المبحث الثاني
أنواع المتولين
على القول بان العتبات المقدسة وقف فالولاية نوعان: الأصلية والفرعية والمبحث فيه مطالب ثلاثة :
ـ المطلب الأول: الولاية الأصلية على الوقف .
الولاية الأصلية: وهي تسلط شرعي وقيام بأمر الوقف ابتداءً من قبل الواقف أو الموقوف عليه أو الحاكم الشرعي أو عدول المؤمنين من دون اشتراط أو تعيين من قبل أحد وبثبوتها يجوز لهم الجعل للغير على نحو التولية أو النظارة أو الوكالة أو الوصية .
هذه التولية لمن له الحق فيها :
أولاً: الواقف :
اجمع الفقهاء على أحقية الواقف في الولاية الأصلية على وقفه في ضمن العقد الذي بموجبه يوقف ذلك الشيء .
قال العلامة (ره): «حق الواقف في التولية في الأصل ـ لأنه أصل قربة الوقف منه ـ فهو أحق أن يقوم بايصائها أو صرفها في مظانها ومواردها، فإذا وقف فلا يخلو: إما أن يشترط التولية لنفسه أو لغيره أو يطلق ولا يذكر شيئاً، فإن شرطها لنفسه صح ولزم، لأنه آكد بشرطه بمقتضى الأصل .... ولا نعلم فيه خلافاً، وإن شرطها لغيره لزم عندها ولم يجز لأحد مخالفته عند علمائنا» (45).
وقد استدل الفقهاء على أحقية الواقف في الولاية على وقفه بالأخبار الشريفة ومنها :
(1) مكاتبة الصفار: إنه كتب إلى أبي محمد الحسن بن علي في الوقف، وما روي فيه عن آبائه G فوقع (ع): «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها إن شاء الله»(46).
(2) رواية ربعي بن عبد الله عن أبي عبدالله(ع) قال: «تصدق أميرالمؤمنين (ع) بدار له بالمدينة في بني زريق فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب وهو حي سوي تصدق بداره التي في بني زريق صدقة لا تباع حتى يرثها الله الذي يرث السموات والأرض، واسكن هذه الصدقة خالاتهِ ما عشن وعاش عقبهن، فإذا انقرضوا فهي لذوي الحاجة من المسلمين»(47).
ويفهم من النص أن التحديد بخالاته وعقبهن هو بحسب صلاحية الولاية على وقفه من دون جعل جاعل أو مراجعة غيره ليحصل الأذن منه على جعل تلك الوقفية .
(3) رواية أبي بصير المرادي، في كيفية جعل التولية في وقفية السيدة فاطمة الزهراء (ع): قال: قال أبو جعفر (ع): ألا أحدثك بوصية فاطمة (ع) قلت: بلى، فأخرج حقاً أو سفطاً فأخرج منه كتاباً فقرأه :
«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد (ص)، أوصت بحوائطها السبعة بالعواف والدلال والبرقة والمبيت والحسنى والصافية ومال أم إبراهيم إلى علي بن أبي طالب، فإن مضى علي فالي الحسن، فإن مضى الحسن فإلى الحسين، فإن مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدي ... » (48).
هذه الكيفية بالإمضاءات من قبل الواقف تجري إذا جعل أمر التولية لنفسه ضمن عقد الوقف، بناءً على ما تقدم من زوال ملكيته بعد الوقف وصيرورته كالأجنبي.
قال السيد الخميني (ره): «إنما يكون للواقف جعل التولية لنفسه أو لغيره حين إيقاع الوقف، وفي ضمن عقده وأما بعد تمامه فهو أجنبي عند الوقف، فليس له جعل التولية لأحد، ولا عزل من جعله متولياً عن التولية، إلا إذا اشترط لنفسه ذلك... ويجوز أن يجعل لكل متولٍّ أن ينصّب متولياً بعده» (49).
يظهر مما تقدم أن الواقف لو شرط لنفسه الولاية على الوقف استمرت ولايته، ولو أسندها لغيره صح ولزم، وكذا لو اشترط لنفسه عزل المتولي، وعليه فان هذا الافتراض اليوم غير منتج بالنسبة للعتبات المقدسة. وذلك لعدم معلومية الواقف وعليه ستكون التولية جعلية لا أصلية .
ثانياً: الموقوف عليه :
تقدّم الكلام في لابدية أن يلي أمر الوقف من متولٍ حفظاً للوقف، فإذا لم يعين الواقف متولياً فهل يحق للموقوف عليهم التعيين في الولاية الأصلية باعتباره وقفاً عاماً بناءً على انتقال ملكية العين لهم ولو ملكاً غير طلق؟
والجواب: إن الأوقاف العامة عندما قسمها الفقهاء باعتبار الجهة كالمسجد أو العنوان كالفقراء والعلماء، اختلفوا هناك في إلحاق المشاهد المشرفة بالمسجد بالجهة أم بالعنوان وكانت علة الاختلاف في ذلك هو حقيقة الوقف وماهيته، من حيث إلحاق المشاهد بالتحرير أو بالتمليك؟
وعلى القول ـ بالتحرير ـ يصير الملك بلا مالك فتكون التولية بيد الحاكم، وأما على الثاني (التمليك) فوقع الاختلاف، إلى أقوال: الانتقال إلى الموقوف عليه، أو إلى الله سبحانه، أو التفصيل بين الوقف العام والخاص. وبالجملة: فقد ذهب أغلب الفقهاء إلى جعل التولية بيد الحاكم ايضاً، بل إذا لم يعين الواقف متولياً اصلاً حتى بالوقف الخاص تكون التولية بيد الحاكم(50).
واستدل له على ذلك:
اولاً: أصالة عدم الولاية للموقوف عليهم، وهي أصالة الاستصحاب، وذلك لأننا نتيقن بأنه لا ملكية لهم في العين الموقوفة للعين وإنما يكون لهم حق الانتفاع ومع الشك يستصحب الأصل .
ثانياً: تعلق حق للموقوف عليهم مستمر إلى البطون اللاحقة ايضاً، فليس للموجودين امتياز عن غيرهم(51) ممن سينتفع بالوقف .
ثالثاً: بعد تمامية الوقف وصيرورة الواقف كالأجنبي، وعدم وجود متولٍ، وكون تولي الوقف على الجهات العامة من الأمور الحسبية فمثل هذه الأمور لابد من الرجوع بها إلى الحاكم(52).
ومن هنا حكم الفقهاء على تولية الوقف العام مع عدم التعيين إلى الحاكم لا إلى الموقوف عليهم بعكس عدم التعيين على الوقف الخاص فانه ينتقل إليهم .
قال السيد السيستاني دامت بركاته: «إذا لم يجعل الواقف متولياً للوقف، ولم يجعل حق نصبه لنفسه أو لغيره فالمال الموقوف، إذا كان موقوفاً على أفراد معينة على نحو التمليك كأولاد الواقف جاز لهم التصرف في العين الموقوفة بما يتوقف عليه انتفاعهم منها فعلاً دون أخذ إجازة أحد... وأما إذا كان المال موقوفاً على جهة عامة... فالمتولي له في حال عدم نصب الواقف احد للتولية، وعدم جعل حق النصب لنفسه أو لغيره هو الحاكم الشرعي، أو المنصوب من قبله» (53).
لأجل ذلك إذا قلنا بان العتبات المقدسة من جنس الوقف على جهة عامة، على وجه التأبيد، ولم يضع الواقفون ـ على فرض تحققهم ـ متولياً، ولم يجعلوا النصب حقاً لهم، فانه للحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله أن يجعل فيها من يتولي إدارتها ولا تصل النوبة إلى الموقوف عليهم.
ثالثاً: الحاكم الشرعي :
لتحديد صلاحيات الفقيه والحاكم الشرعي، انقسم الفقهاء في صلاحياته من حيث السعة والضيق إلى عدة اتجاهات أهمها :
الاتجاه الأول: الولاية العامة المطلقة:
وهذه الولاية ـ الإمرة ـ تجعل للولي الفقيه الحاكم الشرعي جميع الصلاحيات المخوّلة للمعصوم من نبي أو إمام، لأنه يتمتع بصفات النيابة عنهم باستثناء ما ورد فيه دليل خاص يستثني الفقيه، كإعلان الجهاد الابتدائي الذي يتعلق بالمعصوم وحده كما أفاده العلامة (ره): «الجهاد قد يكون للدعاء إلى الإسلام، وقد يكون للدفع بأن يدهم المسلمين عدو. فالأول لا يجوز إلا بإذن الإمام العادل ومن يأمره الإمام، والثاني يجب مطلقاً» (54).
فتكون ولايته نافذة على الناس، ويجب عليهم الالتزام بكل أحكامه المتعرضة لشؤونهم العامة أو الخاصة كفرض الضرائب، أو امتلاك بعض البيوت وهدمها دون إذن أصحابها وذلك لترتب مصلحة عامة كفتح طريق أو غيره وهي اليوم تسمى (ولاية الفقيه العامة) وقد أشار لها السيد الخميني (رحمه الله) بقوله: «إن ما للرسول والإمام من ولاية في تشكيل الحكومة والتنفيذ والإدارة هو قائم للفقيه ايضاً» (55)
ويقول ايضاً: «ما يقوم للرسول (ص) والأئمة G من ولاية يقوم للفقيه ايضاً. وليس ثمة شك في هذا الأمر، إلا ما ورد فيه دليل بخلاف ذلك، ونحن نخرج هذه الموارد ايضاً» (56).
الاتجاه الثاني: الولاية الخاصة والمحدودة:
وهذه الولاية تمنح الفقيه الحاكم من السلطة في القضاء والفتيا، ويملك حق إصدار الأحكام في الموضوعات العامة أو الخاصة فينفذ حكمه فيها، كما ينفذ حكمه في القضايا الشرعية، ولكنه لا يمتلك الولاية العامة التي يمتلكها المعصوم(57).
وقد ذكر الفقهاء العديد من الموارد العامة والخاصة لنفوذ حكم الحاكم منها :
(1) الطلاق بحكم الحاكم: قال الشيخ الطوسي (ره): «ومتى لم يقم الرجل بنفقة زوجته وبكسوتها، وكان متمكناً من ذلك ألزمه الإمام النفقة أو الطلاق» (58).
(2) الحكم بثبوت الهلال: ذكر صاحب الجواهر (ره) «ظاهر أقوال الأصحاب أن رؤية الهلال تثبت بحكم الحاكم، بسبب إطلاق الأدلة التي تدل على نفوذه، ومن رد على هذا الحكم، فقد رد على المعصومين G والرد حرام، سواء في موضوعات المخاصمة أو غيرها» (59).
ومثله في القضايا الاقتصادية بالنسبة إلى إرغام المحتكر على بيع بضاعته واستخدام القوة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإذنه والتصرف في الأموال التي لا قيم عليها(60).
وما نحن فيه من الأوقاف العامة من هذا القبيل فإذا لم يعين الواقف ولياً للوقف كانت الولاية للحاكم أو من ينوب عنه، ويسقط حق الواقف والموقوف عليهم في رد ذلك لأنه من المصالح العامة التي يرجع بها إلى الإمام (ع) أو نائبه بعموم النيابة.
بل ذكرها صاحب العروة (ره): «وحتى لو كان قصد الواقف تفويض حق الانتفاع الى الجميع، لم يكن للأفراد حق التصرف دون إذن الحاكم»(61).
هذه الصلاحية للحاكم تدور بين مسألتين:
المسألة الأولى: في حق الحاكم في الولاية الأصلية على الوقف مع عدم وجود المتولي أو الناظر الخاص .
والظاهر ما عليه علماء الأمامية على أحقية الحاكم في الولاية الأصلية على الأوقاف، وثبوتها له عند عدم وجود الناظر الخاص واستدل له بالرواية المشهورة عن النبي (ص) :
(1) «إن السلطان ولي من لا ولي له» (62).
والرواية مروية عن طريق كتب العامة وهي مشهورة وضعيفة، ولكنها مجبورة بعمل الأصحاب، بل ذكر صاحب الجواهر (ره) استغنائها عن الجابر فقال: «ولاية الحاكم المستفادة من نحو قوله (ص): «السلطان ولي من لا ولي له» وغيره المراد به قائم قيام الولي حيث لا ولي غيره استغنت عن الجابر في خصوص الموارد» (63).
