الدكتور حسن الحكيم ( حفظه الله )

الدكتور حسن الحكيم  ( حفظه الله )

 الاستاذ الدكتور السيد حسن الحكيم 19 ربيع2 -  7/5/2007

الأستاذ الدكتور حسن الحكيم.. مؤرخ وكاتب قدير.. حصل على الكثير من الألقاب العلمية وتدرج في مراكز حساسة في المراكز والمؤسسات الثقافية والجامعات، بدأ حياته كادحاً مجداً، فوفق بين عمله في مساعده أبيه وبين دراسته وتخصص في التاريخ وكتب عن الرجال، ساهم في إصدار العديد من المجلات الثقافية والعلمية، يعتبر أول رئيس جامعة منتخب بعد سقوط النظام، له مؤلفات كثيرة ومتنوعة ولعل كتابه المفصل أو الموسوعة التاريخية عن مدينة النجف الاشرف الذي يطمح أن يصل به إلى أكثر من 50 جزء دليل على قدرته الإبداعية.. كيف لا وهو ابن هذه المدينة العلمية العريقة ابن النجف الأشرف التي خرجت أفاضل العلماء والمفكرين وأغنت الساحة الإسلامية بالكتب والأفكار.. فكان هذا اللقاء في منزل السيد حسن الحكيم الذي استقبلنا بترحاب وخلق وبشاشة كما هو شأنه وحدثنا بكل صدق وواقعية حول الواقع العلمي والثقافي فاخترنا جانباً من اللقاء لنشره.

عام 1941م، ماذا يعني لك هذا التاريخ؟

هذا تاريخ سنة ولادتي وفي مدينة النجف الأشرف وهذا تاريخ حركة رشيد علي الكيلاني، فقد كان لنا بعض المعارف في بغداد أقاموا في بيتنا بسبب اضطرابات التي حصلت هناك أثناء هذه الحركة وتحدثني والدتي المرحومة بأنه قد نذروا لها وللمولود الجديد إن رجعوا إلى بغداد بالفعل تحقق لهم ما أرادوا فأوفوا نذرهم.

في بداية حياتكم دراستكم أكاديمية كانت أم حوزوية؟

دخلت الدراسة الابتدائية في منطقتنا في فضوة المشراق والتي سميت فيما بعد بمدرسة الغفاري بالإضافة إلى الدراسة الابتدائية كنا في العطلة الصيفية ندخل عند الكتاتيب وكان استاذنا الشيخ الأعرج يعلمنا قراءة القرآن الكريم وكنا نخاف منه كثيراً لأن كان يقول لنا بأن لديه من يخبره إذا قمنا بعمل غير مؤدب أثناء الشارع أو في البيت وسوف تكون الفلقة بانتظاركم فسألناه من يخبرك فقال هذه الطيور والحمام تخبرني ما تفعلون، فكنا دائماً في البيت أو الشارع  نحذر من عمل من فعل أي عمل لكي لا نحصل على الفلقة ونحن نراقب الطيور في كل مكان.

هل تخلل دراستكم بعض العقبات؟

بعد حادثة نور الدين محمود عام (1952) أصبحت الحياة السياسية في النجف عصيبة فبدأت الاعتقالات والمظاهرات والمواجهات بين الشرطة والمتظاهرين حينها طلب الوالد منا ترك الدراسة خوفاً علينا فتركت الدراسة لمدة أربع سنوات، استأنفت الدراسة بعدها بالدراسة المسائية حيث كنت أعمل نهاراً مع الوالد الذي كان يعمل في مجال التبغ وتحضيره وعند المساء في المدرسة المسائية، وهناك ملاحظة مهمة بالنسبة للدراسة المسائية حيث كنا في المدرسة المسائية ندرس بكل جد واجتهاد وكان الكثير من الطلبة أتذكرهم يأتون إلى المدرسة بملابس العمل من الحي الصناعي والبنائين وأصحاب المهن كلهم يدرسون بجد وإخلاص وهذا لا نراه اليوم وللأسف حتى في الدراسة الصباحية إلا القليل وتخرجت من الثانوية المسائية ومن الدور الأول وقبلت في جامعة بغداد كلية الأدب وقسم التاريخ عام 1962، ثم أكملت الجامعة عام 1966.

