النجف الاشرف وأسمائها

   مدينة تقع في طرف الصحراء، بينها وبين الكوفة زهاء ستة أميال، قريبة من الحيرة، عاصمة المناذرة بل إنها ضاحية من ضواحيها الجميلة، وقد انتشرت الأديرة المسيحية في منطقة النجف، ومن أشهرها دير فاثيون وهو في أعلا النجف ودير ابن مزعوق في جنوبها، قال الشاعر محمد بن عبد الرحمن الثرواني:

       ****

قلت له والنجوم طالعةٌ 

في ليلة النصح أول السحر

       ****

 هل لك في مار فاثيون وفي 

  دير ابن مزعوق غير مختصر

       ****

 يفيض هذا النسيم من طرف الشام     

  ودرّ الندى على الشج 

        ****

     ومن الأديرة المشهورة، ديارات الأساقف، وهذه الديارات بالنجف، بظاهر الكوفة، وهو أول الحيرة، وهي قباب وقصور تسمى ديارات الأساقف وبحضرتها نهر يعرف بالغدير، عن يمينه قصر أبي الخصيب مولى أبي جعفر، وعن شماله السدير، وفيه يقول علي بن محمد جعفر العلوي الحماني:

       ****

كم وقفة لك بالخور 

 نق ما توازى بالمواقف

       ****

بين الغدير إلى السدير  

  إلى ديارات الأساقف

       ****

     وقصر أبي الخصيب، هو أحد المنتزهات يشرف على النجف وعلى ذلك الظهر كله، يصعد من أسفله في خمسين درجة إلى سطح آخر، أفيح في غاية الحسن وهو عجيب الصنعة، وفي قصر ابي الخصيب يقول بعضهم:

       ****

  يا دار غير رسمها

 مَرُّ الشمال مع الجنوب

       ****

بين الخورنق والسدير

 فبطن قصر أبي الخصيب

       ****

فالدير فالنجف الأشم

جبال أرباب الصليب     

      ****

     ومن الأديرة المشرفة على النجف، دير مارث مريم، دير قديم من بناء آل المنذر بنواحي الحيرة بين الخورنق والسدير وبين قصر ابي الخصيب، وفيه يقول الثرواني:

 

     ****

بمارث مريم الكبرى

 وظل فنائها فِقِف   

       ****

فقصر ابي الخصيب المشرف

الموفي على النجف

       ****

     ويبدو أن النجف كانت مسرحاً للوقائع الحربية في أثناء الفتوحات الإسلامية، وقد نزل فيها خالد بن الوليد وقواده الذين شاركوا في فتح منطقة الحيرة، وبالقرب من النجف الأشرف دارت المعركة الفاصلة في تاريخ الفتوحات الإسلامية، تلك هي معركة القادسية، في آخر سنة 16 هـ. والقادسية بين الكوفة والعذيب، وقد انتصر المسلمون في تلك الوقعة المشهورة، انتصاراً عظيماً، وفتحوا السواد..

    والنجف في اللغة، مكان لا يعلوه الماء مستطيل منقاد ويكون في بطن الوادي وقد يكون ببطن من الأرض، جمعه (نجاف) والنجف محركة، التَلُّ وقشور الصليان، وهو بظهر الكوفة كالمسناة تمنع مسيل الماء أن يعلو الكوفة ومقابرها.

     إن أهم القبائل التي كانت تُحوِّل في أطراف الحيرة والنجف هي قبيلة تغلب التي هاجرت بعد حرب البسوس في أيام عمرو بن هند، وكذلك قبيلة بكر ومن أشهر فروعها قبيلة شيبان، وكانت لهذه القبيلة الأخيرة مواقف مشهورة وقد انتصرت مع حليفاتها القبائل العربية على الجيوش الساسانية في موقعة ذي قار.

     وقد أصبحت منطقة النجف ضمن الأراضي التي تم فتحها بأيدي المسلمين، وبنيت الكوفة سنة سبع عشرة للهجرة،  واستمرت هذه المدينة ولاية مهمة من ولايات الدولة الإسلامية حتى سنة 36هـ، ففي هذه السنة قدم إليها الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) بعد فراغه من موقعة الجمل، وأقام فيها، وأضحت الكوفة عاصمة للخلافة الإسلامية مدة أربع سنوات.

     وفي الحادي والعشرين من رمضان سنة 40 هـ 661م أستشهد الإمام علي متأثراً من جرحه أثر الضربة التي أصابه بها أحد الخوارج وهو عبد الرحمن بن ملجم المرادي، وقام بدفنه أولاده وأعضاء اسرته المقربون سراً في النجف، وطوال الحكم الأموي لم يشيد لمدفنه الشريف ضريح، وإنما كان التقاء وزيارة العلويين لقبره هو الذي شخص مدفنه حتى زال الحكم الأموي.

اسماء النجف:

     تعددت معاني النجف وأسماؤها في معاجم اللغة والبلدان، وأشير فيها إلى الرواية الدينية والتاريخية والجغرافية توثيقاً لما يوردون ، وقد أورد المرحوم العلامة الشيخ محمد حسين حرز الدين تسعاً وعشرين اسماً شمل موقع النجف وما يحيطها[1].

  ونورد هنا ما اشتهرت وعرفت به وسبب التسمية مع ذكر بقية الأسماء لما له علاقة من الجانب التأريخي والجغرافي فضلاً عن الجوانب الدينية والسياسية:

 

 

----------------------------------------------------------------------------

[1] تاريخ النجف الاشرف:1/ 23.