وبهذه السلطة يثبت له الفتوى والقضاء، وقد أخذ الفقهاء(64) هذه الرواية قاعدة لهم، وطبقوها على ما يتفرع عليها من المسائل الفقهية، ولاية الحاكم على الصبي والمجنون والمحجور عليه .
والمتبادر من أقوال الفقهاء أن المراد من السلطان هو :
(1) الإمام (ع) ، كما أشار إليه صاحب الحدائق (ره): «المتبادر من السلطان هو إمام الأصل كما لا يخفى» (65).
(2) الفقيه المأمون بشرائط الاقتداء والحكم، وقد ذكر هذه السلطة النراقي (ره): «والمراد من له السلطة والنائب العام كذلك، وان لم ينفذ سلطانه على الفساق والظلمة» (66).
والذي عليه فقهاؤنا هو الرأي الثاني «لان السلطان من له السلطة على غيره والإمام (ع) وان كان مصداقه الكامل إلا أن للفقيه ايضاً السلطة على غيره وهو الحاكم المنفذ للحكم ... فمقتضى إطلاق الخبر هو جعل الولاية له» (67).
ولازم جعل الولاية له، إناطة كل حكم أو تصرف يتعلق به كأن يكون مالكاً له والوقوفات من جملة هذه التصرفات .
وقد أشارت الروايات الدالة على ولاية الحاكم الشرعي ـ الفقيه ـ والتي تفيد مع عدم تعيين الواقف للأوقاف العامة ولياً لها إلى الرجوع إلى رواة أحاديثهم فهم الحجة على عامة الناس وهو G حجة على الرواة(68).
وهنا يرد تساؤل: لماذا عند عدم تعين التولية من قبل الواقف في ضمن صيغة العقد لا تنتقل إلى الواقف أو إلى الموقوف عليه ؟
ويمكن مناقشته: أما جهة عدم انتقالها إلى الواقف فلأسباب :
السبب الأول: على القول بعدم بقاء الملكية به بعد الوقف فلخروج الأمر من يده وصيرورته كالأجنبي .
السبب الثاني: على القول ببقاء ملكه فكذلك لا يقتضي أن له حق التولية، لان هذه الملكية بعد الوقف لا تقتضي التولية على المملوك، وان كان له جواز التصرف .
وللرد على الإشكال: إن القول بالملكية لازمه استصحاب جواز التصرف، وتعين المتولي احد مجوزات التصرف عليه.
وجوابه يتضح من خلال أن جواز التصرف «من آثار الملك المطلق لا من آثار مطلق الملك» (69) كما أشار إليه صاحب العروة .
المسألة الثانية: في حق الحاكم في التصرف مع وجود الناظر الخاص .
المستفاد من كلام الفقهاء: أن تصرف الحاكم وإنابته في إدارته وتوليته للوقف العام تصل النوبة إليه ـ كما تقدم ـ في صورة ما إذا لم يعين الواقف متولياً، وأما إذا كان الواقف قد نصب متولياً وقد توفرت الشروط المعتبرة في ذلك المتولي فلا دليل لسلطة الحاكم الشرعي عليه، إلا إذا خرج عن الأهلية فحينئذ تكون التولية إليه وذلك من خلال الأمور الآتية :
الأمر الأول: الرجوع إلى الحاكم إذا عين الواقف متولياً ولم يكن اهلاً لها أو خرج عن الأهلية فيكون «وجوده حينئذ كالعدم بلا فرق حينئذ بين العدم الأصلي للمتولي والعدم العارضي في شموله دليل ولاية الحاكم لكليهما»(70).
الأمر الثاني: على فرض القول بعدالة المتولي، فلو جعل الواقف التولية لعدلين من أولاده مثلاً ولم يكن فيهم إلا عدل واحد، فيتعين على الحاكم ضمّ عدل إلى الأول، وذلك لكي يحقق الحاكم غرض الواقف وهو تعلقه بتولية عدلين، فإما أن يقوم الحاكم بنفسه بها أو ينصّب عدلاً آخر حفظاً لغرض الواقف .
الأمر الثالث: عدم وجود عدل فيهم اصلاً فعلى فرض انتقال التولية إليه لعدم تحقق غرض الواقف، فهل اللازم على الحاكم نصب عدلين أو يكفي نصب واحد ؟ قولان :
القول الأول: نصبه الاثنين وذلك لتحقيقه غرض الواقف .
القول الثاني: نصب واحد فان غرض الواقف يتحقق بالواحد .
ولكن الغرض محكوم بما له من موضوعية للتعدد، بيّنها السيد السبزواري (ره): «هذا في صورة عدم كون التعددية له موضوعية خاصة وأما لو علم بالقرائن أن للتعدد موضوعية خاصة مطلقاً في نظر الواقف حتى في غير صورة وجود العدلين في الأولاد، ويثبت مراعاة ما هو منظوره مطلقاً وجب التعدد حينئذٍ، ومنه يعلم وجه الاحتياط» (71). وقد تقدم كفاية الأمانة فيمن ينصبه الحاكم أو المتولي .
رابعاً: عُدول المؤمنين:
أفاد الفقهاء على أن الأوقاف المنوط ولايتها للحاكم الشرعي أو من نصّبه، ففي صورة عدم الوصول إليهما هل تعود التولية إلى عدول المؤمنين(•2) وتكون ولايتهم ضمن الولاية الأصلية ؟
وهنا لابد لنا من معرفة أن ولاية عدول المؤمنين هل هي في عرض ولاية الحاكم الشرعي أو في طولها ؟
وتكمن الفائدة في هذا البحث :
أولاً: لبيان أن ولاية عدول المؤمنين هل هي من سنخ ولاية الفقيه فيثبت بولايتهم الحكمان الوضعي والتكليفي أم من جهة الانتقال الترتيبي الأشبه بالوكالة فيثبت بولايتهم الحكم التكليفي فقط ؟
ثانياً: هل اعتبار العدالة في ولاية عدول المؤمنين موضوعاً أم طريقاً للإتيان بالعمل والقيام به على الوجه الشرعي ؟
فان كانت موضوعاً فلا يثبت الحكم إلا بوجود موضوعه فالانتقال إلى عدول المؤمنين (بشرط شيء)، وإن كانت طريقاً، فالعدالة المنساق منها هي الوثاقة والأمانة ـ للانسياق العرفي ـ، وإتيان الفعل على الوظيفة الشرعية .
فقد استظهر الفقهاء أن رتبة الانتقال إلى ولاية المؤمنين في عرض ولاية الحاكم الفقيه، وتكون تلك الولاية متضمنة للوثاقة والأمانة واستدلوا لذلك بروايات منها:
1 ـ صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع(73)، قال: «مات رجل من أصحابنا ولم يوص، فرفع أمره إلى قاضي الكوفة، فصيّر عبد الحميد(74) القيم بماله، وكان الرجل خلف ورثة صغاراً، ومتاعاً، وجواري، فباع عبد الحميد المتاع، فلما أراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهن، إذ لم يكن الميت صيَّر إليه وصيته، وكان قيامه بأمر القاضي لأنهن فروج.
قال: فذكرت ذلك لأبي جعفر (ع) وقلت له: يموت الرجل من أصحابنا، ولا يوصي إلى احد، ويخلّف جواري فيقيم القاضي رجلاً منا فيبيعهن، أو قال: يقوم بذلك رجل منا فيضعف قلبه لأنهن فروج، فما ترى في ذلك ؟ قال: فقال: إذا كان القيم به مثلك ومثل عبد الحميد فلا بأس» (75).
فإن كلام الإمام (ع) لابن بزيع بعدم البأس إذا كان القيام بهذه المهمة ـ القيمومه ـ مثلك أو مثل عبد الحميد، يحتمل منه أن القيم مثلك هو :
(1) التماثل في المذهب.
(2) العدالة.
(3) الفقاهة.
(4) مجرد الوثاقة .
فان كانت الوثاقة بمعناها الاصطلاحي وهي (المَلَكَة) توقفت الكثير من الأعمال، والعرف يرى أن المراد بتلك العدالة الاستقامة والوثاقة لعدم الدليل على غيره .
وأكد هذا المعنى السيد السبزواري(ره): «ولا دليل على تعيين العدالة والمنساق العرفي منه الوثاقة والأمانة، وإتيان العمل على طبق الوظيفة الشرعية» (76).
2 ـ صحيحة علي بن رئاب(77): قال: «سألت أبا الحسن موسى (ع) عن رجل بيني وبينه قرابة مات وترك أولاداً صغاراً وترك مماليك غلماناً وجواري ولم يوصِ، فما ترى فيمن يشري منهم الجارية فيتخذها أم ولد ؟ وما ترى في بيعهم ؟ قال: فقال: إن كان لهم وليّ يقوم بأمرهم باع عليهم ونظر لهم وكان مأجوراً فيهم، قلت: فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية فيتخذها أم ولد ؟ فقال: لا بأس بذلك إذا باع عليهم القيم لهم الناظر فيما يصلحهم، فليس لهم أن يرجعوا فيما صنع القيم لهم الناظر فيما يصلحهم» (78).
فالصحيحة تحدد من خلال «الناظر فيما يصلحهم» عمله وتقتضي وظيفته الشرعية كفاية الوثاقة والأمانة .
3 ـ موثقة زرعة(79)، وتدلّ صراحة على كفاية الوثاقة والأمانة في تصرف الناظر، فعن زرعة، عن سماعة قال: «سألته عن رجل مات وله بنون وبنات صغار وكبار من غير وصية، وله خدم ومماليك وعقد(80)، كيف يصنع الورثة بقسمة ذلك الميراث ؟ قال: إن قام رجل ثقة قاسمهم ذلك كله فلا بأس» (81).
ـ المطلب الثاني: في الولاية الفرعية على الوقف (النظارة).
الولاية الفرعية على الوقف: هي تسلط شرعي وقيام بأمر الوقف بالاشتراط أو التعيين الجعلي من قبل من له الصلاحية على ذلك وهذا ما يطلق عليه في كلمات الفقهاء بـ (النظارة) .
والنظارة لغة: مأخوذة من نَظَرَ، يَنظرُ، والنظر والبصر والرؤية: نظائر في اللغة تقول نظرتُ إلى كذا: أي هو تأمل الشيء بالعين، والنظر من دون ذكر العين، نظرت في الكتاب ونظرت في الأمر: أي تفكيراً فيه وتدبيراً بالقلب(82).
أما في الاصطلاح، فهي: «جعل القيمومة على الوقف مع حفظ عنوانه، لا جعل المزيل له ومن يتصدى إبطاله» (83).
التعريف يشير إلى جعل شرعي خاص لمن يتصدى لهذا المنصب. وقد عُبر عن النظارة في بعض الأخبار بالولي، فمن له الأحقية في منح تلك القيمومة أو النظارة ؟ وما هي مؤهلات من يتصدى لتلك المهمة ؟
وظيفة الناظر :
يرى الفقهاء أن مهمة الناظر ووظيفته تكون ضمن مجالين :
المجال الأول: أن تكون أعمال المتولي باطلاعه، فيكفي فيه الاطلاع فقط،
فيكون نظر الناظر مجرد طريق لإثبات صلاح التولية للمتولي .
المجال الثاني: أن يكون بنظره وتصويبه(84). أي زيادة على الاطلاع فلابد من استحصال المتولي لأذنه ، فيكون لنظره صلاحيات خاصة .
وبناءً على المجالين:
فالأول: يلزم أن تكون أعمال المتولي باطلاع الناظر، ولا يلزم أخذ الإذن منه، بل النظارة قائمة على الاطلاع فقط .
وأما الثاني: فان اطلاع الناظر فقط غير كافٍ وحده، بل أن المتولي لغرض نفوذ تصرفاته لابد من أخذ الإذن أو إقرار الناظر على تصويب ذلك العمل .
ومع القول بالتعيين يكون العمل بذلك الشرط. وأما مع عدمه فلابد للمتولي وهو في مقام العمل من الجمع بين الأمرين وذلك «من جهة أصالة عدم جواز عمله ونفوذ تصرفاته إلا بالأمرين» (85).
فعليه إذا تم الوقف بلا شرط كان الواقف كالأجنبي عن الوقف لا سيما في عدم إثبات حق له في تعين ناظر للوقف، لان الواقف لما حبّس العين فقد أخرجها عن ملكه، فلا يملك التنصيب ولا العزل .