متى أكملتم الدراسة الأكاديمية وما هي الألقاب التي حصلتم عليها؟

حصلت على شهادة الماجستير سنة 1974 عن كتابي (الشيخ الطوسي)، والدكتوراه سنة (1982)م عن رسالتي (كتاب المنتظم لابن الجوزي) والذي طبع في بيروت عام 1985 ثم حصلت على لقب مدر س مساعد وتدرجت إلى مدرس ثم إلى أستاذ مساعد ثم إلى أستاذ عام 1992 وحصلت على درجة أستاذ أول سنة 1995 وأستاذ أول للمرة الثانية هام 2001 إضافة إلى حصولي على الكثير من الشهادات التقديرية عن انجاز بحوث أو دراسات  في داخل القطر وخارجه.

تشتهر الأسر النجفية العريقة بطلب العلم، لذا اثبت الكثير من العلماء والأدباء والمثقفين الذين ولدوا من هذه الاسر ذلك و أسرة آل الحكيم واحدة منها ، حبذا لو حدثتنا عنها ومن أين أتى لقب الحكيم لهذه الأسرة؟

أسرة آل الحكيم من الأسر الحسينية الطباطبائية جدها الأكبر هو السيد علي الحكيم وكان مشهوراً بعلم الطب فهو صاحب كتاب المجربات الطبية والذي يعتبر شرح لكتاب القانون في الطب لابن سينا ومن هذا العالم الجليل أخذت الأسرة لقب الحكيم الذي كان هو طبيب وابنه السيد إبراهيم طبيباً أيضاً وتفرعت الأسرة من السيد إبراهيم إلى جناحين وأسرة آل الحكيم تنقسم إلى ثلاثة شرائح، شريحة العلم والحوزة العلمية وشريحة الخدامة في الروضة الحيدرية الشريفة، وشريحة الكسبة والموظفين.

كلية الفقه ماذا تمثل للدكتور السيد حسن الحكيم؟

بعد ان حصلت على شهادة الماجستير عام 1974 وبعد فترة طلب مني عميد كلية الفقه آنذاك السيد هادي فياض بأن أدرس مادة التاريخ يوم الجمعة (محاضرات) في الكلية فكان دوامي في المدارس الإعدادية خلال أيام الأسبوع ويوم الجمعة أعطي محاضرات في كلية الفقه، ثم صدر قرار من وزارة التربية الحاصل على شهادة الماجستير والدكتوراه ممكن أن يدرس في جامعتي الموصل والبصرة وبعد تقديمي الطلب تم قبولي في جامعة السليمانية وبالفعل باشرت بالدوام هناك وبعد فترة وبجهد السيد هادي فياض تم نقلي إلى النجف في كلية الفقه، ومنذ البداية قال لي السيد تبدأ بالدوام وأنت معاون العميد في الكلية فاستغربت لطبله وخاصة هنالك عمالقة الأساتذة مثل السيد محمد تقي الحكيم والأستاذ عبد الرزاق محي الدين والأستاذ الإيرواني وغيرهم من كبار الأساتذة، فطلبت منه أن يعفيني من هذا الأمر وخصوصاً وأنا أصغرهم سناً فقال إن أغلب الأساتذة من المعممين ويصعب وضع أحدهم في هذا المنصب بسبب ذهابه إلى بغداد وبصورة مستمرة لتمشيته أمور الكلية، وفي عام (1978) اعفي السيد هادي الفياض من منصبه وعين السيد عدنان البكاء عميد لكلية الفقه وبقيت كلية الفقه إحدى كليات جامعة المستنصرية حتى صدر قرار عام 1987 بتأسيس جامعة الكوفة وعلى أثرها اعفي السيد عدنان البكاء من عمادة الكلية وعين د. عبد الأمير الأعسم بقيت أنا معاون العميد، ثم تغير اسم كلية الفقه إلى كلية العلوم الإسلامية، وبعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ألغيت جامعة الكوفة عقاباً لما حصل في النجف ثم صدر قرار بإعادة جامعة الكوفة ما عدا كلية الفقه فاستحدثت كلية الآداب وعين د. عبد الأمير الأعسم عميداً للكلية وبقيت أنا معاون العميد ورئيس قسم التاريخ في عام 1993 اعفي د. الأعسم من منصبه، وبعد سقوط النظام تم إعادة تسمية كلية الفقه.

