كل شجر ذي شوك: ظ: مجمع البحرين: الطريحي، ج4: مادة خمط .
(129) الوسائل: ج2، باب استحباب بذل الأرض المملوكة ليدفن فيها المؤمنين باب 12: حديث 1 .
(130) مستدرك الوسائل: الميرزا النوري ج14، باب حد حرم الحسين(ع) الذي يستحب فيه التبرك حديث 7.
(131) ظ: التنقيح: الغروي: ج9: 264 .
(132) ظ: التنقيح: الغروي: ج9: 264 .
(133) م.ن .
(134) المرفوعة: هي الرواية التي لا يذكر سندها، بل أكتفي بكلمة رفعهُ ونحوها .
(135) ظ: الملاحق: ملحق رقم (4) .
(136) دليل القضاء الجعفري: عبد الله نعمه، ج2: 175 .
(137) ظ: كشف الغطاء: كاشف الغطاء: ج4: 361 .
(138) ظ: ملحق رقم (1) فتاوى الفقهاء حول الطبيعة الفقهية للعتبة على أنها وقف .
(139) ظ: منهاج الصالحين: السيستاني: ج2: 387 .
(140) الخلاف: الطوسي، ج3: 548 .
(141) ظ: جواهر الكلام: الجواهري: ج28: 62 .
(142) ظ: الوقف وأحكامه في الفقه الإسلامي: شمس الدين، محمد جعفر، دار الهادي: بيروت، الطبعة الاولى: 135 .
(143) ظ: الكافي في الفقه: ابوالصلاح الحلبي، نشر مكتبة الإمام أميرالمؤمنين علي(ع) العامة، أصفهان، 324.
(144) ظ: تحرير المجلة: كاشف الغطاء، محمد حسين، مطبعة فجر الإسلام: إيران، الطبعة الاولى: 2005م، ج5: 140 .
(145) ظ: جامع المقاصد في شرح القواعد، الكركي، علي بن الحسين، مطبعة المهدية: قم المقدسة، الطبعة الاولى: 1408هـ، ج9: 16 .
(146) الكافي: الكليني، ج7: باب صدقات النبي (ص) وفاطمة والأئمة، حديث: 8.
(147)مجمع البحرين: الطريحي، فخر الدين، مطبعة الآداب: النجف الاشرف، ج5 مادة (بتل).
(148) ظ: العروة الوثقى: اليزدي: ج6: 347.
(149) فقه الصادق (ع): الروحاني، ج16: 222 .
(150) المبسوط في فقه الإمامية: الطوسي، محمد بن الحسن، المكتبة المرتضوية: طهران، ج3: 287 .
(151) ظ: مسالك الإفهام إلى تنقيح الشرائع: الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مؤسسة المعارف الإسلامية: قم الطبعة الثالثة: 1425هـ، ج5: 376 .
(152) ظ: فقه الصادق: الروحاني، ج16: 223 .
(153) ظ: كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي: ابن إدريس، محمد بن منصور، مؤسسة النشر الإسلامي، قم المقدسة، الطبعة الثانية: 1410هـ: ج3: 154 .
(154) مسالك الإفهام: الشهيد الثاني، ج5: 377 .
(155) الحدائق الناضرة، البحراني، ج22: 206 .
(156) ظ: العروة الوثقى: اليزدي، ج6: 347 .
(157) جامع المقاصد: الكركي، ج9: 61 .
(158) ظ: شرح اللمعة الدمشقية: الشهيد الثاني، مطبعة الآداب: النجف الاشرف، منشورات جامعة النجف الدينية، ج3: 164 .
(159) ظ: جامع المقاصد: الكركي: ج9: 61 .
(160) العروة الوثقى: اليزدي، ج6: 347 .
(161) منهاج الصالحين: السيستاني، ج2: 388 .
(162) بلغة الفقيه: بحر العلوم، ج2: 158 .
(163) كتاب البيع: الخميني روح الله، مطبعة مدرسة العروة الوثقى إيران، الطبعة الاولى: 1421هـ، ج3: 124.
(164) ظ: جواهر الكلام: النجفي، ج22: 358 .
(165) كتاب البيع: الخميني، ج3: 124 .
(166) ظ: المكاسب: الأنصاري منشورات جامعة النجف الدينية، مطبعة الآداب: النجف الاشرف، ج4: 61.
(167) منهاج الصالحين: الخوئي، ج2: 248 .
(168) تحرير الوسيلة: روح الله الخميني، دار التعارف: بيروت، 1424هـ، ج2: 75 .
(169) ظ: كتاب البيع: الخميني، ج3: 25 .
(170) منهاج الصالحين: السيستاني، ج2: 390 .
(171) منهاج الصالحين: السيستاني، ج2: 388 .
(172) ظ: جامع المقاصد: المحقق الكركي، ج9: 62 .
(173) ظ: المكاسب: الأنصاري، ج4: 61 .
(174) تحرير المجلة: كاشف الغطاء: محمد حسين: مطبعة فجر الإسلام: إيران، الطبعة الاولى 2005م، ج5: 140 .
(175) ظ: كتاب البيع: الخميني، ج3: 124 .
(176) كتاب البيع: السيد الخميني، ج3: 124.
(177) هو: تحويل العين الموقوفة على غير العنوان الذي أوقفت لأجله كالبستان الذي أطالته يد الخراب ولم يمكن إعادته إلى سابق عهده بالإجارة أو الرهينة أو غيرها، وجواز هذا بعد أن يكون لحاظ الواقف العين والعنوان .
(178) منهاج الصالحين: السيستاني، ج2: 416 .
(179) تحرير الوسيلة: روح الله الخميني، دار التعارف: بيروت، 1424هـ ج2: 75 .
(180) الكافي: الكليني، ج7: باب ما يجوز من الوقف، حديث: 35 .
(181) ظ: تحفة الساجد في أحكام المساجد، الخوانساري: 162 .
(182) ظ: اللمعة الدمشقية: الشهيد الثاني، ج3: 184 .