وكذلك بالنسبة لمن جعل النظارة له فمات، فيدور التعيين لناظر آخر على نفس ما شرطه الواقف في متن عقد الوقف لنفسه، فالصلاحية المخول بها تجري بحسب ما ذكره في العقد، وإلا انتقلت تلك الصلاحية الى شخص آخر له هذا الدور .
الولاية الفرعية ـ النظارة ـ تكون حق من ؟
اولاً: الواقف:
اتفق الفقهاء على حق الواقف أن يجعل شخصاً آخر غير المتولي على الوقف يسمى ناظر الوقف أو يجعل لنفسه هذا المنصب قال الشيخ الطوسي (ره): «إذا أوقف على قوم وجعل النظر في الوقف إلى نفسه كان النظر إليه» (86).
ويدلّ على جوازه العمومات والاطلاقات:
(1) عموم قاعدة السلطنة لقوله (ص): «الناس مسلطون على أموالهم» (87) لان ما أوقفه مالاً، وهذه السلطنة باقية ما دام لم يوقف وتسلب بعد الوقف إذا لم يشترط مع الوقف شيء.
(2) الاطلاقات، وتلحظ في: مكاتبة الإمام أبي محمد العسكري (ع) حيث جاء في توقيعه الشريف: «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها» (88).
(3) كون شرط جعل الناظر من الواقف ليس فيه مخالفة للكتاب أو السنة .
(4) الإجماع قائم على ذلك والسيرة(89) حاكية لذلك العمل من دون معارض.
ثانياً: الموقوف عليه :
تعيين الموقوف عليه لناظر الوقف متوقف على إثبات حقهم في تعيين المتولي، فإن تمسكنا بالقول بمنع الولاية الأصلية عنهم، فمن باب أولى منعهم عن تعيين الناظر، لأنه اذا كان لا يملك النظر لنفسه فكيف يملكه لغيره .
وان تمسكنا بالقول بإعطائهم الحق في تلك الولاية فلهم الأحقية في تعيين الناظر. قال شيخ الطائفة الطوسي (رحمه الله): «إذا وقف على قوم وجعل النظر في الوقف إلى نفسه كان النظر إليه، وإن أطلق ذلك قيل فيه وجهان، بناءً على انتقال الملك، فمن قال: ينتقل إلى الله فالنظر إلى الحاكم في الوقف، ومن قال ينتقل إلى الموقوف عليه فالنظر إليهم» (90).
وقد رجّح الفقهاء الرجوع إلى الحاكم على كلا التقديرين وذلك بان: المصلحة التي تعود بمنافعها على الوقف لا تقتصر تلك المنافع على الطبقة الأولى الموجودة، بل إنما تتعدى إلى البطون الأخرى، وهي من المصالح المهمة التي لا يقوم بأعبائها إلا الحاكم الشرعي(91).
ثالثاً: الحاكم الشرعي :
اتفق الفقهاء على أن حق تعيين الناظر على الوقف في صورة عدم تعيينه من قبل الواقف للحاكم الشرعي، فبعد اتفاقهم على جعل الولاية الأصلية له عند عدم تعيين الواقف متولياً، فله الأحقية في إسناد هذا المنصب إليه أو إلى غيره، حيث أنها من الصلاحيات المخولة للحاكم الشرعي (المجتهد).
وأشار إلى ذلك الشيخ الكبير كاشف الغطاء (ره) قال: «ولو لم يعين الواقف ناظراً فان عين كان المعين والمجتهد ناظر عليه إذا أخل أو أفسد ومع عدم المنصوب تكون النظارة للمجتهد بعد غيبة الإمام (ع) روحي له الفداء، لأنه قائم مقامه في الأحكام فله المباشرة بنفسه ونصب قيم من قبله يتولى إلى إصلاحها وتعميرها وفتح أبوابها وسدّها وحفظها وهدم عمارتها وبيع آلاتها ونحو ذلك وإن رأى الصلاح في منع أحد من الدخول فيها أو رأى نصب إمام عوض إمام أو خادم عوض خادم وجب إتباعه» (92).
وتدل على الإنابة في النظارة إسناد نظارة الشيخ صاحب الجواهر (رحمه الله) على موقوفات المشهد الرضوي المقدس لجناب الميرزا محمد صادق الرضوي كما ورد في هذا النص:
«أذنت لعالي الجناب صاحب الفضائل والفواضل والعوارف والمعارف، سلالة السادات الأطياب، وخلاصة السابقة الأقطاب، العلامة الفهامة آقا ميرزا محمد صادق ناظر مشهد الإمام علي بن موسى الرضا (ع) فأذنت له في جميع الأمور الراجعة إلى موقوفات الحضرة الشريفة، وسائر الموقوفات على حسب ما أوقفها أهلها على حسب ما يراه صلاحاً وكان ذلك في ربيع الأول سنة 1263هـ» (93) .
وعلق عليها شيخ العراقيين الشيخ عبد الحسين الطهراني (ره) بعد منحه الميرزا النظارة من قبله «قد تشرفت بملاحظة هذه الورقة الشريفة التي عليها خط ملاذ الشيعة، وقوام الشريعة شيخ الطائفة، من انعقد عليه الاتفاق، واشتهر اشتهار الشمس في الآفاق الراقي أقصى مدارج العلم والتقى، والفائز بالكرامة البالغة التي ليس لها منتهى، شيخنا واستاذنا ووالدنا صاحب المفاخر والمآثر الشيخ محمد حسن ابن الشيخ باقر (قدس الله نفسه الزكية)، ولعمري أن الإمضاء الصادر منه وقع في محل قابل ... وقد احتذيت حذو الشيخ الأستاذ وآذنته لجناب السيد المخدوم بل ألتمس منه أن ينوب حتى في ما يرجع إلى مثلي، وان لم أكن لذلك أهلاً فهو أهل، وقام بمنصب النظارة بعده ولده الميرزا محمد كاظم الشيخ محمد صادق» (94).
ـ تفويض الولاية :
تفويض الولاية: عبارة عن تنازل المتولي أو الناظر عن ولاية الوقف أو نقلها إلى غيره وتفريغ نفسه منها، وإقامته مقام نفسه استقلالاً . ولابد هنا من بيان أمور :
الأمر الأول: تفويض الولاية إما أن يكون ممن له الولاية الأصلية على الوقف، وذكر ذلك التفويض ضمن عقد الوقف أو ولاية الحاكم الشرعي، فإن مثل هذا التفويض سائغ لثبوت هذا الحق للواقف العامل بالوقف المشروط، وللحاكم بقانون السلطنة والحاكمية فيكون ثبوت هذا الحق حينئذٍ له ممن له حق ذلك .
الأمر الثاني: إذا كان التفويض ممن ولايته جعلية، فان اكتسب حق التفويض ممن أعطاه حق الولاية ضمن شرط الوقفية، فان ذلك التفويض يكون سائغاً كذلك لنفس السبب .
الأمر الثالث: إذا كانت ولايته جعلية ولم يؤذن له بالتفويض، فليس له التفويض الى غيره حتى مع عجزه عن التصدي وذلك لـ: «أصالة عدم ثبوت هذا الحق له إلا بدليل خاص، وهو مفقود» (95) بل المنع حتى مع العجز .
قال السيد اليزدي (ره): «ليس للمتولي تفويض التولية إلى غيره مع عجزه عن التصدي إلا اذا جعل الواقف له ذلك عند جعله متولياً، نعم يجوز له التوكيل في بعض ما كان تصديه من وظيفته، اذا لم يشترط عليه المباشرة» (96).
ومشروعية التوكيل من حيث أنها لا تنافي عمل التولية، وذلك أن شؤون الوقف تتطلب إدارته عدة أعمال متنوعة، فلا يشترط أن يكون المتولي ممن يقوم بتلك الأعمال إلا مع اشتراط المباشرة فيدخل الفعل تحت عمومات الأدلة اللازمة لوجوب الوفاء بالشرط .
ـ المطلب الثالث: ولاية السادن :
من الصور التطبيقية على العتبات المقدسة ما يسمى اليوم المتولي بالسادن او السدانة فما هو معناها ؟
السادن في اللغة: خادم الكعبة، والجمع السدانة، وسدانة الكعبة، خدمتها وتولي أمرها وفتح بابها وإغلاقه(97) والسدانة هي الحجابة، وسدنة البيت حجبته(98) .
وفي الاصطلاح: تطلق اليوم على متولي شؤون الإشراف وخدمة العتبات المقدسة، فوظيفة السادن كما ذكرها صاحب ماضي النجف وحاضرها :
«هي الإشراف على شؤون الحرم المقدس، والنظر في مصالحه، والاطلاع على الخدمة وتنظيمهم ووقوفه على منع التعدي على الزائرين والواردين ورتب الخدمة والفراشين والمتولين للإضاءة» (99).
والسادن كلمة مرادفة للفظ (كليدار) والتي هي كلمة فارسية مركبة من كلمتين (كليد) بمعنى المفتاح و (دار) بمعنى صاحب ويقصد بها من عنده المفتاح(100).
ومتولي هذا المنصب لابد أن تتوافر فيه من الصفات والمميزات التي تؤهله وترشحه لنيل الوظيفة. قال الشيخ محبوبه (ره): «يتولاها أشراف الرجال وأعيانهم وجرى على ذلك أولياء الأمور» (101).
وهذه المهمة ـ السدانة ـ كانت في بعض الأحيان تمنح لمن يتولى النقابة (النقيب). ومهمة النقابة صيانة ذوي الأنساب الشريفة عن ولاية من لا يكافئهم في النسب ولا يساويهم في الشرف، ليكون عليهم أحبى، وأمره فيهم أمضى، وقد حددت مهمات النقيب وذكرها الماوردي بإثنى عشر أمراً(102).
فتكون مهمة النقيب جامعة لكلا الأمرين النقابة والسدانه «ولم تقتصر في بلدة المشهد الكاظمي حقوق النقابة الاثنى عشر التي ذكرها الماوردي، بل كانت من جملة حقوقه ومهماته، إن لم يكن أكبرها وأبرزها الإشراف على المشهد نفسه، من حيث عمارته، ونظامه، ومراقبة قوامه، وخدامه، وإعداده الإعداد الوافي بجميع احتياجات الزائرين، بعد أن كانت كل ذلك بيد مشرف خاص يسمى الـ(قيّم) الّذي ليست له سلطة النقيب وأهميته والشروط المعتبرة فيه» (103).
تاريخ السدانة :
لم تكشف المصادر التاريخية بوضوح عن تاريخ السدانة منذ تشييد البناء وعمارة المشاهد للمعصومين G ، فلهذا لا يكون لدينا مدرك مدون نستقصي تاريخ تلك المهمة بسبب ما فرضه الأمويون والعباسيون من المنع في بعض الحقب من السنين من زيارة قبورهم G ، بل ومحاولة محو آثار البعض منها .
ومرت تسمية السادن بأسماء عدّة منها :
(1) الخادم: وهو ما يعتني بشؤون العتبة ويتعاهدها من حيث النظافة والإنارة وفتح الباب وغلقه وكل ما يتعلق بها .
وعلى سبيل المثال، فقد عهدت أم الخليفة المهدي هذه المهمة لمجموعة معينة للقيام بهذه المهمة لحرم الإمام الحسين (ع) «أن أم موسى أم الخليفة المهدي قد صيّرت على القبر خدمة يتولون شؤونه ويقومون بخدمته، وقد أجرت لهم راتباً معيناً، وحذا الرشيد حذوها في ذلك بادئ أمره فكان هؤلاء أول سدنة رسميين للحائر الشريف»(104).
وقد حظي بشرف الخدمة من الرجال للحرم العلوي في النجف الاشرف في العصور الوسطى ومن الأسر العلمية آل طحال وآل الحكيم، وآل الخرسان وآل الخياط وآل الرفيعي وآل زوين وآل كمونه وآل خليفة وآل شعبان وآل شمسه وآل عنوز وغيرهم(105).
(2) الخازن: إن مهمة الخازن الرئيسة هي حفظ الأموال للمدينة، ولكن هذا المنصب قد يُسند إلى متولي شؤون العتبة مثلما يتولى النقيب بالإضافة إلى عمله هذه الخدمات للعتبات الشريفة: «وفي العراق يشمل جميع ما يؤول إلى الحضرة الشريفة من رئاسة وتولي خزانة المشهد، وغير ذلك ولهذا يعبر عنه كثيراً بالخازن» (106).
فقد ذكر ابن طاووس ما حصل في زيارة عضد الدولة البويهي فناخسرو إلى العراق سنة 371هـ انه أجزل العطايا لكل طبقة على حدة. ومن جملة من أجزل له: الخازن والبواب(107).
