أمير الزهد

{ رزاق ابراهيم حسن }

يا زاهد ملك الدنيا وما قنعا

بالزهد يفترش الاضلاع مضطجعا

***

واختار رمضاءها جمرا وكان له

ان يصطفى زهوها قاعا ومرتفعا

***

وان يكون بها المحمول في سرر

خضر تكون له جند ومدرعا

***

وان يضم الامالي وهي مترعة

بما تفجر من صفو وما سطعا

***

لكنه جعل الدنيا محدقة

في زهده وهو ياوى الزهد مجتمعا

***

مذهولة عجبا ممّا ترى فلقد

اعطته ما حملت ارثا ومبتدعا

***

وقد تبرج فيها السحر مرتديا

نضارة تدهش الاعجاب والبدعا

***

واقبلت نحوه مدفوعة بهوى

طاغ تسابق فيه الشوق مندفعا

***

فما اقر لها قربا وما وجدت

في خطوها اثرا من خطوه انطبعا

***

فحيدر مولد للزهد منطلق

فيه إلى ازل بالخالدات سعى

***

ولن يبادل اغراء الزوال بما

يبقى ولن يترك الايمان منقطعا

***

فقد توحد فيه زاهدا وحوى

اسراره وهي تمشي حوله تبعا

***

فقد اضاء لها تاريخها فرأت

ما لا ترى واطمأنت فيه مطلعا

***

وكان اذ تقبل الاوطار صاغرة

وينهك الجشع المحموم ما صنعا

***

يعلو بسيمائه الحرمان مبتهجا

بما يرى وبما اعطى وما جمعا

***

وكل منحدر بالطامعين ومن

توسلوا السحت احلاماً ومنتجعا

***

لم يلتمس من علي غير مرتفع

للزهد فوق ذرى الامجاد قد رفعا

***

فكل من ملكوا في الأرض ما ملكوا

في الزهد ما زرع الكرار او وضعا

***

يا زاهدا ملك الدنيا باجمعها

وما استطاب بها ملكا ومرتبعا

***

وما استكان إلى زهد تحف به

الاوهام ناضحة من يائسه جزعا

***

وما اطمأن إلى زهد يروم به

يوما يعيد به ما فات وانقطعا

***

وما توخى قناعا يستعير له

وجها يراد له أن يهجس الجشعا

***

وما ارتضى الزهد غير العمر يحمله

نورا بكل امتداد الدهر متسعا

***

نأى بصورته عن كل شائبة

وفاض في كفه عذبا بما نبعا

***

اني لاسمعه اني لابصره

بما اباح وما اغنى وما زرعا

***

يدق يوقظ يرمي كل غاوية

للوهم يسقط ما اغوى وما خدعا

***

يقول: ان الذين استوطنوا صور

الاغراء واستوطنوا اشباحها متعا

***

كانوا سرابا وظل الرابضون على

الاحقاب من زهدوا واستوطنوا الورعا