كيف تنظرون إلى الواقع العلمي والأكاديمي، وما تحتاجه للنهوض به إلى واقع أفضل؟

نحتاج إلى مؤسسات والعمل المؤسساتي هو القادر على انتشال المؤلف والأديب والشاعر والباحث والدارس.. من الوقع الحالي إلى واقع أفضل فنرى وخصوصاً في النجف الأشرف لدينا الكثير من المبدعين والباحثين ولكن لا توجد مؤسسة تتبنى رعاية نتاجاتهم الأدبية أو الفنية بالطباعة والنشر إلا القليل، فيجب علينا أن نعيد إلى النجف خاصة والفكر الإسلامي عامة هيبته وإبداعه، فالكل مسؤولون من الحكومة والوزارة والمؤسسات والحوزات الأدبية والعلمية، على سبيل المثال لا الحصر:

        إن النجف الأشرف هي حاضرة علمية ومما يؤسف له لا توجد مجلة محكمة تصدر باسم النجف أو تحمل اسم هذه المدينة العلمية، وأنا من خلال هذا اللقاء نوجه الدعوة لذوي الشأن ويا حبذا لو تتبنى الحوزة العلمية هذا الموضوع، لماذا لا توجد لدينا مجلة أو جريدة أو فضائية  بالمستوى المطلوب والذي يليق باسم هذه المدينة العظيمة بكل ما تحمله من قدسية وعلم ورفعة.

حصلت على الشهادات الأكاديمية، فهل حصلتم على إجازات من العلماء في الحوزة العلمية؟

بعد أن صدر كتابي الشيخ الطوسي (وهو رسالتي للماجستير) اطلع عليه آية الله العظمى السيد الخوئي (قدس) وحاورني فيه كثيراً وناقشتي في جانب عدة من الكتاب وقد أجازني في الرواية، وحصلت على إجازة ثانية من آية الله السيد محمد مهدي الخرسان  وثالثة من أحد المشايخ الفضلاء.

ما أول كتاب طبع ونشر، وما هي أبرز مؤلفاتكم؟

أول كتاب ألفته هو (الشيخ الطوسي) كما قلت سابقاً وهو رسالة الماجستير وقد طبع في النجف الأشرف عام 1975 بعدها أصدرت كتاب (المنتظم لابن الجوزي) وهو رسالة الدكتوراه وقد طبع في بيروت عام 1985 وقد الفت كتب عده لكنها لم تنل شهرة بسبب عدم الترخيص بطباعتها في زمن النظام المباد منها كتاب (الرجال للنجاشي) و (الإمام علي روح الإسلام الخالد) و (الخطط والبلدان في فكر الإمام الصادق) و (بغداد في تراث أبي العلاء المعري) و (أنوار بغداد في العصر العباسي) وأصدرت مؤخراً كتاب (الاجتهاد الفقهي) وهو عبارة عن اثر الاجتهاد في حياتنا المعاصرة.

ولعل كتابي الأهم الأبرز وهي الموسوعة التي أتمنى في حياتي أن أكملها كتاب (المفصل) وطبعت منه (6) أجزاء وسوف أقوم بإصدار الأجزاء الأخرى تباعاً وقد يصل بإذن الله إلى أكثر من (20) جزء بحيث يشمل كل جوانب مدينة النجف الثقافية والعلمية والصحية والأدبية والجغرافية والتاريخية والحرفية من اللهجات والعادات والتقاليد والأسر والمكتبات.. وحاولنا أن يكون نهاية التاريخ لهذه المحاور في مدينة النجف الأشرف هو نهاية عام 2000م لأنها نهاية ترف ونهاية حقبة تاريخية مهمة من تاريخ النجف بكل ما يحمله من إشراق وإبداع ومصاعب.