(3) السادن: برز اسم السادن في الربع الأخير من القرن الرابع الهجري، وذلك عندما عمّر البويهيون حرم الإمام(ع) وولديه الحسين والعباس(ع). قال الشيخ محبوبه: «لما عمر البويهيون المرقد العلوي عينوا السادن والخدمة وأجروا عليهم الأرزاق»(108) وجرت تلك التسمية إلى سائر العصور من بعدهم كالصفويين والعثمانيين.
وقد تعاقب على سدانة المشاهد المشرفة أسر علمية عريقة في مدينة النجف وكربلاء والكاظمية ومشهد وسامراء(109).
وقد تولى منصب السدانه أو من انيطت له هذه المهمة :
أولاً: المراجع الدينية :
(1) جاء في ترجمة علي بن حمزة بن محمد بن احمد بن شهريار الخازن هو آخر أعلام أسرة آل شهريار، الذي تولى الزعامة الدينية في مدرسة النجف الاشرف سنة 572 هـ. وقد كثرت الرحلة إليه من أهل العلم ورواد الحديث، وكان المعول عليه في إدارة رحى العلم بعد الشيخ الطوسي (ره)، وهو العاقد لحلقات الحديث، والمتكفل بإلقائه(110). وعبرت عنه كتب الرجال «الشيخ الأمين الصالح الفقيه» (111).
2 ـ العلماء: لما كانت السدانة من المراكز المهمة والسامية فإن أكثر من تقلدهم العلماء وذلك «لمكانتهم عند السلطان وجلالة قدرهم، وهم اعرف بمكانة صاحب القبر» (112) وقد تولاها العديد، ومنهم :
1. شمس الدين بن شجاع، القاضي الحائري الاسدي الذي له شهرة كبيرة ومكانة علمية سواء في الأصول أو في الفروع، وأخذ الإجازة بالرواية من الشيخ زين الدين المعروف بالشهيد الثاني، وقد تولى سدانة الروضتين الحسينية والعباسية قبل شوال عام 963هـ وبقي إلى ما بعد 990هـ(113).
2. صاحب الحاشية (ملا عبد الله بن الملا محمد طاهر) عالم وابن عالم وأبو علماء(114).
3. الميرزا أبو القاسم الحسيني المرعشي كان عالماً جليلاً محدثاً فقيهاً نسابة تولى تولية روضة الإمام علي بن موسى الرضا بخراسان(115).
4. الشيخ محمد آل الشيخ كاظم حفيد الوحيد البهبهاني كان عالماً فقيهاً، من صلحاء الكاظمية وفضلائها، له من المؤلفات حاشية على المعالم وحاشية على القوانين وحاشية على استصحاب الشيخ مرتضى الأنصاري له بعض الكراريس في الفقه .
اعطي له منصب النظارة على الأستانة المقدسة، وجاء الفرمان بذلك في سنة 1219هـ من فتح علي شاه(116).
مضافا إلى انه تسلم هذا المنصب الإشراف وذوو الاحساب والشرف الرفيع(117).
ولاية السادن من قبل السلطان :
جرت العادة في مطلع القرن العشرين، وعند تشكل الدولة القطرية بعد الحرب العالمية الأولى، أن عهد بالأوقاف إلى مؤسسات الدولة ومن تلك وزارة سميت بوزارة الأوقاف في اغلب البلدان العربية والإسلامية وتعني الوزارة: عبارة عن رجل موثوق به في دينه وعقله يشاوره الخليفة فيما يعين له من الأمور(118).
وذكر الماوردي في الأحكام السلطانية(119) لاشتقاق اسم الوزارة وجوه وواجبات الوزير واختياره عدة أمور تراجع في مظانها.
والمراد من الوزارة في هذا المبحث ما كانت لأخذ المناصب كمنصب القضاء والسياسة وتدبير نظام، وليس المراد منها ما كانت على الغائبين والمجانين والأيتام .
وقد حظي اهتمام الدول بالأوقاف العامة لأمور منها :
1 ـ إهمال بعض الأوقاف العامة أو اندراسها بسبب تولية بعض ذوي الذمم الضعيفة .
2 ـ تحويل بعض تلك الصدقات إلى أوقاف خاصة، والتصرف بالمنافع لأغراض شخصية .
3 ـ إناطة هذا العمل بشكل مركزي سلطوي يتيح للعين الموقوفة استغلالها بالوجه التي أوقفت من أجله .
وقد اتجهت الحكومات المتعاقبة في بلدان العتبات إلى الإشراف بنفسها من خلال إصدار قوانين الأوقاف(120) أو إلى تأسيس مديرية ترتبط بديوان الأوقاف تكون مهمتها العناية بإدارة الأوقاف العامة ومنها العتبات المقدسة، وتكون هذه المديرية من الدوائر الدائمة لتقوم بالصرف على الجهات المذكورة، مما يخصص لها من واردات تُعيّن في ميزانية الدولة.
وكانت هي التي تعين السادن وتقيله، وعليه ما هو الموقف الشرعي من ذلك التعيين وذلك من خلال:
ولاية السادن من قبل السلطان:
بحث الفقهاء تولي الولاية بالقياس إلى السلطان وعمله ضمن مسألتين :
المسألة الأولى: الولاية من قبل السلطان العادل .
إن المراد من السلطان العادل هو الإمام (ع) أو من يأذن له، ويدخل فيه الحاكم الشرعي الفقيه المأمون القائم بشرائط الاقتداء والحكم(121).
والمراد من العدالة كما مر التحقيق في مفهومها، أنه ليس لها مفهوم شرعي خاص، بل المعنى الشرعي هو نفس المعنى اللغوي: وهو الاستقامة والاستواء، وتطبيقها على الشرع من حيث استقامة الإنسان في جميع أحواله وأفعاله بحسب موازين الشرع، وهي في السلطان أو الحاكم تكون أشد من القاضي، أو إمام الجماعة أو غيرها.
فلهذا كان العادل: «من اتصف بحالة راسخة من التقوى تبعث على الالتزام العملي الدائم بأحكام الشرع، ويعبر عن هذه الحالة الراسخة بملكة العدل» (122).
وقد اجمع الفقهاء على مشروعية عمل الولاة للقيام بهذه التولية إذا اسندت إليهم من قبل السلطان العادل، وذلك لقيام الوالي بالواجب الشرعي وفق منطق الشرع الدال على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
قال السيد المرتضى (ره): «اعلم أن السلطان على ضربين: محق عادل أو مبطل ظالم متغلب، فالولاية من قبل السلطان المحقق العادل لا مسألة عنها، لأنها جائزة»(123).
وهذا الجواز من قبل السلطان العادل إما أن يكون على نحو الاستحباب أو الوجوب إلى شخص موجود .
قال الشيخ الطوسي (ره): «تولي الأمر من قبل السلطان العادل، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، الواضع الأشياء مواضعها، جائز مرغّب فيه، وربما بلغ حد الوجوب، لما في ذلك من التمكين من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ووضع الأشياء مواضعها» (124).
وقد أشار إلى كلا الوجهين العلامة (ره) بقوله: «سلطان الحق، يستحب خدمته والعمل من قبله، ويجب مع الإلزام، ويجوز اخذ جوائزه» (125).
واستدلوا على ذلك بـ :
1. رواية تحف العقول: «فوجه الحلال في الولاية، ولاية الوالي العادل، الذي أمر الله بمعرفته، وولايته والعمل له في ولاته ... فالولاية له، والعمل معه، ومعونته في ولايته، وتقويته حلال محلل وحلال الكسب معهم وذلك لان في ولاية والي العدل وولاته، إحياء كل حق وكل عدل» (126).
2. المعاونة على البر والتقوى، والخدمة للإمام (ع) .
3. حاكمية العقل والعقلاء وما عليه السيرة والعرف من بث العدالة ونشرها على الأرض على أيدي السلطان العادل ونوابه .
المسألة الثانية: الولاية من قبل السلطان الجائر ، «وهي صيرورته والياً على قوم منصوباً من قبله» (127).
لهذه الرتبة من الولاية حكم الفقهاء بالجملة(128) وبلا خلاف(129)، بل وعن غير واحد دعوى الإجماع(130) عليه بالحرمة لكونها إعانة للظالم .
واستدلوا لذلك التحريم بطائفتين من الروايات :
الطائفة الأولى: حرمة الولاية ذاتاً، وهي أن الولاية من قبل الجائر ـ بحد ذاتها ـ اخذ المنصب منه بنفسها محرمة، وان لم ينضم إليها عمل .
ومن الروايات التي استدلوا بها :
1 ـ رواية تحف العقول عن الإمام الصادق(ع) حيث سئل عن معايش العباد:
«وأما وجه الحرام من الولاية، فولاية الوالي الجائر، وولاية ولاته، الرئيس منهم واتباع الوالي، فمن دونه من ولاة الولاة إلى أدناهم باباً من أبواب الولاية على من هو وال عليه، والعمل لهم والكسب معهم بجهة الولاية لهم حرام ومحرم، ومعذب من فعل ذلك على قليل من فعله أو كثير، لان كل شيء من جهة المعونة له معصية كبيرة من الكبائر، وذلك أن ولاية الوالي الجائر دروس الحق كله، وإحياء الباطل كله، وإظهار الظلم والجور والفساد، وإبطال الكتب، وقتل الأنبياء والمؤمنين، وهدم المساجد، وتبديل سنة الله وشرائعه، فلذلك حرم العمل معهم ومعونتهم، والكسب معهم... »(131).
فالعلل المذكورة في الرواية هي علل تشريعية عامة لكل العصور ناتجة من خلال ما يترتب من مفاسد الولاية من الظلمة وأولياء الجور، وقد أشار السيد الخميني (ره) إلى علة التشريع المتضمنة للحرمة الذاتية بقوله :
«لما كانت المفاسد العظيمة مترتبة على الولاية من قبل الجائر، وان الحكومات الجائرة الباطلة منشأ كل مفسدة حرمها الله تعالى وحرم الدخول فيها في أعمالهم، والولاية من قبلهم، وإلا فالمفاسد المذكورة لم تترتب على كل ولاية، ضرورة أن في عصر بني أميه وبني العباس ـ لعنهم الله ـ لم يكن نبي، لكن المنظور بيان عله التشريع كلياً، فدلالتها على الحرمة الذاتية غير خفية» (132).
2 ـ صحيحة زياد بن أبي سلمة(133): عن الحسين بن الحسن الهاشمي، عن صالح بن أبي حماد، عن محمد بن خالد، عن زياد بن أبي سلمة قال:
«دخلت على أبي الحسن موسى (ع) فقال لي: «يا زياد إنك لتعمل عمل السلطان؟» إلى أن قال «يا زياد لأن اسقط من حالق فأتقطع قطعة قطعة، أحب اليَّ من أن أتولى لأحد منهم عملاً أو أطأ بساط رجل منهم، إلا، لماذا ؟ قلت: لا ادري جعلت فداك، قال : إلا لتفريج كربة عن مؤمن ، وفك أسره ، وقضاء دينه ، يا زياد إن أهـون ما يصنع الله عز وجل بمن تولى لهم عملاً، أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله عز وجل من حساب الخلائق» (134).
فإذا كان الإمام (ع) قد قال ما قال عن تولية ذلك المنصب، قوله (ع) وهو ولي الأمر حقاً، وتمنيه ما تمناه بالرواية أحب إليه من دعوتهم إلى تولية شيء من أعمالهم خير شاهد على الحرمة الذاتية، وهناك العديد من الروايات تدل على هذا المعنى(135).
الطائفة الثانية: حرمة الولاية لمطلق أعمالها .
وهي أن الحرمة غير مختصة بنفس تسلّم المنصب، بل من خلال القيام بتلك الأعمال كما تدل عليه :
1 ـ حسنة أبي بصير(136): عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير قال: «سألت أبا جعفر (ع) عن أعمالهم ؟ فقال لي: يا أبا محمد لا، ولا مدة قلم، أن أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينه مثله»(137).
فالنهي دال على أن عدم الدخول معهم لحفظ دينهم لأنه هناك نوع من الملازمة التي لا تنفك بين الدخول في أعمالهم لإصابة الدنيا وبين اقترافهم للمحرمات .
