هضبة النجف

يواجه الباحثون الجيولوجيون مشكلة علمية محيرة في آلية نشوء هضبة النجف لا زالت مستعصية على الفهم والتحليل ضمن قوانين هذا العلم الطبيعية المعروفة، وهو ما حدا بباحث متخصص منهم الى القول بأن نشوء هذه الهضبة واجهه والباحثين في اختصاص علوم الأرض بما أسماه بتناقض النظريات أو تقاطع الشواهد والدلائل بما يؤدي الى إحراج قوانين المعرفة العلمية أمام التحليل المنطقي لمعطيات الوضع الجيولوجي للهضبة، وفي ذلك تعتبر آلية نشوء هضبة النجف من المعضلات الجيولوجية التي لم تزل قائمة، ولا يتوفر حاليا نموذج منطقي يفسر كيفية نشوئها بالرغم من أنها خضعت الى بعض الدراسات الجيولوجية ولكي نتلمس مشكلة الإخفاق في التوصل الى نموذج (موديل) منطقي يستند على قوانين المعرفة الجيولوجية يفسر آلية نشوء هضبة النجف، لابد من الإشارة الى الحقائق الخاصة بالإطار الجيولوجي لهضبة النجف لنكون على بينة من الأمر. وبعد أن يستعرض الباحث تلك الحقائق من:1-     كون شكل الهضبة المثلث من صنف متساوي الضلعين، وهو يندرج ضمن الهيأة المروحية لرسوبات نهرية معروفة بالدلتا.2-   ارتفاع الهضبة حاليا عن مستوى سطح البحر بمقدار يصل الى 176 مترا في إحدى المواقع على سطحها، كما ترتفع عن مستوى السهل الرسوبي في منطقة نهر الفرات بمقدار 25 مترا تقريبا.3-   إطلالة الهضبة من طرفيها الغربي والجنوبي على منخفض بحر النجف إطلالة حادة شكلت جرفا صخريا بلغ ارتفاعه عن بحر النجف بحوالي 40 مترا.4-   إن سطح الهضبة يغطيه تكوين الدبدبة من حقبة البلايوسين من أواخر العصر الثلاثي وبدايات العصر الرباعي، وتتكون رسوبيات التكوين من صخور رملية مترسبة من بيئة نهرية فيضية.5-   إن مناطق هضبة النجف من الناحية التركيبية هي مناطق هابطة، في حين أن مناطق بحر النجف هي مناطق صاعدة، كما أن أنماط مضارب الفوالق الطولية والمستعرضة وتقاطعاتها لا تنسجم مع اتجاهات امتدادات طاري النجف والسيد.6- كونها تنتهي بصورة حادة مقطوعة على امتدادات مشارف الهضبة على منخفض بحر النجف أي بامتداد طاري النجف والسيد.7- ثم أنه لم ترصد أية شواهد لوجود امتدادات لرسوبيات تكوين الدبدبة في مناطق بحر النجف الذي تطل عليه هضبة النجف من جهة طار النجف إطلالة حادة، ولم ترصد أية شواهد لوجود تكوين الدبدبة في المناطق التي تطل عليها هضبة النجف من جهة طار السيد إطلالة حادة أيضا.  ثم يطرح الباحث الجيولوجي مجموعة تساؤلات محاولاً الإجابة عنها من خلال طرح الاحتمالات الطبيعية للإجابة كافة متبعا في طرحه التحليل المنطقي بالاستناد الى وقائع الخصائص الجيولوجية للمنطقة وفق معطيات علم الأرض،  لينتهي بعدها الى القول:  بأن البحث في آلية نشوء هضبة النجف تتطلب التأمل لتزاحم التناقضات التي أوردناها حول واقع خصائص جيومورفولوجية هضبة النجف والآليات التقليدية المعروفة بحمم الأرض لنشوء هذا النوع من التهضّب، وفي ذلك توصلت الى في بحثي حول هذه المعضلة بأن نشوء هضبة النجف تبدو لي صورة من صور الإعجاز الإلهي، وهي خارجة عن قوانين المعرفة الجيولوجية التي يمتلكها الإنسان ثم يستعرض الباحث ما ورد في القرآن الكريم عن قصة الطوفان، ثم ما جاء في الألواح السومرية