هل لديكم كتب لم تطبع أو مشاريع تأليف مستقبلية؟

نعم، فهناك عدة كتب خطية لكنها لم تطبع منها (فاطمة الزهراء شهاب النبوة الثاقب) وكتاب (أعلام النساء في الفكر الإمام) وهو دراسة عن النساء الراويات عند الشيعة وهناك كتاب (النظم الإسلامية) وفق نظرة إمامية وهناك دراسة عن (الشيخ الصدوق).

ما هو دوركم للنهوض بالواقع العلمي والأكاديمي والأدبي في النجف الأشرف؟

نعمل بكل جد من أجل أن نعيد مجد الجمعيات النجفية الأدبية التي أخذت على عاتقها نشر الثقافة والعلم والإبداع لجمعية الرابطة الأدبية والتحرير الثقافي ومنتدى النشر حيث ألغى النظام المباد هذه الجمعيات فبعد زوال هذا النظام أسسنا مجلس الاثنين بعد سقوط النظام ثم طورنا هذا المجلس وأسسنا مؤسسة التراث النجفي والتي تعقد فيها جلسات أدبية وعلمية في يوم الاثنين من كل أسبوع بالإضافة إلى المناسبات بالإضافة إلى تبني هذه المؤسسة إلى إصدار مجلة التراث النجفي.

أما على الصعيد الأكاديمي فقد حاولنا ان نصير التاريخ إلى علم يقترب من العلوم التطبيقية بعد أن كان مجرد قصص وروايات، وهذا ما نعمل به خلال تدريسنا للدراسات العليا لطلبة الدكتوراه والماجستير وبودي أن يخطو خطباء المنبر الحسيني هذه الخطوة والابتعاد عن الرؤيا الضعيفة لنجعل من المنبر الحسيني مدرسة وفكر لأهل البيت عليهم السلام بعيد عن الرتوش وبكلمة قصيرة ادعوا إلى تهذيب المنبر الحسيني.

أهم مشاركات كتاب الدكتور الحكيم في المؤتمرات والأبحاث العلمية؟

شاركت في مئات من المؤتمرات وبالأخص المؤتمرات الجامعية والمؤسسات الثقافية ومن بين هذه المؤتمرات مؤتمر جامعة حمص في سوريا وكان بحثي فيه (العلوم عند العرب) حيث قدمت فيه بحث حول أمراض الفم وطب الأسنان في الإسلام حيت استشهدت فيه بروايات عن الإمام الباقر (عليه السلام) وقد نال إعجاب الحاضرين ودهشتهم وهم يسمعون بالإمام الباقر  (عليه السلام) فأكثرهم لا يعرفوه فالهدف كان إيصال صوت أئمة أهل البيت، وبحث أخر في سوريا في جامعة دمشق وآخر في جامعة عدن باليمن وجامعة الحديدة وكذلك مؤتمر في دولة الأمارات العربية ببحث حول الحياة العلمية في الكوفة والحيرة، ومؤتمر إسلامي في طهران بدراسة حول السيد مرتضى العسكري ومؤتمر في الجزائر حيث قدمت بحثي فيه بعنوان (الثورة الجزائرية في الشعر النجفي).

مركز دراسات الكوفة ما ذا يعني لكم؟

في منتصف التسعينات تم تعييني مدير مركز دراسات الكوفة بعد استحداثه في ذلك الوقت فبدأت بإدارة المركز قمنا بمشاريع ثقافية لإحياء بعض الشخصيات النجفية الكبيرة مثل الشيخ جعفر محبوبه والسيد محمد سعيد الحبوبي والسيد سعد صالح جريو والسيد احمد الصافي النجفي وأخرها الشيخ محمد جواد الجزائري، فأرسل عليّ رئيس الجامعة فطلب مني أن أوقف نشاطي في الشخصيات النجفية لأن الحكومة قد ضاقت ذرعاً بهذه الشخصيات فقلت له هذه الشخصيات وطنية لها دور كبير فقال لي يجب أن تقف هذا النشاط، فأبدلنا هذا بإقامة ندوات فكرية وثقافية واعددنا احتفالية عن (دور النجف في الحفاظ على اللغة العربية) وندوة أخرى عن (تاريخ الحيرة) وغيرها من الندوات والدراسات.