2 ـ حسنة جهم بن حميد(138)، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن عمير، عن بشير عن ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبد الله (ع): «أما تخشى سلطان هؤلاء ؟ قال: قلت: لا قال: ولم؟ قلت: فراراً بديني قال: وقد عزمت على ذلك ؟ قلت: نعم قال لي: الآن سلم لك دينك»(139).
الرواية تدل بمفهومها أن الدخول في الولاية مع سلامة الدين لا يتحقق إلا نادراً .
3 ـ صحيحة داود بن زربي ، اخبرني مولى لعلي بن الحسين (ع) قال كنت بالكوفة فقدم أبو عبد الله (ع) الحيرة فأتيته فقلت: جعلت فداك، لو كلمت داود بن عليَّ أو بعض هؤلاء، فأدخل في بعض الولايات ؟ فقال: ما كنت لا أفعل إلى أن قال: جعلت فداك ظننت أنك إنما كرهت ذلك مخافة أن أجور أو أظلم، وان كل امرأة لي طالق، وكل مملوك لي حر، وعليَّ إن ظلمت أحدا أوجرتُ عليه وان لم اعدل. قال: كيف قلت ؟ فأعددت عليه الأيمان فرفع رأسه إلى السماء فقال: تناول السماء أيسر عليك من ذلك» (140).
الرواية توجب الملازمة بين الدخول في مناصب السلطان الجائر وعدم بسط العدالة في إدارة المنصب، وذلك لتدخل الظلمة في أكثر الأحيان على قيام المتولي بالفعل المخالف للشريعة الإسلامية وفيها دلالة على مانعية تولي المنصب من جهة العمل .
وبغض النظر عن سند روايات الطائفتين ودلالتهما فانه لا منافاة من الجمع بين الأخبار التي دلت على الحرمة الذاتية وبين التي دلت على التصرف المذكور، وذلك لاختلاف العنوانين وعدم مانعية اتحادهما في الخارج، لما أن لكل منها حكما مستقلا .
وبهذا يظهر من خلال هذه الطائفتين من الروايات أن الحرمة حاصلة بدخول المناصب من قبل ولاة الجور، وتحقيق الحرمة يكون :
1 ـ إما من حيث عنوان المنصب الذاتي سواء أسند له فعل خارجي أم لا ؟
2 ـ أو من حيث التصرف العداوني والذي لا يمكن تحقيق العدالة فيه، وذلك لتدخل السلطان الجائر من خلال قوانين معينة توجب على المتصدي العمل لها وهي تخالف أحكام الشريعة المقدسة .
«فتحصّل من جميع ذلك: إن ما هو من قبيل المناصب والولايات وأمثالها تحرم بعنوانين: أحدهما بعنوان التصرف العدواني، وثانيهما بعنوانها الذاتي، وما لا يكون كذلك، أي ليس من المناصب وشؤون السلطة والحكومة تحرم بجهة واحدة، وهي الدخول في أعمال السلطان» (141).
وعليه يكون العقاب إما مستحقاً لأجل الدخول في الولاية من حيث هي هي، وإما لأجل الدخول في الولاية وانضمام عمل آخر موجب للحرمة .
ثم أن الدخول في ولاية الجائر من خلال ما سنعرضه من أخبار، نجد أن قبول ولاية الجائر تقع على أقسام :
القسم الأول: الدخول في أعمالهم بدافع حب الدنيا ولذة الرئاسة .
القسم الثاني: الدخول لنفس الغاية، ممزوجة مع دافع قضاء حوائج المؤمنين وفعل الطاعات.
القسم الثالث: أن لا يكون الدافع قصد لمال أو الجاه له أو لولده أو لأقاربه إلا فعل الخير المحض، ويكون على ضربين :
الأول: اما فقيهاً: فيكون قصد الدخول إلى الولاية إقامة الأحكام الشرعية .
الثاني: عدم كونه فقيها: فيكون قصده التمكن من إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنهما واجبان عليه .
هذا التقسيم على وفق القصد تكون معرفته بغلبة الظنون وقوة الأمارات، وليس بالأدلة لأنها أمور باطنية خفية، وهي قصور المتصدي. والى ذلك أشار السيد المرتضى (ره):
«فان كان هذا المتولي خليعاً فاسقاً قد جرت عادته بتورط القبائح وركوب المحارم، ورأيناه يتولى للظلمة، فلابد من غلبة الظن بأنه لم يتول ذلك مع عادته الجارية بالجرم والفجور، إلا لأغراض الدنيا ومنافعها .. وان كانت عادته جارية بالتدين والتصويب، والكف عن المحارم ورأيناه قد تولى مختاراً غير مكره لظالم، فالظن يقوى انه لم يفعل ذلك مع الايثار إلا لداعٍ من دواعي الدين» (142).
ولبيان حكم الدخول في تلك الولايات كان للفقهاء أقوال:
القول الأول: الدخول في أعمالهم لغرض حب الدنيا ولذة الرئاسة، وحكمه المنع، حيث أنه أطبق الفقهاء على حرمة الدخول في مثل هذه الولاية وعدم الجواز وقد نفى الخلاف المحقق البحراني(ره) فقال: «لا تجوز بلا خلاف» (143).
واستدل له بـ :
1 ـ رواية إبراهيم بن مهاجر، عن محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن محمد بن سنان عن يحيى بن إبراهيم بن مهاجر(144) قال: «قلت لأبي عبدالله (ع): فلان يقرؤك السلام، وفلان وفلان، فقال: وعليهم السلام، قلت: يسألونك الدعاء قال: ومالهم ؟ قلت: حبسهم ابو جعفر فقال: وما لهم ؟ وماله ؟ ألم أنههم ؟ ألم أنههم ؟ هم النار هم النار هم النار، ثم قال: اللهم اجدع عنهم سلطانهم، قال: فانصرفنا من مكة فسألنا عنهم، فإذا هم قد أخرجوا بعد الكلام بثلاثة أيام»(145).
والظاهر دخول هؤلاء كان لحب الدنيا وطلب الرئاسة، وإلا بماذا يفسر نهي الإمام ثلاث مرات لهم، وعدم امتثالهم لما نهاهم عنه ؟
2 ـ رواية حميد بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن حميد(146). قال: «قلت لأبي عبد الله (ع): إني وليت عملاً فهل لي من ذلك مخرج ؟ فقال: ما أكثر من طلب المخرج من ذلك فعسر عليه، قلت: فما ترى ؟ قال: أرى أن تتقي الله عز وجل ولا تعد» (147) .
فإن تكليف الإمام لحميد بأن يتقي الله عز وجل ولا يعود إلى أعمالهم ظاهرة في حرمة الدخول إلى مناصب الولاة الظلمة أو الجائرة مع تطوعه والرغبة منه لذلك العمل .
القول الثاني: الدخول لنفس الغاية، ولكن يمزج مع تلك الغاية، قضاء حوائج المؤمنين وفعل الطاعات . وحكمه الجواز(148).
وتدل على هذا القول عدة روايات منها :
1 ـ صحيحةالحسن بن الحسين الانباري، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن الحسن بن الحسين الانباري(149). عن أبي الحسن الرضا (ع) قال:
«كتبتُ إليه أذكر أنني أخاف على خيط عنقي، وأن السلطان يقول لي إنك رافضي، ولسنا نشك في أنك تركت العمل للرفض، فكتب إلي أبو الحسن (ع): فهمت كتابك، وما ذكرت من الخوف على نفسك، فإن كنت تعلم أنك إذا وليت عملت في عملك بما أمر به رسول الله (ص) ثم تصيّر أعوانك وكتابك أهل ملتك، وإذا صار إليك شيء واسيت به فقراء المؤمنين حتى تكون واحداً منهم كان ذا بذا وإلا فلا» (150).
فالرواية أجازته، فتحول قضاء حوائج المؤمنين ومواساة الفقراء إلى شرط صحة جعلت مواساة الفقراء، وخدمة الأعوان والكتاب مع الحسن الانباري مسوغاً من مسوغات قبول الولاية من قبل الجائر .
2 ـ رواية محمد بن مهران بن أبي نصير كما في الكافي ومهران بن أبي بصير كما في التهذيب: محمد بن احمد، عن احمد بن الحسن، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن مهران بن محمد بن أبي نصر ـ بصير ـ(151) . عن أبي عبدالله(ع) قال: «سمعته يقول: مامن جبار إلا ومعه مؤمن يدفع الله عز وجل به عن المؤمنين، وهو أقلهم حظاً في الآخرة، يعني أقل المؤمنين حظاً بصحبة الجبار» (152).
والدفع عن المؤمن غاية منشودة لتولي المنصب بالرغم من حاكمية ولاة الجور.
القول الثالث: أن لا يكون له قصد المال أو الجاه له أو لولده أو لأقاربه، إلا فعل الخير المحض، وحكمه الجواز(153) أيضا، وتدل عليه عدة روايات منها :
رواية علي بن يقطين إنه كتب إلى أبي الحسن موسى (ع): إن قلبي يضيق مما أنا عليه من عمل السلطان، وكان وزيراً لهارون، فان أذنت جعلني الله فداك هربت منه، فرجع الجواب: «لا آذن لك بالخروج من عملهم، واتق الله»(154).
وعلي بن يقطين كان من المعروفين بفعل الخير وخاصة للمؤمنين، وطلب الإذن من الإمام (ع) بالهروب فيه دلالة على أن بقائه ليس إلا لفعل ما فيه الصلاح للأمة وليس لحب الجاه أو المال .
من هذه الأقوال المستفادة من الروايات يتضح أن التولية من قبل الجائر تكون على نحوين :
النحو الأول: الحرمة: إذا كانت التولية لحب الدنيا وطلب الرئاسة سواء على القول بالحرمة الذاتية للمنصب، أو كان لحب الدنيا وطلب الرئاسة .
النحو الثاني: الجواز: إذا كان لقضاء حوائج المؤمنين، أو فعل الخير المحض وجعل الفقهاء لذلك الجواز مسوغات :
المسوغ الأول: قبول الولاية بنية القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
المسوغ الثاني: قبول الولاية عن كره ـ الخوف والتقية ـ عن المنكر .
أما المسوغ الأول: قبول الولاية بنية القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد ادعي عليه الإجماع وعدم الخلاف قال العلامة (رحمه الله): «وتحرم من قبل الجائر، إلا مع التمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»(155)، لأن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتحقق به مصالح العباد .
وقال الراوندي (رحمه الله): «إن تقلد الأمر من قبل الجائر جائز إذا تمكن معه من إيصال الحق لمستحقيه»(156).
واستدلوا له بوجوه منها :
(1) قوله تعالى : حكاية عن يوسف (ع): ((اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ))(157) فالآية تدل أن الولاية إن كانت محرمة لذاتها جاز ارتكابها لأجل المصالح والمفاسد .
قال الرازي: «إن السعي في إيصال النفع إلى المستضعفين أو دفع الضرر عنهم أمر مستحسن في العقول، وإذا ثبت هذا فتقول: انه (ع) كان مكلفاً برعاية مصالح الخلق من هذه الوجوه، وما كان يمكن رعايتها إلا بهذا الطريق» (158).
فإن يوسف (ع) وإن كان مستحقاً للسلطة، فاقتصاره على المرتبة التي دونها لايوجب كونه والياً من قبل الجائر، فإن الكلام هو في حرمة الولاية من قبل الجائر بغض النظر عن أن الوالي كان مستحقاً أم غير مستحق .
(2) الروايات الشريفة ومنها :
1. رواية الصدوق (ره) في المقنع . قال: «سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل مسلم وهو في ديوان هؤلاء، وهو يحب آل محمد (ص) ويخرج مع هؤلاء في بعثهم فيقتل تحت رايتهم ؟ قال: يبعثه الله على نيته قال: وسأله عن رجل مسكين خدمهم رجاء أن يصيب معهم شيئاً فيغنيه الله به فمات في بعثهم ؟ قال: هو بمنزلة الأجير، إنه إنما يعطي الله العباد على نياتهم» (159) فالنيات تابعة للأعمال .
ثم انه على القول بالجواز وعدم الحرمة، فماذا يكون الحكم التكليفي للتولية من ذلك السلطان ؟
للفقهاء في المسألة أقوال :
القول الأول: ما يدل على الكراهة وهو ما ذهب إليه الشيخ الأنصاري (ره) كما في رواية مهران بن محمد بن أبي نصر . عن أبي عبد الله (ع) قال: «سمعته يقول: ما من جبار إلا ومعه مؤمن يدفع الله عز وجل به عن المؤمنين، وهو أقلهم حظاً في الآخرة، يعني اقل المؤمنين حظاً بصحبة الجبار»(160).