عن أخبار الطوفان من أسماء مدن عراقية في سهل وادي الرافدين ومن ملوك حكموا مناطق وادي الرافدين قبل الطوفان ويستدل بما ذهب اليه بعض العلماء المتخصصين بآثار ودراسات وحضارات وادي الرافدين القديمة مثل السير وليام ويلكوكس، والسير ليونار دوولي من أن أرض الطوفان هي أراضي دلتا الفرات ودجلة شمال أور الكلدانيين، ويدعم ذلك اكتشاف الخبير الآثاري  ليوناردوولي آثار الطوفان في تنقيباته في أور، ثم تعزز ذلك الاعتقاد بإعلان البعثة الآثارية لجامعة أكسفورد الشهيرة عن اكتشاف مماثل لآثار الطوفان في منطقة كيش مشيرا الى  إجماع معظم الباحثين في أرض الطوفان أن أرض الرافدين كانت موطن قوم نوح، معززا ذلك بمقولة الباحث الشهير بتاريخ حضارات وادي الرافدين السير وليم وليكوكس التالية:  يجب أن نتذكر ونحن في دلتا دجلة والفرات أننا في بلاد الطوفان .ثم يتساءل بقوله: إذا كان وادي الرافدين هو موطن قوم نوح وأنهم بنص القرآن قد أغرقوا بالطوفان فأين رست سفينة نوح وأين موقع الجودي الذي استوت عليه.لينتهي بعد ذلك كله وبعد ما قدمه من أدلة علمية الى  أن نشوء هضبة النجف خارجة عن قوانين المعرفة الجيولوجية التي يمتلكها الإنسان  الى نتيجة مفادها  أن هضبة النجف كانت مرساة سفينة نوح ولا يمكن أن يكون سواها، لانبساط مناطق السهل الرسوبي الشاسعة التي تبرز فيها جزيرة شاخصة عندما يُغرق الطوفان مناطق ذلك السهل الرسوبي الشاسعة وما حولها من مناطق، وهنا نضيف الى ذلك ملاحظة مهمة حول ملائمة هضبة النجف كمرساة تلجأ اليها سفينة تخوض غمار الطوفان بأمواجه المتلاطمة من اضطراب جريان المياه الذي يكون أشده في مسار التالوك لنهري دجلة والفرات، وأن الطاقة العالية لتلك الأمواج تتلاشى في الاتجاهات البعيدة عن مجرى النهرين وحوضهما سيّما وأن موقع هضبة النجف تبعد حوالي مائة كيلو مترا عن مجرى نهر الفرات في زمن الطوفان  مما يؤمن رسوها فوقها إن هذه النتيجة العلمية التي انتهى اليها الباحث سبق أن نصت عليه العديد من الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام)كالزيارة المروية عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين يوم زار قبر جده الإمام علي (عليه السلام) في النجف فقال: السلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح وعلى جاريك هود وصالح  والحديث الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام)بنصه التالي:  إذا زرت جانب النجف فزر عظام آدم وبدن نوح وجسد علي بن أبي طالب... وقد ذكر ابن بطوطة حين ورد إلى النجف سنة 725 هـ، وكتب في رحلته الشهيرة عن المرقد المطهر وما فيه من فرش ومعلقات، قال: وفي وسط القبة مصطبة مربعة مكسوة بالخشب عليه صفائح الذهب المنقوشة المحكمة العمل مسمرة بمسامير الفضة قد غلبت على الخشب لا يظهر منه شيء وارتفاعها دون القامة وفوقها ثلاثة من القبور يزعمون أن أحداها قبر آدم (عليه السلام)والثاني قبر نوح، والثالث قبر علي (عليه السلام). كما ذكر ذلك أيضا الرحالة سيدي علي التركي في كتابه  مرآة المماليك: أنه حين زار النجف سنة 961ﻫ النجف زار الإمام علي(عليه السلام) فيها كما زار فيها أيضا قبري النبيين آدم ونوح (عليه السلام).