ووجه الحمل على الكراهة بالإضافة إلى جهالة مهران حمل الشيخ الأنصاري (ره) هذه الرواية عن الكراهة جمعاً بينها وبين الروايات الدالة على الدخول في ولاية السلطان لاجل الإحسان المحض إلى المؤمنين(161).
القول الثاني: ما يدل على الاستحباب من قبل الجائر ، وإليه ذهب الشيخ الطوسي (ره) قال: «وأما سلطان الجور، فمتى علم الإنسان، أو غلب على ظنه انه متى تولى الأمر من قبله لأمكن التوصل إلى إقامة الحدود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقسمه الأخماس والصدقات في أربابها، وصلة الإخوان، ولا يكون في ذلك مخلاً بواجب، ولا فاعلاً لقبيح، فانه يستحب له أن يتعرض لتولي الأمر من قبله»(162).
وقال المحقق (رحمه الله) في شرائعـه : «لو أمن من ذلك أي اعتماد ما يحرم ، وقدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكـر استحبت»(163) . ومثله في النافع (164) والرياض(165).
هذا الحكم استشعره الفقهاء من خلال الروايات:
(1) خبر ابن بزيع عن الإمام الرضا (ع): قال: «إن لله تعالى في أبواب الظلمة من نور الله به البرهان ومكن له في البلاد ليدفع بهم عن أوليائه، ويصلح الله بهم أمور المسلمين ... أولئك حقاً أولئك أمناء الله في أرضه ... فكن منهم يا محمد»(166).
(2) خبر هشام بن سالم عن الإمام الصادق (ع): «إن لله مع ولاة الجور أولياء يدفع بهم عن أوليائه أولئك المؤمنون حقاً»(167).
وقد جمع الشيخ الأنصاري في مكاسبه بين الطائفتين الكراهة والاستحباب بحمل الأولى على من تولى لهم لنظام معاشه قاصداً للإحسان في ذلك إلى المؤمنين ودفع الضرر عنهم . وحمل الثانية على مـن لم يقصد به قولـه إلا الإحسان إلى المؤمنين(168).
القول الثالث: ما يدل على الإباحة: ويستفاد ذلك من صحيح الحلبي، قال: «سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل مسلم وهو في ديوان هؤلاء وهو يحب آل محمد (ص) ويخرج مع هؤلاء بعثهم فيقتل تحت رايتهم، قال: يبعثه الله على نيته» (169).
حيث استظهر الشيخ الأنصاري (قده) من هذه الرواية إباحة الدخول في ولاية الجائر «وظاهرها إباحة الولاية من حيث هي مع المواساة والإحسان بالإخوان، فيكون نظير الكذب في الإصلاح» (170).
ونوقش فيما أفاده (رحمه الله): إن هذه الرواية وإن كانت صحيحة إلا أنها غريبة في دلالتها واستدلالها على المقام فإنها تدل «على أن القتل تحت رايتهم، إن كان بقصد الدفاع عن بيضة الإسلام لا لتقوية سلطانهم يثاب عليه لكونه ناشئاً عن هذه النية، أو على القتل تحت رايتهم لا يوجب ضعفاً في إيمانهم، وانه إن كان مؤمناً حشر مؤمناً، ولا ينظر إلى عمله» (171).
ومما تقدم يعرف أن لا وجه للولاية من الحكم بها على نحو الإباحة أو الكراهة. إما الإباحة فعدم صلاحية الرواية على ما استدل به، وأما الكراهة فان خبر مهران لا يعتمد عليه لجهالته .
القول الرابع: ما يدل على الوجوب: وقد وقع الكلام بين الفقهاء في جهتين :
الجهة الأولى: الوجوب (بشرط شيء) التمكن من القوة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وقد عد الشيخ الأنصاري (ره) بعض الروايات الواردة في التولية من قبل السلطان الجائر واجبة مضموناً قال: «إذا توقف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجبان عليه، فإن ما لا يتم الواجب إلا به واجب مع القدرة» (172).
بل في الجواهـر : «لم يحك عـن أحـد التعبير بالوجـوب إلا عـن الحـلي في السرائر»(173).
الجهة الثانية: ما نسب إلى المشهور عدم وجوب التصدي للولاية من السلطان الجائر وان توقف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجبان عليه .
قال صاحب كفاية الفقيه (ره): «إن ذلك يتوقف على كون وجوبهما مطلقاً غير مشروط بالقدرة فيجب عليه تحصيلها من باب المقدمة وليس بثابت» (174).
ويمكن مناقشته من خلال كفاية القدرة العقلية دون الشرعية كما أفاد ذلك الشيخ الأنصاري: «إن عدم اشتراط الوجوب بالقدرة الحالية العرفية يكفي ولا يحتاج إلى اشتراط القدرة الشرعية» (175).
وقد أشار صاحب الجـواهر (ره) ايضاً إلى عـدم وجـوب التصدي للولاية حتى مع التوقف على الأمر بالمعـروف والنهي عن المنكر ، فانه يرفع ذلك التعارض من خـلال الجمـع العرفي بينهم على نحو التخيير فلا تصل النوبة إلى شرطية القدرة(176).
استدل على هذا القول: بالروايات الشريفة :
عقد الحر العاملي في وسائله الباب الأول من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدال على وجوبهما وتحريم تركهما بخمسة وعشرين رواية .
منها: رواية الأعمش عن الباقر (ع): «والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ذلك، ولم يخف على نفسه ولا على أصحابه» (177).
مضافاً إلى الروايات المستفيضة أو المتواترة على أنه لا بأس بالولاية من قبل الجائر إذا كانت لأجل إدخال السرور على حال المؤمنين(178).
وهذه الروايات إذا وقعت مقدمة للواجب، كانت واجبة شرعاً، كما هو معروف عند الأصوليين أو عقلاً كما اختاره السيد الخوئي (ره)(179).
المسوغ الثاني: قبول الولاية عن إكراه ـ الخوف والتقية ـ، جوز الفقهاء في تسويغ قبول أصل الولاية عن كره من قبل الظالم، وانه لا خلاف ولا إشكال في ذلك، إذا أكره عليه، وتوعد على تركها بما لا يحتمله المكره سواء كان ضرراً مالياً أو عرضياً كما ذهب إليه صاحب النهاية(180) والسرائر(181) والشرائع(182) ونهاية الأحكام(183).
واستدلوا له بـ: (1) الأدلة العامة:
(أ) عموم أدلة التقية:
1. لقوله تعالى: ((إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً))(184)، وقوله تعالى في الاستثناء عن عموم: ((لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء))(185).
2. رواية الباقر(ع): «التقية في كل ضرورة، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به»(186).
(ب) عموم أدلة الإكراه:
مثل المشهور عن النبي (ص): «رفع عن أمتي ... ما أكرهوا عليه» (187).
إلا أن الاستدلال بهذه العمومات لا تساعد على تقلد المناصب من حكام الجور، وهي غريبة عن المدعى وذلك لان الآيات القرآنية دالة على عموم ما دل على حرمة مودة الكفار وكذلك أحاديث نفي الضرر فان الاضطرار غير الإكراه .
(2) الأدلة الخاصة :
أ ـ صحيحة الحسن بن الحسين الانباري: عن أبي الحسن الرضا (ع) قال: «كتبت إليه أربع(188) عشر سنة أستأذنه في عمل السلطان، فلما كان في آخر كتاب كتبته إليه، أذكر أني أخاف على خيط عنقي، وان السلطان يقول أنك رافضي، ولسنا نشك في أنك تركت العمل للسلطان للرفض، فكتب اليَّ أبو الحسن (ع): فهمت كتابك، وما ذكرت من الخوف على نفسك، فان كنت تعلم أنك إذا وليت عملت في عملك بما أمر رسول الله(ص) ثم تصيّر أعوانك وكتابك أهل ملتك، وإذا صار إليك شيء واسيت به فقراء المؤمنين حتى تكون واحداً منهم كان ذا بذا وإلا فلا» (189).
الرواية تدل على جواز الدخول بقيد إدخال الأعوان ومساعدة الفقراء، إلا انه قد يشكل بما حاصله: من أنه كيف يحصل له العلم بإطاعة ما أمر به الرسول (ص) ويدفع هذا الإشكال بـ :
(1) العلم المقصود به إطاعة أوامر النبي (ص) مع فرض الإكراه .
(2) هذا العلم فيه تحذير للمتقلد من الانحراف الاختياري الذي يحصل لبعض الأشخاص من معاشرة المنحرفين والنهي عن الدخول في ذلك العمل إلا مع العزم على عدم الانحراف عن الصراط المستقيم(190).
ب ـ رواية السرائر: إن محمد بن علي بن عيسى كتب إلى أبي الحسن علي بن محمد (ع): «يسأله عن العمل لبني عباس، واخذ ما يتمكن من أموالهم هل فيه رخصة ؟ فقال: ما كان المدخل فيه بالجبر والقهر فالله أولى بالعذر، وما خلا ذلك فمكروه ولا محالة قليله خير من كثيره، وما يكفر به ما يلزمه فيه من يرزقه، ويسبب على يديه ما يسرك فينا وفي موالينا، فكتب إليه في جواب ذلك: اعلمه أن مذهبي في الدخول في أمرهم وجود السبيل إلى إدخال المكروه على عدوه، وانبساط اليد في التشفي عنهم بشيء أتقرب به إليهم، فأجاب من فعل ذلك، فليس مدخله في العمل حراماً، بل أجراً وثواباً» (191).
فعليه، إن الدخول في الولايات والمناصب للجائر لا يجوز مع الاختيار في قبول الولاية عنهم، وإما مع الإكراه فأدلة الفقهاء دلت على الجواز. ولكن هذا الجواز قد يوقع المتولي المكره في عدة محاذير أهمها: الإضرار بالغير من نهب الأموال وهتك الأعراض فهل يكون الإكراه موجباً له التعدي على ذلك لأنه مكره. هذا مع العلم أن الضرر منقسم إلى نوعين: بسيط وشاق. وللفقهاء أقوال :
القول الأول: الإباحة، فانه كما يباح بالإكراه نفس الولاية المحرمة، كذلك يباح به ما يلزمها من المحرمات وهو ما قواه الشيخ الأنصاري (ره) .قال: «إن الإكراه مسوّغ للإضرار بالغير من نهب الأموال وهتك الأعراض وغير ذلك من العظائم حتى ولو كان الضرر المتوعد به على ترك المكره عليه أقل بمراتب من الضرر المكره عليه، كما إذا خاف على عرضه من كلمة خشنة لا يليق به»(192).
وقد استدل له بـ :
(1) عموم دليل نفي الإكراه. قوله (ص): «رفع عن أمتي ... ما أكرهوا عليه»(193). فإن الدليل وارد مورد الامتنان من حيث الدفع عن الضرر المتوجه على تقدير المخالفة .
ولكن فيه: إنه صحيح في مورد امتنان للمكره، ولكن الحكم بجواز الضرر منافٍ إلى ذلك الغير فيقع التزاحم .
(2) أخبار التقية، فعن أبي جعفر (ع) عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع): «إنما جعل التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغ الدم فليس بتقية» (194). فكأنّ التقية تجوّز فيما عدا القتل .
ولكن فيه ايضاً: إن التقية إنما شرعت لحفظ الأعراض والأموال ايضاً قال السيد الروحاني (ره): «العمدة في مصلحة التقية حفظ النفس، فلا تنافي في جواز التقية لغيره أيضاً كحفظ المال أو العرض، وعلى ذلك فهي مسوقة لبيان عدم جواز التقية في تلف النفس، لا لجوازها في غير ذلك المورد، كي يستفاد بها جواز إضرار الغير لدفع الضرر عن نفسه» (195).
القول الثاني: التفصيل بين الضرر المباح والمحرم(196).
(أ) في الضرر المباح: كالإكراه على سرقة مال الغير، فإنه يمكن أن لا يسرق للغير ويأخذه للظالم ويعطيه أمواله: ففي هذه الصورة يلزم على المكره تحمل الضرر، وذلك لان دليل الإكراه مسوق للامتنان على الجميع ـ المكره والغير ـ مضافاً إلى أن دليل نفي الضرر بحكم العدم لوجود المقتضي بجواز الإضرار بالغير .
نعم الرجوع إلى الأدلة المقتضية للحكم بالعناوين الأولية كقوله (ص) «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه»(197) هي كافية بالرجوع إليها في تحمل الضرر بالأمر بالمباح، بخلاف الإضرار بالغير فإنه حرام.
(ب) في الضررين المحرمين: كما لو أكره على سرقة الغير وتوعده بالزنا بمحرم له فإن القاعدة تقتضي الرجوع إلى كبرى قواعد التزاحم، وعدم الاعتماد والركون إلى روايات عموم نفي الإكراه والحرج أو إخبار التقية(198).
أما عموم نفي الإكراه: فلنفس ما تقدم من أن نفي الإكراه والحرج مسوق لمقام الامتنان على الأمة، والحكم بجواز الإضرار منافٍ للامتنان بالإضافة إلى ذلك الغير .
وأما أخبار التقية: فهي لم تشرع لخصوص حقن الدماء بل له ولرفع الضرر المالي أو العرضي أو غيرهما، وذلك لأن أخبار التقية ليست في مقام مشروعية التقية قبل بلوغ الدم، بل المستفاد من الأخبار هو عدم اقتضاء التقية ضد ما شرعت له .
وبهذا يتضح بيان الفقهاء في جواز تولي الولاية من قبل الجائر ضمن مسوغين:
الأول: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة.
والثاني: قبولها مع الإكراه، ومع إجبار الجائر على ظلم غيره هل تقدم مصلحة الولي أو الغير؟ ترجيح الأحكام يختلف باختلاف الضرر البسيط أو المباح أو المحرم فيجب تحمل الأول والثاني والرجوع إلى قواعد التزاحم في الثالث .
وقد ابتليت إدارة العتبات المقدسة بهذا النوع من التولية وكان لابد أن تدار تلك المؤسسات ذات الطابع الديني بما يؤهل متوليها على القيام بكل الأمور الدالة على قبول التولية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم إيقاع الضرر بالآخرين لأجل مصلحة نفسه .
***
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(45) تذكرة الفقهاء: العلامة، ج2: 441 الطبعة القديمة .
(46) الكافي: الكليني، باب ما يجوز من الوقف حديث: 35 .
(47) تهذيب الأحكام: الطوسي، ج أبواب الوقوف والصدقات: حديث: 7 .
(48) الوسائل: الحر العاملي، ج13، باب 10 من أبواب الوقف، حديث: 1 .
(49) تحرير الوسيلة: الخميني، ج2: 82 .
(50) ظ: فقه الصادق: الروحاني، ج2: 341 .
(51) ظ: تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة: اللنكراني، محمد الفاضل، مطبعة: اعتماد، قم، الطبعة الأولى 1424هـ الوقف: 102 .
(52) ظ: مهذب الأحكام: السبزواري، ج 22: 115 .
(53) منهاج الصالحين: السيستاني، ج2: 401 .
(54) منتهى المطلب: العلامة الحلي، ج2: 899 .
(55) الحكومة الإسلامية: الخميني: 63 .
(56) ظ: الحكومة الإسلامية: الخميني: 64 .
(57) ظ: الولاية والحاكمية عند الشيعة: خليل رزق، دار البلاغة، بيروت، الطبعة الأولى: 1423هـ: 152 .
(58) النهاية: الطوسي: 475 .
(59) جواهر الكلام: النجفي، ج16: 359 .
(60) ظ: تحرير الأحكام: العلامة الحلي، ج2: 254.
(61) العروة الوثقى: اليزدي، ج2: 227 .
(62) سنن ابن ماجه: القزويني، محمد بن يزيد، دار الكتب العلمية: بيروت، الطبعة الأولى: 1419هـ، ج2: حديث: 1879: 435 .
(63) جواهر الكلام: النجفي، ج29: 188 .
(64) ظ: قواعد الأحكام: العلامة ج2: 5، و جامع المقاصد: المحقق الكركي ج12: 97.
(65) الحدائق الناضرة: البحراني، ج23: 229 .
(66) مستند الشيعة: النراقي، ج16: 143 .
(67) فقه الصادق: الروحاني، ج16: 184 .
(68) ظ: الوسائل: الحر العاملي ج18: كتاب القضاء، باب 1 من أبواب صفات القاضي حديث 4 وباب 11 من هذه الأبواب حديث 1 .
(69) ظ: العروة الوثقى: اليزدي، ج6: 340 .
(70) مهذب الأحكام: السبزواري، ج22: 117 .
(71) مهذب الأحكام: السبزواري، ج22: 117 .
(72) ظ: مصباح الفقاهة في المعاملات: التوحيدي، محمد علي، تقريرات بحث السيد الخوئي، مطبعة الصدر: قم الطبعة الرابعة: 1417هـ، ج3: 305، وتحرير الوسيلة، الخميني ج2: 84 .
(73) الرواية مروية عن الكليني عن احمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع وقد ورد في ترجمتهم:
أ ـ احمد بن محمد: احمد بن محمد الكومي من مشايخ الكليني وهو مردد بين شيوخه احمد بن محمد بن محمد بن سعيد بن عقدة وبين احمد بن محمد العاصمي . ظ: معجم رجال الحديث. الخوئي، ج3: 136 .
ب ـ محمد بن إسماعيل بن بزيع: قال عنه النجاشي (ره): كان من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم كثير العمل، له كتب وقال عنه الكشي (ره) من رجال أبي الحسن موسى، وأدرك أبا جعفر الثاني ـ الرضا ـ وعده الشيخ الطوسي (ره) في رجاله تارة من أصحاب الكاظم وأخرى من أصحاب الرضا. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي ج16: 103 .
(74) الظاهر كون عبد الحميد هو ابن سالم العطار الذي نص على وثاقته كثير من علماء الرجال، وقيده به في التهذيب، ولم نعثر على نص على وثاقة عبد الحميد بن سعد البجلي، إلا أن الوحيد البهبهاني (ره) استقرب كونه هو، واستبعد كونه ابن سالم، معللا بأن أبا جعفر (ع) هو الإمام الجواد (ع) وابن سالم من أصحاب الإمام الصادق والكاظم (ع) ولم يدرك الجواد (ع). وفيه: انه على القول باتحاد الاسم وانه من أصحاب الكاظم والرضا (ع) أن عبد الحميد ليس راوياً عن الجواد حتى يلزم أن يكون حياً وإنما الراوي ابن بزيع فلا تعارض في الرواية. ظ: بلغة الفقيه: بحر العلوم ج3: 293 .
(75) الوسائل: ج17: باب 16 من أبواب عقد البيع وشروطه: حديث 2.
(76) مهذب الأحكام: السبزواري، ج16: 42 .
(77) الرواية مروية عن الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب.
(أ) أشارت كتب الرجال إلى ضعف سهل بن زياد، وان وثقه الشيخ الطوسي (قده) في احد قوليه وعده في رجاله، وكذلك الوحيد البهبهاني (ره) استشهد على وثاقته بعدة وجوه ولكنها ضعيفة ايضاً. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي: ج9: 355 .
(ب) علي بن رئاب: ذكر النجاشي (ره) روايته عن الإمام أبي عبد الله (ع) وقال عنه الشيخ الطوسي (ره): له أصل كبير، وهو ثقة جليل القدر، وعده في رجاله من أصحاب الإمام الصادق وكذلك البرقي. ظ: معجم رجال الحديث: ج13: 20.
(جـ) ولغرض تصحيح الرواية قال الشيخ الكليني: كلما ذكرته في كتابي المشار إليه عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد: فهم علي بن محمد بن علان، ومحمد بن أبي عبد الله، ومحمد بن الحسن، ومحمد بن عقيل الكليني اتفقت النسخ على علي بن محمد بن علان وفي الرجال علي بن محمد المعروف بعلان فكأنه علي بن علان، والظاهر أن محمد بن أبي عبد الله هو محمد بن جعفر الاسدي الثقة، وان محمد بن الحسن هو الصفار، فلا يضر إذن ضعف سهل مع وجود ثقة مع سهل في مرتبته، وايضاً اتفاق الجماعة المذكورة على الكذب بعيد جداً . ظ: جامع الرواة: الاردبيلي، محمد علي، مطبعة رنكين، طهران، الطبعة الأولى: 1373هـ، ج2: 465.
(78) الكافي: الكليني، ج7: باب من مات على غير وصية، حديث: 2 .
(79) الرواية مروية عن زرعه عن سماعه .
أما زرعه قال عنه النجاشي: زرعه بن محمد أبو محمد الحضرمي، ثقة روى عن أبي عبد الله (ع)، وأبي الحسن (ع)، وكان صحب سماعه. وأكثر عنه ووقف ـ أي صار واقفياً ـ له كتاب يرويه عن جماعة. وقال عنه الشيخ الطوسي (ره): واقفي المذهب له أصل. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج8: 271 .
وأما سماعة: قال عنه النجاشي: سُماعة بن مهران بن عبد الرحمن الحضرمي، يكنى أبا نشره، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (ع)، ومات بالمدينة، ثقة. وعده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق وأخرى من أصحاب الكاظم، وعده الشيخ المفيد في رسالته في الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام وقد صرح الصدوق (ره) بان سماعه واقفي. ظ: معجم رجال الحديث، الخوئي، ج9: 312 .
فعليه كانت الرواية موثقة لأنه لا إشكال في وثاقة زرعه وسماعه، وحجية روايتهما بناءً على الصحيح من حجية خبر الثقة وان لم يكن عدلاً، وأما بناءً على اختصاص الحجية بخبر العادل، فربما يتوهم عدم حجية روايته من جهة الوقف .
(80) العقد: جمع عقدة: وهي الضيعة والمكان الكثير الشجر. ظ: الصحاح: ج2، 510 .
(81) الوسائل: ج19، باب 88 من أبواب أحكام الوصايا: حديث: 2 .
(82) ظ: لسان العرب، ابن منظور، ج5: مادة (نظر) .
(83) حاشية المكاسب: الأصفهاني، ج3: 132 .
(84) القواعد الفقهية: البجنوردي، ج4: 314 .
(85) القواعد الفقهية: البجنوردي، ج4: 314 .
(86) المبسوط: الطوسي: 6 .
(87) عوالى اللالئ: الاحسائي، ابن أبي جمهور: مطبعة سيد الشهداء: قم، الطبعة الأولى: 1985م، ج3 حديث: 49.
(88) الوسائل: الحر العاملي، ج13، باب 2 من أبواب وجوب العمل بشرط الواقف حديث: 2 .
(89) ظ: مهذب الأحكام: السبزواري، ج22، 114 .
(90) المبسوط: الطوسي، 301 .
(91) ظ: مجلة القضاء: السنة 32، العددان الثالث والرابع: 1977م تحت عنوان: الوقف في الإسلام للسيد الصدر. محمد صادق، رئيس مجلس التمييز الشرعي سابقاً .
(92) كشف الغطاء: كاشف الغطاء، ج2: 371 .
(93) اعيان الشيعة: الأمين، محسن، دار التعارف للمطبوعات: بيروت الطبعة الخامسة: 1418هـ، ج9: 366 .
(94) أعيان الشيعة: الأمين، ج9: 367 .
(95) مهذب الأحكام: السبزواري، ج22: 113 .
(96) العروة الوثقى: اليزدي، ج6: 344 .
(97) لسان العرب: ابن منظور، ج13: مادة (سَدَنَ) .
(98) الصحاح: الجوهري، ج5: 2135 .
(99) ماضي النجف وحاضرها: محبوبه، جعفر، دار الأضواء: بيروت: الطبعة الثانية: 1986، ج1: 268 .
(100) ظ: تاريخ المشهد الكاظمي: آل ياسين، محمد حسن: مطبعة المعارف: بغداد، الطبعة الأولى: 1967م، 165.
(101) ماضي النجف وحاضرها: محبوبه، ج1: 258 .
(102) ظ: الأحكام السلطانية: الماوردي: 24 .
(103) تاريخ المشهد الكاظمي: آل ياسين: 155 .
(104) تاريخ سدانة الروضة الحسينية المقدسة: انترنت، إسلام اولاين .
(105) ظ: المفصل في تاريخ النجف الاشرف: د. حسن الحكيم، ج2: 258 .
(106) مجلة الذخائر: العددان 17 و 18 السنة الخامسة: 2004، بحث سدانة الحرم العلوي في النجف ـ العراق، الجبوري، كامل سلمان .
(107) ظ: فرحة الغري: ابن طاووس: 114 .
(108) ماضي النجف وحاضرها: محبوبه، ج1: 258 .
(109) ماضي النجف: محبوبه، ج2: 405، والمفصّل في تاريخ النجف الاشرف : د.حسن الحكيم، ج2: 158.
(110) ظ: تاريخ النجف حتى نهاية العصر العباسي: فخر الدين، محمد جواد، دار الرافدين: بيروت الطبعة الأولى: 2005م: 390 .
(111) مقابس الأنوار: التستري، أسد الله، 81 .
(112) ماضي النجف وحاضرها: محبوبه، ج1: 258 .
(113) ظ: تاريخ سدانه الروضة الحسينية المقدسة: انترنت أسلام اولاين .
(114) ظ: ماضي النجف وحاضرها: محبوبه: ج2: 362 وتكملة أمل الآمل: الصدر، حسن: 128 .
(115) أعيان الشيعة: الأمين، ج2: 405 .
(116) أعيان الشيعة: الأمين، ج2: 43 .
(117) ظ: المفصل في تاريخ النجف الاشرف: د. حسن الحكيم، ج2: 285 ـ 317 .
(118) ظ: دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية: منتظري ج2: 112.
(119) ظ: الأحكام السلطانية: الماوردي، 24.
(120) ظ: جريدة الوقائع العراقية، العدد 13، 14، لسنة 2005م ..
(121) ظ: تذكرة الفقهاء: العلامة: ج2: 592 الطبعة القديمة .
(122) نظرية الحكم في الإسلام: الأراكي، محسن، مطبعة شريعت: قم، الطبعة الأولى: 1425هـ: 285.
(123) رسائل المرتضى: المرتضى: مطبعة الخيام: قم: 1405هـ، ج2: 89 .
(124) النهاية: الطوسي: 356 .
(125) تحرير الأحكام الشرعية: العلامة الحلي، ج2: 270.
(126) تحف العقول عن آل الرسول: الحراني، ابن شعبة، تحقيق: علي اكبر غفاري، مؤسسة النشر الإسلامي: قم، الطبعة الثانية: 1404هـ: 332 .
(127) المكاسب: الأنصاري، ج2: 69 .
(128) منهم صاحب شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام: المحقق الحلي، جعفر بن الحسن، مطبعة أمير: قم، الطبعة الأولى: 1409هـ: ج2: 12 والطباطبائي في الرياض ج1: 509 .
(129) ظ: الحدائق الناضرة: البحراني، ج18: 134 .
(130) مستند الشيعة: النراقي، ج14: 196 .
(131) تحف العقول: الحراني: 332 . والوسائل :الحر العاملي، ج12، كتاب التجارة، باب 2 من أبواب ما يتكسب به حديث 1.
(132) المكاسب المحرمة: الإمام الخميني، مطبعة اعتماد: قم المقدسة، الطبعة الأولى 1418هـ، ج2: 167 .
(133) الرواية مروية عن الحسين بن الحسن الهاشمي، عن صالح بن أبي حماد، عن محمد بن خالد عن زياد بن أبي سلمة. وحالهم هو :
(أ) الحسين بن الحسن الهاشمي: وهو من مشايخ الكليني، يكنى أبا عبد الله وله عدة ألقاب العلوي، الهاشمي، الأسود قال عنه الشيخ الحر في أمل الآمل كان عالماً فاضلاً، جليل القدر، له كتاب، سكن أصفهان حتى مات. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج6: 237 ـ 239 .
(ب) صالح بن أبي حماد: قال النجاشي: صالح بن أبي حماد أبو الخير الرازي لقي أبا الحسن العسكري(ع) وكان أمره ملتبساً يعرف وينكر له. وقال عنه ابن الغضائري ضعيف .
قال الكشي: علي بن محمد القتيبي كان الفضل بن شاذان يرتضيه ويمدحه وقال السيد الخوئي: (قده) من هذا التعارض في صالح بن أبي حماد يمكن القول بحسن الرجل إذا ثبت وثاقة علي بن محمد القتيبي لشهادة الفضل بن شاذان ولا يعارضها تردد النجاشي، وأما تضعيف ابن الغضائري فلم يثبت. ظ:معجم رجال الحديث: الخوئي، ج10: 85 .
(جـ) محمد بن خالد: محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي، أبو عبد الله قال عنه النجاشي: بعد تعداد مزاياه، فقيه، أديب، حسن المعرفة بالأخبار، إلى أن قال وكان محمد ضعيفاً في الحديث. وثقه الشيخ الطوسي وعده في رجاله من أصحاب الكاظم (ع) تارة وأخرى من أصحاب الجواد (ع) .
القمي: كلام النجاشي غير ظاهر في تضعيفه، وإنما التضعيف يرجع إلى حديثه لأنه يروي عن الضعفاء، ويعتمد على المراسيل، فيبقى توثيق الشيخ بلا معارض. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج17: 70 .
(134) الوسائل: الحر العاملي، ج12، باب 46 من أبواب ما يتكسب به، حديث: 9 .
(135) ظ: الوسائل: الحر العاملي، ج12، باب 46 من أبواب ما يكتسب به، حديث 10 و 12، وباب تحريم الولاية من قبل الجائر، حديث: 2 .
(136) لوجود ابراهيم بن هاشم الذي لم يوثق في كتب الرجال. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي ج1: 158 .
(137) الوسائل: الحر العاملي ج12، كتاب التجارة، باب 42 من أبواب ما يتكسب به، حديث: 5.
(138) لوجود ابراهيم بن هاشم الذي لم يوثق في كتب الرجال. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي ج1: 158 .
(139) الوسائل: الحر العاملي ج12، كتاب التجارة، باب 42 من أبواب ما يتكسب به حديث: 7.
(140) الوسائل: الحر العاملي، باب 45 من أبواب ما يتكسب به حديث: 4 .
(141) المكاسب المحرمة: الخميني، ج2: 173 .
(142) رسائل المرتضى: المرتضى، ج2: 96 .
(143) الحدائق الناضرة: المحقق البحراني، فيما يتكسب به ج18: 134 .
(144) الرواية فيها وقفة مع محمد بن سنان المتحد مع محمد بن سنان الزاهري المتعارض فيه التوثيق والتضعيف فلا دليل على وثاقته. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي ج17: 167.
وجهالة إبراهيم بن مهاجر من أصحاب الإمام الصادق. ظ المفيد من معجم رجال الحديث، الجواهري: 16 .
(145) الوسائل: الحر العاملي ج12، باب 45 من أبواب ما يتكسب به، حديث: 3 .
(146) الرواية فيها حماد المشترك بين حماد بن عثمان، وحماد بن عيسى وكل منهما ثقة، رويا عن الباقر (ع)، وحميد هو: حميد بن زياد عده النجاشي والشيخ ثقة واقفياً. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج7: 299.
(147) الوسائل: الحر العاملي، باب 45 من أبواب ما يتكسب به حديث: 5 .
(148) ظ: رسائل المرتضى: المرتضى، ج2: 96 .
(149) علي بن الحكم من أصحاب الجواد (ع) المتحد مع علي بن الحكم الزبير، وعلي بن الحكم الانباري وكلهم ثقة. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي ج2: 368. ذكره الشيخ في الفهرست وروى عنه وقال الابطحي، طريق الشيخ إليه موثق بحميد الواقفي الثقة. ظ: تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي: الابطحي، محمد علي، ج2: 297 .
(150) الوسائل: الحر العاملي: كتاب التجارة ج12، باب 48 من أبواب ما يتكسب به، حديث: 1 .
(151) صحح السيد الخوئي (ره) سند الرواية على طريق الشيخ الكليني (ره). مهران بن محمد بن أبي نصر لأنه موافق لنسخة الجامع ونسخته من الوسائل، ومهران متحد مع غيره ولم تذكر كتب الرجال بشأن توثيقه شيئا مجهولا. ظ: معجم رجال الحديث: الخوئي، ج20: 95 .
(152) الوسائل: الحر العاملي، ج12، كتاب التجارة: باب 44 من أبواب ما يتكسب به حديث: 4 وتهذيب الأحكام: الطوسي: ج6: كتاب المكاسب: حديث: 929 والكافي: الكليني، ج5: باب شرط من أذن في أعمالهم: حديث: 5 .
(153) ظ: جواهر الكلام: النجفي، ج18 :131 .
(154) الوسائل: الحر العاملي، ج12: كتاب التجارة باب 46 من ابواب ما يتكسب به حديث: 16 ..
(155) قواعد الأحكام: العلامة الحلي، ج2: 11 .
(156) فقه الراوندي، الراوندي، باب المكاسب المحظورة والمكروهة، ج2: 240 .
(157) سورة يوسف: 55 .
(158) تفسير الرازي: الرازي، ج18: 161 .
(159) الوسائل: الحر العاملي، ج12: كتاب التجارة، باب 44 من أبواب ما يتكسب به حديث: 4 .
(160) المقنع: الصدوق، محمد علي، مطبعة اعتماد، قم الطبعة الأولى 1415هـ: 364 والوسائل: الحر العاملي، ج12: كتاب التجارة، باب 44 من أبواب ما يتكسب به حديث: 4 .
(161) ظ: المكاسب: الأنصاري، ج2: 76 ..
(162) النهاية: الطوسي، 356 ..
(163) شرائع الإسلام: المحقق الحلي، ج 1: 115 .
(164) ظ: المختصر النافع: المحقق الحلي: 118 .
(165) ظ: رياض المسائل: الطباطبائي، ج8: 7 .
(166) رجال النجاشي: النجاشي، 331 .
(167) مستدرك الوسائل: النوري، ج13: باب 39 جواز الولاية من قبل الجائر حديث: 16 .
(168) ظ: المكاسب: الأنصاري، ج2: 76 .
(169) الوسائل: الحر العاملي، ج12: باب 48 من أبواب ما يتكسب به، حديث :2 .
(170) المكاسب: الأنصاري، ج2: 75 .
(171) منهاج الفقاهة: الروحاني، ج2: 194 .
(172) المكاسب: الأنصاري، ج2: 77 .
(173) جواهر الكلام: النجفي، ج22: 164 .
(174) كفاية الفقيه: السبزواري، فيما يحرم التكسب به: 88 سطر 28 .
(175) المكاسب: الأنصاري، ج4: 312، تعليق السيد محمد كلانتر .
(176) ظ: جواهر الكلام: النجفي، ج22: 164 .
(177) الوسائل: الحر العاملي، ج6: باب من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حديث: 22 .
(178) ظ: بحار الأنوار: المجلسي، ج72: باب الركون إلى الظالمين وحبهم وطاعتهم ، حديث: 46 .
(179) مصباح الفقاهة: التوحيدي تقريرات السيد الخوئي، ، ج1: 442 .
(180) ظ: النهاية: الطوسي: 357 .
(181) ظ: السرائر: ابن إدريس، في المكاسب باب عمل السلطان، ج2: 202 .
(182) ظ: شرائع الإسلام: المحقق الحلي، ج2: 12 .
(183) ظ: نهاية الأحكام: العلامة، ج2: 525 .
(184) سورة آل عمران: 28 .
(185) سورة آل عمران: 28 .
(186) الكافي: الكليني، ج2، باب التقية، حديث: 13 .
(187) الوسائل: الحر العاملي، ج11، باب 56 جملة مما عفى عنه، حديث: 1 .
(188) وفي تهذيب الأحكام: الطوسي، ج6: 335 (أربعة) .
(189) الوسائل: الحر العاملي، كتاب التجارة ج باب 48 من أبواب ما يتكسب به حديث: 1 .
(190) ظ: ابتغاء الفضيلة في شرح الوسيلة، اليزدي، مرتضى الحائري المطبعة العلمية: قم، ج1: 206 .
(191) الوسائل: الحر العاملي، ج باب: 45 من أبواب ما يتكسب به، حديث: 9 .
(192) المكاسب: الأنصاري، ج2: 86 .
(193) الوسائل: الحر العاملي: ج10: باب 56: جملة ما عفى عنه، حديث: 1 .
(194) الكافي: الكليني ج2 باب التقية، حديث: 16 .
(195) منهاج الفقاهة: الروحاني، ج2: 205 .
(196) ظ: ابتغاء الفضيلة في شرح الوسيلة: الحائري، ج1: 208.
(197) عوالئ اللئالي: الاحسائي، ابن أبي جمهور، ج1: 222 .
(198) ظ: مصباح الفقاهة: التوحيدي: ج1: 447 .